الاعتقال الإحتياطي في التشريع المغربي و التشريعات المقارنة

الاعتقال الإحتياطي في التشريع المغربي و التشريعات المقارنة

مقدمة

الاعتقال الإحتياطي الحرية هي سلطة ذاتية بمقتضاها يختار الفرد تصرفاته الشخصية ، وقد شكل موضوع حمايتها إهتمام البشرية الأزلي وتعمل أغلب التشريعات المتحضرة حاليا وتحت شعار حمايةحقوق الانسان على الموازنة بين تدعيم سلطاتها حتى تؤدي مهامها في العمل لحمايةالمجتمع من جهة وتدعيم حريات الافراد من جهة اخرى من الاستبداد وتعسف السلطة عند تنفيذها لهذه الأحكام ، ولذلك كان لابد من وضع القواعد التي تحمي الافراد الذين يعيشون في كنفالدولة[1].

وهو ما نصت عليه الشرائع السماوية ،ومنها الاسلامية قبل 14 قرنا من الزمان حيث أكدت على حتمية حرية الانسان وعدم التعرض لها بالتعسف إلا لأسباب حرصت النصوص الشرعيةعلى ذكرها، وهو ما تمتبلورته من خلال مختلف الدساتير والنظم القانونية،حيث كرست مبدأ عدم جواز القبض على أحد أو حبسه أو تفتيشه إلا وفقا للقانون، والنص  على حق الدفاع للمتهم وأن المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكم قانونيةعادلة والنص على حظر إيذاء المتهم جسميا ومعنويا [2].

ولما كان الانسان لا يستطيع أن يعيش بمفرده بمعزل عن باقي الناس، حيث يعد اجتماعيا بطبعه،كانت الجريمة أهم الظواهر الناتجة عن العلاقات والتفاعلات الناشئةداخل المجتمع في علاقة بعضه البعض وهو ما كان يلزم الدولةالمتمثلة في السلطةللقيام بالقبض على من يشتبه فيهموتوقيفهم، ونظرا لخطورة اجراءات التوقيف قامت مختلف التشريعات الجنائية بوضع قواعد شكلية إجرائية تحترم وتؤمنبكرامة الانسان وآدميته،وكان على المشرع من خلال هذه الاجراءات تحقيق مصلحتين متعارضتين.

هما المصلحة العامة من أجل الوصول الى عدالة جنائية فعالةوالمصلحةالخاصة المتمثلة فيحماية حرياتالافراد حتى لا يحصل توتر في العلاقة بينهما خاصه في وجود بعض القواعد الاجرائية التي قد تعطل ممارسه الحقوق الاساسية للفرد ومنها إجراء الاعتقال الاحتياطيأو ما يصطلح عليه بالحبس المؤقت والذي يعد منأخطر الاجراءاتالماسة بحريه الافرادقبلالمحاكمة.

وتتضح خطورة هذا الاجراء في أنه يؤدي الى سلب حرية المتهم رغم أن الأصل في سلب الحرية أنه جزاء جنائي ،لا يوقع إلا بمقتضى حكم قضائي نهائي بات بالإدانة ومع ذلك نجد أن جميع التشريعات الجنائية،أقرته كإجراء ضروري تفرضه طبيعة وخطورة الجريمة، ولعدة إعتبارات قضائيةوواقعية ايضا ،لكنها اختلفت في تقرير ضماناته وحدوده وضوابطه بمقدار احترامها لحريات وحقوق الأفراد[3].

وإذا ما تفحصنا مفهوم الحبس الاحتياطي من حيث اللغة فهو يعود في أصله الى لفظ” حبس” أي منع وأمسك وسجن ، والحبس هو المكان الذي يحبس فيه الشخص أما مدلوله القانوني، فإن مختلف القوانين الجزائية لم تحددهبأي تعريف تاركة المجال واسعا للفقه والقضاء [4].

أما في الاصطلاح فنجد أن هناك العديد من التعاريف الفقهية التي أعطيت لهذا المصطلح[5]، حيث يعرفه الدكتور محمود نجيب حسني بأنه : ” إيداع المتهم السجن خلال فترة التحقيق كلها أو بعضها أو الى أن تنتهي محاكمته”.

أما الدكتور صادق المرصفاوي يقول: “هو إجراء من اجراءات التحقيق الجنائي يصدر عمن منحه المشرع هذا الحق ويتضمن أمرا لمدير السجن بقبول المتهم وحبسه به، ويبقى محبوسا مدةقد تطول أوتقصر،حسب ظروف كل دعوى حتى ينتهي إما بالإفراج عن المتهم اثناء التحقيق الابتدائي أو أثناء المحاكمةوإما بصدور حكم في الدعوى ببراءةالمتهمين او بالعقوبةوبدء تنفيذه”.

وقد اشار اليه الدكتور مروان محمد :” بأنه الوسيلة التي يجد فيها قاضي التحقيق سهولة في التعامل مع المتهم فهو تحت تصرفه”[6].

أما بالنسبة للتشريع الجنائي المغربي فنجده قد عرف الاعتقال الاحتياطي في المادة 618 من ق.م.ج والتي جاء في فقرتها الثانية “يعتبر معتقلا احتياطيا، كل شخص تمت متابعته جنائيا ولم يصدر بعد في حقه حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به “. عكس باقي التشريعات الجنائية التي تركت فراغا تشريعيا في خانة التعريف،

وحسب المادة 618 المذكورة، فكل معتقل لم يصدر في حقه حكم نهائي يعتبر معتقلا احتياطيا، ويدخل في حكم ذلك المعتقل الذي صدر في حقه حكم قضائي لكنه لازال قابلا لإحدى طرق الطعن القانونية.

وبذلك، فإن مصطلح الاعتقال الاحتياطيفي قانون المسطرة الجنائية المغربي مخالفا لما ورد في الاتفاقيات الدولية من تعريف لهذا الأخير، وخاصة في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة حيث عرفت الاعتقال الاحتياطي بأنه (نسبة الساكنة السجنية غير المحكوم عليها).

وبالنظر لكون مصطلح الاعتقال الاحتياطي يطرح إشكالية من حيث التعريف بدا أنه مفيدا أن نميزه عن المصطلحات المتشابهة معه وخاصة مصطلح الإكراه البدني وهو ذلك الشخص الذي يتم حبسه بسبب عدم أداء مابذمته من دين[7] .

ومصطلح الحراسة النظرية أو التوقيف للنظر – كما نص عليه المشرع الجزائري – فهو إجراء يقوم به ضابط الشرطة القضائية بوضع شخص في مخفر الشرطة القضائية وذلك تحت رقابة النيابة العامة [8].

ويجد هذا الاجراء مبرره في ضرورة منع المتهم من الفرار وتغيير الأدلةوتبديد وسائل الإثبات، ناهيك عن وجوده رهن إشارة قاضي التحقيق قصد استنطاقه ومواجهته مع الغير متى كان ذلك مفيدا في التحقيق.

ويعود تاريخ ظهور إجراء الاعتقال أو الحبس الاحتياطي الى كل من القانون المصري القديم والقانون الروماني القديم حيث عرف لأول مرة عند قدماء المصريين في عهد الملك رمسيس التاسع في مدة حكم الدولة العشرين ، أما في القانون الروماني القديم فإنه كان الاعتراف بمبدأقرينةالبراءة  واردا من أجل أن يقوم المتهم بإعداد دفاعه ،  ومن ثم اللجوء الى الاعتقال الاحتياطي لا يمكن إلا في حالتين ، الاولىاعتراف المتهم بارتكاب الجريمة أو ضبط المتهم متلبس بجريمة[9].

بالرجوع إلى التشريعات المقارنة نجد بأن جل الدول تنص في قوانينها الداخلية على أن الحرية الشخصية للأفراد لا تنتهك إلا وفقا القانون، ومن بين هذه الدول نذكر القانون الأساسي الألماني، ودستورالدانمارك كمثالين. ونفس المبادئ تم تبينيها من طرف المجلس الأوروبي حيث جاء في التوصية (65) 11 أن “الاعتقال الاحتياطي يجب أن يعتبر كوسيلة استثنائية لا يلجأ إليها في الحالة التي يكون من الضروري للغاية اللجوء إليها، وهو ما تم التنصيص عليه في توصية المجلس المذكور (80) 11.

وتم تأكيد نفس المبدأ في التوصية رقم 1245(1994) التي تم تبنيها في 30 يونو 1994 من طرف الجمعية البرلمانية للمجلس الأوروبي حول “اعتقال الأشخاص في انتظار صدور الأحكام”.

ونفس المبدأ تبناه المشرع المغربي، حي نص في الفصل 159 من قانون المسطرة الجنائية على أن الاعتقال الاحتياطي يبقى تدبيرا استثنائيا لا يتم اللجوء إليه إلا في الجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية وذلك بعد استنطاق المتهم.

وقد قامت مختلف التشريعات الجنائية بإضفاء مجموعة من الضمانات والحقوق للمتهمين المعتقلين احتياطيا، من بينها الحق الدفاع والطابع التوثيقي للمسطرة وضرورة الاستجواب. وهو مايضفي الصفة الشرعية لكما قامت بتمتيعه بكافة حقوق السجناء من رعايةصحية وتحليل والحق فيالتغذية واعداد تدابير كفيلة بدمجه إذا كان سنه أقل من 20 سنة.

وينتهي مفعول الاعتقال الاحتياطي بقوة القانون بعد انتهاء مدته الزمنية طبقا للمادتين 176 و177 من قانون المسطرةالجنائيةالمغربي سواء تم إنهاء اجراءات التحقيق أو لم تنتهي حيث يتم إطلاق سراح المتهم بقوة القانون ويستمر التحقيق،وقد خول المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات الجنائيةبعض الضمانات للمعتقل كطلب الإفراج المؤقت أو تقديم كفالة مالية أو شخصية.

ولحماية الحقوق والحريات فقد عملت الدول على إضفاء الرقابة القضائية على أوامر الاعتقال أو الحبس الاحتياطي من خلال الطعن أمام الغرفة الجنحية أو غرفة الاتهام سواء من طرف المتهم أو دفاعه أو من طرف النيابة العامة، وهو ما أخد به المشرع المغربي(المواد 231 و180 من ق. م. ج).

إن أهمية الموضوع تنبع من واقع أساسه ان أغلب الفقه يتحدث عن الاعتقال الاحتياطي والآثار الناجمة عنه والمتمثلة أساسا في تقييد حريات الأفراد وحقوقهم على اختلاف المبررات التي يضعها كل تشريع وتنامي هذه الآفةداخل الأوساط العقابية والإصلاحية حيث أصبح يشكل نسب مهولة من العدد الإجمالي للساكنة السجنية وهو ما يؤثر سلبا على مردودية السياسة الجنائية في القضاء على الجريمة وقيامالمؤسساتالعقابية بالدوار الإصلاحية والاندماجية المنوطة بها ويشكل عبئا وتكلفة ثقيلة على الدول.

كما أن الأهمية الكبرى والغاية من هذا الموضوع هي الاطلاع على مختلف الأنظمة الجنائيةوفحص الأحكام والقواعد المتعلقة بالاعتقال أو الحبس الاحتياطي والحقوق والضماناتالمتاحة للأفراد إزاء ذلك.

وفي سبيل الوصول الى الأهداف والغايات المرجوةمن هذا الموضوع اعتمدناأولا على المنهج المقارن حيث سنقارن بين الاعتقال الاحتياطي في النظام الجنائي المغربي والأنظمة الجنائية المقارنة ، كما اعتمدنا المنهج التحليلي القانوني وهو المنهج الذي سيمكنمن معالجةوتحليل النصوص القانونيةالمتعلقة بإجراءات الاعتقال الاحتياطي والوقوف على مكامنالخلل والنقص في كل نظام من الأنظمة.

وتأسيسا على ما سبق فإن هذا الموضوع يطرح إشكالية تتمحور حول ماهية الاعتقال الاحتياطي وحالاته، وما هي مبرراته الإجرائية والموضوعية؟ وما هي الضمانات اللازم توفيرها لحماية الحرية الشخصية؟ وكيف يمكن الموازنة بين الحرية الشخصية وحق الدولة في إنزال العقاب على الجاني؟

هذه الإشكالية تتفرع عنها أسئلة فرعية من قبيل:

  • ماهي الشروط التي اعتمدتهامختلف الانظمةالجنائية لتنزيل الاعتقال الاحتياطي؟
  • ماهي المبررات المعتمدةفي سبيل اللجوءالى الاعتقال الاحتياطي؟
  • ماهي الضمانات التي خولتها التشريعات للمعتقلين احتياطيا سواء قبل اوأثناء المحاكمة؟

وفي سبيل تحليل هذه الإشكالية ارتأينا اعتماد التصميم التالي:

 

المبحث الاول: الأحكام العامة للاعتقال الاحتياطي

المبحث الثاني: مبررات الاعتقال الاحتياطي وضماناته القانونية

 

  

المبحث الأول: الاحكام العامة للاعتقال الاحتياطي

لفهم الاعتقال الاحتياطي كإجراء وقتي يتخذ بين مرحلة البحث التمهيدي والمحاكمة القضائية، لابد من الوقوف على الأحكام العامة التي تحكمها، وذلك بدراسة حالاته ومعرفة مدد كل منها (مطلب الأول)، والوقوف على الأسباب التي تؤدي إلى انتهاء مفعوله (مطلب ثاني)

المطلب الأول:الاعتقال الاحتياطي؛ حالاته، مدده وأسباب انقضائه

بالرجوع إلى النصوص المنظمة نجد بأن المشرع حدد المشرع حالات الاعتقال الاحتياطي، وحدد مدده بحسب الجهة الصادر عنها وبحسب نوع الجريمة (فقرة أولى)، كما حدد أسباب انقضاء مفعوله (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى:حالات الاعتقال الاحتياطي ومدده القانونية

يتخذ الاعتقال الاحتياطي من قبل النيابة العامة أو قاضي التحقيق بكل من المحكمة الابتدائية ومحكمة الاستئناف كأصل عام، وقد حدد المشرع مدده بدقة لارتباطه بحرية الأشخاص.

أولا: الاعتقالالاحتياطيالمتخذمنطرفالنيابةالعامة

تقوم النيابة العامة باعتقال المشتبه فيهم عن طريق إصدار أوامر بالإيداع في السجن طبقا للمادتين 47 و73 و74 من قانون المسطرة الجنائية، سواء كان الأمر بالبحث التمهيدي أو البحث التلبسي.

1) حالة البحث التمهيدي العادي

تنص المادة 47 المذكورة على ما يلي: “……………………………………………

يمكن لوكيل الملك في غير حالة التلبس بجنحة، أن يطبق المسطرة المنصوص عليها في الفقرتين الأولى والثالثة أعلاه في حق المشتبه فيه الذي اعترف بالأفعال المكونة لجريمة يعاقب عليها بالحبس أو ظهرت معالم أو أدلة قوية على ارتكابه لها، والذي لا تتوفر فيه ضمانات الحضور أو ظهر أنه خطير على النظام العام أو على سلامة الأشخاص أو الأموال، وفي هذه الحالة يعلل وكيل الملك قراره”.

في قراءة لهذه الفقرة في علاقتها بالفقرة الأولى من نفس المادة 47 أعلاه، يمكن أن نلاحظ أن المشرع قد اشترط في غير حالة التلبس تعليل قرار وكيل الملك لقرار الإيداع، وهو ما لم يشترطه في حالة قيام حالة التلبس، وهي ضمانة إضافية لفائدة المشتبه فيه الذي تم اعتقاله بناء على اعترافه، أو لوجود معالم أو أدلة قوية على ارتكابه للجنحة.

وما قيل عن وكيل الملك، ينطبق على الوكيل العام للملك في حالة ارتكاب جناية في غير حالة التلبس.

2) حالة البحث التلبسي

تنص الفقرة الأولى من المادة 47 من ق م ج على ما يلي: ” إذا تعلق الأمر بالتلبس بجنحة طبقا للفصل 56 من ق م ج، فإن وكيل الملك يقوم باستنطاق المشتبه فيه. ويمكنه مع مراعاة مقتضيات المادة 74 أن يصدر أمرا بالإيداع في السجن، إذا كانت الجنحة يعاقب عليها بالحبس.

وتنص المادة 74 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي: ” إذا تعلق الأمر بالتلبس بجنحة معاقب عليها بالحبس، أو إذا لم تتوفر في مرتكبها ضمانات كافية للحضور، فإنه يمكن لوكيل الملك أو نائبه أن يصدر أمراً بإيداع المتهم بالسجن بعد إشعاره بأن من حقه تنصيب محام عنه حالاً واستنطاقه عن هويته والأفعال المنسوبة إليه.

………………………

إذا صدر الأمر بالإيداع في السجن، فإن القضية تحال إلى أول جلسة مناسبة تعقدها المحكمة الابتدائية، حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 385 الآتية بعده…”

وتنص المادة 385 من ق م ج المذكورة على ما يلي: ” يقدم المتهم إلى الجلسة في الحالة المنصوص عليها في المادة 74 من هذا القانون بدون سابق استدعاء، وفي كل الأحوال داخل أجل ثلاثة أيام….”[10]

وباستقرائنا للمادة 73 من ق م ج، يتبن أنه إذا تعلق الأمر بجناية متلبس بها طبقا لمقتضيات المادة 56 من ق م ج  وكان التحقيق فيها غير إلزاميا، استفسر الوكيل العام للملك أو أحد نوابه المشتبه فيه عن هويته وأجرى استنطاقه بعد إشعاره أن من حقه تنصيب محامي عنه حالا وإلا عين له تلقائيا من طرف رئيس غرفة الجنايات، وإذا تبين له أن القضية جاهزة للحكم فيها أصدر الوكيل العام للملك أمرا بوضع المشتبه فيه رهن الاعتقال باعتقاله[11]،وأحاله على الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف داخل أجل 15 خمسة عشر يوما على الأكثر.

