جرائم الاعمال؛ القضاء المختص في القضاء الفرنسي و المصري

جرائم الاعمال؛ القضاء المختص في القضاء الفرنسي و المصري

 القضاء المختص في جرائم الأعمال في القانون المقارن


لقد اقتنعت مجموعة من التشريعات المقارنة بضرورة إيجاد محاكم متخصصة، بالبت في جرانم الأعمال نظرا لطبيعة هذه الجرائم، وتأثيرها على الاقتصاد الوطني لأي بلد. هكذا مثلا نجد المشرع المصري أنشأ محاكم متخصصة في جرائم الأعمال أسماها بالدوائر الاقصادية[1] وميز فيها بين الدوائر الابتدائية والدوائر الاستئنافية، وقد درج الفقه المصري على تسمية هذه الدوائر بالمحاكم الاقتصادية[2]، وقد حدد القانون المنشئ لهذه المحاكم اختصاصها وكيفية تشكلها وغيرها من المقتضيات القانونية المنظمة لهذه المحاكم، وهو ما يجعلنا نتساءل عن كيفية عمل هذه المحاكم ودورها في محاربة جرائم الأعمال -المطلب الثاني-

وفكرة إيجاد قضاء متخصص اعتمدها أيضا المشرع الفرنسي ودلك من خلال ايجاد غرف متخصصة بالبت في جرائم الأعمال -المطلب الأولی-.

المطلب الأول: التجربة القضائية الفرنسية


حاول المشرع الفرنسي على مر الزمان و من خلال مجموعة من التجارب في ميدان الأعمال إيجاد الجهة المختصة قضائيا في الجرائم المرتبطة بالأعمال، بحيت اننا نجده قد أسند الإختصاص للجرائم الإقتصادية التي لها طابع جنائي للمحاكم العادية في حيد أسند اختصاص الجنح لدوائر إدارية مختصة. إلى أن جاء قانون 1949 الذي أسند الإختصاص بالنسبة للجنح و الجنايات المرتبطة بالمال و الأعمال للقضاء العادي ، و بذلك سحب اختصاص الجنح من الدوائر الإدارية إلى المحاكم العادية، وهي ما تميزت بالتراجع عن محاولة ايجاد قضاء متخصص في الجرائم الإقتصادية.

