المبادئ العامة للإلتزامات و العقود ملخص السداسية الثانية القانون pdf

المبادئ العامة للإلتزامات و العقود ملخص السداسية الثانية القانون

المبادئ العامة للإلتزامات و العقود یعتبر القانون المدني بمثابة العمود الفقري للقانون الخاص، حیث یمكن تعریفھ بأنھ: ” مجموع القواعد القانونیة التي تحكم العلاقات الخاصة بین الأشخاص إلا ما یدخل منھا في نطاق فرع آخر من فروع القانون الخاص”. وھو بھذا یمثل الشریعة العامة لباقي القوانین التي تفرعت عنھ، لكونھ یشتمل في عمقھ على نظریة عامة للالتزامات، صالحة للتطبیق كلما كان ھناك فراغ أو نقص في جانب من الجوانب القانونیة التي تھم الفروع المنبثقة عن القانون المدني، كالقانون التجاري، القانون العقاري، القانون الاجتماعي… ھذا، وإذا كانت مختلف الدول الأوروبیة عملت على جعل مقتضیات القانون المدني الخاصة بھا تتضمن كلا من روابط الأحوال الشخصیة و روابط الأحوال العینیة (المعاملات)، فإن التقنین المغربي وكغیره من قوانین البلاد العربیة، قد قام بتنظیم ما یتعلق بمسائل الأحوال العینیة في إطار القانون المدني أو ما یسمى بقانون الالتزامات والعقود، أما مسائل الأحوال الشخصیة فقد تم تنظیمھا في إطار قانون الأحوال الشخصیة سابقا، ومدونة الأسرة حالیا. وتحتل نظریة الالتزامات ركنا ھاما وأساسیا في نطاق مواضیع القانون المدني، إذ نجد المشرع المغربي قد خصص لھا جزء خاصا، یتمثل في الكتاب الأول حول الالتزامات بوجھ عام، وذلك من الفصل الأول إلى الفصل 477 ، وھذا الكتاب موزع إلى سبعة أقسام، وھي:
القسم الأول: مصادر الالتزامات
القسم الثاني: أوصاف الالتزام
القسم الثالث: انتقال الالتزامات
القسم الرابع: آثار الالتزامات
القسم الخامس: بطلان الالتزامات و إبطالھا

القسم السادس: انقضاء الالتزامات
القسم السابع: اثبات الالتزامات وإثبات البراءة منھا
ونظرا لاتساع نظریة الالتزام وشمولھا لمواضیع متعددة، فإننا سنكتفي بالحدیث عن تعریف الالتزام بوجھ عام في المبحث الأول، على أن نخصص المبحث الثاني لدراسة العقد باعتباره أھم مصدر من مصادر الالتزام.

المبحث الأول: نظریة الالتزام

سنخصص ھذا المبحث لتحدید المقصود من الالتزام وتحدید خصائصھ في مطلب الأول، في حین سنخصص المطلب الثاني لأصناف و أشكال الالتزام.

المطلب الأول: تعریف الالتزام وتحدید خصائصھ

الفقرة الأولى: تعریف الالتزام
یعرف الالتزام بأنھ: رابطة قانونیة بین شخصین بموجبھا یتعین على أحدھما (المدین) أن یقوم بشيء ما لفائدة الآخر (الدائن).
كما عرف كذلك بأنھ، علاقة قانونیة بین دائن ومدین یحق للأول أن یفرض شیئا معینا على الثاني. وعلیھ، یمكن القول بأن الفقھاء قد اتفقوا على تعریف الالتزام بأنھ: ” رابطة قانونیة بین شخصین أحدھما دائن و الآخر مدین، یترتب بمقتضاھا على الطرف المدین تجاه الطرف الدائن، إعطاء شيء أو القیام بعمل أو بالامتناع عن عمل”. وللتوضیح أكثر، نعطي الأمثلة التالیة:
ـ إذا باع شخص لآخر منزلا، فإن البائع یلتزم بنقل الملكیة إلى المشتري، أي أنھ یلتزم بإعطاء شيء.

ـ إذا تعھد مقاول ببناء منزل، فإنھ یلتزم ببنائھ، أي بالقیام بعمل.
ـ إذا تعھد شخص بعدم فتح محل تجاري بمنطقة معینة، فإنھ یكون قد التزم بالامتناع عن عمل.
الفقرة الثانیة: خصائص الالتزام
من خلال التعریف الذي تعرضنا إلیھ في الفقرة السابقة، یمكن القول بأن الالتزام ینفرد بمجموعة من الخصائص، وھي:
ـ الالتزام یقع على شخص معین، إذ لا یتصور نشوء الالتزام دون وجود شخص یتحملھ، وھو المدین، (غیر أن الالتزام یمكن تصوره دون قیام طرف دائن عند نشوئھ، كما ھو الشأن في حالة الوعد بجائزة الموجھ للجمھور، الذي یخلف التزامات على كاھل الواعد دون أن یكون الدائن معینا عند نشوئھ، غیر أن مثل ھذا الالتزام المترتب على المدین دون وجود طرف دائن، لا ینتج أثره الفعلي ولا تظھر نتیجتھ الفعلیة إلا إذا برز الطرف الدائن للوجود.)
ـ الالتزام یشمل عنصرین، وھما المدیونیة والمسؤولیة. فالمدیونیة ھي الواجب القانوني الملقى على عاتق المدین بالقیام بالأداء المطلوب، وھو ما یطلق علیھ بالحق الشخصي.
أما المسؤولیة أو الضمان فیقصد بھا إجبار المدین المخل بالتزاماتھ على الوفاء بھا، من خلال تمكین الدائن من اللجوء إلى التنفیذ الجبري، و بذلك یختلف الالتزام عن غیره من الواجبات الأخرى غیر القانونیة، كالواجبات الأخلاقیة.
ـ الالتزام ذو طبیعة مالیة، یتمیز كذلك الالتزام بخاصیة أخرى وھي مالیة الأداء الذي یلتزم بھ المدین، وھو یدخل ضمن العناصر السلبیة للذمة المالیة للمدین ویثقل كاھلھ، في حین یدخل ضمن العناصر الایجابیة للذمة المالیة للدائن، (لأجل ذلك نقول بأن للالتزام وجھان، أحدما سلبي والآخر إیجابي)

المطلب الثاني: أنواع وأقسام الالتزام

یمكن تصنیف الالتزامات، إما بالنظر لمحلھا (الفقرة الأولى) أو آثارھا (الفقرة الثانیة) أو طبیعتھا (الفقرة الثالثة) أو مصدرھا (الفقرة الرابعة).

الفقرة الأولى: تصنیف الالتزامات بالنظر لمحلھا:
یقصد بمحل الالتزام ما یلتزم المدین بأدائھ للدائن، أو ما یحق للدائن اقتضاءه من المدین، وھكذا یمكن تقسیم الالتزامات بالنظر لمحل التزامھا إلى عدة تقسیمات أھمھا: أولا: الالتزام بإعطاء، یقصد بھ التزام المدین بنقل ملكیة شيء أو حق من ذمتھ المالیة إلى الذمة المالیة للدائن، ومثال ذلك: التزام البائع بنقل ملكیة الشيء المبیع إلى المشتري، التزام
المشغل بأداء الأجرة لفائدة الأجیر.

ثانیا: الالتزام بعمل، یقصد بھ قیام المدین بعمل آخر غیر نقل ملكیة مال معین، سواء أكان عملا إیجابیا أو نشاطا معینا أو خدمة محددة، ومثال ذلك التزام المقاول بتشیید البناء، التزام الأجیر بالقیام بالعمل المتفق علیھ.
ثالثا: الالتزام بالامتناع عن عمل، وھو التزام سلبي یفرض على المدین الامتناع و الإمساك عن عمل معین، ومثال ذلك التزام الأجیر بعدم إفشاء الأسرار المھنیة لمشغلھ، التزام بائع الأصل التجاري بعدم منافسة المشتري الذي آل إلیھ الحق في الزبناء.

الفقرة الثانیة: تصنیف الالتزامات بالنظر لآثارھا.
ترجع أصول التفرقة بین الالتزامات بغایة و الالتزامات بوسیلة إلى الفقیھ الفرنسي Rene Demogue الذي توصل سنة 1925 إلى القول بأن ھناك نوعین من الالتزامات التي یتعھد بھا المدین، ویتعلق الأمر بالالتزام بنتیجة (بغایة) والالتزام ببذل عنایة (بوسیلة)، إذ یتعین على المدین في النوع الأول أن یحقق النتیجة المتفق علیھا مسبقا، بینما لا یلزم في النوع الثاني إلا ببذل عنایة الرجل المتبصر الحریص على شؤونھ الخاصة. وعلیھ، فإن الالتزامات تصنف بالنظر إلى آثارھا إلى:
أولا: الالتزام بغایة أو نتیجة، یقع على عاتق المدین القیام بتحقیق النتیجة المتفق علیھا مسبقا، ویعد من قبیل الالتزامات بغایة التزام البائع بنقل الملكیة للمشتري، والتزام المقاول بتشیید البناء وفق المعاییر والضوابط المتفق علیھا، بحیث یتعین على ھؤلاء تنفیذ الالتزامات التي تحموا بھا اتجاه الطرف الآخر، تحت طائلة المسؤولیة العقدیة من غیر إلزام الطرف الدائن بإثبات خطأ المدین، إنما یتعین علیھ فقط تقدیم الحجة على وقوع الإخلال بالالتزام فقط.
ثانیا: الالتزام ببذل عنایة، إن المدین في ھذه النوعیة من الالتزامات لا یتعھد بتحقیق نتیجة معینة، بل فقط بتسخیر الامكانیات اللازمة و ببذل عنایة الرجل المتبصر الحریص على شؤونھ، ومثال ذلك التزام الطبیب بمعالجة مریضة والتزام المحامي بالدفاع عن موكلھ، فالمدین ھنا لا یضمن نتائج فعلھ لاحتمال الخسارة في ھذا الصنف من الالتزامات، لذلك فإن القانون لا یتطلب من المدین إلا بذل عنایة الرجل المتبصر حي الضمیر بحیث یتعین علیھ أن یحاول توظیف امكانیاتھ العلمیة بھدف تحقیق النتیجة المرجوة، وإذا لم تتحقق ھذه النتیجة بالرغم من ذلك فلا یتحمل أیة مسؤولیة بشرط أن لا یثبت العمد أو الإھمال في حقھ.