وإذا رجعنا الى التجارب المقارنة، وخاصة التشريع البحريني نجد أن المادة 147 تنص على أن النيابة العامة تصدر أمرا بالاعتقال الاحتياطي لمدة سبعة أيام تبتدأ من اليوم الذي تم فيه إحالة المتهم عليها، إذا تبين للنيابة العامة تمديد الاعتقال الاحتياطي لا تقوم بإصدار أمر جديد وإنما تطلب التمديد من قاضي المحكمة الصغرى [12].

فالاعتقال الاحتياطي الصادر عن النيابة العامة (الوكيل العام للملك أو وكيل الملك) يشترط توافر بعض الشروط الموضوعية، وتتمثل بالأساس في أن تكون الجناية أو الجنحة المبررة للاعتقال معاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية، وأن تكون تلك الجناية أو الجنحة قد قامت معالم أو أدلة على ارتكاب المتهم لها.

ثانيا:الاعتقال الاحتياطي الصادر عن قضاة التحقيق

بالرجوع الى الفقرة الخامسة من المادة 73 من ق م ج، والتي تنص على أنه إذا ظهر أن القضية غير جاهزة للحكم، التمس الوكيل العام للملك إجراء تحقيق فيها،ومنه فإن ملتمس النيابة العامة الرامي الى إجراء التحقيق هو وسيلة من وسائل اتصال قاضي التحقيق بالقضية، لكن ما يهمنا في هذه الفقرة ليس التحقيق بالدرجة الأولى وإنما الأوامر القضائية الصادرة عن قاضي التحقيق والمتصلة بالاعتقال الاحتياطي[13].

ومن الأوامر التي يصدرها قاضي التحقيق والتي تمس بالحرية الشخصية للأفراد نجد الأمر بالاعتقال أو الامر بالإيداع في السجن، والأساس الذي ينبني عليه هذا الأمر هو المادة 152 من ق م ج، والتي تنص على أن الأمر بالإيداع في السجن هو أمر يصدره قاضي التحقيق الى رئيس المؤسسة السجنية كي يتسلم الظنين ويعتقله احتياطيا، والمبررات التي يقوم عليها هذا الأمر منصوص عليها في المادة 160 من ق م ج، وهي ضرورة التحقيق أو الحفاظ على أمن الاشخاص أو على النظام العام. وعلى الرغم من عمومية هذه العبارات إلا أنها هي نفسها المبررات الواردة في أغلب التشريعات الإجرائية المقارنة كما سنرى ذلك عند الحديث عن مبررات الاعتقال الاحتياطي.

أما عن مدة الاعتقال الاحتياطي، فقد حددها المشرع في المادة 176 و177 من ق م ج، وهي شهر واحد في الجنح كحد أقصى مع أمكانية تمديدها لمرتين ولنفس المدة، وفي شهرين في الجنايات كحد أقصى، مع إمكانية تمديدها لخمس مرات ولنفس المدة بمقتضى أمر قضائي معلل تعليلا خاصا يصدره قاضي التحقيق بناء على ملتمسات النيابة العامة المدعمة بأسباب.

أما في التشريع البريطاني، فإن مدته محددة في كل مرحلة في 8 ثمانية أيام، ويتم تمديدها من طرف قاضي كلما اقتضت الضرورة ذلك. أما في التشريع البلجيكي فإنه بعد اتخاد الأمر بالاعتقال (يسمى الإيقاف) من طرف قاضي التحقيق، يجب أن يمثل المتهم أمام الغرفة الاستشارية(la chambre du conseil) التي تتكون من قاضي غير قاضي التحقيق والذي يمكنه تأكيد الأمر بالاعتقال لمدة شهر. أما في التشريع الألماني فإن الاعتقال يكون لمدة 6 ستة أشهر، قابلة للتجديد من قبل المجلس الأعلى لمدة 3 ثلاثة أشهر مع إمكانية التمديد. أما في التشريع الياباني فإن المحددة بشكل دقيق، حيث بعد الحراسة النظرية لمدة 3 ثلاثة أيام كحد أقصى، يمكن للقاضي تحديد مدة الاعتقال الاحتياطي في 10 عشرة أيام، قابلة للتمديد لمدة عشرة أيام، تم 5 خمسة أيام أخرى في حالة الاعتداء على أمن الدولة. وبذلك فتقييد الحرية لا يجب أن يتجاوز 23 ثلاثة وعشرون يوما، وأن يتم خلال العشرة الأيام الثانية توجيه الاتهام وإلا أفرج عنه[14].

المطلب الثاني: أسباب انقضاء مفعول الاعتقال الاحتياطي

يعتبر الإفراج المؤقت من الحلول القانونية التي اعتمدها المشرع لترشيد وعقلنة الاعتقال الاحتياطي، وهوإخلاء سبيل المتهم المعتقل احتياطيا لزوال مبررات الاعتقال، كأن يُمَتَّع المتهم بالإفراج المؤقت سواء بتقديم كفالة أو بدونها.

 

الفقرة الأولى: الإفراج المؤقت

قد يكون هذا الإفراج إما تلقائيا أي بمبادرة من قاضي التحقيق وإما بطلب من النيابة العامة وإما بطلب من المتهم أو محاميه.

أولا: الإفراج المؤقت التلقائي

المادة 178

يجوز لقاضي التحقيق في جميع القضايا، بعد استشارة النيابة العامة، أن يأمر بالإفراج المؤقت تلقائياً، إذا كان الإفراج غير مقرر بموجب القانون، بشرط أن يلتزم المتهم بالحضور لجميع إجراءات الدعوى كلما دعي لذلك، وبأن يخبر قاضي التحقيق بجميع تنقلاته أو بالإقامة في مكان معين، كما يمكن ربط الإفراج المؤقت بإدلاء المعني بالأمر بشهادة من مؤسسة عمومية أو خاصة للصحة أو التعليم تؤكد تكفلها بالمتهم أثناء مدة هذا الإفراج.

 يمكن كذلك أن يتوقف هذا الإفراج على وجوب الالتزام بتقديم ضمانة مالية أو ضمانة شخصية.

يمكن علاوة على ذلك أن يكون الإفراج المؤقت مرفوقا بالوضع تحت المراقبة القضائية وفقا للشكليات المقررة في المواد 160 إلى 174 أعلاه.

يمكن للنيابة العامة أيضا أن تلتمس في كل وقت وحين الإفراج المؤقت، وعلى قاضي التحقيق أن يبت في ذلك خلال أجل خمسة أيام من تاريخ تقديم هذه الملتمسات.

أما بالنسبة للمشرع الفرنسي فقد ترك للقاضي قرار الإفراج عن الشخص المدان كلما تبين له أن الاعتقال لم يعد ضروريا و ذلك في أي وقت من إجراءات التحقيق[16] ، إما عن طريق رقابة قضائية أو بدونها وفقا للفقرة الأولى من المادة 147 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي شريطة أن يلتزم الشخص بحضور جميع الاجراءات كلما تم استدعاؤه و إبقاء قاضي التحقيق على علم بجميع تنقلاته . و تبقى الحرية للقاضي في اتخاذ قرار الإفراج المؤقت بصرف النظر عن شروط المدعي العام، و في هذه الحالة يجب عليه أن يبرر قراره بإيجاز[17].

ثانيا: الإفراجالمؤقتبطلبمنالنيابةالعامة

تخولالفقرةالأخيرةمنالمادة 178 ق.م.جللوكيلالعامللملكأنيلتمسمنتلقاءنفسهمنقاضيالتحقيقفيكلوقتوحينالإفراجالمؤقتعنالمعتقلعلىأنيبسطفيطلبهالأسبابالتيدفعتهللالتماسالإفراجوعلىقاضيالتحقيقأنيبثفيهذاالطلبخلالخمسةأياممنتاريختقديمالملتمسوإلاأحيلالطلبعلىالغرفةالجنحيةلتنظرفيه (الفقرة 6 منالمادة 179 ق.م.ج .)

أمابالرجوعإلىالمشرعالجزائرينجدأنالمادة 126/2 ق.إ.جخولتلوكيلالجمهوريةصلاحيةتوجيهطلبالإفراجعنالمتهمفيكلوقتإذامالاحظأنالتحقيقلميسفرعننتائجمثمرةولميتوصلإلىأدلةكافيةلإثباتالتهمةالمنسوبةإلىالمتهمفإذاماتوصلقاضيالتحقيقبطلبوكيلالجمهوريةفانهيبثفيطلبهفيظرف 48 ساعةمنتاريخالطلبإمابالرفضأوبالاستجابةلطلبالإفراج.

فإذارفضالطلبخلالهاجازلوكيلالجمهوريةاستئنافالأمرفيظرفثلاثةأيامويظلالمتهممحبوسا. أماإذاأيدالطلبفانهأيدالطلبفانهيصدرأمرابالإفراجمسبباتسبيباكافيا،وإذاجازتمهلةالثمانيوالأربعينساعةولميبثقاضيالتحقيقفيالطلبأفرجعنالمتهم[18]

ثالثا: الإفراجالمؤقتبطلبمنالمتهمأومحاميه

للمتهمشخصياأوبواسطةمحاميهأنيطلبتمتيعهبالسراحالمؤقتوطلبهفيهذاالشأنلايخضعلأيةشكلياتويمكنتقديمهفيأيةمرحلةمنمراحلالمسطرة،كمايمكنللمتهمأنيكررهعدةمراتعندرفضهدونقيدأوشرط.

ولماكانهذاالطلبليسلهشكلخاص،فإنالمعتقلاحتياطيايمكنهأنيذكربأنلاعلاقةلهبالجريمةأوأنالجريمةسقطتبالتقادموأنهاممالايجوزفيمثلهاالاعتقاللأنهاغيرمعاقبةبالحبس،كمايستطيعذكرأسبابعاطفيةوانسانيةيختارها،غيرأنهيجبأنتراعيفيطلبالإفراجالأحكامالآتيةوالمتضمنةفيالمادة 179 ق.م.ج.

وأوجبتالمادةعلىقاضيالتحقيقأنيوجهالملفإلىالنيابةالعامةداخلاجل 24 ساعةمنتاريخوضعالملفوذلكلتقديمملتمساتها،واشعارالطرفالمدنيخلالنفسالأجلللإدلاءبملاحظاتهبواسطةرسالةمضمونة. وقدقيدهالمشرعبمدةخمسةأيامللبتفيالطلبمنيوموضعالطلب،وليسمنيومتوجيهالملفإلىالنيابةالعامةكماكانفيالقانونالقديموبعد 48 ساعةبعدإشعارالطرفالمدني،وذلكبواسطةأمرمعلل.

وإذالميبتقاضيالتحقيقداخلالأجلالمذكورأمكنرفعالطلبمباشرةإلىالغرفةالجنحيةبمحكمةالاستئنافالتيتبتفيهداخلاجل 15 يوما (الفصل 156 منالقانونالسابقكانيميزبينالجنحوالجناياتفيمايخصأجلبتالغرفةالجنحيةكانت 15 يومبالنسبةللجنحو30 يومابالنسبةللجنايات) وذلكبعدتقديمالنيابةالعامةلملتمساتهاالكتابيةالمعللةتحتطائلةالإفراجعنالمتهممباشرةمالميكنهناكإجراءإضافيللتحقيق،كماأعطتنفسالمادةالحقللنيابةالعامةطبقنفسالشروط.

وتجدرالإشارةإلىانهفيحالةإحالةالقضيةعلىهيئةالحكمفانهذهالأخيرةتصبحهيالمختصةسواءكانتغرفةالجناياتأوغرفةالجنحالاستئنافية .

والمشرعالجزائريمنحلهؤلاءأنيقدماطلبابالإفراجالمؤقتولايشترطفيهذاالطلبشكلامعيناوإنمايكتفيفيهبذكرالأسبابالتيدفعتهلتقديمالطلبفإذاماتوصلقاضيالتحقيقبالطلبوجبإرسالهذاالطلبمصحوبابملفالتحقيقإلىوكيلالجمهوريةلإبداءرأيهفيظرف 5 أيامالتاليةلتوصلهبالطلبكمايبلغالمدعيالمدنيلإبداءملاحظاته،علىأنيبثقاضيالتحقيقفيالطلبفيمهلة 8 أياممنيومتبليغالملفإلىالنيابةالعامةبالرفضآوالقبولوذلكبأمرمسبب – المادة 127 ق.إ.ج- فانقررالاستجابةلطلبالمتهماصدرامرابالإفراجعنهمسبباتسبيباكافيايحقلوكيلالجمهوريةاستئنافهفيظرف 3 أياممنصدوره.

أماإذالميقتنعقاضيالتحقيقبالأسبابالتيقدمهاالمتهمللإفراجعنهوأصرعلىإبقائهمحبوسالمقتضياتالتحقيقاصدرأمرامسببابالرفضفيهذهالحالةلايمكنللمتهمأومحاميهتجديدطلبالإفراجإلابعدشهرمنتاريخصدورقرارالرفض . أماإذامضتمهلةالثمانيةأيامدونقيامقاضيالتحقيقبأيإجراءجازللمتهمأومحاميهتقديمطلبمباشرةإلىغرفةالاتهاموبعداستطلاعرأيالنيابةالعامةتبثغرفةالاتهامفيالطلبفيظرفلايتجاوزالشهرالواحد،فانتجاوزتهولمتفصلفيهأفرجعنالمتهمبقوةالقانون. معملاحظةانهإذااستجابقاضيالتحقيقللطلبوجبعليهأنينبهالمتهمبانحضورجميعإجراءاتالتحقيقوبأنيخطرهبجميعتنقلاته[19]

أمابالعودةإلىالمشرعالبحرينيفقدنحىمنحىالمشرعالمغربيفيمايتعلقبحالاتالإفراجالمؤقتولميشترطفيتقديمالطلبأيشكلمعين،فقديكونبموجبطلبعادييقدمللنيابةالعامةأوقاضيالتحقيقأوالمحكمةالمختصةعلىأنيكونالطلبمؤرخا،وتجدرالإشارةإلىأنهيمكنإرسالالطلبعنطريقالبريدبموجبخطابمسجلأوخطابعادي،فليسفيالقانونمايمنعذلك[20]  .

يمكن تقديم طلب الإفراج من قبل المتهم أو محاميه في أي وقت أثناء الاجراءات شريطة أن لا يكون قد تم البث في الطلب سابقا ، و يجب تقديم الطلب أمام قاضي التحقيق و توقيعه من قبل مقدم الطلب ، و التزام المعني بالأمر حضور جميع الإجراءات اللازمة و إبقاء القاضي على علم بحركاته[21] .

و في جميع الحالات يتم الإفراج عن الشخص المعتقل احتياطيا كلما:

  • انتفت شروط الاعتقال ؛
  • إذا تجاوز الاعتقال الاحتياطي مدة قانونية معقولة[22]

الفقرةالثانية: الكفالةكبديلللاعتقالالاحتياطي

إذاكانالإفراجالمؤقتمتوقفاًعلىوجوبتقديمكفالة،فإنالأخيرةتعدمنبينالضماناتالقانونيةالتيتمكنمنحضورالشخصالمحاكمةفيجميعمراحلها،علىاعتبارأنتخلفهعنالحضوريضيععليهإمكانيةاسترجاعالكفالةفيحالةتبرئتهأواسترجاعماتبقىمنهابعدخصمالغراماتالماليةالصادرةفيحقه.

ويترتبعلىتمتعالمتهمبالإفراجالمؤقتجملةمنالالتزاماتأهمهاوجوباحترامالاستدعاءاتالموجهةلهفيإطارمسطرةالتحقيقووجوبإشعارقاضيالتحقيقبكافةتنقلاتهوتحديدمكانمعينلإقامتهالمادة 178ق. م.ج.

علىأنأهمالتزامهوربطالإفراجالمؤقتبتقديمكفالةماليةنظرالخطورةالإجراءاتمنجهةوتوقفتمتيعالمتهمبالسراحالمؤقتعلىأداءهذاالمبلغ.

وهذامانصتالمادة 178 فقرة2 علىأنه “يمكنكذلكأنيتوقفهذاالإفراجعلىوجوبالإلتزامبتقديمضمانةماليةأوضمانةشخصية”.

وعلىضوءهذهالمقتضياتالقانونيةسيلاحظعلىأنقاضيالتحقيقليسملزمابإلزامالمتهمبأداءكفالةمالية،ويمكناستنتاجذلكمنالصيغةالواردة 178/2 فقرةق.م.جأعلاهإذااستعملالمشرعصيغة ” يمكن” وهومايفيدأنقاضيالتحقيقيجوزلهقانونتمتيعالمتهمبالإفراجالمؤقتدونإلزامهبأداءالكفالةالماليةوالاكتفاءفيمثلهذهالأحوالبالضماناتالشخصيةخاصةفيكلالأحوالالتييتأكدفيهاقاضيالتحقيقمنصعوبةأوتعذرأوحتىاستحالةأداءالمبلغالمذكورتبعاللوضعيةالاقتصاديةوالمهنيةوالاجتماعيةللمتهم .

