العمل عن بعد حالة الطوارئ الصحية بالمغرب نموذجا

العمل عن بعد حالة الطوارئ الصحية بالمغرب نموذجا

العمل عن بعد عجّلت حالة الطوارئ الصحية التي شهدها العالم جراء ما بات يعرف بجائحة كورونا –كوفيد 19- باتخاذ مجموعة من الإجراءات و إصدار عدة قرارات من أجل ضمان حماية كافة المواطنات و المواطنين و ضمان سلامة و استمرارية المرفق العام للمرتفقين.

لذلك بادر المغرب بدوره إلى اتخاذ مجموعة من التدابير في سبيل محاولة التقليص من حدة و خطورة هذه الجائحة و استكمال العمل من خلال اعتماد نمط العمل عن بعد من خلال مجموعة من المناشير و الدوريات التي أصدرتها وزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة.

و تبرز إشكالية هذه المداخلة من خلال : تقنين الشغيلة المغربية في مجال العمل عن بعد في الإدارات العمومية و ذلك ما بين التوفيق بين هاجس الوقاية و الحماية لضمان سلامة و أمن المواطنات و المواطنين و ضرورة استمرارية المرفق العام باعتباره مبدأ دستوريا.

و الإجابة عن هذه الإشكالية اقتضى من الباحث التطرق إليها في ثلاث محاور:

  • المحور الأول: السياق العام
  • المحور الثاني: الإدارة العمومية بين ثنائية الوقاية و ضرورة الاستمرارية
  • المحور الثالث: الإدارة الإلكترونية مدخل للتحول الرقمي و تيسير لتجربة العمل عن بعد.

المحو الأول : السياق العام

شكل العمل عن بعد خلال العقدين الأخيرين نموذجا أو اسلوبا من الأساليب الجديدة التي تم اعتمادها في القطاع الخاص على مستوى الشركات و المقاولات الكبرى لا سيما تلك التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات.

لكن فيما يتعلق بالقطاع العام نجده لا يزال يعتمد نمط الحضور الفعلي للموظفين من أجل تنفيذ مهامهم و ضمان استمرارية إدارية المرفق العام.

و إذا ما تطرقنا الى التجربة المغربية نجد أنه بتاريخ 23 مارس 2020 تم إرساء مرسوم بقانون 02.20.122 المتعلق بسن حالة الطوارئ الصحية، و في نفس السياق تم إصدار مرسوم آخر بتاريخ 24 مارس 2020 الذي يتعلق بالإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني من أجل مواجهة هذه الجائحة.

في ظل هذه الأوضاع تم إصدار مجموعة من المناشير لعل أبرزها هو الذي يهمنا في هذا السياق و هو المنشور رقم 3/2020 الصادر عن وزارة الاقتصاد و المالية و إصلاح الإدارة، المتعلق بالعمل عن بعد في الإدارات الوطنية. هذا المنشور واكبه إصدار دليل يوضح إجراءات و كيفية العمل عن بعد.

المحور الثاني: الإدارة العمومية بين ثنائية الوقاية و ضرورة الاستمرارية

تم إقرار تجربة العمل عن بعد من خلال المرسوم السالف الذكر، و في هذا المحور لا بد أن نعرج على السياق التاريخي لهذه التجربة من خلال التطرق إلى بعض التجارب المقارنة و قد تم الاستشهاد بالاتفاقية الإطار الاوروبية لسنة 2002 و التي تحدثت عن مفهوم العمل عن بعد، حيث حاولت التمهيد لهذا المفهوم و قد شكلت امتدادا لتشريعات مجموعة من الدول الأوروبية و نخص بالذكر التجربة الفرنسية التي حاولت التأسيس لواقع العمل عن بعد، و نستحضر هنا القانون رقم 2012/337 المؤرخ بتاريخ 22 مارس 2012 و الذي يُعرف ب –La Loi Sarter- و يتعلق هذا القانون بتبسيط الإجراءات الإدارية.

إلى جانب هذا القانون صدر قانون آخر و هو القانون 2012/347 المؤرخ في مارس 2012 و المتعلق بتحسين ظروف الموظفين و مكافحة أشكال التمييز بينهم.

كل هذا يدعونا للتساؤل عن الأساس القانوني الذي تم اعتماده في التجربة المغربية ليكون منطلقا و مرتكزا أساسا، و من تم نجد أن الأساس هو الرسوم رقم 2020/3 من خلال توفير و تطوير الوسائل المتاحة لخوض هذه التجربة الحديثة لضمان تحقيق استمرارية المرفق العام و سلامة الموظفين و المرتفقين. بناء على ذلك تم إصدار و اعتماد دليل موحد و هو ما شكل تحديا أساسيا في التجربة المغربية.

المحور الثالث: الإدارة الإلكترونية مدخل للتحول الرقمي و تيسير لتجربة العمل عن بعد

استثمرت المملكة المغربية العمل عن بعد من خلال تجربتها التي تتعلق بانطلاق ورش مخطط المغرب الرقمي و هو ما شكل مدخلا من المداخل التي ساهمت في تحقق العمل عن بعد، إضافة إلى المجهودات التي بذلتها وكالة التنمية و التعاون و التي ارتكزت أسسها على التعامل الالكتروني بدل التعامل المادي التقليدي.

و من كل ذلك خلصنا إلى مجموعة نتائج لعل أبرزها:

  • أن تجربة العمل عن بعد في المملكة المغربية لم ترتكز على قواعد موضوعة و هي بذلك شكلت رهانا مستقبليا من أجل وضع أسس لها لاعتمادها مستقبلا.
  • أن مخطط المغرب الرقمي ساهم بشكل جلي في إنجاح تجربة العمل عن بعد.
  • أن ظروف هذه الجائحة شكلت امتحانا حقيقا و أعطت إشارة قوية للعمل على رقمنة الإدارة و تيسير العمل الرقمي في المساطر الإدارية بالنسبة للمرتفقين من خلال مدخل تكنولوجيا المعلومات.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button