الجهود الوقائية لمواجهة تعاطي المخدرات

الجهود الوقائية لمواجهة تعاطي المخدرات

تعاطي المخدرات لقد اهتمت كافة المهن والتخصصات العلمية ومراكز البحث العلمي بالإسهام في الجهود العلاجية والوقائية لمواجهة مشكلة تعاطي المخدرات سواء على المستوى العلاجي أو الوقائي أو على مستوى الآفراد أو الجماعات أو المجتمعات لمواجهة الآثار المترتبةعلى هذه المشكلة، ومن هذه المهن مهنة الخدمة الاجتماعية التي اهتمت بدراسة آبعاد هذه المشكلة والعمل على حثّ الجهود الأهلية والحكومية لمواجهة الآثار المترتبة عليها، كما أنها تسهم مع الجهود المجتمعية الآخرى في رسم استراتيجية عامة لمواجهة هذه المشكلة وتعملُ على تقوية وتنفيذ برامج الرعاية الاجتماعية التي يمكن من خلالها التحكم في العوامل السلبية المؤدية إلى انتشارها والوقاية منها.

اولاً:- الجهود الفردية للوقاية من تعاطي المخدرات:-

المقصود بالجهود الفردية هو جهود أفراد فريق العمل الذي يعملُ لمحاربة المواد المخدرة، والقضاء على التعاطي الذي يفتت كيان المجتمع،وينهشُ في جسد الأمة، ويدمرُ كل من يقع فريسة لهذه الجرثومة القاتلة.

وفريق العمل الذي يعملُ في مكافحة تعاطي المخدرات يتكون من الطبيب البشري، والطبيب النفسي، والأخصائي الاجتماعي….فكلهم مطالبون بجهود فردية وقائية نورد منها الآتي:-( غباري، 2007:ص188)

التوعية بالأضرار الخطيرة المدمرة للأفراد والأسر والمجتمعات، وخاصةً الأمراض الفتاكة التي تسببها جرثومة الإدمان القاتلة، وما يترتب على ذلك من أضرار اجتماعية، واقتصادية.

زيادة الإهتمام ببرامج التوعية، الثقافية والدينية والترفيهية والاجتماعية لأسر المتعاطين ومن يخالطونهم، وإشراكهم في إعداد هذه البرامج، ومدى الفائدة التي تعود عليهم من هذه البرامج التي تهدف إلى الوقاية من الإدمان.

تثقيف أسر المتعاطين وتوعيتهم بالعوامل والدوافع المؤدية للتعاطي، لوقاية باقي أفراد الأسرة من التعاطي، ولإشراكهم في التعاون مع فريق العمل في جهودهم الوقائية من الإدمان.

تثقيف وتوعية آفراد أسر المدمنين بالأمراض الخطيرة الجسمية، والنفسية، والعقلية، ونتائجها النفسية والاجتماعية لحماية الأفراد والأسر من الوقوع فريسة لجرثومة الموت الفتاكة، التي تفتك بالأفراد، والأسر، والمجتمع.

متابعة فريق العمل للحالات التي تمت مساعدتها، للتأكد من نجاح الجهود الفردية الوقائية في هذا المجال.

ثانياً: الجهود المجتمعية للوقاية من تعاطي المخدرات:-

وزارة الشئون الاجتماعية:-

يقع على عاتق وزارة الشئون الاجتماعية دورٌ كبير في مواجهة مشكلة التعاطي، لا سيما وأنها الوزارة ذات الاختصاص المباشر في الإشراف على توفير الرعاية الاجتماعية للمواطنين، وعلاج أسباب الإنحراف، وتقصي دوافع التعاطي، والعملُ على تلافيها عبر توفير برامج توعوية يشرفُ عليها اخصائيون اجتماعيون ذات كفاءة علمية وعملية في تقديم الارشادات العلاجية للمتعاطين.