وتبقىالسلطةالتقديريةلقاضيالتحقيقفيتحديدمبلغالكفالةحيثيتعينعلىالمتهمودفاعهبأدائهافيصندوقكتابةالضبطلدىالمحكمةحالماتتمواقعةالأداءيتمتمتيعالمتهمبالإفراجالمؤقتويمكنللمتهماسترجاعمبلغالكفالة

بيدأنهيبقىمتوقفعلىشرطالامتثاللاستدعاءاتوإجراءاتالتحقيق،وكذابإصدارقاضيالتحقيقأمرابعدمالمتابعة.

ومقابلذلكفإنالمتهميفقدمبلغالكفالةكاملاأوجزئياإذاماكانيماطلفيحضورإجراءاتالتحقيقأوتمتإدانتهعنالمنسوبأوتحققالأمرانمعا،وتطبيقالمقتضياتالمادة 161 ق.م.جوالتيتولىفيإطارهاالمشرعتحديدطبيعةمختلفالمصاريفالتيتتطلبهاالدعوىالعموميةوالتييتمضمانهابمبلغالكفالة،كماألزمقاضيالتحقيقمنجهةأخرىأنيتولىعمليةتحديدمبلغهذهالمصاريفبدقةوبتفصيلفيصلبالقرارالذيبموجبهيتمتمتيعالمتهمبالإفراجالمؤقت .

علىأنالفقهالمغربيوالممارسينوالباحثينغالباماينبهونمنضرورةالاحتياطمنمبدأربطالإفراجالمؤقتبأداءمبلغالكفالةوذلكلمايترتبعنهمنإخلالبمبدأمساواةالمواطنينومراعاةلظروفهمالاجتماعيةوالاقتصاديةتفادياللغلوفيتقديرهذهالمبالغوذلكتفاديالتكريسعدالةالأغنياءمقابلةبعدالةالفقراء.

وتحديدالكفالةالماليةمتروكلقاضيالتحقيقالذيعليهعندتحديدهاأنيراعيالمقتضياتالقانونيةالتيجاءتبهاالمادة 184 منقانونالمسطرةالجنائيةالجديدوهينفسمعاييرالفصل161 فيظلالقانونالسابقإلاأنهاجاءتفيصياغةجديدة.

ومنمستجداتالقانونالجديدماجاءفيالمادة185 التيبينتشكلوكيفيةدفعالكفالةالماليةوالتيأضافتإمكانيةدفعالكفالةبواسطةشيكصادرعنمحامالمتهمخلافللفصلالقديم 162.

وقدبينتالفصول 186 و 187 188 كيفيةردالكفالة وكذامسطرةصرفهاوتوزيعها،أعطتالاختصاصلغرفةالمشورةللبتفيكلنزاعبشأنهاباعتبارهصعوبةفيالتنفيذ[23]

أمابالنسبةللمشرعالجزائيالجزائريفإنهينظمقانونالكفالةبمناسبةالإفراجفيالموادمن 132 إلى 136 منه،والإفراجبكفالةمسألةجوازيةمتروكةللسلطةالتقديريةلجهةالتحقيق،الغرضمنهاضمانمثولالمتهمالمفرجعنهفيجميعإجراءاتالتحقيقوالدعوى،وضمانالمصاريفالتييكونقددفعهاالمدعيالمدنيوالمصاريفالتيأنفقهاالقائمبالدعوىالعموميةوالغراماتوالمبالغالمحكومبردها،والتعويضاتالمدنية،فحددالقانونمايلزمأداؤهمنالكفالةورتبها،ويحددقرارالإفراجالمبلغالمخصصلكلجزءمنالكفالة .

وبالنسبةللأجانبالذينكانوامحلوضعفيالحبسالمؤقت،يصدرهقاضيالتحقيقبناءعلىطلبالمحبوسالأجنبي،وبعداستطلاعرأيالنيابةعلىأنيتخذفيشانهإجراءينأولهما: أنيصدرقراربتحديدالإقامةالجبريةيحددفيهلهمحلايقيمفيهولايغادرهإلابترخيصمنه،وأنيبلغهذاالقرارإلىوزارةالداخلية. وثانيهماأنيعينفيأمرالإفراجالكفالةالتيتضمنالنتائجالمترتبةعنإتمامالتحقيقولايتمالإفراجعنهإلابعدأداءمبلغالكفالةولهأنيستردهإذاصدرأمرابانتفاءوجهالدعوىأوحكمبالبراءةوقدنظمالمشرعإجراءالإفراجبكفالةبالنسبةللأجنبيفيالموادمن 129 إلى 135إ.ج .

وتدفعالكفالةنقداأوأوراقامصرفيةأوشيكاتمقبولةالصرفأوسنداتصادرةأومضمونةمنالدولةتسلمليدكاتبالضبطبالمحكمةأوالمجلسالقضائيأومحصلالتسجيل،ويكونهذاالأخيرهووحدهالمختصبتسلمهاإذاكانتسندات،وبمجردالاطلاععلىالإيصالالمثبتلدفعالكفالةتقومالنيابةالعامةفيالحالبتنفيذقرارالإفراجعلىالمتهم[24]  .

أمابالنسبةللمشرعالمصريفقدقسمبموجبالمادة 146/3 منقانونالإجراءاتالجنائيةمبلغالكفالةإلىجزئينعلىالنحوالآتي :

الجزءالأوليخصصلتغطيةتخلفالمتهمعـنحـضورأيإجـراءمـنالإجـراءاتالآتية : التحقيق،الدعوى،التقدملتنفيذالحكم،القيامبكافةالواجباتالأخرىالتيتفرضعليه[25].

أماالجزءالثانيمنالكفالةالمالية،فيخصصلتغطيـةالمـصاريفوالعقوبـاتبالترتيـبعلـىالنحـوالآتي:

  • أ) المصاريفالتيصرفتهاالحكومة،وهيالنقودالتيأنفقتهاللخبراءوالشهودلدىانتقالهم.
  • ب)العقوبـاتالماليــةالتـيقــديحكــمبهـاعلــىالمـتهم،وهــيالتــيتوقـععلــىالمـتهممــنأجــلالجريمــةالتــيارتكبهــامثــلالغرامــةوالــرد،ولايعــدمنهــاالتعويــضات،لأنهــالــيسمــنقبيــل المصاريفالتيأنفقتهاالحكومةأوحتىمنالعقوباتالمالية[26].

أماذاصدرحكمعلىالمتهمبالإدانةرغـمعـدمإخلالـهبالالتزامـاتالمفروضـةعليـهولـميكفالجزءالثانيفيـضافالجـزءالأولللجـزءالثـانيالمخـصصللوفـاءبالمـصاريفوالغرامـات المالية[27]

المطلب الثاني : الشروط المتطلبة في اتخاذ الاعتقال الاحتياطي

نظرا لكون إجراء الاعتقال أو الحبس الاحتياطي من إجراءات التحقيق الابتدائي ولكونه يمس بالحرية الشخصيةللفردفقد كان لزاما على مختلف التشريعات وضع مجموعة من الشروط سواء موضوعية أو شكلية تقيد السلطات المكلفة بإصدار الاعتقال، لا يجوز الخروج عنها ويجب احترامها بغية تحقيق التوازن بين المصلحة العامة المتمثلة في استتباب الأمن وتحقيق العدالة من جهة وحماية الحقوق والحريات من جهة أخرى.

الفقرة الأولى: الشروط الشكلية للاعتقال الاحتياطي

لابد من توافر شروط شكلية للاعتقال الاحتياطي والتي يمكن اعتبارها ضمانا هاما لممارسة الحق في اتخاذ هذا الإجراء، وكل خرق لتلك الشروط فيه مساس بالحرية الشخصية، فلا بد أن يكون الأمر بالاعتقال الاحتياطي صادرا من السلطة المختصة ، ومتضمننا بيانات خاصة، إضافة إلى وجوب بيان الأسباب التي دعت إلى إصدار هذا الأمر بالحبس الاحتياطي. وفيما يأتي سنتولى بحث هذه الشروط:

أولا: أنيكونالأمربالاعتقالالاحتياطيصادرامنالجهةالمختصة

لا شك أن الاعتقال الاحتياطي من أكثر الإجراءات التحقيق مساسا بالحرية الشخصية للمتهم، حيث أن الأثر المترتب على الاعتقال الاحتياطي هو حجر حرية المتهم لفترة مؤقتة، لهذا فقد أشارت جميع التشريعات – موضوع الدراسة-إلى وجوب إحاطة هذا الإجراء بشروط كافية تضمن حماية حرية المتهم من التعدي عليها إلا في النطاق المشروع. و أولى هذه الشروط أن تكون السلطة التي تصدر الأمر بالحبس الاحتياطي مختصة بالإصدار و ذات كفاءة و استقلالية و علم بماهية الاعتقال الاحتياطي [28].

ففي قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي نجد بأن المشرع قد منح النيابة العامة[29]وفي مرحلة التحقيق الابتدائي سلطة إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي و لا يجوز بأي حال من الأحوال للضابطة القضائية إصدار مثل هذا الأمر باستثناء ما نص عليه قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي و بالمادة 45 بإجازة القبض على المتهم و إحضاره خلال 48 ساعة إلى عضو النيابة العامة، وبغير ذلك فإن أي إجراء تتخذه الضابط القضائية بشأن الحبس الاحتياطي يعتبر باطلا لصدوره من مرجع غير مختص[30]، وإصدار الأمر بالحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق الابتدائي حق ممنوح للنيابة العامة، ولمدة محددة في القانون.

أما في مرحلة المحاكمة فالملاحظ أن سلطة إصدار الحبس الاحتياطي تكون من صلاحية قضاة الحكم.

والمشرع الأردني بدوره حصر الحبس الاحتياطي – التوقيف وفي مرحلة التحقيق الابتدائي بيد النيابة العامة – الادعاء العام- أسوة بنظيره المشرع الإماراتي. فيحق للمدعي العام في مرحلة التحقيق الابتدائي أن يصدر أمرا بالحبس الاحتياطي في أي مرحلة كان عليه التحقيق على شرط أن تكون إجراءات التحقيق تستدعي ذلك.

فقد نصت المادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية الأردني على أنه “بعد استجواب المشتكى عليه يجوز للمدعي العام أن يصدر بحقه مذكرة توقيف لمدة لا تتجاوز 15 يوم إذا كان الفعل المسند إليه معاقب عليه بالحبس لمدة تزيد على سنتين، أو بعقوبة جنائية مؤقتة، وتوافرت الدلائل التي تربطه بالفعل المسند إليه، و يجوز له تجديد هذه المدة كلما اقتضت مصلحة التحقيق ذلك على أن لا يتجاوز التمديد 6 أشهر في الجنايات و شهرين في الجناح..”، أما في مرحلة المحاكمة فقد خول المشرع الأردني المحكمة الحق في إصدار أمر بالحبس الاحتياطي – التوقيف- و ذلك وفقا لأحكام المادة 127 /ب 128/3 من قانون أصول المحاكماتالجزائية الأردني.

أما فيما يتعلق بالجهة المختصة بالاعتقال الاحتياطي في التشريع الفرنسي فقد أصبح ذلك أمرا مزدوجا بين قاضي التحقيق و قاضي الحريات و الحبس و ذلك بموجب قانون 15 يونيو2000 [31]. فبعد استجواب المتهم يقوم قاضي التحقيق بالطلب من قاضي الحريات و الحبس وضع المتهم في الحبس الاحتياطي، و يقوم هذا الأخير و بناء على نظرة محايدة في دراسة الملف التحقيق و يقرر إما الحبس الاحتياطي وإما إخلاء سبيل المتهم.

في حين وفيما يتعلق بإخلاء سبيل المتهم فإن هذه الازدواجية أو التشاركية لا نجدها في قانون الإجراءات الجنائية، فيمكن لقاضي التحقيق أو قاضي الحريات بمفرده أن يصدر أمرا بإخلاء سبيل المتهم من الحبس الاحتياطي تأصيلا لمبدأ أن الإنسان حر ولا يجوز التوسع في تقييد الحرية و إنما في التوسعفي الحرية أصلا[32]

أما في التشريع المغربي فقد حدد المشرع الجنائي صاحب الاختصاص في الأمر بالاعتقال الاحتياطي في قاضي التحقيق حسب الفصل 175 من ق. م. ج الذي جاء فيه ” يمكن إصدار الأمر بالاعتقال الاحتياطي في أي مرحلة من مراحل التحقيق ولو ضد متهم خاضع للوضع تحت المراقبة القضائية ويبلغ هذا الأمر فورا وشفهيا للمتهم وللنيابة العامة وفقا لما هو منصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 160 م نفس القانون… ويصدر القاضي عندئذ أمرا بالإيداع في السجن يكون سندا للاعتقال أو أمرا بإلقاء القبض إذا كان المتهم في حالة فرار.

ثانيا:البياناتالواجبإيرادهافيمحضرالإستماعللمتهم

أوجب المشرع المغربي احترام القواعد القانونية المتعلقة بالاعتقال الاحتياطي الواردة في المواد من 175 إلى 186 من ق. م. ج وتتلخص في ضرورة استنطاق المتهم قبل إعلان صدور قرار الاعتقال أو ما يصطلح عليه بالاستجواب أي أن يستمع ممثل النيابة العامة أو قاضي التحقيق إلى المتهم لكي تتجمع لديه عناصر تقدير ملائمة هذا الأمر مما سيفسح المجال أمامه للدفاع عن نفسه و ذلك من أجل دحض ما كان منسوبا إليه، أما إذا لم يتحقق هذا الشرط أو شابه أي عيب كعيب البطلان، فإن الأمر بالاعتقال الاحتياطي يكون كذلك باطلا وهذا ما نصت عليه المادة 210 من ق. م. ج ويجب مراعاة مقتضيات المادتين 134 و135 من هذا القانون، المتضمنتين للحضور الأول للاستنطاق والمواجهات، ومراجعات المواد 59 و60 و62 و101 المنظمة للتفتيشات ، وذلك تحت طائلة بطلان الإجراء المعيب والإجراءات الموالية له…

فبمثول المتهم أمام النيابة العامة سواء في حالة سراح أو كان تحت تدبير الحراسة النظرية، فإن ممثلها يقوم باستنطاقه، وعمليا يكون هذا الاستنطاق بالتأكد من هويته ومن كونه المعني بالأمر نفسه، سواء من حيث اسمه ولقبه وسنه ومهنته وكذا مكان ازدياده ووضعيته العائلية (المادتين 47 و 74 من ق م ج).

ونظرا لأهمية هذا الإجراء أحاطه بالعيد من الأحكام والضمانات أشار إليها المشرع في الفصل 210 من ق. م. ج نوجزها فيما يلي:

أن قاضي التحقيق ملزم في أول مقابلة بأن يتأكد من هوية المتهم وإشعاره بحقه في اختيار من ينوب عنه أو من يؤازره، كما أن المشرع نص في المادة 135 م ق. م. ج أنه في الحالة الاستعجالية، فلقاضي التحقيق أن يتلقى تصريحات المتهم في الحال مع ذكر الأسبابالاستعجالية.

يجوز للمتهم الذي رفض اختيار المحامي أن يترجح عن رفضه في أي وقت شاء، كما أجاز له المشرع الاتصال بمحاميه بكل حرية خلال الاستنطاق أو بعده.

كما ورد في المادة 139 من ق. م. ج أنه لا يجوز سماع الطرق المدني أو المتهم أو مواجهتهما إلا بحضور محامي كل منه.

غير أن ما يعاب على التشريع المغربي أنه لم يحدد البيانات التي يجب أن ترد في الأمر بالاعتقال الاحتياطي بخلاف التشريعات المقارنة التي حددت البيانات الشكلية الواجب توفرها لصحة الأمر بالاعتقال الاحتياطي أو الحبس المؤقت كالتشريع الإجرائي الجزائري والتشريع المصري والبحريني.

فبرجوعنا للتشريع البحريني نجد أن المادة 137 من قانون الإجراءات الجنائية البيانات التي يجب أن يشملها الأمر بالحبس الاحتياطي وهي ضمانة للمتهم باعتبار أن مصدر الأمر يملك قانونا اتخاذ هذا الإجراء، والقاعدة العامة في كافة الإجراءات الجنائية أن تكون الأوامر ثابتة بالكتابة حتى يمكن إثبات ما جاء بها. حيث نصت المادة 137 ق. إ.ج البحريني على أنه يجب أن يشتمل كل أمر على اسم المتهم ولقبه ومهنته وجنسيته ومحل إقامته والتهمة المنسوب إليه وتاريخ الأمر وإمضاء عضو النيابة العامة والختم الرسمي…. إلخ[33].

والمادة 137 آنفة الذكر تقابل المادة 127 من قانون الإجراءات الجنائية المصري، حيث انتهج المشرع البحريني ذات النهج الذي سلكه المشرع المصري بهذا الخصوص.

أما باستقرائنا لنصوص الإجراءات الجنائية الجزائري نجد أنه قد أوجب تبيان مجموعة من البيانات في محضر الأمر بإصدار الاعتقال الاحتياطي من أهمها:

  • ذكر الهوية الكاملة للمتهم؛
  • تحديد نوع الجريمة المنسوب إلى المتهم وتعيين طبيعتها ووصفها القانوني؛
  • الإشارة بدقة إلى المواد القانونية المتعلقة بالجريمة المنسوب للمتهم؛
  • ذكر الجهة التي أصدرت الأمر بالوضع في الحبس المؤقت وتوقيع القاضي الذي أصدرته والخاتم الرسمي للجهة؛
  • التأشير على الأوامر من قبل وكيل الجمهورية؛

وما يمكن الإشارة إليه في هذا الصدد أن هذه البيانات أو الشروط الشكلية التي يتعين أن يتضمنها الأمر بالوضع في الحبس المؤقت، قد نصت عليها المادة 109 في الفقرة 2 و 4 من قانون الإجراءات الجزائية[34].