الفقرة الثالثة: تصنیف الالتزامات بالنظر لطبیعتھا
أولا: الالتزام المدني، وھي التزامات یحمیھا القانون، بحیث یتعین على المدین الوفاء بھا وإلا أجبر على ذلك قھرا، وبعبارة أخرى فالالتزام المدني ھو الذي یتحقق فیھ عنصرا المدیونیة والمسؤولیة، ولھذا یمكن للدائن أن یجبر المدین على تنفیذه، ومثال ذلك التزام المخطأ في المسؤولیة التقصیریة بتعویض المتضرر.

ثانیا: الالتزام الطبیعي، خلافا للالتزام المدني الذي یتوفر على عنصري المدیونیة والمسؤولیة، فإن الالتزام الطبیعي یقوم فقط على عنصر المدیونیة، ومن ثم فإنھ لا یمكن للدائن أن یجبر المدین على الوفاء بالتزامھ، غیر أنھ إذا قام الأخیر (المدین) بالوفاء بھ اختیاریا كان وفاؤه صحیحا ولا یجوز لھ المطالبة باسترجاعھ، كمثال على ذلك ما نص علیھ الفصل 73 من ق.ل.ع الذي جاء فیھ: ” الدفع الذي یتم تنفیذا لدین سقط بالتقادم أو لالتزام معنوي، لا یخول الاسترداد إذا كان الدافع متمتعا بأھلیة التصرف على سبیل التبرع، ولو كان یعتقد عن غلط أنھ ملزم بالدفع، أو كان یجھل واقعة التقادم”.
ومما تجدر الإشارة إلیھ، إنھ إذا كان الالتزام الطبیعي یقترب كثیرا من الالتزام الأدبي، إلا أن الأمر لیس كذلك من الناحیة القانونیة فالالتزام الطبیعي غالبا ما ینبثق عن الالتزام المدني، كأن یسقط بالتقادم مثلا (الفصل 73 من ق . ل . ع الذي سبق الإشارة إلیھ) والوفاء بھ یبرئ ذمة صاحبھ قانونا، أما الوفاء بالتزام أدبي فیندرج ضمن الالتزامات الأخلاقیة التي تفید
التبرع والإحسان لا غیر. وكمثال عن الالتزامات الأخلاقیة نذكر التزام الأخ المیسور بالإنفاق على أخیھ الصغی المعوز، الالتزام بالإنفاق على الابن غیر الشرعي ورعایتھ.

الفقرة الرابعة: تصنیف الالتزامات بالنظر لمصدرھا
یقصد بمصدر الالتزام، الواقعة التي تترتب علیھا قانونا إنشاء ھذا الالتزام. وعلیھ، فالبیع یرتب التزامات معینة على عاتق المتبایعین أھمھما نقل البائع لملكیة المبیع و أداء المشتري للثمن النقدي، و مرتكب الفعل الضار یلتزم بتعویض الطرف المتضرر، و عقد الشغل یلزم كلا من المشغل والأجیر بعدة التزامات أبرزھا الوفاء بالأجرة وأداء الخدمة المتفق علیھا…

ومن ثم، فمصادر الالتزام التي نص علیھا ق.ل.ع خمسة، حیث جاء في الفصل الأول منھ: ” تنشأ الالتزامات عن الاتفاقات والتصریحات الأخرى المعبرة عن الإرادة وعن أشباه العقود وعن الجرائم وعن أشباه الجرائم” ، وھي:
أولا: العقد أو الاتفاق، وھو أھم مصدر للالتزام، وھو توافق إرادتین أو أكثر على إحداث أثر قانوني یكون غالبا إنشاء التزامات على عاتق طرفیھ (البیع) أو أحدھما (الھبة).
ثانیا: التصریحات الأخرى المعبرة عن الإرادة، أو ما یصطلح علیھا بالإرادة المنفردة التي تلزم صاحبھا في حالات خاصة نص علیھا القانون.
والفرق بین العقد والإرادة المنفردة أنھ في العقد تتفق الإرادتین على إنشاء التزام، ویكون تلاقیھما وتوافقھما لازما لنشأتھ، بینما في الإرادة المنفردة ینشأ الالتزام عن إرادة واحدة ھي إرادة الملتزم وتكون ھذه الإرادة وحدھا كافیة لقیامھ.
ومن تطبیقات الإرادة المنفردة، نذكر:
ـ الإیجاب الملزم، فقد جاء في الفصل 29 من ق . ل . ع: ” من تقدم بإیجاب مع تحدید أجل للقبول، بقي ملتزما تجاه الطرف الآخر إلى انصرام ھذا الأجل ویتحلل من إیجابھ إذا لم یصلھ رد بالقبول خلال الأجل المحدد”.

ـ الوعد بجائزة، كثیرا ما نطالع في الصحف ووسائل الإعلام عن جائزة لمن یعثر على شيء ضائع أو لمن یحقق اختراعا معینا، أو لمن یفوز في مسابقة بحث علمي، فإذا ما عثر شخص على شيء ضائع، أو حقق الاختراع، أو فاز في المسابقة فإنھ یستحق الجائزة، ویصبح المعلن أو الواعد ملزما بھا بالرغم من عدم قیام عقد بین الطرفین.
وقد قام قانون الالتزامات والعقود بتنظیم أحكام الوعد بالجائزة في المواد 15 و 16 و 17 ، وأورد المقتضیات الخاصة بشروط وآثار ھذا التصرف، تحت عنوان التعبیر عن الإرادة الصادر من طرف واحد.

ثالثا: شبھ العقد، ھو مجموعة مؤسسات قانونیة توحدھا غایة مشتركة ھي تجنب الإثراء غیر المبرر لشخص على حساب آخر، وقد أورد المشرع في ق.ل.ع نموذجین لھذا المصدر وھما الفضالة، و دفع غیر المستحق. وقد عرف الفصل 943 من ق.ل.ع الفضالة بأنھا:” إذا باشر شخص، باختیاره أو بحكم الضرورة، شؤون أحد من الغیر، في غیابھ أو بدون علمھ، وبدون أن یرخص لھ في ذلك منھ َ قامت ھناك علاقة قانونیة مماثلة للعلاقة الناشئة عن الو ” أو من القاضي، كالة فالفضالة طبقا للفصل أعلاه، تفترض أن شخصا یتدخل باختیاره للقیام بشأن من شؤون غیره، دون أن یكون بینھما اتفاق مسبق على ذلك، وھذا التدخل یلقي على عاتق الفضولي التزاما بالاستمرار في العمل الذي بدأه إلى الوقت الذي یستطیع فیھ رب العمل أن یباشره بنفسھ. فیما عرفت المادة 68 دفع غیر المستحق من ق. ل.ع بأنھ: ” من دفع ما لم یجب علیھ، ظنا منھ أنھ مدین بھ، نتیجة غلط في القانون أو في الواقع، كان لھ حق الاسترداد على من دفعھ لھ. ولكن ھذا الأخیر لا یلتزم بالرد، إذا كان قد أتلف أو أبطل حجة الدین، أو تجرد من
ضمانات دینھ أو ترك دعواه ضد المدین الحقیقي تتقادم وذلك عن حسن نیة ونتیجة للوفاء الذي حصل لھ، وفي ھذه الحالة لا یكون لمن دفع إلا الرجوع على المدین الحقیقي”. من ھنا یظھر بأن دفع غیر المستحق یفترض أن شخصا قد سلم إلى الغیر عن غیر علم أو عن غلط في القانون أو الواقع شیئا لا یستحقھ، فیلزم من تسلم ھذا الشيء برده إلى من سلمھ
إلیھ بدون حق.
رابعا: الجرم (الجریمة)، وھو عمل غیر مشروع یقوم بھ المجرم عن عمد وینتج عنھ ضرر للغیر الذي یحق لھ الرجوع بالتعویض على المسؤول. خامسا: شبھ الجرم (شبھ الجریمة)، وھو عمل غیر مشروع یقوم بھ شخص عن غیر عمد ویترتب عنھ ضرر للغیر الذي یحق لھ الرجوع بالتعویض على الطرف الأول.

ومما تجدر الإشارة إلیھ، أنھ في الحالتین (الجرم وشبھ الجرم) یلتزم مرتكبھا بتعویض الضرر، وقد نظم المشرع المغربي الالتزامات الناشئة عن الجریمة في الفصل 77 من ق . ل 1. ع، ونظم تلك الناتجة عن شبھ الجرم في الفصل 78 من القانون نفسھ.

المطلب الثالث: الحق العیني والحق الشخصي والحق الذھني

قبل الانتقال للحدیث عن العقد، باعتباره أحد أھم مصادر الالتزام، لابد من إلقاء الضوء على كل من الحق العیني (الفقرة الأولى)، والحق الشخصي (الفقرة الثانیة)، والحق الذھني (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: الحقوق العینیة réels Droits Les
الحق العیني ھو سلطة مباشرة لشخص معین على شيء مادي معین یخولھ الاستئثار بقیمتھ المادیة. كما عرف كذلك بأنھ، تلك السلطة القانونیة التي تثبت في مواجھة شيء معین والتي تخول صاحبھا ممارسة كافة الحقوق على ھذا الشيء مباشرة ودون وساطة شخص آخر. وكمثال على ذلك، فإنھ یحق للمالك (وھو صاحب الحق العیني) أن یمنع أي واحد من المساس بسلطاتھ المتعلقة باستعمال و استغلال والتصرف في ملكھ. والحقوق العینیة طبقا لمدونة الحقوق العینیة، نوعان، إما حقوق عینیة أصلیة أو حقوق عینیة تبعیة. فالحق العیني الأصلي، ھو الحق الذي یقوم بذاتھ من غیر حاجة إلى أي حق آخر یستند
إلیھ. والحقوق العینیة الأصلیة ھي :

– حق الملكیة ؛

ـ یمكن تعریف المسؤولیة بأنھا جزاء الإخلال بالتزام قانوني یقضي بعدم الإضرار بالغیر ویترتب عنھا التزام المسؤول 1
عن ھذا الإخلال بتعویض المضرور عما لحقھ من ضرر.