وزارة الإعلام:-

لوسائل الإعلام المرئية المسموعة والمقروءة دورٌ طبيعي وهام في مكافحة المخدرات لأن لها القدرة على التأثيرُ في الرأي العام، وقادرة على خلق الوعي بخطر التعاطي ، وقادرة على تعبئة الرأي العام ضد المخدرات، والاهتمام الكبير بالجهود الوقائية لمواجهة كارثة الإدمان مثل: استخدام كافة الوسائل المتاحة كالأفلام والتمثيليات والبرامج التلفزيونية، ومقالات التوعية اللازمة بالصحف والمجلات.( غباري، 2007: ص181)

وزارة الصحة:-

يقع على عاتق وزارة الصحة الحفاظ على الصحة العامة للشعب، والإشراف على علاج مدمني المخدرات عبر التعاون مع الإدارات والاقسام الصحية ذات العلاقة بوازرة الصحة، والتي خصص في بعضها أجنحة لعلاج مدمني المخدرات.

فضلاً عن الدور الأساسي والمحوري لوزارة الصحة في الحفاظ على الصحة العامة للمواطنين، إلا أن الدور يبقى منقوصا، فهي بحاجة للتعاون والتنسيق بين الوزارات والمؤسسات ذات العلاقة بالشأن مثل وزارة العدل والنيبابة العامة ومكافحة المخدرات. فعلى سبيل المثال إقرار وزارة الصحة الفلسطينية مسودة مشروع قانون مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية بالشراكة مع وزارة العدل والنيابة العامة ومكافحة المخدرات، حيثُ أن الهدف من إقرار مسودة المشروع حسب مديرة الوحدة القانونية في المشروع آروى التميمي بأن مسودة المشروع هو تجريم التعاطي بالمخدرات والإتجار بها، وإذا كان هناك إصرار على تعاطيها، فالقانون سيشدد العقوبة عليه، وفي حالة إقرار القانون، فإنه سيكون لدى المحاكم مادة قوية لقمع وردع التجار والمتعاطين وضبطهم، ويمكن أن تصل العقوبة في بعض الإحيان إلى أن يقضي التاجر عمره داخل السجن.( معا، 2014: ص1)

جهود المدارس في مكافحة تعاطي المخدرات:-

للمدارس دورٌ هام ورئيسي في مواجهة ومكافحة تعاطي المخدرات، وذلك عن طريق الاهتمام بدورها التربوي، وعدم الاقتصار على دورها التعليمي فقط، حيثُ أن تربية الطلاب من خلال المدارس المختلفة، تهيئ لهم فرص الوقاية اللازمة، بالإضافة إلى توعيتهم بأضرار المخدرات، سواء على المستوى الفرد، أو على مستوى الإسرة، أو على مستوى المجتمع.( غباري، 2007: ص183)

لا يقتصر دور المدرسة على التوعية والإرشاد التربوي والاكاديمي للطلاب عبر الجلسات التثقيفية التي تصدرها المجلة الثقافية للمدرسة، أو الحصص التربوية النظرية التي يعقدها الإخصائي الاجتماعي، بل يتعدى ذلك إلى الجانب العملي إلا وهي فكرة المبادرة والتعاون والتنسيق بين المدرسة والمؤسسة الآمنية عبر تشكيل فرقٍ طلابية من الذكور والإناث للوقوف مع الشرطة ضد المخدرات ومكافحتها، وذلك عبر نشر التوعية في صفوف الطلبة وامتدادها للوصول إلى آولياء أمور الطلبة، وعقد المحاضرات وورش العمل، وبالتالي يصبحُ طلبة المدارس مساندين لبرامج الشرطة في كافة الأمور التي تطلب منهم فيما يتعلق بمكافحة المخدرات وحماية أسرهم من التعاطي.

ويعدّ إطلاق المبادرة التي بادرت بإطلاقها دائرة العلاقات العامة للشرطة الفلسطينية في محافظة طولكرم دليلٌ على أهمية التعاون والتنسيق الوثيق بين المؤسسة الأمنية والتربوية وحرصها على سلامة الطلبة، حيثُ أن المبادرة قدمت عرضاً للمشاركات حول المخدرات وآثرها على سلامة الفرد والأسرة والمجتمع، في حين قدم مديرُ دائرة العلاقات العامة الرائد سامر الزيتاوي تصويراً عاماً للحضور عن المبادرة وحتى وصولها إلى المرحلة التي يتمُ فيها تشكيل فريقٌ من الطلبة ومجلسٌ من آولياء الأمور لمباشرة العمل بعد إتمام المرحلة التطوعية التي ستستغرق مدة شهرٍ تقريباً.( معا، 2015: ص1)