بالرجوع للقانون البلجيكي نجد أن الاعتقال الاحتياطي الذي يجد أساسه في المادتان 5 و6 من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وأيضا المادة 12 من الدستور و المادة 16 من قانون 20 يوليو 1990 المتعلق بالإعتقال الإحتياطي

إن قاضي التحقيق ملزم بسماع المتهم شخصيا و قبل إصدار أمر التوقيف على خلفية الإفراج عنه فورا، ومع ذلك هناك ثلاث استثناءات تسمح بإصدار أمر التوقيف حتى بدون الاستماع للمتهم:

  • إذا كان المتهم فارا ،
  • إذا رفض الاستماع إليه،
  • اذا كانت هناك حالة قاهرةِ (عندما تكون حالته الصحية لا تسمح له أن يجري مسطرة الاستماع على سبيل المثال) ،

ويشمل هذا الاستجواب الذي يجب إجراءه بلغة يفهمها المتهم الوقائع المزعومة ضده و إمكانية إصدار أمر بالإعتقال ضده والغرض من ذلك هو السماح للمتهم بتقديم ملاحظته وتعليقات محاميه.

ويجب أن تتضمن مذكرة التوقيف عددا من الإشارات: الهوية الكاملة للمتهم و الوقائع التي صدرت بها مذكرة التوقيف و الأحكام القانونية السارية و وجود أدلة جدية على الذنب و ظروف القضية خاصة تلك المتعلقة بشخصية المتهم التي تبرر الاحتجاز الاحتياطي و إذا تم احتجاز المتهم تحت المراقبة الإلكترونية يجب تحديد العنوان الذي ستتم فيم المراقبة  ويجب أن يتضمن أيضا توقيع و ختم قاضي التحقيق [35]

ثالثا: تسبيبالأمربالاعتقالالاحتياطي.

لا شك أن تسبيب الأمرالصادر بالحبس الاحتياطي من السلطة التي أصدرته يمثل ضمانة قانونية ودستورية هامة للحقوق والحريات العامة، والمتهم أيضا، حيث يمنح هذا التسبيب صاحب الشأن رقابة مباشرة على سلطات التحقيق بتوافر الأسباب والمبررات الملزمة لإصدار الأمر بالحبس الاحتياطي.

و قد اتجهت بعض الدساتير إلى النص على هذا الضمان الشكلي، كما هو الحال في الدستور الإيطالي[36] و الدستور اليوناني[37].

وقد اتجهت بعض التشريعات الجنائية في بعض الدول إلى النص في التشريع الإجرائي على إلزام سلطة التحقيق بتسبيب الأمر بالحبس الاحتياطي[38].

بالنسبة للوضع في التشريع الفرنسي فقد نصت المادة 144 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي بضرورة تحديد مبررات الحبس الاحتياطي، وقضت المادة 145 م ق الإجراءات الجنائية الفرنسي بإلزام قضاة التحقيق بوجوب تسبيب الأمر الصادر بحبس المتهم احتياطيا في مواد الجنح وذلك وفقا للعناصر الموضوعية والواقعية المتعلقة بالدعوى.

أما الجنايات فلم يلزم فيها المشرع الفرنسي قضاة التحقيق بتسبيب أمر الحبس الاحتياطي نظرا لخطورتها فأصبح يمكن إصدار الأمر بالحبس الاحتياطي من قضاة التحقيق في جناية وتمديده دون بيان أسباب الأمر الصادر بالحبس [39].

ولكن المشرع الفرنسي أوجب أن يكون الأمر الصادر بالإفراج عن المتهم سواء في الجنح أو الجنايات مسيبا. وتجدر الإشارة إلى أن المشرع الفرنسي قد أقر التعويض عن الحبس الاحتياطي في أحوال معينة ومن ثم استحدث نظام قاضي الحريات والحبس بموجب القانون الصادر في 15 يونيو 2000 حتى لا يأتي الحبس الاحتياطي إلا من قاض كلا مهمته وهي تقدير ملائمة الحبس من عدمه (المادة 137-1، من قانون العقوبات الفرنسي)

أما الوضع في القانون المصري لم يرد نص صريح في قانون الإجراءات الجنائية المصري يوجب تسبيب أمر الحبس الاحتياطي و بكن المادة 139 ق. إ. ج المصري قضت بأنه “يبلغ فورا كل من يقبض عليه أو يحبس احتياطيا بأسباب القبض عليه أو حبسه، ويكون له حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع و الاستعانة بمحام،” [40].

ويرى الفقه المصري في هذا الخصوص أن نص المادة آنفة البيان ليس كافيا بوجوب تسبيب أمر الحبس فلا يزال عاريا من الضمانات الشكلية التي توجب تسبيب الأمر بالحبس الاحتياطي.

إلا أنه أخيرا وبموجب القانون الذي استحدثه رقم 145 لسنة 2006 الصادر في 15 يوليوز 2006، حيث استبدل المشرع المصري نص المادة 136 من قانون الإجراءات الجنائية بنص جديد قضى بأنه “يجب على قاضي التحقيق أن يصدر أمرا بالحبس أن يسمع أقوال النيابة العامة ودفاع المتهم ويجب أن يشتمل أمر الحبس على بيان الجريمة المساندة إلى المتهم والعقوبة المقررة لها والأسباب التي بنى عليها الأمر ويسري حكم هذه المادة على الأوامر التي تصدر بمد الحبس الاحتياطي وفقا لأحكام هذا القانون”.

غير أن ما يعاب على تشريعنا الوطني انه لك ينص على شرط التسبيب ضمن فصول قانون المسطرة الجنائية إلا أنه قد أشار بصفة ضمنية إلى إعلام المتهم شفهيا بأمر اعتقاله احتياطيا وإمكاني حصول المتهم أو دفاعه على نسخة من الأمر بالاعتقال الاحتياطي بمجرد طلبه[41]، والتي غالبا ما تكون متضمنة لأسباب الاعتقال.

الفقرة الثانية: الشروط الموضوعية للاعتقال الاحتياطي

لقد وضعت التشريعات الجنائية بمختلف أنواعها شروطا موضوعية للاعتقال الاحتياطي وهي تعتبر أهم الضمانات القانونية التي تسفر عن حسن الولوج إلى هذا الاجراء

ومن أهم الشروط الموضوعية المشتركة بين مختلف التشريعات، وهي أن تكون الجريمة المشتبه في ارتكابها من الجرائم التي يجوز الاعتقال فيها[42]، ولابد من توافر أدلة كافية بارتكاب الجريمة إضافة إلى أن يكون الاعتقال مسبوق باستجواب أو استنطاق

أولا: أنتكونالجريمةجنايةأوجنحةمعاقباعليابالحبس

ينبغي في الجريمة التي يرتكبها المتهم و التي توجب الاعتقال الاحتياطي أن تكون على قدر من الجسامة لتبرير هذا الاجراء، فالجريمة تنقسم إلى ثلاثة أقسام [43]جنايات وجنح ومخالفات وتعتبر الجنايات أشد الجرائم خطورة، ثم الجنح فالمخالفات.

وقد عبرت مختلف التشريعات عن هذا الشرط في قوانينها الإجرائية، فنجد المشرع المغربي قد اشترطذلك منخلال المادة 159من ق مج[44] حيث يمكن اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطيفي الجنايات والجنح المعاقب عليها بالحبس فقط

ويصدر الاعتقال إما بأمر الإيداع فيالسجن إذا كان المتهم حاضرا أو بالأمر بإلقاء القبض إذا كان في حالة فرار. ويرتبط ذلك بخطورة المجرم احترازا من عدم مشابه بالنظام العام أوارتكابه لجريمة اخرى[45].

كما أكد المشرع من خلال نفس المادة على أن الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائيأي لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة القصوى، فالأصل هو حرية الشخص خاصة عند توافر ضمانات حضوره.

اما المشرع الفرنسي [46] فقد أشار في المادة 143,1 من قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي أن الحبس الاحتياطي غير جائز الا اذا كان المتهم يستحق عقوبة جنائية أو جنحيه لمدة تعادل أو تزيد على الحبس لمدة 3 سنوات. وبالوقت نفسه يجب مراعات أحكام المادة 137 من قانون الإجراءات الفرنسي، وهو أن اللجوء إلى الحبس الاحتياطي للمتهم لايكون الا على سبيل الاستثناء وذلكاذا ثبت أن الالتزامات المفروضة على المتهم بموجب نظام المراقبة القضائية غير كافية لتحقيق الأهداف التي تبرر تقييد حرية المتهم [47]

وبهذا نجد أن المشرع الفرنسي وباستخدامه للتشريع الجنائي والذي يعتبر من الاكثر الوسائل الهامة في الحفاظ على حريات الأفرادمن التعدي عليها بموجب الحبس الاحتياطيإذ أشار إلى أن الحبس الاحتياطي لا يفرض إلا إذا كانت الجريمة معاقب عليها بالحبس على الأقل 3 سنوات.

وبالرجوع الى التشريع الايطالي من خلال المادة 275-1 تنص[48] على ان الحبس الاحتياطي لايمكن اللجوء إليه إلا إذا كانت العقوبة الواجب تطبيقها تعادل أو تزيد 3 سنوات[49]

بالنسبة للتشريع الاماراتي فقد نصتالمادة 102 من قانون الإجراءات الجزائية الاماراتي “مع مراعات الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحداث الجانحين والمشردين يجوز لعضو النيابة العامة بعد استجواب المتهم أن يصدر أمرا بحبسه احتياطيا إذا كانت الدلائل كافية وكانت الواقعة جناية أو جنحة معاقب عليها بغير الغرامة).

ويستفاد من هذا النص أن المشرع الاماراتي منح السلطة التقديرية  لعضو النيابة العامة بعد استجواب المتهم ،أن يصدر الأمر بالحبس الاحتياطي إذا كانت الجريمة المنسوبة للمتهم تدخل ضمن الجنايات أيا كانت عقوبتها ، او الجنح المعاقب عليها بالحبس و استبعد الغرامة والجنح غير المعاقب عليها بالحبس وهو بذلك يكون قد ذهب في نفس توجه لتشريع المغربي[50]

أما المشرع الاردنيفالمادة 114 منقانون أصول المحاكمات الجزائية [51] فقد حصر الحبس الاحتياطي في الجرائم الجنائية والجنحية المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد عن سنتين

الا انه عاد في الفقرة الثانية من نفس المادة ورفع ذلك القيد عن الجرائم التالية:

1/ إذا كان الفعل المسند للمتهم من جرائم الايذاء أو الايذاء غير المقصود أو السرقة

2/ إذا لم يكن للمتهم محل إقامة ثابتومعروف في المملكة على ان يفرج عنه اذا كان الفعل المسند اليه بالحبس مدة لا تزيد عن سنتين وقدم كفيلا يوافق عليه المدعي العام يضمن حضوره كلما طلب منه ذلك[52].

ثانيا : توافر أدلةكافية عن ارتكاب الجريمة

لقد اشترطت جل التشريعات إن لم نقل جميعها ألا يتمالاعتقال او الحبس المؤقت الاإذا توافرت أدلة وإثباتات قوية عن ارتكاب الفعل الجرمي

وهو ما عبر عنه المشرع الهولندي ” بالاشتباه الخطير”، والتشريع الألماني “قوة الاشتباه ” والتشريع الدنماركي  “اشتباه خاص معزز” و المشرع البلجيكي “وجود أدلة معقولة عن الذنب ” والمشرع الايطالي المادة 252 ” وجود أدلة خطيرة عن الذنب “[53]

أما المشرع الأمريكي فقد خول للقاضي صلاحية وزن الأدلةليقرر ما إن كانت هناك. إمكانية الاعتقال الاحتياطي أم لا

وبالرجوع الى المادة 5-1 من نظام المحكمة الاوروبية لحقوق الإنسانفقد نصت على ان الولوج إلى الاعتقال الاحتياطي فيجب أن تكون هناك أسباب معقولة بإذناب الشخص وبارتكابه للفعل الجرمي

وإذا ما انتقلنا للنظام الجنائي المغربي فالمادة 159 لم تحدد هذا الشرط لكنها نصت على استثنائية هذا الاجراء وهو ما يفيد أنالاعتقال الاحتياطي لا يتم اللجوء إليه إلا عند الضرورة القصوى وخول السلطة التقديرية لقضاء التحقيق، فالمشرع المغربي لم ينص على هذا الشرط بشكل صريح خاصة وذلكلأن هذا الشرط يقلص من صلاحيات قاضي التحقيق في اللجوء إلى هذا الاجراء

ولما كان إجراء الاعتقال مخول للنيابة العامة فإنها كانت مقيدة في لجوئها إلى هذا الاجراء حينما نصت المادة 47 على أن. وكيل الملك يمكنه إصدار أمر بالاعتقال في غير حالة التلبس إذا اعترف المتهم بالجنحة المنسوبة إليه ، والمادة 74 التي أعطت الحق لوكيل الملك بإصدار أمر بالاعتقال في الجنح المتلبس بها ، والمادة 73 التي حولت للوكيل العام للملك صلاحية الاعتقال في جناية متلبس بها ولا يكون التحقيق فيها إلزاميا ،حيث تعتبر جاهزة للحكم  ، فيحيل القضية إلى الغرفة الجنائية بمحكمة الاستئناف داخل أجل 15 يوم[54]

النظام الجنائي الجزائري أغفل هذا الشرط اي أنه لم يشترط وجود أدلة معقولة أو كافية بارتكاب الشخص الفعل الجرمي  ، حيث أغفل شرطا جوهريا وهو مايطرح تأثير هذا السهو على الحقوق والحريات الفردية، إغفال المشرع لهذا الشرط يؤكد على تخويله لقاضي التحقيق السلطة التقديرية في اللجوء إلى هذا الاجراءوالذي يخضع بدوره للرقابة القضائية أمام غرفة الاتهام[55]

وباطلاعنا على المادة 134 من ق إ ج المصري[56] في فقرتها الاولى نجده قذ ذكر عبارة “والدلائل عليها كافية” فالمشرع المصري اعتمد مصطلح كافية حتى يتبين للقضاة المكلفين بإصدار هذا الأمر احتمالية ارتكاب الشخص الجريمة أكثر من احتمال براءته

ثالثا:أنيكوناستجوابالمتهمقبلالاعتقالالاحتياطي

يعد الاستجواب أو الاستنطاقشرطا ضروريا ولازما لصحة الحبس الاحتياطي، إذ لا يعقل إصدار أمر بالحبس الاحتياطي دون استجواب المتهم،فالاستجواب او الاستنطاق هو مناقشة المتهم بصورةتفصيلية بشأن الأفعال المنسوبة إليه ومواجهته بالاستفسارات والشبهات عن التهمة ومطالبته بالإجابة عنها ونظرا لخطورةالاستجواب سواء بالنسبة للمتهم او لسلطة التحقيق فقد أحاطته مختلف التشريعات بمجموعة من الضمانات الهامة التي تكفل تحقيق الغرض منه وهو الوصول إلى الحقيقة

وقد بذا ذلك واضحا في التشريع الاماراتي من خلال المادة 110 من قانون الإجراءات الجزائية ، أن الأمر بالحبس الصادر عن النيابة العامة يكون بعد استجواب  المتهم لمدة 7 أيام يجوز تجديدها لمدة أخرى لا تزيد عن أربعة عشر يوما  ، وأشارت المادة 106 من نفس القانون على أنه يجوز لعضو النيابة العامة بعد استجواب المتهم ان يصدر أمرا بحبسه احتياطيا، إذا كانت الدلائل كافية وكانت العقوبة جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس[57]

ونظرا لكون الحبس الاحتياطياجراء استثنائي فإن المشرع الجزائري هو الآخر اشترط ضرورة استجواب المتهم سواء من طرف قاضي التحقيق كأصل ، ووكيل الجمهورية فقط في حالة التلبس وهو استثناء من الاصل العام  ، وقضاة الحكم اثناء الجلسة وذلك عند تعذر استجواب المتهم الذي قبض عليه تنفيذا للأمر بالإحضار أو القبض من طرف قاضي التحقيق مصدر الأمر[58] المادة (300)

وفي النظام الجنائي المغربي فإن المشرع قد نظم الاستنطاق من المادة 134 الى المادة 141 وهو اما استنطاق أولي أو تفصيلي،فالأول يتمثل في مثول المتهم أمام قاضي التحقيق لأول مرة فيعمل على بيان هويته، اما الاستنطاق التفصيلي فهو في هذه المرحلة يستجوب المتهم تفصيليا عن التهم المنسوبة إليه وملابساتها في شكل أسئلة، فالمشرع لم يحدد هذا الشرط بل فقط اكتفى بتحديد ضمانات الاستنطاق

اما التشريع الجنائي المصري فإن المادة 134 منه[59]على أنه ” يجوز لقاضي التحقيق بعد استجواب المتهم أو في حالة هروبه …”

فطبقا لهذا النص لايجوز صدور الأمر بالحبس الا بعد استجواب المتهم مالم يكن هاربا، ذلك أن استجواب المتهم قد يتيح له نفس الادلة القائمة ضده، فلا يرى المحقق مبررا لحبسه احتياطيا، ولكن لا يشترط ان يتم حبس المتهم عقب استجوابه مباشرة، بل يجوز ذلك في أي وقت بعد استجوابه.