– حق الارتفاق والتحملات العقاریة ؛
– حق الانتفاع ؛
– حق العمرى ؛
– حق الاستعمال ؛
– حق السطحیة؛
– حق الكراء الطویل الأمد ؛
– حق الحبس ؛
– حق الزینة ؛
– حق الھواء والتعلیة؛
2 ـ الحقوق العرفیة المنشأة بوجھ صحیح قبل دخول مدونة الحقوق العینیة حیز التنفیذ.
أما الحق العیني التبعي، فھو الحق القائم بغیره والذي لا یتصور وجوده بدون التزام أصلي
یرتكز علیھ، كالرھن الحیازي، والرھن الرسمي، والامتیازات. الفقرة الثانیة: الحقوق الشخصیة Personnels Droits Les الحق الشخصي، ھو رابطة بین شخصین أحدھما دائن، والآخر مدین، بمقتضاھا یخول للدائن مطالبة المدین بأداء معین لھ قیمة مادیة، وھذا الأداء قد یكون إما القیام بعمل معین، أو الامتناع عن عمل شيء. وعلیھ، یمكن القول بأن الحق الشخصي والالتزام كلمتان متماثلتین ومترادفتین، بمعنى أن الرابطة القانونیة التي تربط المدین بالدائن تعتبر ” التزاما” إذا نظر إلیھا من جھة المدین، وتعتبر ” حقا شخصیا” إذا نظر إلیھا من جھة الدائن.

ـ المادة 9 من مدونة الحقوق العینیة. 2

الفقرة الثالثة: الحقوق الفكریة intellectuels Droits Les
یقصد بالحق الذھني أو الفكري، ذلك الحق الذي یثبت للشخص على إنتاجھ الذھني و ابتكاراتھ الفكریة. وبعبارة أخرى یقصد بالحقوق الفكریة، تلك السلطة المباشرة التي یعطیھا القانون للشخص على كافة منتجات عقلھ وتفكیره وتمكنھ من الاستئثار والانتفاع مما قد ینتج عن ھذه الأفكار من مردود مالي.
وحقوق الملكیة الفكریة، تنقسم إلى نوعین: ملكیة صناعیة وتجاریة وملكیة أدبیة وفنیة. و تعرف حقوق الملكیة الصناعیة و التجاریة بأنھا: ” حقوق معنویة تجاریة وصناعیة، تخول لصاحبھا حق الاستئثار قبل الكافة، باستغلال ابتكار جدید أو إشارة ممیزة”.
أما حقوق الملكیة الأدبیة والفنیة، فھي ما یعبر عنھا في القانون المغربي بحق المؤلف والحقوق المجاورة لھ.

المبحث الثاني: تكوین العقد

سنخصص ھذا المبحث للحدیث عن الأحكام العامة لنظریة العقد، وذلك من خلال المطلب الأول، على أن نتطرق في المطلب الثاني للحدیث عن أركان العقد.

المطلب الأول: الأحكام العامة لنظریة العقد

سنتناول ھذا المطلب وفقا لما یلي:

الفقرة الأولى: تعریف العقد
الفقرة الثانیة: تقسیمات العقود
الفقرة الثالثة: مبدأ سلطان الإرادة

الفقرة الأولى: تعریف العقد
إن المشرع المغربي ـ وعلى غرار باقي التشریعات ـ قد أغفل تعریف العقد وبیان تقسیماتھ، تاركا الأمر للفقھ الذي تولى ھذه المھمة، وذلك على عكس المشرع الفرنسي الذي عرفھ من خلال المادة 1101 من القانون المدني بأنھ: ” التزام یلتزم بمقتضاه شخص أو أكثر تجاه شخص أو عدة أشخاص آخرین بإعطاء شيء أو القیام بعمل أو الامتناع عن عمل”. وھكذا، عرف العقد بأنھ: ” توافق إرادتین أو أكثر على إحداث أثر قانوني سواء كان ھذا الأثر یتعلق بإنشاء التزام أو نقلھ أو تعدیلھ أو إنھائھ”. إن ما یستخلص من ھذا التعریف، أنھ لكي نكون بصدد عقد خاضع لأحكام النظریة العامة للالتزامات، لابد من توافر العناصر التالیة:
أولا: توافر الإرادتین
أي وجود إرادتین حرتین سلیمتین خالیتین من عیوب الإرادة تتجھان إلى القیام بتصرف قانوني أو إحداث أثر قانوني، و العقد ینشأ عادة بإرادتین أو أكثر وھو ما یمیز العقد عن الإرادة المنفردة.
ثانیا: توافق الإرادتین
یتحقق ھذا التوافق قانونا بصدور إیجاب یعبر فیھ أحد أطراف العقد عن إرادتھ في التعاقد وصدور قبول مطابق للعرض الذي تقدم بھ الأول، فیقترن إیجاب الأول بقبول الثاني ویحصل التراضي وھذا ما یعبر عنھ بالتوافق أو الاقتران أو التطابق. على أن المقصود بالتوافق أو الاقتران ھو أن الموجب یجب أن یحدد في عرضھ محل الالتزام تحدیدا دقیقا وواضحا، والطرف القابل یجب أن یستوعب مضمون العرض المقدم إلیھ، ویقبلھ جملة وتفصیلا، وذلك تطبیقا لمقتضیات الفصل 25 من ق.ل.ع.

ثالثا: ھدف التوافق
بمعنى أن یحصل التوافق على إحداث أثر قانوني أي إنشاء علاقات قانونیة ملزمة للطرفین، أما إذا لم تتجھ ھذه الإرادة إلى إحداث أثر قانوني أو لم تھدف إلى إنشاء التزام كأن تھدف مثلا إلى القیام بعمل تفرضھ قواعد المجاملة أو تدعو إلیھ مبادئ الأخلاق كدعوة شخص لشخص أخر على العشاء، فإننا لا نكون بصدد عقد، وإنما أمام تعھدات أخلاقیة غیر ملزمة
لأصحابھا.

رابعا: یجب أن یكون الاتفاق واقعا في نطاق القانون الخاص وفي دائرة المعاملات المالیة. بمعنى أن الاتفاقات التي تكون الدولة أو أحد مؤسساتھا العمومیة طرفا فیھا كصفقات الأشغال العمومیة والمعاھدات الدولیة، لا تخضع لمبادئ النظریة العامة للالتزام التي تحكم العلاقات المدنیة، وذلك بسبب عدم وجود تكافؤ بین المتعاقدین وإمكانیة عمل الدولة أو الإدارة على تعدیل العقد، وھو الأمر الذي یتعارض مع مبدأ العقد شریعة المتعاقدین الذي یقوم علیھ القانون المدني. كما یجب أن یكون الاتفاق في دائرة المعاملات المالیة، فالزواج مثلا وإن كان اتفاق بین زوجین ویدخل في نطاق القانون الخاص، فإنھ مع ذلك لا یخضع للقواعد العامة التي تطبق على العقود، باعتبار أن المقصود منھ لیس مالیا ولا یھدف إلى تحصیل نفع مالي، إنما یسعى
عقد الزواج إلى إنشاء الأسرة.
الفقرة الثانیة: تقسیمات العقود
تتعدد تقسیمات وتصنیفات العقود، لأجل ذلك سنعمد إلى دراسة أھم ھذه التقسیمات.
أولا: العقود المسماة و العقود غیر المسماة
العقد المسمى nommé Contrat ،ھو عقد منتشر وشائع في الواقع العملي یبرمھ الأفراد تحت اسم یعرف بھ، لذلك تدخل المشرع لتنظیمھ و وضع أحكام وقواعد خاصة بھ، ومثال ذلك كافة العقود التي نظمھا قانون الالتزامات والعقود، مثل البیع في الفصل 478 وما بعده ، القرض في الفصل 829 وما بعده، الوكالة في الفصل 879 وما بعده… وللإشارة، فإن قائمة العقود المسماة غیر ثابتة بل متغیرة تسایر تطور المجتمعات وحاجیات التعامل، بمعنى أن المشرع كلما شعر بأن عقدا من العقود المتداولة بین الأفراد قد أصبح لھ دور ھام في الاقتصاد، إلا وتولى تنظیمھ بمقتضى نصوص وأحكام خاصة بھ. وكمثال على ذلك عقد الایجار المفضي إلى تملك العقار المنظم بمقتضى ظھیر 11 نوفمبر 2003 ،إذ أن حاجیات التعامل و الدور الاقتصادي والاجتماعي لھذه النوعیة من العقود ورغبة الدولة في مواجھة أزمة السكن، دفع بالمشرع إلى إدراجھ ضمن العقود المسماة بعد أن كان عقدا غیر مسمى. أما العقد غیر المسمى innomé Contrat ،فھو عقد غیر شائع ولا یختص باسم یعرف بھ، لذلك لم یتدخل المشرع لتنظیم أحكامھ بنصوص وأحكام وقواعد خاصة بھ، بل یخضع في تنظیمھ للقواعد العامة التي تخضع لھا كافة العقود (مثال ذلك: عقد الإقامة في الفندق الذي یبرمھ المسافر وصاحب الفندق…)
ثانیا: عقود المعاوضة و عقود التبرع
عقد المعاوضة onéreux titre à Contrat ،ھو عقد یحصل فیھ كل متعاقد على مقابل لما یعطیھ، أي أنھ ینبني على فكرة الأخذ والعطاء، فعقد البیع مثلا یعتبر عقد معاوضة، باعتبار أن البائع یأخذ الثمن مقابل الشيء المبیع، والمشتري یأخذ الشيء المبیع مقابل الثمن الذي أداه.
أما عقد التبرع gratuit titre à Contrat ،فھو عقد یسعى من خلالھ أحد المتعاقدین إلى إسداء الجمیل والإحسان إلى الآخر دون مقابل، ویندرج في ھذا الإطار الھبة بدون مقابل و القرض دون فائدة و الوكالة غیر المأجورة.
ثالثا: عقود الرضائیة و عقود شكلیة وعقود عینیة العقد الرضائي، ھو العقد الذي یكفي لانعقاده تحقق رضا المتعاقدین، بمعنى أنھ یكفي لانعقاده تبادل الإیجاب والقبول، وتوافق إرادتین على إحداث أثر قانوني دون حاجة إلى شكل معین

تظھر فیھ ھذه الإرادة، من ذلك مثلا عقد البیع (الفصل 488 من ق.ل.ع)، عقد الكراء (الفصل 628 من ق.ل.ع). ومبدأ الرضائیة یسود أغلب العقود، ذلك أن طابعھا الرضائي لا ینتفي ولو تطلب المشرع شكلا لإثباتھ كما في بعض أنواع العقود (عقد البیع العقاري). أما العقد الشكلي، فھو ما یجب لانعقاده إضافة إلى تراضي المتعاقدین اتباع شكل خاص قرره وحدده القانون، وبعبارة أخرى فھو العقد الذي یتطلب تكوینھ إفراغ التراضي عند إبرامھ ضمن شكل معین یبینھ القانون أو الاتفاق. على أن الشكلیة قد تتخذ عدة أشكال:
1ـ الكتابة الرسمیة، وأبرز مثال على ذلك ھو اشتراط المشرع لشكلیة الكتابة الرسمیة بالنسبة للتصرفات الواردة على العقارات، وذلك تطبیقا لمقتضیات المادة الرابعة من مدونة الحقوق العینیة.
2ـ التقیید بالمحافظة العقاریة، ذلك أن التصرفات القانونیة الھادفة لتأسیس حق عیني أو نقلھ إلى الغیر أو الاعتراف بھ أو تغییره أو إسقاطھ لا تنتج أي أثر ولو بین الأطراف إذا كان
محلھا عقارا محفظا إلا إذا جرى تقییدھا بالرسم العقاري، وذلك تطبیقا لمقتضیات الفصل 67
من ظھیر التحفیظ العقاري.
أما العقد العیني فھو الذي لا ینعقد إلا بتسلیم محل العقد من أحد المتعاقدین إلى الآخر، كعقد (الفصل 833 من ق.ل.ع). 3 الودیعة (الفصل 781 من ق.ل.ع) والھبة و العاریة

ـ ینص الفصل 830 من ق . ل .ع: ” عاریة الاستعمال عقد بمقتضاه یسلم أحد طرفیھ للآخر شیئا، لكي یستعملھ خلال 3
أجل معین أو في غرض محدد على أن یرده بعینھ. وفي العاریة یحتفظ المعیر بملكیة الشيء المستعار وبحیازتھ القانونیة.
ولیس للمستعیر إلا مجرد استعمالھ”.