الجهود الوقائية للنقابات ودورها في مكافحة تعاطي المخدرات:-

يقع على عاتق النقابات المهنية والعمالية آدوراً رئيسيةً في مكافحة تعاطي المخدرات عبر عقد المحاضرات وورش العمل، والتعاون والتنسيق بين المؤسسات والأطر الاجتماعية والثقافية والجمعيات الفاعلة المؤثرة التي من شأنها أن تسهم عبر برامجها التوعوية والإرشادية خلق مناخٍ عام عبر التعريف بأضرارها ومخاطرها السلبية، خاصة بين الأوساط العمالية الذين يفتقرون إلى آدنى مستوى تعليمي مما يُعرضهم للإستغلال من قبل تجار المخدرات أوآرباب العمل في سبيل تحسين مستوياتهم المعيشية، والإرتقاء بهم إلى مستوى معيشي أفضل.

وهنا يأتي دور النقابات المهنية في المتابعة والمراقبة على ورش العمل، والمصانع، وعقد المؤتمرات والندوات العلمية، وتقديم النشرات الثقافية بين الحين والآخر من آجل التعريف بأضرار المخدرات، ومخاطرها السلبية حتى يكون العمالُ على درايةٍ وإلمامٍ في حال تم العرضِ عليهم أيّ نوع من الحبوب المخدرة لتناولها، أو للتعامل مع مروجيها من تجار المخدرات وآرباب العمل.

أما النقابات المهنية لا يقلُ دورها عن دور النقابات العمالية في سبيل نشر ثقافة الوعي بين الأوساط المهنية، عبر عقد الندوات وورش العمل والنشرات الثقافية، واستضافة الباحثين والاخصائين الاجتماعين من آجل بيان المخاطر والآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات وكيفية الوقاية منها.

الجهود الآسرية:-

تشكل جهود الأسرة في الوقاية من المخدرات إحدى حلقات سلسلة متكاملة مترابطة من الجهود الرسمية والمجتمعية التي تبذل في المحافظة على سلامة الأسرة واستمرارية أدائها لواجباتها، مما يتيح لها تنشئة أفرادها في جو يسوده الأمن والطمأنينة بعيداً عن الإنحراف بكافة أشكاله، ويقع على الأسرة في إطار هذه الجهود المتكاملة دوراً كبيراً وهاماً في استجابتها لهذه الجهود وتعزيزها بجيلٍ واعٍ يتفهم لمسؤولياته ويعي واجباته تجاه مجتمعه.

ولذلك فإن جهود الإسرة الوقائية من أهم المسؤوليات والواجبات التي من خلالها تحمي الأبناء من تعاطي المواد المخدرة، ومن خلالها تقوم بتوعية وتبصير أبنائها بهذا الخطر القاتل، ولكي تثمر تلك الجهود الوقائية فلابد أن تكون الحصن الدافئ للأبناء، بما توفره لهم من طمأنينة وحب.( غباري، 2007: ص185)

لايقتصر دور الأسرة على توفير الرعاية والإهتمام بالإبناء فقط، بل يتطلب مراقبتهم ومتابعتهم في سلوكهم العام والتعرف على أصدقائهم، لتساعدهم على تجنب مخاطر الإدمان. يقول صفوت درويش من الضروري أن تساعد الأسرة أبنائها في حل مشكلاتهم، والعمل على المحافظة على صحتهم النفسية، وتجنبهم المخاطر والصراعات النفسية التي تدفعهم إلى الإدمان، ويجب أن يكون هناك حوار دائم بين أفراد الأسرة، على أن يكون هذا الحوار إيجابياً يعبرُ عن مدى اهتمام كل فرد بالأسرة بسماع الأخرين والاستجابة لما يقولون، وبذلك تصبحُ الأسرة ملجأ الأمن، ودرع الحماية، وحصن الوقاية من الإدمان.( صفوت، 1986: ص  ص 71- 78)

والجهود الوقائية للأسرة لاتكفي وحدها لمكافحة تعاطي المخدرات، بل يجب أن تتضافر الجهود الفردية والمجتمعية والأسرية في التعاون مع بعضها البعض في سبيل مكافحة تعاطي المخدرات حتى لا تتفشى في المجتمع ويستحيلُ معالجتها والتصدي لها عبر الوسائل والآليات المتاحة والمتوافرة من قبل المؤسسات والوزارات والجمعيات الاجتماعية ذات العلاقة بالشأن.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button