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: مبررات الاعتقال الاحتياطي وضماناته القانونية

نظرا لارتباط الاعتقال الاحتياطي بحريات الأشخاص، فإن جل التشريعات عملت على تحديد مبررات للجوء إليه، فأين تتمثل هذه المبررات في التشريع المغربي (مطلب أول)، وما هي المبررات التي اعتمدتها بعض التشريعات الأجنبية (مطلب ثاني).

المطلب الأول: مبررات الاعتقال الاحتياطي

بالرجوع إلى مواد المسطرة الجنائية التي تتناول الاعتقال الاحتياطي كما هو مشار إليها سلفا، يمكن القول أن المشرع اعتمد مبرر خطورة الجريمة والمجرم على النظام العام وسلامة الأشخاص والأموال (فقرة أولى)، وانعدام ضمانات الحضور (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى:خطورة الجريمة والمجرم

فيمختلفالتشريعاتالجنائية،لايتماللجوءالىالاعتقالالاحتياطيإلاإذاتوافرتخطورةإجراميةحيثاشترطتمختلفالدولانيكونالحدالادنىللعقوبةكماهوالحالبالنسبةلليونان، 3 أشهر والبرتغالوإيطاليا 3سنوات،امافرنسافقدميزتفيالخطورةالاجراميةبينخطورةالفعلحينمانصتعلىانيكونالفعلإماجنايةاوجنحةمعاقبعليهابالحبسوبينشخصيةالفاعلالمتمثلةفيالنيةالاجراميةوحددت سنتينكحدأدنىفيحالةعدموجودنيةإجرامي.

أما فيمايتعلقبالمشرعالمغربيفإنالضرورةالاستثنائيةللجوءالىالاعتقالتؤكدعلىانتفعيلهذاالاجراءرهينبتوافرخطورةإجراميةفيشخصيةالجاني،هذا ما جاء في المادة 160 منقانونالمسطرةالجنائيةعبارة ” الحفاظعلىالنظامالعام “وذلكمنالجريمةالمحتملحدوثهاإذاتمإطلاقسراحه[60] .

أولا:تعريفخطورةالأفعالالإجراميةفيالتشريعاتالمقارنة

الخطورة الإجرامية هي حالة في الشخص تتكون من تفاعل عدة عوامل، نفسية واجتماعية وغالبا ما تؤدي إلى بروز ظاهر الجريمة، وتلعب هذه الخطورة دورا مهما في النظم الجنائية الحديثة، ذلك أن الغرض من العقوبة لم يعد قاصرا على توقيع الجزاء على مرتكب الجريمة لردعه، بل يتعداه إلى غرض آخر وهو اعادة إصلاح المجرم وتأهليه[61]،لذلك فهي تعتبر وصف لحالة المجرم النفسية، التي يتم الكشف عنها من خلال سلوكه وتصرفاته وخاصة عند ارتكابه لجريمته.

ولكن السؤال الذي يطرح في حالة الخطورة الإجرامية هو: كيف يمكن للقاضي الجنائي الوصول الى الخطورة الإجرامية التي هي كامنة في داخل النفس البشرية للمجرم؟

إن هذه الخطورة يجب أن تكون فعلية وليست مفترضة حتى يمكن للقاضي أن يستعمل سلطته التقديرية ويكون عقيدته لاختيار الجزاء المناسب الذي سيوقعه على من تثبت مسؤوليته عن ارتكاب الجريمة ومن خلال ما سوف نعرضه من القوانين التي تناولت فكرة الخطورة الإجرامية نجد أن معظمها قد درج على الاخذ بالاتجاه الشخصي للخطورة الإجرامية بناءً على ما يلاحظه القاضي من امارات ودلائل توحي بوجود الخطورة الإجرامية في داخل شخص المتهم وهو الاتجاه السليم من وجهة نظرنا

فبالنسبة للقانون الايطالي فهو يعتبر القانون الرائد في مجال الأخذ بفكرة الخطورة الإجرامية، وقد افرد لها نصاً خاصاً يتعلق بمفهومها والامارات الكاشفة عنها وهو نص المادة 203 ، نجد أن المشرع الإيطالي قد عرف الشخص الخطر بقوله: “أنه من ارتكب فعلا يعتبر جريمة، إذا كان محتملا أن يرتكب أفعالا تالية ينص عليها القانون كجرائم”، ويستفاد من منطوق هذه المادة أن وقوع الجريمة يعد شرطا ضروريا لتطبيق التدبير الاحترازي على من تتوافر فيه الخطورة الإجرامية وذلك لحماية الحريات الشخصية الفردية[62]

-إما قانون العقوبات الاسباني الصادر في العام 1928 فقد عرف في المادة (71) منه الخطورة الإجرامية بأنها (حالة خاصة لاستعداد الشخص ينجم عنها احتمال ارتكاب الجريمة)[63]ويتميز هذا التعريف بأنه شامل لنوعي الخطورة سواء كانت الخطورة إجرامية أم اجتماعية لان المادة قد خصت بوصف الخطورة كل شخص سواء كان مجرماً عائداً أم ارتكب الجريمة لأول مرة. كما ويلاحظ أن القانون الاسباني قد أخذ بالاتجاه الشخصي في تعريف الخطورة الإجرامية إلا انه أطلق التعريف بصورة يترك معها للقاضي سلطة تقديرية في الحكم على كل شخص من الاشخاص بما يتناسب مع حالته وما يتوفر لديه من دلائل وامارات تكشف خطورته الكامنة.

أما بالنسبة للتشريعات الجنائية العربية التي أخذت بفكرة الخطورة الإجرامية نجد:

– قانون العقوبات المصري رقم 58 عام 1937م، حيث أنه لم يضع تعريفا للخطورة الإجرامية ولم يتطرق إليها في نص صريح، إلا أنه تضمن الإشارة إليها في مواضيع متفرقة من نصوصه، من ذلك في معرض تحديده لأحكام الاعتياد على الإجرام، بحيث تكفل المشرع بمحاربة هذا الميل خصوصا في جرائم الأموال المواد 52 و 53 وغيرها[64].

– كما تبنى المشرع الجزائري الحالة الخطرة ونص عليها في قانون العقوبات بلفظها الصريح المادة 19 والتي نصت على تدابير الأمن الشخصية كما وتضمن في الفقرة الأخيرة من المادة 22 النص على أنه تجوز مراجعة هذه التدابير على أساس تطور الخطورة الإجرامية للمعني[65].

إلا أن بعض التشريعات الأخرى، ومنها التشريع الفرنسي قد اتجهت إلى الاعتداد ببعض حالات الخطورة الإجرامية السابقة على وقوع الجريمة، وذلك بغية الوقاية من الاجرام، ولكن الاخذ بهذا الاتجاه يعد في رأي البعض انتهاكا خطيرا للحرية الفردية خلافا لمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات لذلك فقد لجأت هذه التشريعات إلى تجريم بعض حالات الخطورة ذاتها التي يتصف بها الشخص الذي لم يرتكب جريمة بعد، كما هو الحال بالنسبة للمشرع الفرنسي الذي يجرم حالة التشرد، وحالة الاشتباه، من اجل أن يضفي صفة الشرعية على تدخل الدولة واتخاذها الاجراءات ضد الخطرين ممن لم يرتكبوا جريمة[66]

ومنه فإنه يمكننا تقسيم الخطورة إلى نوعين الأول منها هو الخطورة الإجرامية التي تظهر بوقوع الجريمة والنوع الثاني هو الخطورة الإجرامية السابقة لوقوع الجريمة.

ثانيا:أنواعالخطورةالمرتبطةبالجريمةوالمجرم

تأخذ الخطورة الاجرامية صورتين أساسيتين فهي إما خطورة سابقة لارتكاب الجريمة تستشف من ظروف وملابسات القضية (1) وإما لاحقة لارتكاب الجريمة وتخضع في تقديرها للسلطة التقديرية للقاضي الجنائي (2).

1) الخطورة الإجرامية السابقة لوقوع الجريمة

ويتم الكشف على هذا النوع من الخطورة من خلال ما يتميز به الشخص من صفات و إمارات معينة كأن يكون مصابا بجنون أو باختلال عقلي أو نفسي جسيم ومعيار الخطورة لدى مثل هؤلاء الاشخاص هو فقدان القدرة على التحكم في تصرفاتهم، بحيث يخشى منه على سلامتهم وسلامة غيرهم، كما أن هناك طائفة أخرى من ذوي الخطورة، وهم أولئك الذين يسلكون سلوكا منحرفا كالمتشردين والمشتبه بهم، والمدمنين على الكحول أو المخدرات[67].

وتحت تأثير هذه الافكار، فقد اخذت بعض التشريعات ومنها التشريع الايطالي بالاتجاه الذي يستلزم للاعتداد بالحالة الخطرة، أن يكون الشخص قد ارتكب جريمة تظهر خطورة مرتكبها، إلا في الحالات الاستثنائية التي ينص فيها القانون على غير ذلك كما سبق وذكرناه[68]. ومن القوانين الأخرى التي تأخذ بهذا الاتجاه، بالإضافة للقانون الفرنسي، والقانون الإسباني والقانون المصري… نجد أيضا أن المشرع الاردني عاقب على جريمة التسول بمقتضى المادة /389 من قانون العقوبات، إذ يعاقب كل من استعطى أو طلب الصدقة من الناس متدرعا إلى ذلك بعرض جروحه أو عاهة فيه أو بأية وسيلة أخرى، كما يعاقب كل من وجد وهو يقود ولدا دون السادسة عشرة من عمره للتسول وجمع الصدقات، بل أن المشرع وبمقتضى هذه المادة نفسها يعاقب كل من تصرف في أي محل عمومي تصرفا يحتمل أن يحدث اخلالا بالطمأنينة العامة، كما انه يعاقب كل من وجد متجولا في أي ملك أو على مقربة منه أو في اي طريق أو شارع عام أو في مكان محاذ لهما أو في اي محل عام آخر في وقت وظروف يستنتج منها بأنه موجود لغاية غير مشروعة أو غير لائقة، وتكون العقوبة في جميع الحالات الانفة الذكر هي اما الحبس لمدة لا تقل عن سنة أو بوضعه بإحدى دور العناية بالمتسولين لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات ويمكن الافراج عن سنة أو بوضعه بإحدى دور العناية بالمتسولين لمدة لا تزيد على ثلاث سنوات، ويمكن الافراج عن هذا الشخص واخراجه من المؤسسة كما يمكن اعادته اليها حسب حالته، وحسب ما يبدي من تجاوب مع الشروط المحددة لسلوكه، ويرى البعض[69]، انه مهما ثبت أن الخطورة الإجرامية متوافرة دون جريمة، فيجب أن لا ننسى مبدأ مهما عند مواجهة حالة الخطورة الإجرامية وعلاجها، وهو مبدأ لا جريمة ولا عقوبة ولا تدبير احترازي دون سبق ارتكاب جريمة، ولا يجوز للدولة أن تخلع صفة التجريم على فعل ما لم يكن لهذا الفعل مظهر واقعي في العالم الخارجي.

ويمكن القول بأن توافر الخطورة الإجرامية لدى الجانح يلعب دورا مهما في تحديد نوع الجزاء ومقداره، فوفقا للأفكار والمفاهيم التي جاءت بها حركة الدفاع الاجتماعي الجديد، فإن الجزاءات (العقوبات والتدابير الاحترازية)، يجب أن تكون ملائمة للشخصية الإجرامية حتى يمكن أن يتحقق الغرض الذي فرضت من أجله هذه الجزاءات، وهو إعادة تأهيل واصلاح الجانح، وفي ذلك ما يحقق مصلحة للمجتمع، إذ يقيه من التصرفات الضارة التي قد تصدر عن هذا الجانح مستقبلا فيما لو لم يتم اصلاحه.

وأخيرا، فإنه يستخلص من كل هذا أن مفهوم الخطورة لم يزل غامضا ذلك لأن كثير من التشريعات لم تعرفه، كما لم يقع الاتفاق على مصطلح واحد له، إلى جانب الاختلاف لا يزال قائما حول طبيعة الخطورة، كما لا يزال الأمر غير واضح في إمكانية إثباته بل أنه مازال يخشى من هذا المفهوم الذي استعمل لأغراض سياسية خوفا من المساس بحرية الأفراد، كل ذلك يدعو إلى تحديد هذا المفهوم بما يؤدي إلى إمكانية وجوده وإثباته مع توافر الضمانات التي تحول دون التعسف فيه.

2) الخطورة الإجرامية التي تظهر بوقوع الجريمة

 ارتكاب الشخص لجريمة لا يكفي وحده للقول بتوافر الخطورة الإجرامية، بل لا بد وأن تتوافر دلائل أخرى، إلى جانب ارتكاب الجريمة، بحيث تظهر هذه الدلائل احتمالا جديا لارتكاب المجرم لجرائم اخرى مستقبلا، ويتم تقدير مثل هذا الاحتمال بناء على دراسة على وقائع فعلية ومحددة، وليس على مجرد الافتراض أو مجرد التخمين[70] ومن هذه العوامل حالة المجرم النفسية والبيولوجية وظروفه الشخصية والاجتماعية، إلى غير ذلك من الصفات والعلامات التي تنبئ بجريمة مستقبلية، وعلى ذلك، فإن القاضي في لحظة نطقه بالحكم، لا بد وأن يثبت لديه أن المجرم قد ارتكب الجريمة وان يثبت ايضا توافر الخطورة الإجرامية لديه ومعنى ذلك، أن القاضي لا يجب أن يأخذ بعين الاعتبار جسامة الواقعة المرتكبة دون الاعتداد بتوافر الخطورة الإجرامية، لأن حق الدولة في العقاب لا يستند إلى فكرة الانتقام أو العدالة المطلقة، وإنما يراعى في العقاب حماية المجتمع والحفاظ عليه من اخطار ارتكاب جرائم مستقبلية، ولذلك، فإن التلازم بين الجريمة والعقوبة ليس مطلقا، وإنما التلازم هو بين العقوبة والخطورة التي يجب أن تكون قائمة وقت توقيعها[71] فإذا ثبت أن الشخص ليس لديه خطورة، إجرامية فيكفي التهديد بالعقوبة، كما هو الحال عند الحكمبالإدانة في وقف تنفيذ العقوبة[72].

وعن المشرع المصري فقد اعتد بجسامة الجريمة كمبرر للاعتقال الاحتياطي، وهو ما نص عليه في المادة 134 من قانون الاجراءات الجنائية التي اسست دواعي الاعتقال الاحتياطي أو الحبس الاحتياطي على مجموعة من المبررات من بينها ما يلي:

  • توقي الإخلال الجسيم بالأمن والنظام العام الذي قد يترتب على جسامة الجريمة[73].

الفقرة الثانية: انعدام ضمانات الحضور

يعتبر هذا المبرر إحياء لمفهوم قديم “من لا يبدأ بالقبض سيفقد الجاني”، ذلك أن الحبس المؤقت يمنع المنهم من الهرب حتى لايتم توقيع العقوبة التي ستوقع عليه خاصة إذا كانت من الجريمة المرتكبة من الجرائم التي رصد لها القانون عقوبة مشددة.

ويرى معارضو الحبس أنه لايمكن تبريره – أي الاعتقال الاحتياطي- كضمان لتنفيذ العقوبة كونه يصبح عقوبة مسبقة وهو اجحاف في حق من له محل إقامة ثابت ومعروف، لأن الهرب يعني له هجر أسرته وأعماله وعلاقاته، وهذا يسبب اليه ضررا أكثر من تنفيد العقوبة ، وفي هذا الصدد فان المؤتمرات الدولية لقانون العقوبات قد ناقشت مبررات الحبس المؤقت ومنها المؤتمر الدولي السابع المنعقد بهمبورغ سنة 1979، الذي خلص الى أن الحبس المؤقت اجراء يتخذ في شأن المتهم بجريمة ولا يمكن وصفه بأنه عقوبة مسبقة عندما يكون الحكم الصادر في الدعوى الجزائية يقضي بالإدانة وأن استقطاع مدة الحبس المؤقت من العقوبة المقضي بها لا تعني تحول الحبس المؤقت من حبس وقائي الى عقوبة .

وهما يكن فان الحبس المؤقت بالرغم مما فيه من اهدار لقرينة البراءة الا أنه ضرورة ومادام اجراء استثنائي فلا يستخدم الا في أضيق الحدود.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى القانون الجزائري الذي نجده نص على مبررات الاعتقال الاحتياطي بموجب القانون 90.24 المؤرخ في 18 غشت 1990 المعدل والمتمم لقانون الإجراءات الجزائية في المادة 123 اذ نصت على مجموعة من المبررات من قبيل:

– أن يكون الاعتقال الاحتياطي الوسيلة الوحيدة للحفاظ على الحجج والادلة المادية أو وسيلة لمنع الضغوط على الشهود أو الضحايا أو تفادي التواطؤ بين المتهمين والشركاء والذي قد يؤدي الى عرقلة الكشف عن الحقيقة.

– إذا لم يكن للمتهم موطن مستقر أو كان لا يقدم ضمانات كافية للمثول أمام العدالة أو كانت الأفعال جد خطيرة …

وفي القانون البلجيكي والفرنسي فإن مبرر الاعتقال الاحتياطي هو حماية النظام العام «l’absolue nécessité pour la sécurité publique»  أما في القانون الاسباني فإن مبرر الاعتقال الاحتياطيهو القلق الذي يلحق السكان[74] « L’inquiétude Provoquée dans la population »

كما نشير إلى كون بعض الدول كإسكتلندا وألمانيا وبلجيكا والولايات المتحدة الأمريكية، قد حددت في قوانينها الجنائية مبررات الاعتقال الاحتياطي بشكل واضح فيما يلي[75]:

  • في حالة وجود احتمال فرار المشتبه فيه، أو سبق له الفرار عندما أطلق سراحه؛
  • في حالة العود إلى ارتكاب جريمة مماثلة أو أشد خطورة؛
  • خطورة الجريمة؛
  • عدم توافر ضمانات حضور المتهم؛
  • وجود أدلة على لجوء المشتبه فيه إلى تهديد الشهود أو اختطافهم إذا لم يعتقل؛

ونفس الشيء بالنسبة للمشرع الفرنسي، حيث نصت المادة 144 من قانون الإجراءات الجنائية على أن الاعتقال الاحتياطي يكون للمحافظة على الأدلة، أو منع التأثير على الشهود أو للمحافظة على النظام العام أو لمنع المتهم من العودة لارتكاب الجريمة أو لضمان بقائه تحت تصرف سلطة التحقيق.