رابعا: عقود ملزمة للجانبین وعقود ملزمة لجانب واحد
العقد الملزم للجانبین، ویسمى أیضا العقد التبادلي، ھو الذي یولد منذ تكوینھ التزامات متقابلة في ذمة كلا المتعاقدین، بحیث یصبح كل واحد منھما دائنا ومدینا في ذات الوقت، كعقد البیع الذي یلزم فیھ البائع بنقل ملكیة المبیع مقابل التزام المشتري بدفع الثمن، وعقد الكراء الذي یلزم المكري بتمكین المكتري من الانتفاع بالعین المكتراة لقاء والتزام الأخیر بالسومة
الكرائیة. بینما العقد الملزم لجانب واحد فلا ینشأ التزامات، إلا على جانب واحد، ومثال ذلك عقد الودیعة بدون أجر والتي تلزم المودع عنده بتسلیم الودیعة وحفظھا وردھا بعینھا دون أن یلتزم المودع بشيء.
خامسا: عقود فوریة و عقود زمنیة
العقد الفوري ھو العقد الذي لا یدخل في تكوینھ عنصر الزمن فیكون تنفیذه فوریا ولو تراضى الطرفان على تنفیذه إلى أجل معین. فعقد البیع الذي یلتزم البائع فیھ بنقل ملكیة المبیع إلى المشتري یعتبر عقدا فوریا حتى لو أجل دفع ثمن البیع إلى وقت لاحق، فالزمن ھنا صفة عرضیة ولیست جوھریة لأنھ لا دخل لھ في تحدید الثمن المتفق علیھ سلفا. أما العقد الزمني أو العقد المستمر، فھو العقد الذي یتدخل فیھ الزمن ویشكل عنصرا أساسیا وجوھریا فیھ، كما ھو الشأن بالنسبة لعقد الشغل الذي یعتبر الزمن عنصرا أساسیا فیھ، فھو عقد زمني باعتبار أن الخدمة التي یقدمھا أو یؤدیھا الأجیر تقدر بالزمن وبمرور الزمن
یستحق الأجیر أجرتھ و بالمقابل یستفید المشغل من عمل الأجیر.

سادسا: عقود محددة وعقود احتمالیة
العقد المحدد، ھو العقد الذي یستطیع فیھ كل طرف من أطراف العلاقة التعاقدیة تحدید وقت التعاقد قیمة ما یعطي وقیمة ما یأخذ وھي تعتبر صحیحة ولو انتفى فیھا التعادل بین الأداءین و القیمتین المتقابلتین.

فعقد بیع عقار بمبلغ معین، یعرف فیھ البائع قیمة العقار المبیع ویعرف في نفس الوقت مقدار
الثمن الذي حصل علیھ مقابل الشيء المبیع.
أما العقد الاحتمالي أو عقد الغرر، فھو عقد یجازف فیھ أحد الطرفین أو كلاھما بنسبة من
الربح أو الخسارة تكون معلقة على أمر أو حدث محتمل وغیر مؤكد الوقوع، و بعبارة أخرى
فھو العقد الذي لا یمكن فیھ لأي من المتعاقدین أن یحدد قیمة ما یعطي وما یأخذ عند إنشاء
العقد.
ومن الأمثلة على العقود الاحتمالیة، عقد التأمین ضد الحوادث، حیث یعتبر عقدا احتمالیا
مادام أن دفع كل من أقساط ومبلغ التأمین یكونان معلقین من حیث وجودھما وحجمھما على
تحقق الحادث المؤمن علیھ وتاریخھ ودرجة خطورتھ.
سابعا: عقود المساومة وعقود الإذعان
عقد المساومة négocie Contrat ،ھو عقد تقلیدي یكون كثمرة لتفاوض حر بین العاقدین
اللذین یناقشان المصطلحات المستعملة والشروط التعاقدیة، ویقدمان في العادة تنازلات
متبادلة بغیة الوصول إلى اتفاق متوازن مبدئیا.
أما عقد الإذعان، فھو عقد یبرم دون مساومة أو تفاوض، حیث یتولى طرفھ المتفوق قانونا أو
فعلیا تحدید كل شروطھ دون أن یكون باستطاعة الطرف الثاني أن یناقش تلك الشروط أو
یدخل علیھا تعدیلات معینة، ولا یكون أمامھ إلا أن یقبلھا كلیا أو یرفضھا كلیا، و إن كان في
العادة یقبلھا نظرا لحاجتھ إلى محلھا، فیكون مذعنا للطرف الثاني.
ولكي نكون أمام عقد إذعان، لابد من توفر الشروط التالیة:
ـ كون السلعة أو الخدمة محل العقد موضوعا لاحتكار قانوني أو فعلي.
ـ كون الطرف الضعیف في العقد مرغم على التعاقد تحت تأثیر الحاجة الملحة.
ـ أن توضع مسبقا شروط التعاقد من قبل الطرف القوي بحیث لا یبقى أمام الطرف الآخر
الضعیف سوى الموافقة على ھذه الشروط بحالتھا أو رفض التعاقد أصلا.

ثامنا: عقود فردیة وعقود جماعیة
العقد الفردي individuel Contrat ،ھو عقد یرتب التزاماتھ في مواجھة الأطراف الذین
أبرموه بصفتھم الشخصیة أو بواسطة نائب، وذلك تطبیقا لمبدأ نسبیة آثار العقد الذي یفید بأن
الالتزامات التعاقدیة لا تلزم إلا طرفي العقد، فھي لا تضر الغیر ولا تنفعھم إلا في الحالات
المذكورة في القانون.(الفصل 288 من ق.ل.ع)
أما العقد الجماعي collectif Contrat ،فھو عقد یرتب آثاره في مواجھة مجموعة من
الأشخاص والحال أنھ لم یبرم سوى من قبل شخصین أو بعض الأشخاص یمثلونھم، وأبرز
مثال على ذلك ھي اتفاقیة الشغل الجماعیة التي تطبق لیس فقط في مواجھة أعضاء النقابة
الذین وقعوا علیھا، بل أیضا في مواجھة أشخاص أجانب عن الموقعین ھم كافة العمال
والأجراء المنتمون لقطاع معین تحكمھ ھذه الاتفاقیة.
الفقرة الثالثة: مبدأ سلطان الإرادة
یعني مبدأ سلطان الإرادة في المجال التعاقدي أن إرادة المتعاقدین كافیة لوحدھا لإنشاء
الرابطة العقدیة، وترتیب كافة الآثار القانونیة التي تتضمنھا.
بمعنى آخر أن ھذا المبدأ یقوم على أمران:
الأول، أن الإرادة وحدھا كافیة لإنشاء العقد، وھو ما یعبر عنھ بمبدأ الرضائیة، والثاني أن
الإرادة حرة في تعیین وتحدید الآثار المترتبة على العقد، وھو ما یعبر عنھ بمبدأ العقد شریعة
المتعاقدین.
وقد بدأ مبدأ سلطان الإرادة في الظھور خلال العصور الوسطى، تحت تأثیر مجموعة من
العوامل، منھا:
ـ العامل الدیني، حیث أوجبت المبادئ الدینیة، وبصفة خاصة قواعد الكنیسة المسیحیة
بضرورة الوفاء بالوعود.

ـ العامل الاقتصادي، حیث إن ازدیاد حجم المعاملات التجاریة اقتضت ضرورة إزالة ما قد
یعیق المبادلات من إجراءات شكلیة.
ـ العامل الأخلاقي، فالعقد باعتباره ثمرة التراضي ینسجم مع مصالح الأطراف المتعاقدین،
لأنھ یستحیل أن یرضى الشخص أمرا یتعارض مع مصالحھ، وھذا ما یؤدي إلى توازن
مصالح المتعاقدین، وبالتالي تحقیق العدالة بینھما.
لیعرف ھذا المبدأ استقرارا وازدھارا في القرنین السابع عشر والثامن عشر، نتیجة انتشار
النظریات الاقتصادیة والفلسفیة والسیاسیة التي تقدس الحریة الفردیة، وتقر باستقلال إرادة
الفرد، وتسییر ھذه الإرادة لكل ما في الحیاة من نظم اقتصادیة واجتماعیة، وبھذا استقر مبدأ
سلطان الإرادة، وصار دعامة تبنى علیھا النظریات القانونیة.
ھذا، وتترتب على مبدأ سلطان الإرادة ثلاث آثار رئیسیة على المستوى العقدي، ھي: حریة
التعاقد، القوة الملزمة للعقد، و آثارھا النسبیة.
أولا: حریة التعاقد
إن العوامل الثلاث التي أشرنا إلیھا والظروف الجدیدة التي أثرت في الفكر القانوني ھي التي
دفعت فقھاء القانون إلى الإھتداء إلى أن الإرادة ھي جوھر كل التصرفات القانونیة.
بمعنى أن الإرادة وحدھا كافیة لانعقاد العقد، وإلزام أطرافھ بتنفیذ ما جاء في بنوده دون
حاجة إلى أي إجراء شكلي أو مادي، أي یكفي حدوث التراضي أو اتفاق الارادتین حتى ینعقد
العقد، وھو ما یعبر علیھ بمبدأ الرضائیة.
ثانیا: القوة الملزمة للعقد
وھذا یفید بأن ما اتفق علیھ المتعاقدان یلزمھما بصفة نھائیة، باعتبار أن الإرادة إذا كانت حرة
من كل قید خارجي فھي تخضع لما ترتضیھ، ومن ثم یلتزم المتعاقدون بالاحترام الكامل للعقد
بحیث یصبح العقد كالقانون یلزمھم باحترامھ وتطبیقھ، وبعبارة أخرى یصبح العقد شریعة
المتعاقدین والالتزام الناشئ عنھ یعادل في قوتھ الالتزام الناشئ عن القانون.