غير أنه عاد المشرع الفرنسي من جديد من خلال القانون الذي صدر في 6 غشت 1975 الدي حاول المشرع الفرنسي من خلاله، البحت عن قضاء مختصص في النظر في الجرائم الإقتصادية وهو القانون 701-75 الصادر بتاريخ 6 غشت 1975، والمعدل بمقتضى القانون 89-94 الصادر في 1 فبراير 1994 وهو ما شكل المنطلق الأول نحو مبدأ التخصيص القضائي بالنسبة لجرائم دات الطابع الإقتصادي.
هكذا جاء في المادة 704 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسية، على أنه تحدث في دائرة كل محكمة استئناف محكمة جنح أو أكثر تكون مهمتها التحقيق والحكم في جرائم الأعمال[3]، وأضافت نفس المادة أن ذلك يكون بالنسبة لجرائم الأعمال التي يظهر أنها تحمل تعقيدا كبيرا grande &complexit وبطبيعة الحال هذا التعقيد ربما هو السبب المبشر وراء إيجاد قضاء مختص للبت في جرائم الأعمال.
هذه المادة لم تكتف بالنص على إنشاء محكمة للجنح مختصة في جرائم الأعمال، وإنما ذهبت أبعد من تك، وحددت الجنح التي تدخل في اختصاص هذه المحاكم، أو الغرف المختصة على سبيل الحصر. أهمها الجنح التي نصت عليها مدونة التجارة[4] وكذلك الجنح التي وقع النص عليها في مدونة النقد والمالية، كذلك الجنح التي تم النص عليها في مدونة التجهيز والتعمير[5]، كذلك الجنح التي وقع النص عليها في مدونة الملكية الفكرية[6]، وكذلك الجنح التي جاءت الإشارة إليها في المواد 1741 إلى المادة 1753 مكرر من المدونة العامة للضرائب[7] والجنح التي نصت عليها مدونة الجمارك[8] ومدونة الاستهلاك [9]والجنح الشي لها علاقة بالمقامرة -بألعاب الحظ حسب تعبير المشرع الفرنسي-[10] ­­والتي نص عليها قانون 628-83 الصادر بتاريخ 1983-7-12، هذا بالإضافة إلى الجنح المنصوص عليها في المدونة الحضرية[11]، وكذلك الجنح المنصوص علیها في قانون 28 مارس[12] 8519 وكذلك الجنح المنصوص عليها في قانون 897-86 بتاريخ 1 غشت 1986 المتعلق بقانون الصحافة[13].
وهذا لا بد من الإشارة، إلى أن المادة 704 من القانون المسطرة الجنائية الفرنسي كانت تنص علی ستة عشر قانونا، تدخل الجنح التي تنظمها هذه القوانين في اختصاص القضاء المختص في جرائم الإعمال، قبل أن يتم نسخها وإلغاء أربعة قوانين من اختصاص هذه المحاكم بموجب الفقرات 10 و1 1 و12 و16 من العادة 704 أعلاه.
كذلك حاول المشرع الجنائي الفرنسي، إيجاد قضاء متخصص في جرائم الأعمال، سواء قضاة التحقيق أو قضاء الحكم[14] ، وهذا ما أكدته المادة 704 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، والتي نصت علی أن كل محكمة ابتدائية، وفي حدود الاختصاص الترابي يعين الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بعد إشعار رئيس المحكمة الابتدائية المعني، واحدا أو أكثر من قضاة التحقيق وقضاة الموضوع مكلفين خصيصا بالنظر في جرائم الإعمال، في حدود الجنح الداخل في نطاق هذا النوع من الجرائم[15].
مع الإشارة هناك إلى أن القانون الفرنسي ودائما ومن خلال المادة 704 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، أكد على إيجاد قضاة للحكم وقضاة للنيابة العامة لدى محاكم الاستئناف متخصصين في جرائم الأعمال، التي حددتها المادة 704 أعلاه في فقرتها الثانية.
والملاحظ أيضا أن تعيين قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، يتم من طرف الرئيس الأول، والوكيل العام[16] وقد خص المشرع الفرنسي المحكمة الابتدائية بباريس بالبث والنظر في الجنح التي نصت عليها المواد 1-465 إلى 2-465 من مدونة النقد والمالية، علما أن وكيل الجمهورية، و قاضي التحقيق لدي هذه المحكمة يمارسان اختصاصهما في جميع التراب الوطني الفرنسي.
وهذا الاستثناء والتحديد نصت عليه المادة 1-704 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي حيث جاء فيها: “المحكمة الابتدائية بباريس الوحيدة التي لها اختصاص المتابعة والتحقيق والمحاكمة في الجنح التي تم النص عليها في المواد 1-465 إلى 2-4465 من مدونة النقد والمالية[17] وأضافت ” وكيل الجمهورية و قاضی التحقيق بباريس يمارسان اختصاصهما في جميع التراب الوطني”[18] وهنا لابد من الإشارة إلى أن المحكمة الابتدائية بباريس تنظر في الجنح التي تم النص عليها في المدونة المالية، وكذلك الجنح المرتبطة بها وهذا يستنج من المادة 704-1.
وبإجراء مقارنة بين المحاكم الاقتصادية كما حددها القانون المصري، سيتضح لنا في الفقرة كما الثانية من هذا المطلب، والغرف الاقتصادية المختصة في جرائم الأعمال التي نص عليها قانون المسطرة الجنائية الفرنسي، يلاحظ على أن الأطر التي يسند إليها القانون المصريِ اختصاص البت في جرائم الأعمال خاصة القضاء اشترط فيها التوفر على كفاءة وظيفية معينة، هذا في الوقت الذي نجد فيه القانون الفرنسي ينص على استناد الاختصاص إلى قضاء متخصصين في مجال الأعمال.
فالقانون المنشئ للمحاكم الاقتصادية بمصر، يؤكد على الكفاءة الوظيفية التي تقابلها التجربة، أما القانون الفرنسي أكد على القدرة العلمية من خلال النص علی قضاة متخصصين، وحبدا لو أن المشرع الجناني المغربي، إذ ما فكر في إنشاء محاكم اقتصادية متخصصة في جرائم الأعمال الجمع بين الكفاءة العلمية في مجال الأعمال والتجربة بشكل تجعل القاضي له تعمق علمي وتجربة واسعة تمكنه من الإلمام بمجال القانون الجنائي للأعمال بشكل مضبوط.
واضح أدن أن تجرية القضاء الفرنسي في مجال الأعمال، تعتبر خطوة ايجابية نحو التأسيس لقضاء متخصص في مجال الأعمال، وإن كان إنشاء قضاء متخصص اقتصر فقط علي الجنح دون الجنايات، إلا أنه مع ذلك تبقى تجربة جديرة بالاهتمام.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القانون الفرنسي، يذهب في اتجاه التأسيس ليست فقط لقضاء متخصص ان في مجال الأعمال، وإنما هناك محاولات منه لإيجاد قضاء متخصص جنائيا أيضا حتی في المجال الصحي والذي يعتبر بشكل أو بأخر جزء لا يتجزأ من مجال الأعمال، وذلك من خلال المادة2-706 وما يليها من قانون المسطرة المطبقة في المخالفات في المادة الضحية[19].
وطبعا هذا النهج الذي يتبناه المشرع الفرنسي، والمتمثل في خلق دوائر قضائية متخصصة في میدان من الميادان التي تتطلب دراية عالية وتقنية، على غرار جرائم الأعمال والمجال الصحي، يبقى توجه حميد على المشرع المغربي التفكير في نهجه خاصة مع بروز اقتناع لدى المشرع المغربي بقيمة القضاء المتخصص، من خلال إنشائه للمحاكم التجارية والمحاكم الإدارية، وإلغائه للقضاء الاستثنائي من خلال الغاء محكمة العدل الخاصة، بل إن فكرة إنشاء محاكم متخصصة يؤكدها كذلك الدستور المغربي لسنة 2011.

المطلب الثاني: تجربة القضاء المصري

 لقد تميز النظام القضائي المصري بإنشاء محاكم سماها القانون المصري بالمحاكم الاقتصادية، حيث أن المشرع المصري بتاريخ 22 مايو 2008 أصدر قانونا تحت رقم 120 لسنة 2008 انشأ بموجبه محاكم اقتصادية، كان الهدف من إنشاءه لها التأسيس لقضاء متخصص في الاقتصاد[20] للاطلاع على المزيد فيما يخص جرائم الاعمال في القانون المصري اضغط هنا

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button