أما المشرع المغربي فقد ارجع مبررات الاعتقال الاحتياطي إلى انعدام ضمانات الحضور وإلى ما يشكله مرتكب الجريمة من خطورة على النظام العام أو على سلامة الأشخاص والأموال (المادة 47 من قانون المسطرة الجناية).

كما أكد المشرع الفرنسي على إلزامية اعتقال الاحتياطي في الجنايات، أما في الجنح فيكون لقاضي التحقيق سلطة الافراج المؤقت عن المتهم إذا أودع كفالة مالية وذلك فيما عدا المتشردين المحرومين والعائدين.

     أما القانون الصادر في 14 يوليو فقد أوجب على قاضي التحقيق الافراج عن المتهم بعد انقضاء خمسة أيام من حبسه احتياطيا إذا كانت العقوبة المقررة للفعل المسند للمتهم أقل من سنتين وللمتهم محل إقامة ولم يسبق الحكم عليه بالحبس لمدة تزيد عن سنة.

أما مع صدور قانون 1933 حيث أصبح معه الافراج المؤقت حقا للمتهم اذا كان له محل ا قامة والعقوبة المقررة للفعل المسند اليه تقل عن سنتين ، وفي غير هذه الحالات يفرج عن المتهم بعد خمس أيام الا اذا أصدر قاضي التحقيق أمرا مسببا باستمرار حبس المتهم[76].

أما بالرجوع الى المشرع الإماراتي فان لم يشر في قانون الإجراءات الجزائية لأي مبرر للحبس الاحتياطي التي سبق أن أشرنا اليها ، ولكنه أشار فقط للمادة 109 من القانون المذكور انفا إلى أنه لعضو النيابة العامة اذا اقتضت ضرورة إجراءات التحقيق بأن يأمر بعدم اتصال المتهم المحبوس احتياطيا بغيره من المحبوسين، والا يزوره احد، وذلك بدون اخلال بحق المتهم في الاتصال دائما بالمدافع عنه عن انفراد ، كما أشار أيضا وبالمادة 110 الى أنه اذا استلزمت مصلحة التحقيق استمرار حبس المتهم احتياطيا بعد انقضاء المدة المشار اليها في الفقرة السابقة من ذات المادة، وجب على النيابة العامة أن تعرض الأوراق على أحد قضاة المحكمة الجزائية المختصة ليصدر أمره بعدم الاطلاع على الأوراق وسماع أقوال المتهم بعد الحبس لمدة لا تتجاوز ثلاثين يوما قابلة للتجديد أو الافراج عنه بضمان أو بغير ضمان.

أما فيما يتعلق بالتشريع الأردني قلا يوجد هناك في المادة 114 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي عالجت اجراء الحبس الاحتياطي سوى أن تكون الجريمة معاقبا عليها بالحبس لمدة تزيد عن سنتين أو بعقوبة جنائية مؤقتة وتوافرت الدلائل على ارتكابه لهذا الجرم[77].

المطلب الثاني: ضمانات الاعتقال الاحتياطي في التشريع المغربي و المقارن

نظرا لكون الحرية الشخصية هي الأصل، فإن المساس بهذه الحرية يقتضي أن يكون محاطا بضمانات قانونية، حماية للحرية الشخصية التي هي حق لصيق بالإنسان مند ولادته. فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي (فقرة أولى) والتشريعات الأجنبية (فقرة ثانية) إحاطة الاعتقال الاحتياطي بضمانات قانونية واضحة ودقيقة.

الفقرة الأولى: ضمانات الاعتقال الاحتياطي في التشريع المغربي

نظم المشرع المغربي مؤسسة التحقيق في جميع جوانبها، وجعل الاعتقال الاحتياطي المتخذ في هذه المرحلة من قبل قاضي التحقيق تديرا استثنائيا وأحاطه بمجموعة من الضمانات التي ينبغي أن يتمتع بها المعتقل احتياطيا، فكيف استطاع المشرع من خلال هذه الضمانات تكريس مبدأ الحرية التي هي الأصل وتوفير الحماية اللازمة للمعتقل بشكل يكرس الشروط المحاكمة العادلة؟

 وسنعمل على التطرق إلى هذه الضمانات في مجموعة من النقط:

  • ضمانة سرية التحقيق

 يعتبر مبدأ سرية التحقيق من بين الضمانات المهمة التي تكرس للطابع الحمائي للمعطيات الشخصية للمتهم وحماية سمعته والحفاظ على قرينة البراءة المفترضة فيه وصونا لحقوق الدفاع ، خصوصا وأن قاضي التحقيق طبقا للمادة 87 ق م ج يقوم إلزاميا في مادة الجنايات ، واختياريا في الجنح بإجراء بحث حول شخصية المتهم وحالته العائلية والاجتماعي[78]

 ووعيا من المشرع المغربي بأهمية سرية التحقيق فقد كرس لهذا المبدأ في المادة 15 ق م ج التي جاء فيها « أنه تكون المسطرة التي تجري أثناء البحث والتحقيق سرية وكل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط وتحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي » والمقصود بسرية التحقيق هو عدم السماح للجمهور بحضور إجراءاته ، وحظر نشر أخباره ومحاضرة ، وما يسفر عنه من نتائج ، وما يتصل به من أوامر[79].

 وبالتالي فيتم مباشرة إجراءات التحقيق مع المتهم في جلسة سرية وعمليا يتم ذلك في مكتب قاضي التحقيق بعيدا عن حضور الجمهور ، وإنما بحضور المتهم والمطالب بالحق المدني ودفاعهما وكاتب التحقيق الذي يضمن ما راج بمحضر جلسة التحقيق[80] .

ولقد أكد القضاء المغربي مبدأ سرية التحقيق في العديد من قراراته، إلا أنه أوجب على من يدعي خرق هذه السرية إثبات ذلك

 ففي قرار الغرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 04/03/2010 ذهبت إلى « أن الأصل أن إجراءات التحقيق تمت في إطارالسرية المنصوص عليها في م 15 ق م ج ، وان من يدعي  خلاف الاصل الاتيان بما يثبت خرق قاعدة سرية التحقيق وحيت خلاف لما ذهب إليه الدفاع ، فإن المحكمة بعد اقتحامها لأوراق ملف التحقيق ومحاضر استنطاق المتهمين لم يثبت لديها حضور أي شخص أجنبي مجريات التحقيق طيلة مرحلة التحقيق إلى غاية صدور الأمر بالإحالة ، مما يكون مع الدفع المحتج به في هذا الشأن غير جدي ، وينبغي رده[81].

 وعموما فإن التحقيق يبقى ساريا في جميع الأحوال لأنه يقوم به قاضي التحقيق بمكتبه لا بجلسة المحاكمة العادية ، ودون حضور الجمهور باستثناء كاتب التحقيق الذي يبقى شاهدا قضائيا “[82].

ولابد من التأكيد بأن مبررات سرية التحقيق في حماية حقوق المتهم والتي منها الحق في الخصوصية والحفاظ على سمعته من التشهير به وكدا حمايته من تأثير الرأي العام، إلى جانب الرغبة في عدم عرقلة إجراءات التحقيق، وذلك أن السرية من شأنها مساعدة سلطة التحقيق في الوصول إلى الحقيقة في وقت يسير من دون ظهور روايات جديدة حول الجريمة والمتهم على مستوى وسائل الإعلام.

  • الحق في إشعار المعتقل بالأفعال المنسوبة إليه

 تنص المادة 137 ق م ج في فقرتها الرابعة على أن قاضي التحقيق يبين للمتهم الأفعال المنسوبة إليه ويشعره بأنه حر في عدم الإدلاء بأي تصريح ويشار إلى ذلك في المحضر

 ويعتبر هذا الحق ضمانة دولية أقرته م 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي أكد على ضرورة إبلاغ المتهم فورا وبالتفصيل وبلغة مفهومة لديه بطبيعة وسبب التهمة الموجهة إليه » .

 ويطرح التساؤل هنا بخصوص طبيعة الأفعال التي ينبغي إشعار المعتقل احتياطيا بها

وبالرجوع إلى م 134ق مج التي نصت على هذا الحق نجدها قد استعملت عبارة « أن على قاضي التحقيق أن يبين للمتهم ملخص الوقائع والادلة القائمة ضده ويلبسها اللباس القانوني معنى بشدة أن هذه الأفعال تشكل الجريمة التالية المعاقب عليها بالنص التالي ، ولعل هذا الطرح ينسجم وحماية حقوق الدفاع ، وهو ما اعتمدته وأشارت إليه وزارة العدل والحريات في شرح قانون المسطرة الجنائية ” الذي أكد أن على قاضي التحقيق إحالة المتهم علما بالتهم المنسوبة إليه وبأسلوب سهل الفهم وليس فقط بتكييفها القانوني ، ويطلعه على نوع الأدلة المقدمة[83].

وبإحاطة المتهم علما بالأفعال المنسوبة إليه فإن له الحق طبقا للمادة 134 ق م ج أن يدلي بتصريحاته أو الامتناع عن ذلك. وذلك نابع من كون اللقاء الأولي يعد بمثابة تعرف من قاضي التحقيق على هوية المتهم وعلى نوع الجريمة وكذا لأنه غالبا ما يكون المتهم غير مؤازر محام ، مما يستدعي معه منحه الفرصة لاختياره وعدم الادلاء بتصريحاته إلا بحضوره “[84].

  • الحق في اختيار محام

نصت م 134 ق م ج على أن قاضي التحقيق يشعر المتهم فورا بحقه في اختيار محام، فإن لم يستعمل حقه في الاختيار عين له قاضي التحقيق بناء على طلبه محاميا ليؤازره وينص على ذلك في المحضر. يحق للمحامي أن يحضر الاستنطاقالمتعلق بالتحقيق في هوية المتهم. وأضافت م 136 ق م ج أنه من حق المتهم المعتقل بمجرد مثوله لأول امرة أمام قاضي التحقيق أن يتصل بحرية بمحاميه، ولا يمكن منع اتصال المحامي بالمتهم في جميع الأحوال، ويمكنه إخبار قاضي التحقيق أثناء جميعمراحل التحقيق باسم المحامي الذي وقع عليه الاختيار طبقا للمادة 138 ق م ج

وطبقا للمادة 139 قمج فإنه لا يجوز سماع المتهم أو مواجهته بالطرف المدني إلا بحضور محامي كل منهما او بعد استدعائه بصفة قانونية اما لم يتنازل أحدهما أو كلاهما صراحة عن مؤازرة الدفاع

فحضور المحامي يعتبر ضمانة مهمة حيث يمثل رقابة على قاضي التحقيق في احترام مقتضيات التحقيق الإعدادي ، فحضوره يعتبر ضمانة لسلامة الإجراءات وتطابقها مع القانون ، كما أن حضوره يساهم في حماية حقوق الدفاع والضمانات التي يوجبها القانون فضلا عن رفع الروح المعنوية للمتهم التي غالبا ما تكون ضعيفة بسبب وضعه النفسي المضطرب ، إذ أن حضورهيهدئ من روعه ويساعده في الاتزان والهدوء في إجابته ، وهذا من شأنه أن يمنع عنه صدور اعترافات لا إرادية[85].

ونلاحظ أن المشرع لم يحدد بدقة صلاحيات المحامي اثناء الاستنطاق إلا أنه باستقراء المواد المشار إليها سابقا[86] يتضح أن دوره يتمثل في التماس إجراء فحص طبي على موكله ، وأن يدلي نيابة عنه بوثائق أو إثباتات كتابية ، كما يمكنه أن يلتمس إبقاءه في حالة سراح مقابل كفالة أو إخضاعه للمراقبة القضائية[87].

 وقد أكدت محكمة النقض بأن « من حق محامي المتهم ومحامي  الطرف المدني أن يتناول الكلمة ويوجه الأسئلة أثناء استنطاق المتهم أو مواجهته بغيره أومسألة حضور المحامي كضمانة هي لفائدة المتهم هذا الأخير قد مكنه المشرع من التنازل عن مؤازرة الدفاع طبقا للمادة 139 ق م ج  [88].

  • الحق في الخضوع لفحص طبي

 نص المشرع على هذه الضمانة في م 134 ق م ج في الفقرة الخامسة منها والتي جاء فيها أنه « يجب على قاضي التحقيق أن يستجيب لطلب المتهم الذي كان موضوعا تحت الحراسة النظرية أو لطلب دفاعه الرامي إلىاخضاعه لفحص طبي و يتعين عليه ان يأمر به تلقائيا اذا لاحظ على المتهم علامات تبرر اجرائه و يعين لهذه الغاية خبيرا في الطب و المادة اعلاه تنسجم و المادة الخامسة من الاعلان العالمي لحقوق الانسان التي نصت على انه يجب ان لا يعرض اي شخص للتعذيب ولا للعقوبة القاسية او الوحشية او الحاطة بالكرامة اضافة الى مجموعة الاتفاقيات الدولية التي تضطلع بحماية الاشخاص ضد التعذيب و غيره من العقوبات او المعاملات القاسيةاو غير الانسانية او المهينةخصوصا المادة 12 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 9 دجنبر 1975 التي نصت على ان التي تصدر بناء على التعذيب لا يمكن الأخذ بها كدليل في الدعوى الجنائية سواء ضد المتهم او ضد اب شخص اخر

والمبدأ أعلاه قد كرسه المشرع المغربي في المادة 293 من ق م ج التي نصت على انه لا يعتد بكل اعتراف تبت انتزاعه بالعنف او الاكراه وعلاوة على ذلك يتعرض مرتكب العنف او الاكراه للعقوبات المنصوص عليها في القانون الجنائيفالحق في الخضوع للفحص الطبي كضمانة مهمة كرسها المشرع كتدبير وقائي استباقي درءا لكل محاولة لتعريض المتهم للتعذيب او الاكراه او العنف عند تلقي تصريحاته لا سيما امام الضابطة القضائية.

الفقرة الثانية: ضمانات الاعتقال الاحتياطي في التشريعات المقارنة

       نقتصر في هذه النقطة على إبراز توجهات بعض الدول العربية والغربية ، وخاصة التشريع  الفرنسي (أولا) المصري(ثانيا) والجزائري(ثالثا).

اولا  : على مستوى التشريع  الفرنسي :

لقد سلك  المشرع الفرنسي منحى اخر بخصوص الاعتقال الاحتياطي او الحبس المؤقت بوضعه اجراءات اكثر ضمانا لحقوق المعتقل  كالتعويض عن الاعتقال الاحتياطي

  • التعويض عن الحبس الاحتياطي

لكل شخص الحق في التعويض عن الحرمان من الحرية بصورة غير مشروعة بسبب انتهاكات القانون الدولي و/أو الوطني. وقد يتوقف منح ذلك التعويض على إثبات الضرر الحاصل  وهو ما حرص المشرع الفرنسي على العمل به حماية لحقوق المعتقلين  من اي تعسف

ودون الاخلال بتطبيق احكام المادتين L. 141-2 و L. 141-3 من قانون التنظيم  القضائي يحق للشخص الذى تم احتجازه اثناء اجراء الحبس الاحتياطي الافراج عنه او تبرئته نهائيا بناء على طلبه للحصول على تعويض كامل عن الضرر الاخلاقى والمادي الذى لحق به من جراء هذا الاحتجاز ولكن لا ينبغي أن يكون أي تعويض مستحقه إذا كان ذلك القرار يستند فقط إلى الاعتراف بعدم مسؤوليته في إطار المادة 122-1 من قانون العقوبات، أو العفو الذي يصدر بعد الاحتجاز، أو تقييد الإجراءات العامة بعد إطلاق سراح الشخص، حيث كان الشخص محتجزاً في نفس الوقت لسبب آخر[89]

كدلك تنص المادة 9.4 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية و السياسية على أن “لكل شخص كان ضحية توقيف أو اعتقال غير قانوني الحق في الحصول على تعويض” وهذا الحكم ينطبق على كافـة حالات الاحتجاز أو الاعتقال بصورة غير شرعية أو تعسفية وتنص المـادة 5.5مـن الاتفاقيـةالأوروبية على أن “لكل شخص هو ضحية للاعتقال أو الاحتجاز المخالفين لأحكام هذه المادة الحق فـي الحصول على تعويض”.