ویترتب عن ذلك، أنھ لا یمكن لأحد المتعاقدان أن یستقل و ینفرد بتعدیل العقد الذي ھو
طرف فیھ، إلا باتفاق مشترك بین المتعاقدین، وھو ما عبر عنھ المشرع المغربي من خلال
الفصل 230 من ق.ل,ع الذي جاء فیھ: ” الالتزامات التعاقدیة المنشأة على وجھ صحیح تقوم
مقام القانون بالنسبة إلى منشئیھا، ولا یجوز إلغاؤھا إلا برضاھما معا أو في الحالات
المنصوص علیھا في القانون”.
ثالثا: نسبیة آثار العقد
تعتبر من النتائج المترتبة عن مبدأ سلطان الإرادة، إذ بمقتضاھا لا یمكن للرابطة
العقدیة أن تخلف أي مفعول في مواجھة الغیر، ذلك أن العقد كتصرف إرادي لا یلزم إلا
أطرافھ الذین ارتضوه، أما الغیر فلا یمكن أن یستفیدوا أو یتضرروا من عقد لم یشاركوا
بإرادتھم في تكوینھ، وھو ما صرح بھ المشرع المغربي من خلال الفصل 228 من ق,ل,ع
الذي ورد فیھ: ” الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد، فھي لا تضر الغیر ولا
تنفعھم إلا في الحالات المذكورة في القانون”.

المطلب الثاني: أركان العقد

جاء في الفصل الثاني من ق.ل.ع: ” الأركان اللازمة لصحة الالتزامات الناشئة عن
التعبیر عن الإرادة ھي:
1 – الأھلیة للالتزام؛
2 – تعبیر صحیح عن الإرادة یقع على العناصر الأساسیة للالتزام؛
3 – شيء محقق یصلح لأن یكون محلا للالتزام؛
4 – سبب مشروع للالتزام”.
وھكذا، فطبقا للفصل أعلاه، فلكي ینعقد العقد صحیحا، لا بد من توافر أركان أساسیة،
وھي: الأھلیة، التراضي، المحل، السبب.

الفقرة الأولى: الأھلیة

تعرف الأھلیة بأنھا صلاحیة الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات، وكذا
مباشرة التصرفات القانونیة المتعلقة بھما.
وقد أولى ق.ل.ع أھمیة كبیرة للأھلیة، حیث نظمھا في الفرع الأول منھ من خلال
الفصول من 3 إلى 13 ،وحیث إن الفصل الثالث من ق.ل.ع قد أقر بأن الأھلیة المدنیة
للشخص تخضع لقانون أحوالھ الشخصیة، مما یعني بأن أحكام الأھلیة بالنسبة للمغاربة
تنظمھا المقتضیات القانونیة المقررة في مدونة الأسرة.
و تنقسم الأھلیة إلى نوعین: أھلیة وجوب (أولا) و أھلیة أداء (ثانیا)

أولاـ أھلیة الوجوب
عرفت أھلیة الوجوب من خلال المادة 207 من مدونة الأسرة بأنھا: ” أھلیة الوجوب
ھي صلاحیة الشخص لاكتساب الحقوق وتحمل الواجبات التي یحددھا القانون، وھي ملازمة
لھ طول حیاتھ ولا یمكن حرمانھ منھا”.
طبقا للمادة أعلاه، یمكن القول بأن أھلیة الوجوب ھي قدرة الشخص على أن یكون
4 صاحب مركز قانوني واقعي یعطیھ حقا أو یوجب علیھ التزام.
وقد قسم الفقھاء أھلیة الوجوب إلى ثلاثة أنواع.
1ـ أھلیة الوجوب الناقصة، وتعني صلاحیة الشخص لثبوت الحقوق لھ دون أن یتحمل
أي التزام مقابل تمتعھ بھذه الحقوق، كما ھو الشأن بالنسبة للجنین في بطن أمھ التي تبدأ
أھلیتھ ناقصة ثم تصبح كاملة عند ولادتھ حیا.
2ـ أھلیة الوجوب الكاملة، وھي صلاحیة الشخص لثبوت الحقوق والالتزامات لھ
وعلیھ، وھي تثبت للإنسان منذ ولادتھ حیا وتبقى ملازمة لھ إلى حین وفاتھ.

ـ أھلیة الوجب تختلف بحسب جنس الشخص، فأھلیة المرأة تختلف عن أھلیة الرجل في أمور عدة، منھا أن المرأة العاملة لھا الحق في إجازة 4
الوضع، والحق في المھر والنفقة حتى لو كانت عاملة، وللرجل مثل حظ الأنثیین في المیراث، وللرجل الحق في التعدد، وللرجل الحق في أن
ینسب أولاده لھ، وللمرأة الحق في إرضاعھم وحضانتھم.

3ـ أھلیة الوجوب المنعدمة، وینتج عن انعدام الأھلیة انعدام الشخصیة، ومثال ذلك
الجنین الذي یولد میتا.
ثانیا: أھلیة الأداء
عرفت المادة 208 من مدونة الأسرة أھلیة الأداء بأنھا : ” أھلیة الأداء ھي صلاحیة
الشخص لممارسة حقوقھ الشخصیة والمالیة ونفاذ تصرفاتھ، ویحدد القانون شروط اكتسابھا
وأسباب نقصانھا أو انعدامھا”.
كما عرفھا الفقھ المدني بعدة تعریفات، من بینھا صلاحیة الشخص لاستعمال الحق، أو
ھي صلاحیة الشخص لصدور العمل القانوني منھ على وجھ یعتد بھ شرعا.
وأھلیة الأداء كأھلیة الوجوب یمكن أن تكون ناقصة (1 (أو منعدمة (2 (أو كاملة.
1ـ نقصان الأھلیة
یعتبر ناقص الأھلیة كل من بلغ سن التمییز ولم یبلغ سن الرشد، وكل من بلغ سن الرشد
وكان سفیھا أو معتوھا، وھو ما أقرتھ مدونة الأسرة من خلال المادة 213 التي جاء فیھا: ”
یعتبر ناقص أھلیة الأداء:
1 – الصغیر الذي بلغ سن التمییز ولم یبلغ سن الرشد؛
2 – السفیھ؛
3 – المعتوه”.
أـ الصغیر الذي بلغ سن التمییز ولم یبغ سن الرشد/ الصبي الممیز، ھو الذي أتم الثانیة
عشر من عمره ولم یبلغ سن الرشد المحدد في ثمانیة عشر سنة، وتصرفات الصبي الذي أتم
اثنتي عشر سنة تعتبر تصرفاتھ موقوفة على نظر ولیھ، فلھ أن یجیزھا ولھ إبطالھا بحسب ما
إذا كانت تخدم مصالحھ أم لا.
ب ـ السفیھ، ھو من لا یحسن تدبیر أموالھ، أو ھو كما عرفتھ المادة 215 من مدونة
الأسرة: ” السفیھ ھو المبذر الذي یصرف مالھ فیما لا فائدة فیھ، وفیما یعده العقلاء عبثا،
بشكل یضر بھ أو بأسرتھ”.

ج ـ المعتوه، ھو الشخص المصاب بإعاقة ذھنیة لا یستطیع معھا التحكم في تفكیره
وتصرفاتھ، ویأتي في مرتبة وسطى بین المجنون وبین المریض عقلیا أو نفسیا.
و یرى جمھور فقھاء القانون المدني على ضرورة الحجر على السفیھ والمعتوه، وھو
ما أخذت بھ مدونة الأسرة من خلال المادة 220 التي ورد فیھا: ” فاقد العقل والسفیھ
والمعتوه تحجر علیھم المحكمة بحكم من وقت ثبوت حالتھم بذلك، ویرفع عنھم الحجر ابتداء
من تاریخ زوال ھذه الأسباب حسب القواعد الواردة في ھذه المدونة”.
2ـ فقدان الأھلیة
لا یكون الفرد أھلا لمباشرة حقوقھ المدنیة إذا كان فاقد التمییز لصغره أو لجنونھ أو
خلل عقلي، وھو ما عبر عنھ المشرع من خلال المادة 217 من مدونة الأسرة التي جاء فیھا:
” یعتبر عدیم أھلیة الأداء:
أولا: الصغیر الذي لم یبلغ سن التمییز؛
ثانیا: المجنون وفاقد العقل”.
أـ الصغیر غیر الممیز، ھو كل صبي لم یتم الثانیة عشر من عمره، بحیث لا یستطیع
في ھذه السن التمییز بین ما یضره وینفعھ، وبالتالي فإن تصرفاتھ تعتبر باطلة ولا تنتج أي
أثرا، وذلك تطبیقا للمادة 224 من مدونة الأسرة.
ب ـ المجنون، ھو من فقد عقلھ، والجنون ھو العارض الذي یصیب الشخص فیذھب
بعقلھ أو یفقده التوزان الذي ینتفي معھ كل إدراك وتمییز، وھو حالة قد تصیب الإنسان في
كل الأوقات فیسمى بالجنون المطبق، أو في بعض الأوقات فیسمى الجنون المقتطع.
وھكذا، یجب التمییز بین المجنون الذي یكون جنونھ مطبقا یصاحبھ على الدوام، بحیث
یفقد أھلیتھ باستمرار، وبین فاقد العقل الذي یصیبھ خللھ العقلي بصورة غیر مطبقة أي في
فترات معینة دون أخرى، ومن ثم فھو یكون معدوم الأھلیة في فترات مرضھ العقلي لیس
إلا.

ثالثا: أثر أحكام الأھلیة على التصرفات القانونیة
1ـ التصرفات النافعة نفعا محضا، ھي التصرفات التي تثري من یباشرھا دون تحملھ
مقابل ذلك بأي تكلیف، فالمتعاقد ھنا یأخذ ولا یعطي، وأبرز مثال على ذلك ھو الھبة بالنسبة
للموھوب لھ، الوصیة بالنسبة للموصى لھ، فكل ھؤلاء یأخذون ولا یعطون أي مقابل، و
تصرفاتھم تكون صحیحة في كل الأحوال، وتبعا لذلك أجاز المشرع المغربي من خلال
الفصل 5 من ق.ل.ع للقاصر وناقص الأھلیة أن یجلبا لنفسھما نفعا ولو بدون مساعدة الولي
أو الوصي، بحیث یجوز لھما أن یقبلا الھبة أو أي تبرع آخر.
2ـ التصرفات الضارة ضررا محضا، ھي التصرفات التي تؤدي إلى افتقار الذمة
لخروج حق منھا لصالح الغیر دون الحصول على مقابل أو دون نفع یجنیھ من وراء ھذا
التصرف، كالھبة بالنسبة للواھب والوصیة بالنسبة للوصي، فجمیع ھذه التصرفات وما
شابھھا یمنع على القاصر أو ناقص الأھلیة مباشرتھا بنفسھ، كما یمنع على النائب الشرعي
مباشرتھا عنھ وذلك تحت طائلة البطلان تطبیقا لمقتضیات الفصل 12 من ق.ل.ع.
3ـ التصرفات الدائرة بین النفع والضرر، ھي التصرفات التي تحتمل الربح والخسارة
والمتعاقد فیھا یعطي ویحصل على مقابل لما أعطاه، ومثال ذلك البیع الذي بمقتضاه ینقل
البائع ملكیة المبیع ویحصل مقابل ذلك على الشيء الذي یؤدیھ المشتري، فمثل ھذه
التصرفات تتوقف صحتھا على إذن الولي، فإن أجازھا نفذت، وإن لم یجزھا بطلب.

الفقرة الثانیة: التراضي

التراضي ھو انصراف إرادة المتعاقدین إلى انتاج الأثر القانوني المرغوب فیھ، ففي
عقد البیع مثلا یقال بأن البائع قد ارتضى المبیع، والمشتري قد ارتضى الشراء.
أولاـ كیفیة التعبیر عن التراضي
التعبیر عن الإرادة ھو الإفصاح عما تنطوي علیھ النفس من إرادة ورغبة، وما دامت
الإرادة عمل نفسي ینعقد بھ العزم على شيء معین، فإن العلم بھا من طرف الأغیار لا
یتحقق، إلا إذا عبر عنھا صاحبھا بأحد مظاھر التعبیر.

أ ـ التعبیر الصریح، وھو التعبیر الذي یفصح عن الإرادة مباشرة، وذلك بأي وسیلة
تكشف عن تلك الإرادة حسب المألوف بین الناس، ولا یحتاج إلى جھد فكري لاستخلاص
الإرادة منھ، حیث قد یكون ذلك باللفظ، أو بالكتابة، أو بالإشارة المتداولة عرفا، كھز الرأس
عمودیا للدلالة على القبول أو أفقیا للتعبیر عن الرفض.
ب ـ التعبیر الضمني، وھي التعبیر الذي یكشف عن الإرادة بصورة غیر مباشرة،
ویمكن استخلاصھا عن طریق الاستنتاج الفكري والتفسیر، ومثالھ بقاء المكتري في العین
المكتراة بعد انقضاء عقد الكراء بعلم المكري ودون اعتراض منھ، إذ یعتبر ھذا السلوك من
جانب المكتري بمثابة إیجاب ضمني عن إرادة تجدید عقد الكراء، وعلى قبول ضمني من
جانب المكري.
ثانیاـ العناصر المكونة للتراضي
إن التراضي بین أطراف العقد لا یتم إلا بصدور إیجاب من أحد الأطراف واقترانھ
بقبول من الطرف الآخر.
1ـ الإیجاب، ھو تعبیر لازم بات صادر من شخص إلى شخص آخر، یعلن بمقتضاه
رغبتھ في إبرام عقد معین، فإذا استجاب ھذا الأخیر لھذا الطلب انعقد العقد وإذا امتنع
انعدمت فكرة التعاقد.
والإیجاب قد یكون صادرا لشخص معین، كما لو أراد شخص إبرام عقد مع أحمد مثلا،
أو قد یكون موجھا للجمھور أو العموم كالإعلان عن البضائع والمنتجات عن طریق
الصحف أو الوصلات الإشھاریة.
أـ القوة الملزمة للإیجاب
إن التساؤل المطروح ھو مدى التزام الموجب بالإبقاء على ایجابھ؟ أم أنھ لھ الحق في
العدول عنھ؟
الأصل العام أن الإیجاب لیس لھ قوة ملزمة بذاتھ، بحیث یمكن للموجب أن یرجع عن
إیجابھ ما دام لم یقترن بقبول أو مادام الطرف الآخر الذي وجھ إلیھ الإیجاب لم یشرع في

تنفیذ العقد، وھو ما أقره ق.ل.ع من خلال الفصل 26 الذي جاء فیھ: ” یجوز الرجوع في
الإیجاب مادام العقد لم یتم بالقبول أو بالشروع في تنفیذه من الطرف الآخر”.
واستثناء یكون الإیجاب ملزما في حالات معینة، منھا:
ـ إذا كان الإیجاب مقترنا بأجل للقبول، حیث یلتزم الموجب بالإبقاء على إیجابھ إلى أن
ینقضي ھذا الأجل (الفصل 29 ق.ل.ع).
ـ في حالة تقدیم الإیجاب عن طریق المراسلة، من دون تحدید أجل للقبول، حیث یبقى
الموجب ملزما بإیجابھ داخل أجل معقول یتناسب ووصول رد المرسل إلیھ (الفقرة الأولى من
الفصل 30 من ق.ل.ع).
ـ یكون الإیجاب ملزما حتى بعد وفاة الموجب أو حدوث نقص في أھلیتھ، إذا قبلھ
الطرف الموجھ إلیھ الإیجاب وھو یجھل ذلك (الفصل 31 من ق.ل.ع).
ب ـ سقوط الإیجاب
تطبیقا لمقتضیات ق.ل.ع یسقط الإیجاب في الحالات التالیة:
ـ عند رفض الموجھ لھ الإیجاب المعروض علیھ.
ـ عند انتھاء الأجل المحدد في الإیجاب دون أن یعبر الموجھ لھ عن قبولھ لھ.
ـ یسقط الإیجاب بانحلال مجلس العقد دون أن یقع اقتران الایجاب بالقبول.
ـ یسقط الایجاب إذا حصلت وفاة الموجب أو فقدانھ أھلیتھ مع علم الموجھ لھ الإیجاب
بذلك من قبل، حیث لا یحق لھ القبول وبالتالي یسقط الإیجاب.
2ـ القبول
ھو إعلان من وجھ إلیھ الإیجاب عن موافقتھ على إبرام العقد الذي عرض علیھ
بالشروط والقیود الذي تضمنھا.
ویتعین أن یتوفر في القبول شرطان أساسیین، وھما:
ـ أن یصدر القبول والإیجاب لازال قائما، بمعنى أن یصدر القبول في وقت یكون فیھ
الإیجاب قائما، فإذا كان الإیجاب مقرونا بأجل صریح أو بأجل ضمني، وجب أن یصدر

القبول قبل انقضاء الأجل الصریح أو الضمني، وإذا كان الإیجاب وجھ لشخص حاضر ولم
یحدد لھ مدة وجب أن یصدر القبول فورا.
ـ أن یكون القبول مطابقا للإیجاب، المقصود بھذا الشرط، أن یكون القبول موافقا لكل
الشروط الواردة في الإیجاب استنادا لما جاء في الفصل 28 من ق.ل.ع، والذي نص على أنھ
یعتبر الرد مطابقا للإیجاب إذا اكتفى الموجب لھ بقولھ قبلت، أو نفذ العقد بدون تحفظ، أما إذا
انعدم ھذا التطابق، فإن التراضي بین المتعاقدین لا یتم، ویتحول القبول المعلق على شرط أو
المتضمن لقید إلى إیجاب جدید یحتاج إلى قبول مطابق لھ من الموجب الأصلي.
ثالثا: عیوب الرضاء
لكي یكون التراضي سلیما لابد وأن یكون صادرا عن إرادة حرة وغیر معیبة بغلط أو
تدلیس أو عن إكراه.
1ـ الغلط
نظم المشرع قواعده من خلال المواد من 40 إلى 45 من ق.ل.ع، ویعرف الغلط بأنھ
توھم یصور لشخص الواقع على خلاف حقیقتھ ویدفعھ إلى التعاقد، فھو تصور كاذب للواقع
یؤدي بالشخص إلى إبرام عقد ما كان سیبرمھ لو أدرك حقیقة الأمر، كمن یشتري لوحة
معتقدا أنھا أثریة، ثم یتبین أنھا لیست كذلك.
أ ـ الغلط في القانون
یقصد بھ، سوء فھم المتعاقد لقاعدة قانونیة فیفھمھا فھما خاطئا، وإما اعتقاده بوجود
قاعدة قانونیة غیر موجودة في الواقع، وإما جھل المتعاقد بقاعدة قانونیة موجودة.
ویشترط المشرع لتخویل الإبطال بسبب الغلط في القانون شرطین أساسیین:
ـ أن یكون ھذا الغلط ھو السبب الوحید أو الأساسي للتعاقد، بمعنى أنھ لا یكفي لاعتبار
العقد معیبا أن یقع أحد المتعاقدین في غلط بل یجب فضلا عن ذلك أن یكون ھذا الغلط ھو
الدافع إلى التعاقد أي ھو الذي حمل المتعاقد الواقع فیھ على إبرام العقد بحیث أنھ ما كان لھ
أن یبرم العقد لولا وقوعھ في ھذا الغلط.

ومن الأمثلة على ذلك، امتناع شخص عن بیع عقار لھ ھو یعتقد خطأ بأنھا لا تقبل
التصرف.
ـ أن یكون الغلط مما یمكن العذر عنھ، الأصل أن القاعدة القانونیة تطبق في حق
المتعاقدین سواء علما بھا أو لم یعلما، غیر أنھ إذا أقدم شخص على إبرام عقد معین وھو
یجھل قواعد القانون بشأن أمر من أمور التعاقد، فلا یمكن اعتبار رضائھ سلیما، ذلك أن
المتعاقد ھنا لا یطالب باستبعاد حكم القانون عند مطالبتھ بإبطال العقد للغلط في القانون، وإنما
یطالب بتطبیق حكم القانون علیھ.
ب ـ الغلط في الواقع، قد یتعلق بالشيء موضوع التعاقد وقد یتعلق بالشخص المتعاقد.
ـ الغلط المتعلق بالشيء
خصص لھ المشرع الفصل 41 من ق.ل.ع الذي ورد فیھ: ” یخول الغلط الإبطال، إذا
وقع في ذات الشيء أو في نوعھ أو في صفة فیھ كانت ھي السبب الدافع إلى الرضى”.
وطبقا للفصل أعلاه، نشیر إلى ما یلي:
ـ الغلط في ذاتیة الشيء، ویقصد بھ الغلط الوارد على مجموع العناصر الذاتیة الممیزة
للشيء محل التعاقد، ومثالھ أن تشتري امرأة حلیا على أساس أنھ ذھب خالص بینما ھي من
الفضة المطلات بالذھب، فھي تكون قد وقعت في غلط یستوجب إبطال العقد.
ـ الغلط في نوع الشيء، یقصد بھ مجموع الصفات الأساسیة التي تتمیز بھا الأشیاء
بعضھا عن بعض، ومثال ذلك شراء تاجر سلعة على أنھا من النوع الممتاز ، وإذ ھي من
النوع الرديء.
ـ الغلط في الصفة، یعتبر الغلط جوھریا إذا وقع في صفة جوھریة في الشيء وكانت
ھذه الصفة ھي الدافعة إلى التعاقد، ومثالھ أن یشتري شخص سیارة على أنھا جدیدة ثم یتضح
بأنھا مستعملة.