ويكون التعويض الممنوح بموجب هذا الباب الفرعي من مسؤولية الدولة، باستثناء لجوء الدولة إلى المخبرين عن سوء النية أو إلى شاهد زائف تسبب خطأ ارتكبه في الاحتجاز أو في إطالة أمده. ويدفع كرسوم للعدالة الجنائية.[90]

  • الحق في الاتصال بمحـام والحصـول منـه علـى مساعدة

مثلما هو منصوص عليه فيه هدا  المبدأ من مجموعة المبادئ المتعلقـة بحمايـة جميـع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن “يكون للشخص المحتجز الحق في أن يدافع عن نفسه أو أن يحصل على مساعدة محام بالطريقة التي يحددها القانون”. وهذا الحـق، هـو بطبيعة الحال، نتيجة حتمية لمبدأ تكافؤ السلاح الذي تم التصدي لـه فيما يتصـل بالمـادة 4 مـن الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

  • الحق في المراسلات و الزيارة

طبقا للاحكام المذكورة أعلاه، يجوز لاي شخص يوضع في الحبس الاحتياطي أن يقوم، بإذن من قاضي التحقيق، ان يحضى بزيارة اقاربه في مكان احتجازه أو الاتصال هاتفياً بطرف اخر.

يجوز لقاضي التحقيق، لدى انقضاء فترة شهر واحد من تاريخ الحبس الاحتياطي، أن يرفض إصدار تصريح زيارة أو أن يأذن باستخدام الهاتف فقط بقرار خطي يعطي أسباباً خاصة في ضوء متطلبات التحقيق، أو الحفاظ على النظام العام والسلامة أو منع الجرائم. ويخطر مقدم الطلب بهذا القرار بأي وسيلة ودون تأخير ويجوز لهذا الاخير أن يحيله إلى رئيس مجلس التحقيق الذي يتصرف في غضون خمسة أيام بقرار خطي يعطي الاسباب التي لا يجوز الطعن فيها. وعندما يرفض قرار قاضي التحقيق، يصدر رئيس دائرة التحقيق تصريحا بزيارة أو إذنا هاتفيا.[91]

  • الحفاظ على المسؤولية الابوية وحقوق القاصر

ادا تبين الشخص الوضوع تحت تدبير  الحبس الاحتياطي أثناء استنطاقه  من قبل قاضي التحقيق قبل إحالته إلى قاضي الحريات والاحتجاز، بأنه يمارس سلطة أبوية حصرية على قاصر لا يزيد عمره عن ستة عشر عاما وله سكن في منزله، لا يمكن أن يأمر به إلا إذا كانت إحدى الخدمات أو أحد الأشخاص المشار إليهم في الفقرة السابعة من المادة 81، وقد صدرت تعليمات مسبقا بالسعي إلى اتخاذ واقتراح أي تدابير لمنع تعرض صحة القاصر وسلامته وأخلاقه للخطر أو تعريض ظروف تعليمه للخطر الشديد ولا تنطبق أحكام هذه المادة في حالة الجريمة المرتكبة ضد قاصر أو عدم الامتثال للالتزامات[92]

  • الافراج بسبب وجود مرض :

ففي كل مراحل الإجراءات، ما لم يكن هناك خطر كبير بتكرار الجريمة، يجوز الأمر بالإفراج عن الشخص المعتقل مؤقتا، بمبادرة منه أو بناء على طلب الشخص المعني، حيث تثبت الخبرة الطبية أن الشخص يعاني من حالة تهدد حياته أو أن صحته البدنية أو العقلية لاتتناسب  مع استمرار الاحتجاز. ولا يجوز بموجب هذه المادة إصدار أمر بالإفراج عن الأشخاص المحتجزين الذين قُبلوا في الرعاية النفسية دون موافقتهم. وفي حالة الطوارئ، يجوز طلب الافراج عن الشخص بناء على شهادة طبية يقدمها الطبيب المسؤول عن المركز الصحي الذي يؤخذ اليه. [93]

وعلى أي حال، يجوز للشخص المعتقل أو لمحاميه، في أي وقت، أن يطلب الافراج عنه، رهنا بالالتزامات المنصوص عليها في المادة 147. بيد أنه إذا لم يكن طلب الافراج غير مقبول، لا يجوز تقديم طلب إلى أن تتخذ محكمة الحرية والاحتجاز قرارا في غضون الحدود الزمنية المنصوص عليها في الفقرة الثالثة من هذه المادة، بناء على طلب سابق. وتنطبق هذه المقبولية كحق دون أن يكون قد تقرر بأمر من قاضي التحقيق. [94]

ثانيا : على مستوى التشريع المصري :

إن النظام الداخلية للسجون والتي ترك لها القانون تحديد نوع معاملة كل من المحكوم عليهم والمحبوسين احتياطيا قد وحدت تقريبا من أسلوب ونظم المعاملة والمعاينة بينهم ولم تفرق بينهم سوى في بعض الفوارق البسيطة ، وعلى الرغم من أن التشريعات السابقة قد نصت على أسلوب معاملة المحبوسين احتياطيا بطريقة لا تسمح للقائمين على التنفيذ بالانحراف عنها إلا أن المشرع في القانون الحالي ترك للنظم الداخلية تنظيم هذا الحق مما ترتب عليه أن سلبت حقوق كثيرة كانت مقررة لهذه الفئة في التشريعات السابقة[95].

  • توحيد المعاملة بين المحبوسين احتياطيا والمعتقلين والمتحفظ عليهم :

 وحد قانون تنظيم السجون رقم 399 لسنة 1956 بين معاملة المحبوسين احتياطيا والمعتقلين ، فقد نص في المادة 20 مكررًا على أنه يعامل كل من تسلب حريته بغير حكم قضائي المعاملة المقررة للمحبوسين احتياطيا في هذا القانون ويلغي ما يخالف ذلك من أحكام ” كما نصت المادة 3 مكررا من القانون رقم 166 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ بان يعامل المعتقل معاملة المحبوس احتياطيا وعلى ذلك بتساوي المحبوسون احتياطيا والمعتقلون في كافة الحقوق في المعاملة والمعيشة المنصوص عليها في قانون تنظيم السجون ولوائحه التنفيذية على النحو الذي سنتناوله بالتفصيل.

  • حق المحبوسين احتياطيا في الإقامة في أماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين

 وقد نصت على ذلك صراحة المادة 4 فقرة أولى من القانون والتي تنص على يقيم المحبوسين احتياطيا في أماكن منفصلة عن أماكن غيرهم من المسجونين ” ولم يحدد القانون ماهية هذه الأماكن أو شروطها وهذا النص في الواقع العملي في السجون لا يجد طريقه إلى التطبيق نظرا لقلة السجون وسوء حالتها مما أدى إلى إلغاء القانون الحالي تفريد العاملة وتصنيف المحبوسين احتياطيا والذي كان منصوصا عليه في المرسوم 180 لسنة 1949 وهو عدول منه عن اتباع هذه السياسة رغم سلامتها.

  • لا يجوز تشغيل المحبوسين احتياطيا إلا إذا رغبوا في ذلك

 نص القانون على عدم تشغيل المحبوسين احتياطيا إلا إذا رغبوا في ذلك (مادة295) ونصت اللائحة الداخلية للسجون العمومية والليمانات رقم 79 لسنة 1961 م على عدم جوان تشغيل المحبوسين احتياطيا إلا في الأعمال المتعلقة بتنظيف غرفهم، ويجوز إعفاؤهم من ذلك لأسباب إدارية ولا يجوز تشغيلهم في السجن في غير تلك الأعمال إلا إذا رغبوا في ذلك وبناء على إقرار كتابي منهم، ويكون لهم الحق في اختيار نوع العمل الذي يباشرونه في حدود نظام السجن (مادة 2) من اللائحة. وقد نصت المادة 16 من قرار وزير الداخلية رقم 644 السنة 1979 م بشأن اللائحة الداخلية للسجون المركزية على هذا الحق للمحبوسين احتياطيا وهذا الحق مقرر للمحبوسين احتياطيا في الأمر العالي 9 فبراير سنة 1901 م والمرسوم بقانون 1980 لسنة 1949 م.

  • حق المراسلة

 للمحبوسين احتياطيا حق التراسل لذويهم وأصدقائهم في أي وقت ( لمدة 60 ) وقد أورد القانون قيدا خطيرا على هذا الحق وهو حق مدير السجن أو الأمور في الاطلاع على المراسلات التي ترسل من وإلى المحبوس احتياطيا وهواعتداء على الحرية الشخصية للمسجون بانتهاك حرمة حياته الخاصة ، وقد نصت كافة المواثيق الدولية حظر هذا الفيد ؛ لأنه يمثل اعتداء صارخا على حق شخصي للمحبوس الاحتياطي وحقه في الاحتفاظ بأسرار حياته الخاصة ، على أنه لا يجوز في جميع الأحوال اطلاع بمدير السجن أو الأمور على الرسائل المتبادلة بين المحبوس احتياطيا و بين محاميه. عدم دستورية النص الوارد في المادة 11 في قرار وزير الداخلية رقم 79 لسنة 1991 النص الوارد في المادة ( 61 ) الذي يعطي لمدير السجن أو مأموره الحق في الاطلاع على المراسلات التي ترد أو ترسل إلى المحبوس احتياطيا، فضلا على الحياة الخاصة فإنه يعد مخالفة دستورية للمادة 45 من الدستور والتي تنص الحياة المواطنين حرمة يحميها القانون [96].

  • حق المحبوسين احتياطيا في العلاج

من الحقوق المقررة للمحبوسين احتياطيا الحق في العلاج المقرر للمحكوم عليهم كما نص عليه القانون في المواد من 33 إلى 34 والمواد من 24 إلى 56 من اللائحة الداخلية الليمانات والسجون العمومية رقم 79 لسنة 1961 م والمواد من 31 إلى 35 من لائحة السجون المركزية ، من تمتعهم برقابة طبية على الأغذية وحق الكشف الطبي عليهم أسبوعيا وعيادتهم يوميا إذا كان مريضا، وحق العلاج في مستشفى السجن أو في أي مستشفى حكومي إذا لم تتوافر لهم أسباب العلاج في السجن ، وصرف الأدوية اللازمة لعلاجهم بالمجان وخضوعهم للملاحظة الطبية الدائمة ، وحق زيارته والكشف عليه يوميا إذا كان محبوسا انفراديا .

  • حق المحبوس احتياطيا في مقابلة محامية منفردا

 نص قانون تنظيم السجون في المادة 39 والمادة 70 من اللائحة الداخلية رقم 79 لسنة 1991 على حق المحبوس احتياطيا في مقابلة محاميه منفردا دون أن يحضر هذه المقابلة أحد الضباط أوالمختصون بالسجن ، كما حرص على تأكيد ذلك الحق في المادة ۳۹ من اللائحة الداخلية للسجون المركزية رقم 3654 لسنة 1971 م وهذا الحق الذي قرره القانون وحرص على النص عليه في اللوائح ، وفي الواقع العملي كثيرا ما لا يصدق في السجون المصرية وغالبا ما تتعسف إدارة السجون في ضرورة حضور هذه الزيارة بما لا يعطي للمحبوس فرصة الانفراد بمحاميه واطلاعه على أسراره وإعداد خطة دفاعه

  • عدم السماح لأحد من رجال السلطة بالاتصال بالمحبوس احتياطيا

تنص المادة 74 من القانون 399 لسنة 1956 بشأن تنظيم السجون على الا يسمح لأحد من رجال الشرطة بالاتصال بالمحبوس احتياطيا داخل السجن إلا بإذن كتابي من النيابة العامة ، وعلى مدير السجن أو مأموره أن يدون في دفتر يومية السجن اسم الشخص الذي سمح له بذلك ، ووقت المقابلة وتاريخ الإذن ومضمونها وقد اشترط القانون في هذه المادة أن يكون الإذن مكتوبًا وحظر اتصال رجال السلطة بالمحبوس احتياطيا داخل السجن ، مقرر للمحبوس احتياطيا أيضا بموجب المادة 140 إجراءات جنائية والمقصود برجال السلطة رجال الضبط الإداري من الشرطة والمباحث فهم أتناء قيامهم بعملهم كشف الجرائم ومرتكبيها هم من مأموري الضبط القضائي وهم بهذه الصفة يعملون لحساب النيابة وتحت إشرافها ، وبمجرد الكشف عن الجريمة وتقديم فاعليها إلى النيابة العامة أو قاضي التحقيق يصبح الضبط بالنسبة لهذه الجريمة من رجال السلطة أو الضبطية الإدارية ولا يجوز له الاتصال بالمحبوس احتياطا رهن التحقيق فيها بدون إذن كتابي من النيابة العامة أو قاضي التحقيق وقد قصد المشرع من هذا النص حماية المحبوس احتياطيا لما قد يتعرض له من محاولة التأثير عليه أو التعرض للتعذيب من رجال السلطة لإجباره على الاعتراف أو التأثير على سير التحقيق وانا خالف مدير السجن أو الأمور الحظر الوارد في المادة ۷۹ فإنه بعد مرتكبا للجريمة المنصوص عليها في المادة 13 من قانون العقوبات.

ثانيا: على مستوى التشريع الجزائري :

إن الحقوق التي منحها القانون رقم 05 / 04 للمحبوس مؤقتا كثيرة ومتنوعة وهي حقوق لا تختلف عن حقوق المحبوسين بأحكام نهائية وتتمثل هذه الحقوق في الاتي:

  • حق المتهم المحبوس مؤقتا في رعاية صحية :

لقد نصت المادة 57 من قانون 05 / 04 المتعلق بتنظيم السجون وإعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين في القسم الثاني الفرع الأول، في حق المحبوسين في الرعاية الصحية مضمونة لجميع فئات المحبوسين. وتنص المادة 58 من نفس القانون على أنه ( يتم فحص المحبوسين وجوبا من طرف الطبيب و الأخصائي النفساني عند دخوله إلى المؤسسة العقابية وعند الإفراج عنه وكلما دعت الضرورة لذلك.

ومعنى ذلك أن المحبوس سواء كان حبسه حبسا مؤقتا،أو تنفيذا لحكم نهائي، فإن له الحق في الرعاية الصحية في المؤسسة الوقائية أو إعادة التربية أو في المؤسسة استشفائية إذا دعت الضرورة لنقله للعلاج.

  • حق المتهم المحبوس مؤقتا في الاتصال بمحاميه:

لقد نص القانون 05 / 04 على زيارة محامي المتهم سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المحبوس مؤقتا أو أحد أقارب المتهم بشرط أن يكون موكلا في القضيةحيث تنص المادة 67 من نفس القانون على أنه ( للمحبوس الحق في أن يتلقى زيارة الوصي عليه والمتصرف في أمواله ومحاميه أو أي موظف أو ضابط عمومي متى كانت أسباب الزيارة مشروعة ) وتنص المادة 70 منه علىأن ( للمحامي عند تقديمه رخصة الزيارة المسلمة له من السلطة القضائية المختصة الحق في الاتصال بالمتهم بكل حرية من دون حضور عون الحراسة في غرفة المحادثة المعدة خصيصا لذلك ) كما أشارت الفقرة الثانية على أنه( لا يقيد أو يبطل المنع من الاتصال ولا التدابير التأديبية مهما تكن طبيعتها حق المحبوس في الاتصال الحر بمحاميه ).

  • حق المتهم المحبوس مؤقتا في المراسلة:

لقد جاء في المادتين 73 و74 من القانون 05 / 04 أنه يحق للمحبوس تحت رقابة مدير المؤسسة العقابية مراسلة أقاربه أو أي شخص آخر شريطة ألا يكون ذلك سببا في الإخلال بالأمن وحفظ النظام داخل المؤسسة العقابية أو بإعادة تربية المحبوس وإدماجه في المجتمع

وعليه فإن المتهم المحبوس مؤقتا، يمكنه بسهولة أن يكتب الرسائل إلى أفراد عائلته و إلى كل شخص يرغب في مراسلته والكتابة إليه، بشرط أن لا تتضمن رسائله هذه والرسائل الواردة إليه ما يضر بنظام إعادة تربية ،وتخضع هذه الرسائل إلى رقابة مدير المؤسسة باستثناء رسائل الموجه إلى المحامي من طرف المحبوس مؤقتا ،حيث نصت المادة 74 على انه ( لا تخضع لرقابة مدير المؤسسة العقابية المراسلات الموجهة من المحبوس إلى محاميه أو التي يوجهها هذا الأخير إليه ولا يتم فتحها لأي عذر كان إلا إذا لم يظهر على الظرف ما يبين بأنها مرسلة إلى المحامي أو صادرة منه.

  • حق المتهم المحبوس مؤقتا في التظلم والشكوى

لقد جاء في المادة 79 من القانون 05 / 04 على أنه(يجوز للمحبوس عند المساس بأي حق من حقوقه أن يقدم شكوى إلى مدير المؤسسة العقابية الذي يتعين عليه قيدها في سجل خاص والنظر فيها و التأكيد من صحة ما وردا بها واتخاذ كل الإجراءات القانونية اللازمة في شأنها ) ،ويتعين بعد ذلك على المدير أن ينظر في هذه الشكوى، وأن يحقق في الوقائع التي تضمنتها ويوليها ما تستحق من عناية و اهتمام، وإذا رأى مدير المؤسسة أن الوقائع تكتسي طابع جزائي أو من شأنها الإخلال بالنظام داخل المؤسسة العقابية أو تهديد أمنها، فإنه يجب عليه أن يراجع حينا وكيل الجمهورية لدى المحكمة التي توجد المؤسسة بدائرة اختصاصها ويجب أن يلبلغ قاضي تطبيق العقوبة  على الفور[97]

 

 

 

 

خاتمة:

 

بعد التعرض بالدراسة والبحث لموضوع الاعتقال الاحتياطي في مختلف الانظمة الجنائية، اتضح وبجلاء مدى التأثير السلبي لهذا الاجراء على الحقوق والحريات الفردية وضمانات المحاكمة العادلة وخاصة قرينة البراءة الذي يعتبر مبدأ جوهريا في كافة الإجراءات الجنائية لغاية صدور حكم بات في الموضوع.