ـ الغلط في شخص المتعاقد
خصص لھ المشرع الفصل 42 من ق.ل,ع الذي جاء فیھ: ” الغلط الواقع على شخص
إلا إذا كان ھذا الشخص أو ھذه الصفة أحد 5 أحد المتعاقدین أو على صفتھ، لا یخول الفسخ
الأسباب الدافعة إلى صدور الرضى من المتعاقد الآخر”.
انطلاقا من النص أعلاه، فإن الغلط في ذاتیة المتعاقد قد تخول إبطال العقد، إذا كانت
ھذه الذاتیة محل اعتبار في العقد، ومثال ذلك أن یھب شخص مالا لشخص معین وإذ
بالموھوب لھ شخص غیر الشخص الذي كان یرید الواھب أن یخصھ بھبتھ.
كما أن الغلط یخول الإبطال عندما یقع على صفة جوھریة من صفات المتعاقد، التي
كانت ھي السبب الدافع إلى التعاقد، ومن أمثلة الغلط في صفة المتعاقد أن یعھد شخص إلى
شخص بالإشراف على بناء لھ وھو یظنھ مھندسا، ثم یظھر بأنھ لیس بمھندس ولا یفقھ شیئا
من أمور الھندسة.
2ـ الإكراه
عرف الفصل 46 من ق.ل.ع الإكراه بأنھ: ” إجبار یباشر من غیر أن یسمح بھ القانون
یحمل بواسطتھ شخص شخصا آخر على أن یعمل عملا بدون رضاه “.
انطلاقا من الفصل أعلاه، یقصد بالإكراه إجبار غیر مشروع یقع على الشخص لحملھ
على القیام بتصرف قانوني أو عمل لا یرضاه، ومثالھ أن یھدد شخص شخصا آخر بالضرب
أو القتل حتى یحملھ على التعاقد.
ولكي یكون الإكراه عیبا مؤثرا في الإرادة، لابد من توفر مجموعة من الشروط ،
وھي:
ـ استعمال وسائل الإكراه.

5 – المقصود الإبطال.

ـ أن تكون الرھبة ھي الدافع إلى التعاقد.
ـ تحقیق غرض غیر مشروع.
استعمال وسائل الإكراه، لتحقق الإكراه یجب أن تستعمل وسیلة ضغط أو تھدید تحدث
ألما جسمیا أو اضطرابا نفسیا، أو خوفا من تعریض النفس أو الشرف أو المال لضرر
كبیر(الفقرة الثانیة من الفصل 47 من ق.ل.ع).
وعلیھ، فالإكراه قد یكون مادیا عندما یقع على جسم المكره، وقد یكون إكراھا معنویا،
كالتھدید بإلحاق الأذى بالنفس أو الجسم أو المال.
أن تكون الرھبة ھي الدافع إلى التعاقد، لقد أكد المشرع على ھذا الشرط من خلال
الفقرة الأولى من الفصل 47 من ق.ل.ع: ” الإكراه لا یخول إبطال الالتزام إلا:

– إذا كان ھو السبب الدافع إلیھ”.
فالعبرة ھنا، لیست في الوسیلة المستعملة للإكراه، وإنما فیما تتركھ ھذه الوسیلة من
أثر سلبي على شخص المتعاقد تدفعھ إلى إبرام العقد دون رضاه، بحیث لو تركت لھ الحریة
والاختیار ولم تستعمل ضده وسائل التھدید لما أقدم على التعاقد.
تحقیق غرض غیر مشروع، لكي یخول الإكراه إبطال العقد یشترط أن یكون غیر
مشروع، وذلك انطلاقا من الفصل 46 من ق.ل.ع الذي جاء فیھ: ” یباشر من غیر أن یسمح
بھ القانون”، بمعنى أنھ إذا كانت وسیلة الضغط مشروعة فلا یمكن أن یبطل العقد للإكراه،
ومثالھ تھدید الدائن للمدین باللجوء إلى إجراءات التنفیذ لإبرام عقد بیع، فھذا الأخیر لا یلحقھ
الإبطال باعتبار أن الإكراه والضغط الممارس كان مشروعا.
أما إذا كانت وسیلة الضغط مشروعة للوصول إلى غرض غیر مشروع كتھدید الدائن
لمدینھ برفع دعوى علیھ حتى یحصل منھ على أزید من حقھ، فعندئذ یتحقق الإكراه.

3ـ التدلیس
نظم المشرع المغربي التدلیس من خلال الفصلین 52 و 53 من ق ل ع.
أـ تعریف التدلیس
یمكن تعریف التدلیس بكونھ الوسائل الاحتیالیة التي یستعملھا المدلس أو نائبھ أو شخص
من الغیر، بھدف تغلیط المتعاقد الآخر وخداعھ من أجل دفعھ إلى التعاقد.
ومن نماذجھ العملیة، أن یسلم شخص مصاب بمرض عضال إلى شركة تأمین شھادات
طبیة تثبت أنھ متمتع بصحة سلیمة وذلك من أجل دفع ھذه الشركة إلى إبرام عقد تأمین على
حیاتھ لفائدة أبنائھ، أو أن یقوم شخص عازم على بیع سیارتھ بتغییر أرقام عدادھا من أجل
إیھام المشتري بحداثتھا ومن ثم دفعھ إلى شرائھا.
یتبین من التعریف أعلاه، أنھ بخلاف الغلط الذي یحدث للعاقد من تلقاء نفسھ فإن التدلیس
غیر تلقائي، لأنھ مجموعة من وسائل الاحتیال والتضلیل التي یعمد لھا أحد المتعاقدین، أو
شخص آخر یعمل بالتواطؤ معھ، عن بینة واختیار بغیة إیقاع المتعاقد الآخر في غلط یدفعھ
إلى التعاقد.
ب ـ شروط التدلیس
حدد المشرع المغربي شروط التدلیس من خلال الفصل 52 من ق . ل . ع بقولھ: ”
التدلیس یخول الإبطال، إذا كان ما لجأ إلیھ من الحیل أو الكتمان أحد المتعاقدین أو نائبھ أو
شخص آخر یعمل بالتواطؤ معھ قد بلغت في طبیعتھا حدا بحیث لولاھا لما تعاقد الطرف
الآخر. ویكون للتدلیس الذي یباشره الغیر نفس الحكم إذا كان الطرف الذي یستفید منھ عالما
بھ”.
إن ما یستشف من الفصل أعلاه، أنھ لكي نكون أمام تدلیس یعیب الإرادة لا بد من توفر
الشروط التالیة:

الشرط الأول: استعمال وسائل احتیالیة
یتطلب قیام التدلیس استخدام المدلس وسائل احتیالیة تخفي الحقیقة عن المتعاقد، وتولد
الغلط في ذھنھ، والتدلیس یقوم على عنصرین، عنصر مادي وعنصر معنوي.
فالعنصر المادي، یتمثل في مجموع الوسائل الاحتیالیة التي استعملھا المدلس للتغریر
بالطرف الآخر، وقد یكون ذلك باعتماد وسائل مادیة كتقدیم محررات مزورة أو شھادات
غیر صحیحة أو كشوف حسابات مزورة بھدف طمس الحقیقة وتغلیط المتعاقد.
أما العنصر المعنوي، فیعني انصراف نیة المدلس نحو تضلیل المتعاقد، والتغریر بھ
للوصول إلى غرض غیر مشروع، أما إذا استعملت ھذه الوسائل لتحقیق غیر مشروع، فلا
نكون أمام تدلیس، وذلك كما لو لجأ الدائن إلى الخدیعة لیسترجع دینھ من المدین.

الشرط الثاني: أن یكون التدلیس ھو الدافع إلى التعاقد
ویقصد بذلك أن یكون التدلیس قد بلغ درجة جعلتھ مؤثرا في إرادة الشخص المتعاقد
ودفعتھ إلى التعاقد، وھنا لابد من التمییز بین ھذا التدلیس الذي یسمى بالتدلیس الأصلي،
والذي ینتج عنھ إبطال التصرف القانوني، و بین التدلیس العارض الذي لا یدفع إلى التعاقد،
بل یقتصر أثره على إغراء المتعاقد على القبول بشروط أو شرط أكثر تكلفة من التكلفة
الحقیقة وبالتالي لا یخول للمتعاقد إلا الحق في استرجاع التعویض، وذلك وفق ما ھو
منصوص علیھ في الفصل 53 من ق . ل .ع، الذي جاء فیھ: ” التدلیس الذي یقع على توابع
الالتزام من غیر أن یدفع إلى التحمل بھ لا یمنح إلا الحق في التعویض”.

الشرط الثالث: صدور نیة التضلیل من المتعاقد الآخر أو من شخص آخر
من خلال قراءة الفصل 52 من ق ل ع، فإن التدلیس الذي یخول إبطال العقد، یتطلب
بالإضافة إلى استعمال طرق احتیالیة لتضلیل المتعاقد الآخر من أجل دفعھ إلى المتعاقد، أن

یكون ھذا الاستعمال قد تم من طرف المتعاقد نفسھ أو من طرف شخص آخر یعمل بالتواطؤ
معھ أو عن شخص من الغیر، إذا كان المتعاقد المستفید منھ عالما بھ، أما إذا كان استعمال
الأسالیب الاحتیالیة من طرف الغیر ولم یكن الطرف المستفید على علم بھ، فإنھ لا یكون
ھناك تدلیس یخول للمتضرر المطالبة بإبطال العقد، بحیث لا یكون أمام المدلس علیھ في ھذه
الحالة سوى الرجوع على المدلس طبقا لقواعد المسؤولیة التقصیریة.

الفقرة الثالثة: المحل

أولا: التمییز بین محل الالتزام ومحل العقد
ھل المحل ركن في الالتزام أم ركن في العقد؟ سؤال أثارت الإجابة عنھ تباین واختلاف
وجھات نظر فقھاء القانون المدني.
فمحل الالتزام یتمثل في ذلك الأداء الملقى على عاتق الملتزم الذي ھو إعطاء شيء أو
القیام بعمل أو خدمة أو الامتناع عن القیام بھما، ویترتب عن تعریف محل الالتزام أنھ في
عقد البیع یكون الشيء المبیع محلا لالتزام البائع بینما یكون الثمن محلا لالتزام المشتري.
أما بالنسبة لمحل العقد، فإنھ یتمثل في تلك العملیة القانونیة التي یھدف الأطراف إلى
تحقیقھا، إذ قد تكون بیعا أو مقاولة أو كراء، أو كفالة…ومن ثم، ففي عقد البیع مثلا، إذا كان
محل العقد ھو تملیك الشيء بعوض (أي عملیة البیع)، فإن محل التزام البائع والمشتري ھو
تسلیم المبیع ودفع الثمن.
وعلیھ، یمكن القول بأن الفرق بین محل العقد ومحل الالتزام ھو أن محل العقد ھو دائما
إنشاء الالتزام بینما محل الالتزام الناشئ عن العقد ھو إما إعطاء شيء أو القیام بعمل أو
الامتناع عن العمل.
ثانیا: الشروط التي یتعین توفرھا في المحل
حتى یكون المحل قابلا للتعاقد علیھ، فإنھ یتعین فیھ أن یكون موجودا(أ)، وممكنا(ب)، وأن
یكون مشروعا(ج)، وأن یكون معینا أو قابلا للتعیین مستقبلا(د).

أـ أن یكون المحل موجودا أو قابلا للوجود في المستقبل
یعتبر شرط الوجود في المحل من أھم الشروط الواجب توفرھا فیھ، ویترب على ذلك أن
المحل إذا لم یكن موجودا أثناء إبرام العقد فإن مصیر ھذا الأخیر یكون ھو البطلان، وھذا ما
یتحقق في الحالة التي یتم فیھا التعاقد على شراء سیارة أو حیوان أو ثمار، ثم یتبین أن
السیارة قد سرقت أو احترقت أو أن الحیوان قد نفق وأن الثمار قد ھلكت بفعل الصقیع مثلا.
ھذا، وقد تنصرف إرادة المتعاقدین إلى التعاقد على شيء غیر موجود، وإنما سیوجد في
المستقبل، ومثال ذلك، أن یقوم شخص بكراء منزل لا زال في طور البناء، حیث یصح
التعاقد وفق ما ھو منصوص علیھ في الفقرة الأولى من الفصل 61 من ق ل ع الذي ورد
فیھا: ” یجوز أن یكون محل الالتزام شیئا مستقبلا”.
ب ـ أن یكون المحل ممكنا لا مستحیلا
علاوة على شرط وجود المحل في الحال أو الاستقبال، فإنھ یلزم فیھ أن یكون ممكنا
غیر مستحیل، وھو ما أكده المشرع من خلال الفصل 59 من ق ل ع الذي جاء فیھ: ” یبطل
الالتزام الذي یكون محلھ شیئا أو عملا مستحیلا إما بحسب طبیعتھ أو بحكم القانون”.
والمقصود بالاستحالة ھنا، ھي الاستحالة المطلقة التي تفوق طاقة وقدرة الجمیع، أما
الاستحالة النسبیة أو الشخصیة، فإنھا لا تعدو أن تكون عجزا شخصیا لا یحول دون إبرام
العقد بالنسبة للقادرین على تخطي ھذه الاستحالة النسبیة.
والاستحالة المطلقة یستوي أن تكون إما استحالة طبیعیة ترجع إلى طبیعة المحل، كما
في تعاقد الانسان على شراء قطعة أرض فوق سطح القمر أو بأن یبعث الروح في میت،
وإما استحالة قانونیة، تتمثل في وجود مانع قانوني یحول دون إبرام العقد، كالاتفاق على بیع
أراضي مملوكة للدولة كالشواطئ والشوارع والطرق العمومیة.
ج ـ أن یكون المحل مشروعا
أي غیر مخالف للنظام العام والآداب، بمعنى أن یكون جائزا التعامل فیھ وفقا للقانون،
وھو ما عبر عنھ المشرع من خلال الفصل 57 من ق ل ع بالقول: ” الأشیاء والأفعال

والحقوق المعنویة الداخلة في دائرة التعامل تصلح وحدھا لأن تكون محلا للالتزام، ویدخل
في دائرة التعامل جمیع الأشیاء التي لا یحرم القانون صراحة التعامل بشأنھ”.
وتطبیقا للفصل أعلاه، فإنھ إذا تعاقد اثنان مثلا على ارتكاب جریمة یعاقب علیھ القانون
كالقتل أو السرقة أو الدعارة، كان ھذا العقد باطلا مطلقا لعدم مشروعیة الالتزام موضوع ھذا
العقد.
دـ أن یكون المحل معینا أو قابلا للتعیین
أكد المشرع على ھذا الشرط من خلال الفصل 58 من ق ل ع الذي جاء فیھ: ” الشيء
الذي ھو محل الالتزام یجب أن یكون معینا على الأقل بالنسبة إلى نوعھ ویسوغ أن یكون
مقدار الشيء محددا إذا كان قابلا للتحدید فیما بعد”.
وعلیھ، فإذا كان محل الالتزام ھو القیام بعمل أو خدمة معینة، فإنھ یلزم في كل من
العمل والخدمة أن یكونا محددین أو قابلین للتحدید مستقبلا، فإذا التزم مقاول ببناء عمارة،
فإنھ یتعین تحدید أوصاف العمارة، من حیث عدد الطوابق وعدد الشقق، ومساحات الشقق.
أما إذا كان محل الالتزام عبارة عن إعطاء شيء مادي، فإنھ یتعین التمییز بین نوعین
من الأشیاء حسب ما إذا كانت قیمیة أو مثلیة.
فبالنسبة للأشیاء القیمیة، التي لیس لھا مقابل في السوق، كبیع منزل بذاتھ أو لوحة
أثریة، ففي ھذه الحالة یجب أن یكون محل الالتزام محددا تحدیدا نافیا للجھالة وذلك عن
طریق ذكر جمیع المواصفات التي تمیزه عن غیره من الأشیاء التي تشبھھ.
أما بالنسبة للأشیاء المثلیة، وھي التي لھا ما یقابلھا في السوق من حیث النوع
والمواصفات، فإنھ على الأقل یتعین تحدید نوعیتھا ومقدارھا.

الفقرة الرابعة: السبب

لقد نظم المشرع المغربي نظریة السبب من خلال الفصول من 62 إلى 65 من ق ل ع،
حیث استعرض فیھا الشروط التي یتعین أن تتوفر في السبب.

أولا: التعریف بالسبب
یختلف سبب الالتزام عن سبب العقد، فسبب الالتزام ھو الغرض المباشر الذي یھدف إلیھ
المتعاقد من وراء التزامھ ویسمى بالسبب القصدي لأنھ یعتمد على القصد أو الغایة من إنشاء
الالتزام.
أما سبب العقد فھو الدافع أو الباعث الذي حمل المتعاقد على قبول التعاقد والذي لولاه لما
أبرم العقد، فسبب العقد إذن یقاس بمعیار شخصي أي ذاتي یختلف من شخص إلى آخر،
وبالتالي یختلف كذلك سبب العقد من عقد لآخر حتى في الطائفة الواحدة من العقود تبعا
لاختلاف أطرافھا واختلاف دوافعھم إلى التعاقد.
ثانیا: شروط السبب
یشترط لصحة السبب، ومن تم لقیام العقد صحیحا، أن یكون السبب موجودا (أ)، وحقیقیا
(ب)، ومشروعا (ج).
أـ أن یكون السبب موجودا
اشترط المشرع المغربي لصحة الالتزامات أن تكون مبنیة على سبب، وذلك من خلال
الفصلین 2 و 62 من ق ل ع، فالالتزام الذي لا سبب لھ یعتبر باطلا بقوة القانون، وذلك
تطبیقا للفصل 62 الذي جاء فیھ: ” الالتزام الذي لا سبب لھ یعد كأن لم یكن”.
ب ـ أن یكون السبب حقیقیا
أشار المشرع المغربي إلى ھذا الشرط في الفصول 63 و 64 و 65 من ق ل ع، ویعني
أن یكون السبب حقیقیا لا وھمیا أو صوریا، أي لا یخفي وراءه سبب آخر غیر مشروع، كأن
یوقع المدین على سند یقر فیھ أن الدین المترتب بذمتھ ناشئ عن قرض، في حین أن السبب
الحقیقي للدین ھو المقامرة.
ھذا، ویفترض أن السبب المذكور في العقد، یعتبر حقیقیا إلى أن یقوم الدلیل على أنھ
غیر حقیقي، وأنھ یخفي سببا آخر غیر مشروع، حیث جاء في الفصل 64ر من ق ل ع : ”
یفترض أن السبب المذكور ھو السبب الحقیقي حتى یثبت العكس”.

ج ـ أن یكون السبب مشروعا
السبب المشروع حسب الفصل 62 من ق ل ع ھو الذي لا یكون مخالفا للأخلاق الحمیدة
أو للنظام العام أو للقانون.
ومن صور عدم مشروعیة السبب لمخالفتھ للأخلاق الحمیدة، أو النظام العام، أن یلتزم
شخص بأداء مبلغ من المال مقابل معاشرتھ لامرأة أجنبیة، أو أن یتعھد شخص لآخر بأن
یدفع لھ مبلغ مالي مقابل اقتراف جریمة.
ومن صور عدم مشروعیة السبب لمخالفتھ للقانون ، تعھد شخص مثلا بدفع دین نشأ
عن رھان أو مقامرة، وھو ما یمنعھ صراحة الفصل 1092 من ق ل ع، الذي جاء فیھ: ” كل
التزام سببھ دین المقامرة أو المراھنة یكون باطلا بقوة القانون”.

ملخص القانون الدولي العام لطلبة السداسية الثانية S2 PDF

ملخص القانون الدستوري السداسية الثانية pdf S2

ملخص القانون الجنائي العام السداسية الثانية PDF S2

ملخص القانون التجاري السداسيى الثانية pdf

المبادئ العامة للإلتزامات و العقود ملخص السداسية الثانية القانون pdf

التنظيم الإداري المغربي ملخص السداسية الثانية s2 pdf

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button