وفي ظل اختلاف الدول في وضع شروط دقيقة وواضحة للجوء إليه من أجل تقييد الجهات المخول لها إصداره فقد طرح هذا الإجراء إشكالية عريضة في ارتباع نسبته داخل المؤسسات العقابية والاصلاحية من مجوع نزلاء هذه المؤسسات وهي نسب ضخمة بلغت نسبته في البارغواي 64.6%، و65.1% في الهند و39%، الاردن 47.2%، فرنسا 25.4%، كندا 37%، أمريكا 21.5

وهو ما يقتضي وضع سياسية جنائية كفيلة بتقليص نسبه وترشيده بإعمال بدائله، وحث الأجهزة القضائية على عدم اللجوء اليه إلا عند الضرورة القصوى، ومن بين النتائج التي توصلنا اليها من خلال هذا البحث ما يلي:

1/ أن مختلف الدول سواء العربية أو الاوروبية أقرت نظام التعويض عن هذا الاجراء إذا نتج عنه ضرر، وذلك بعد صدور حكم ببراءته، وهو مالم يتم تكريسه في النظام الجنائي المغربي،حيث ثم الاكتفاء بالمبدأ الدستوري في المادة 122 المتعلق بالتعويض عن الخطأ القضائي، وهو ما أدى الى بعثرة أوراق العمل القضائي في تعويض الاشخاص المعتقلين احتياطيا.

2/ أن شرط اللجوء الى الاعتقال الذي اعتمدته أغلب التشريعات الجنائية والمتمثل فيأن تكون الجريمة من وصف جناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس، فإن هذا الشرط جاء بصيغة فضفاضة وموسعة، حيث سيكون من الافضل لو حددت التشريعات بشكل حصري الجرائم التي يجوز الاعتقال فيها وخاصة في الجنح.

لكن رغم كل هذا وذاك، فإننا نسجل من خلال الاحصائيات الجنائية الرسمية الصادرة عن رئاسة النيابة العامة، أن هناك ترشيد للاعتقال الاحتياطي كأولوية من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية الوطنية، حيث تجاوزت نسبة المعتقلين احتياطيا داخل المؤسسات السجنية 40 في المئة من مجموع الساكنة السجنية مند 2003 وإلى غاية 2017، وفي نهاية شهر شتنبر 2017 كانت في حدود 42.30 في المئة، وتم تقليص هذه النسبة خلال الثلاثة أشهر الأولى من بداية عمل رئاسة النيابة العامة إلى حدود 40.66 في المئة في نهاية شهر دجنبر 2017 بمجموع 33791 معتقلا احتياطيا من بين 83102 من مجموع السجناء. وخلال متم سنة 2018 وصلت النسبة 39.08 في المئة[98]، وهي نسبة جد إيجابية بالمقارنة مع النسب التي سجلت في السنوات الماضية.

[1]– حسيني رندة: “من الحبس الاحتياطي الى الحبس المؤقت”، دراسة مقارنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قاصدي مرباح، ورقلة بتاريخ 01/06/2015 ص60

[2]– صفاء حسن نصيف: “الحبس الاحتياطي”، بحث لنيل شهادة البكالوريوس، كلية القانون والعلوم السياسية، جامعة ديالي، 2017 ، ص 88

[3]-بلمخفي بوعمامة: “النظام القانوني للتعويض عن الحبس المؤقت غير مبرر في التشريع الجزائري”، أطروحة لنيل الدكتوراه، جامعة ابي بكر للقائد، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2015 ص 2.

[4]– جمال الدين محمد بن مكرم، لسان العرب، الجزء الرابع الطبعة الثانية مؤسسة التاريخ العربي بيروت 1993 ص 32.

[5]– لم تكن تسميةالحبس الاحتياطي واحدة في جميع القوانين الاجرائيه فقد ذهب البعض الى الاخذ بهذه التسمية كالمشرع المصري والجزائري والليبي والكويتي في حين ذهب بعض الاخر الى تسميه” التوقيف” القانون العراقي والسوري والفلسطيني

[6]-بلمخفي بوعمامة: “م س”، ص 11

[7]المادة 618 من قانون المسطرة الجنائية

[8]بولوفة منصور: “الحبس المؤقت وقرينة البراءة على ضوء قانون الاجراءات الجنائية الجزائري “، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر، جامعة عبد الحميد بن باديس 2018، ص12

[9]-أحمد عبد المقصود: ” الحبس الاحتياطي في القانون الجنائي المصري”، جامعة عين شمن كلية الحقوق، ص19

[10]– ومراعاة لمدة الاعتقال الاحتياطي، فإن رئيس النيابة العامة وجه دورية في غشت 2019 إلى السادة الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك، والتي يشير فيها على أن البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين سيتأثر بتزامن بعض العطل مع أخرى، ولاسيما تطبيق مقتضيات المادة 385 من ق م ج المذكورة. كما أكد في نفس السياق على أن المادة 750 من ق م ج تنص على أن الأجل المشار إليه هو أجل كامل، وأنه في حالة كون اليوم الأخير للأجل يوم عطلة، فإن الأجل يمتد إلى أول يوم عمل.

[11] وبخصوص مبررات الاعتقال أمام الوكيل العام للملك، فإن المشرع في مشروع قانون المسطرة الجنائية قد اشترط ألا يلجأ إليه إلا في حالة تبين أن تدابير المراقبة القضائية غير كافية وأن مثول المتهم في حالة سراح من شأنه التأثير على سير العدالة، وهي نفس الشروط المنصوص عليها في المادة 47/1، وقد توخى المشرع من خلالها تفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي والتضييق من الغلو من اتخاذ أمر الاعتقال بشكل يكرس احترام مبدا البراءة والحرية كأصل.

[12] احمد عبد الحكيم عثمان، أحكام وضوابط الحبس الاحتياطي، (التوقيف) في ضوء التشريع البحريني وقانون الاجراءات الجنائية البحريني، السنة 2008، ص97

[13]– خاصة الأمر بالإيداع في السجن

[14]-Jean Pradel:«Droit pénal comparé» , éditions Dalloz 1995 ,11 rue soufflot,75240 Paris 05, P505 et 506.

[15]مروةأبوالعلا،الافراجالمؤقتعنالمتهمفيالتشريعالجزائري – دراسةهامةhttps://www.mohamah.net/ تمالاطلاععليه 27/10/2019 علىالساعة 14:35

[16] Cassation Criminelle, 30 Octobre 1990, Bulletin 364.

[17] Bernard Calle « Que sais-je ? » : La Détention Provisoire ,1ére édition, P 85.

[18] بولوفةمنصور،م، س ،ص44

[19] مروةأبوالعلا،م .س ، ص88

[20] أحمدعبدالحكيمعثمان، م ، س،ص119

[21] Erika Thiel , la Détention Provisoire , publié sur le site : https://www.village-justice.com/articles/detention-provisoire,28810.html , date d’accès le 08/11/2019 à 09:40 .

[22] Détention Provisoire ; site Officiel de l’administration française : https://www.service-public.fr/particuliers/vosdroits/F1042 , date d’accès le 08/11/2019 à 11:00.

[23] مقال منشور على الموقع الالكتروني https://alhoriyatmaroc.yoo7.com/t1711-topic تاريخالاطلاع 27/10/2013 علىالساعة 21:45

[24] مروةأبوالعلا،م، س،ص98

[25] ابراهيمحامدطنطاوي،الحبسالاحتياطي،دراسـةمقارنـة،دارالنهـضةالعربيـة،القـاهرة، 1999،ص 218

[26] إبراهيمحامدطنطاوي، م، س،ص 217

[27]مأمونمحمدسلامة،الإجراءاتالجنائيةفــيالتــشريعالمــصري،الجــزءالأول،دارالنهضةالعربية،القاهرة،لسنتي 2004/2005،ص 670 .

[28] محمد عبد الله المر، الحبس الاحتياطي دراسة مقارنة_، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، طبعة 2006 ص 116

[29]وهي الجهة التي يسند إليها سلطة الاتهام وسلطة التحقيق وفقا لنص المادة 5 من قانون الإجراءات الجزائية الاتحادي.

[30] محمد عبد الله المر، م، س ، ص 55 .

[31]Pour plus d’information sur le juge de liberté et de le détention provisoire. PUTZ alain, le juge des libertés et de la détention delà loi de 26 novembre 2003 ATDP 2004 p100_101.

[32]JEAN PRODEL : les personnes suspectées ou pour suivre après la loi du 15 juin 2000-évolution ou novolution D. 2001.DOCT. Chrom’ p1045 VARINARD À. La détenu provisoire REV. Pen Dr. Pe’2003 N1. P663

[33]-أحمد عبد الحكيم عثمان، م ، س ص 83

[34]بلمخفي بوعمامة، م، س، ص 34.

[35] مقال منشور بالموقع الإلكترونيhttps://www.osf.be/fr/blog/detention/le-placement-en-detention-preventive/belgiun/ تم الاطلاع عليه بتاريخ  03/11/2019  على الساعة 17 :25.

[36]-المادة 13 من الدستور الإيطالي.

[37]-المادة 6 من الدستور اليوناني.

[38]– أحمد عبد الحكيم عثمان، م ، س ،ص 86.

[39]-Casa crime 25 Octobre 1973

[40]-أحمد عبد الحكيم عثمان، م ، س ص 87.

[41]-الفقرة الأخيرة من الفصل 175 من قانون المسطرة الجنائية.

[42] – Christian Cuory , détention provisoire  Dalloz , 2001 page 51

[43]الفصل 111 من مجموعة القانون الجنائي المغربي.

[44] المادة 159: الوضع تحت المراقبة القضائية والاعتقال الاحتياطي تدبيران استثنائيان يعمل بهما في الجنايات والجنح المعاقب عليها بعقوبة سالبة للحرية “

[45]محمد بوزبع، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الاول، الطبعة الثالثة سنة 2005 ص 276

[46]L’article 143-1 de C.P.P.f stipule que (sous réserve des dispositions de l’article 137 , a la détention provisoire ne peut être ordonné ou prolongée que dans l’un des cas ci – après énumérés 1_la personne mise en examen encourt une peine criminelle , 2- la personne mise en examen encourt une peine correctionnelle d’une durée égale ou supérieure a trois ans d’emprisonnement.)

[47]طايل محمود العارف، تقييم المعالجة القانونية لماهية وشروط الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية الاماراتي والاردني مع مقارنة الاجراءات الجنائية الفرنسي، جامعة العين للعلوم والتكنولوجيا، الإمارات العربية، ص22

[48]L’article 275-1 CPP italien et les articles loyaux

[49]نفس المدة اعتمدها المشرع البرتغال، اما التشريع الهولندي فقد اعتمد مدة 3 أشهر، المشرع البولندي والروسي اعتمد مدة سنة واحدة،

[50]طايل محمود العارف، م س. ص 64

[51]المادة 114 “بعد استجواب المشتكى عليه يجوز للمدعي العام ان يصدر بحقه مذكرة توقيف لمدة لا تجاوز 15 يوما إذا كان الفعل المنسوب اليه معاقبا عليه بالحبس لمدة تزيد على سنتين، او بعقوبة جنائية مؤقتة وتوافرت الدلائل التي تربطه بالفعل المسند إليه “

[52]طايل محمود العارف: “م س”، ص 68

[53]Jean Pradel , droit pénal comparé , Dalloz ,1995 , page 501

[54]www.marocdroit.com à 29/10/2019 . 19 :45

[55] ربيعي حسين، الحبس المؤقت وحرية الفرد، مقدمة لنيل شهادة الماجيستير، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة 2009 ص 36-

[56]www.laws.jp.gov.ma 29/10/2019 à 19 :55

[57] طايل محمود العارف. م، س،  ص 72

[58]بولوفة منصور، م، س، ص18

[59]عدلت بالقانون رقم 145 لسنة 2006

[60] Jean Pradel : «  droit pénal comparé », Dalloz , 1995 page 502

[61]الدكتور رمسيس بهنام والدكتور علي القهوجي، علم الاجرام والعقاب، منشأة المعارف بالإسكندرية.،ص 331.

 -[62]جلالثروت،الظاهرةالإجرامية،دراسةفيعلمالعقاب،منشأةالمعارفللنشر،الاسكندرية 1987،ص 245

[63]رمضان السيد الألفي، نظرية الخطورة الإجرامية، رسالة دكتوراه، جامعة القاهرة، 1966، ص 91 الهامش رقم 1

[64]-فيحينعرفالمشرعالمصريالخطورةالإجراميةفيمشروعقانونالعقوباتلسنة 1966 الذيلميرالنوروذلكفيالمادة 106) منهبقولهاأنالخطورةالإجراميةهي (الاحتمالالجديلإقدامالمجرمعلىاقترافجريمةجديده).

انظرفيتفصيلذلك:د- رمضانالسيدالألفي،المرجع السابق،ص98،99.

وكذلكد- عبدالفتاحمصطفىالصيفي،حولالمادة (57) منمشروعقانونالعقوباتالمصري،المجلةالجنائيةالقومية،العددالأول،المجلدالحاديعشر،مارس1968،ص105.

[65] المواد 19 و22 منقانونالعقوباتالجزائري.

[66]محمودنجيبحسني،المجرمونالشواذ،دارالنهضةالعربية،القاهرة، 1964،ص 80.

[67]مأمونمحمدسلامة،حدودسلطةالقاضيالجنائيفيتطبيقالعقوبة،دارالفكرالعربي،القاهرةبلاتاريخ،ص 107.

[68]مأمونمحمدسلامة، م، س،ص 115

الدكتورمحمدزكيأبوعامر،دراسةفيعلمالاجراموالعقاب،الدارالجامعية 1988،ص 236.

[69]الدكتور مأمون سلامة، م، س، ص 133.

[70]الدكتورمحمدشلالحبيب،الخطورةالإجرامية – دراسةمقارنة – رسالةدكتوراهمقدمةلكليةالقانونوالسياسة،جامعةبغداد،الطبعةالأولى، 1980،ص

[71] – الدكتوررمسيسبهناموالدكتورعليالقهوجي،علمالاجراموالعقاب،منشأةالمعارفبالاسكندرية،ص 275،

[72]الدكتورعادلعازرـطبيعةحالةالخطورةوآثارهاالجزائية،المجلةالجنائيةالقوميةالعددالأول،المجلد / 11 سنة 1986،ص 202.

[73] محمد علي سويلم، ضمانات الحبس الاحتياطي، منشأة المعارف الاسكندرية، الطبعة الاولى، 2008، ص 14.

[74] – GEORGES DEMANET : « le pouvoir des procureurs », Education d’université de CASTILLA- LA MANCHA, p 163 ; www.books.google.co.ma

[75]– عبد الستار سالم الكبسي: ” ضمانات المتهم قبل وأثناء المحاكمة ” أشار إليه د. سعيد بوطويل في كتابه الذي هو في الأصل أطروحة للدكتوراه في القانون الخاص نوقشت بكلية الحقوق بالمحمدية في موضوع: “الاعتقال الاحتياطي بين إجراءات البحث التمهيدي والقضائي – المبررات والضمانات”. دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع. الدار البيضاء، مطبعة الكرامة 4 زنقــــــة المامونية – الرباط – المغرب، ص 222.

[76]بلمخفي بوعمامة، م، س ، ص 18

[77] طايل محمود العارف، تقييم المعالجة القانونية لماهية وشروط الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجزائية الإماراتي الأردني، مقارنة مع قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي |ن مجلة الحقوق، العدد 2، الصفحة 54

[78]jean Pradel scrute des procédures de presse au liberté la presse et droit pénale  année 1994 p 301

[79] جمال سرحان م س ص 50

[80] وعلى خلاف ذلك نص القانون السوداني على العلنية المطلقة في التحقيق.

[81] قرار عدد 162 بتاريخ 4.3.2010 في الملف الجنحي عدد 2009.5.884 محمد محمود م.س ص 228

[82]1997 Dalloz delta. Année édition 4 instruction le huge d . chambron . 474 p 36

[83] جمال سرحان م س ص 112

[84]وقد أكدت محكمة النقض ذلك في قرار جاء فيه أن السيد قاضي التحقيق يحيط المتهم بالأفعال المنسوبة إليه ويشعره بانه حرفي عدم الادلاء بأي تصريح وينص على ذلك في المحضر كما يشعره بان له الحق في اختيار محام وإلا فيعين له محاميا أن طلبذلك، ويترتب بطلان الإجراء والإجراءات التي تلبه على عدم احترام ذلك، راجع محمد بفقير بقلم م س ص102

[85] خالد عثماني م س ص 75

[86]المواد 134 – 140 – 139- 136 من ق م ج

[87] خالد عثماني م س ص 75

[88]قرار عدد 796 بتاريخ 1961.01.12 راجع جمال سرحاني م س ص 128

[89]المادة 149 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي

[90]المادة 150من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي

[91] المادة 145.4 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي

[92]المادة 145.5 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي

[93]المادة 147 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي

[94]المادة 148من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي

[95]احمد عبد المقصود محمد الحبس الاحتياطي في القانون الجنائي المصري دبلوم الدراسات العليا في ق . ج 2005/2006 جامعة عين شمس

-[96]احمد عبد المقصود محمد الحبس الاحتياطي في القانون الجنائي المصري دبلوم الدراسات العليا في ق . ج 2005/2006 جامعة عين شمس

[97]الأستاذ / عبد العزيز سعد – إجراءات الحبس الاحتياطي والإفراج المؤقت –المؤسسة الوطنية للكتاب –ص 108 ص 18

[98]– المصدر: تقرير رئاسة النيابة العامة لسنة 2018.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button