الحقوق المدنية والسياسية في الميثاق العربي لحقوق الإنسان

 بقلم الأستاذ: بلقاسم سويقات

الحقوق المدنية والسياسية في الميثاق العربي لحقوق الإنسان

 بقلم الأستاذ: بلقاسم سويقات

مقدمــة

         الحقوق المدنية والسياسية شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية نشاطا دوليا مكثفا لضمان الحقوق الأساسية للإنسان، بحيث تعد حقوق الإنسان حجر الزاوية في إقامة المجتمع المتحضر الحر، واحترام حقوق الإنسان ورعايتها هو عماد الحكم العادل في المجتمعات الحديثة والسبيل الوحيد لخلق العالم الحر الآمن والمستقر.

          وفي هذا الإطار عمل المجتمع الدولي من أجل تعزيز وحماية هذه الحقوق الأساسية للإنسان، وذلك مع ميلاد هيئة  الأمم المتحدة في سنة 1945 إذ نص ميثاق الأمم المتحدة على وجوب التكفل بحقوق الإنسان وحمايتها وتأسيسا على نصوص الميثاق تطورت حقوق الإنسان في شكل نظام عالمي متكامل إذ نص ميثاق الأمم المتحدة في ديباجته على إيمان الشعوب بالحقوق الأساسية للإنسان ،إذ وضعت الفقرة الثانية من المادة الأولى من الميثاق حقوق الإنسان في صدارة أهداف المنظمة الجديدة وكثمرة للجهود الدولية ورغبة في حماية حقوق الإنسان وضمان حقوقه صدرت العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية والإقليمية المتعلقة بحقوق الإنسان من بينها الميثاق العربي.

ومن أهم الحقوق التي تضمنهما هذا الميثاق هي الحقوق المدنية والسياسية والتي نتناولها في هذه الورقة البحثية.

أولا: الحقوق المدنية

وهي حقوق يتمتع بها الفرد كإنسان ويستوي في ذلك أن يكون وطنيا أو أجنبيا، وهذا النوع من الحقوق يتقرر لحماية الفرد في حريته وتمكينه من مزاولة نشاطاته.

وللتعرض لأهم الحقوق المدنية التي تضمنها الميثاق العربي لحقوق الإنسان نقوم بمحولة قراءة أهم المواد المتعلقة بهذا النوع من الحقوق:

المادة05 : تناولت هذه المادة الحق في الحياة وهو أول الحقوق وأساسها بالرغم من أن حقوق

           الإنسان لا يمكن تجزئتها .ولقد أشارت الفقرة الأولى من هذه المادة إلى أن الحق في

           الحياة ملازم لكل شخص , أما الفقرة الثانية فقد نصت على أن القانون يحمي هذا الحق

           ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا.

المادتين 06 و 07 : تحدثت هاتين المادتين عن عقوبة الإعدام.

           حيث نصت المادة06 على أنه لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام إلا في الجنايات بالغة

           الخطورة ,وبمقتضى حكم نهائي صادر عن محكمة مختصة.كما أن للمحكوم عليه بهذه

           العقوبة الحق في طلب العفو أو استبدال العقوبة بأخرى أخف.

           أما المدة 07 فقد نصت على عدم جواز الحكم بالإعدام على الأشخاص دون سن الثامنة

           عشر ما لم ينص القانون الداخلي على خلاف ذلك. كما لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام في

           حق المرأة الحامل حتى تضع مولودها وعلى الأم المرضع  إلا بعد عامين من تاريخ

           الولادة , وفي كل الأحوال تغلب مصلحة الرضيع .

المادة 08: تتعلق هذه المادة بمسألة التعذيب , فالميثاق العربي يحضر طبقا لهذه المادة تعذيب أي

           شخص أو معاملته معاملة قاسية أو مهينة أو تحط من كرامته أو إنسانيته.

           ونجد أن الفقرة الثانية من هذه المادة تنص على أن تحمي الدولة كل شخص خاضع

           لولايتها من هذه الممارسات وأن تتخذ التدابير الفعالة لمنع ذلك , وحسب هذه المادة فان

           هذه التصرفات أو الإسهام فيها يعد جريمة يعاقب عليها ولا تسقط بالتقادم.

           كما حثت هذه المادة الدول الأطراف في الميثاق أن تضمن تشريعاتها طرق إنصاف من

           يتعرض للتعذيب وسبل تمتعه بحق رد الاعتبار والتعويض.

المادة09: تتضمن هذه المادة عدم جواز إجراء أية تجارب طبية أو علمية على أي شخص

         أو استغلال أعضائه دون رضاه , وإدراكه الكامل للمضاعفات التي قد تنجم عنها, مع

         وجوب مراعاة الضوابط والقواعد الأخلاقية والإنسانية والمهنية والتقيد بالإجراءات الطبية

         الكفيلة بضمان سلامته الشخصية وفقا للقوانين الداخلية لكل دولة.

         كما تحضر هذه المادة الاتجار بالأعضاء البشرية لأي حال من الأحوال.

المادة10: تمنع هذه المادة الاسترقاق والاستعباد وتمنع الاتجار بالأفراد في جميع صورها.

          كما تحضر السخرة أو الاتجار بالأفراد من اجل الدعارة أو الاستغلال الجنسي , وكذا

          استغلال الأطفال في النزاعات المسلحة.

المادتين 26و27: تتعلق هاتين المادتين بحق الشخص في التنقل والإقامة.

          حيث نصت الفقرة الأولى من المادة 26 على أنه  لكل شخصی يوجد بشكل قانوني على

          إقليم دولة طرف حرية التنقل واختيار مكان الإقامة في أي جهة من هذا الإقليم في حدود

          التشريعات النافذة.

          أما الفقرة الثانية فقد نصت على أنه لا يجوز لأية دولة طرف إبعاد أي شخص لا يحمل

          جنسيتها ومتواجد بصورة شرعية على أراضيها إلا بموجب قرار صادر وفقا للقانون

          وبعد تمكينه من عرض تظلمه  على الجهة المختصة ما لم تحتم دواعي الأمن الوطني

          خلاف ذلك وفي كل الأحوال يمنع الإبعاد الجماعي.

         في حين نصت الفقرة الأولى من المادة 27على أنه لا يجوز بشكل تعسفي أو غير قانوني

         منع أي شخص من مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده أو فرض حضر على إقامته في أية

         جهة أو إلزامه بالإقامة في هذا البلد.

         كما لا يجوز نفي أي شخص من بلده أو منعه من العودة إليها حسب الفقرة الثانية من هذه

         المادة .

ثانيا الحقوق السياسية:

          هي حقوق يقررها القانون للشخص باعتباره منتم إلى وطن معين ، والتي يستطيع

          بواسطتها أن يباشر أعمالا معينة يشترك بها في إدارة شؤون المجتمع , فالحقوق

          السياسية تثبت للفرد باعتباره مواطنا في مجتمع سياسي معين تخول له المساهمة في

          حكم هذه الدولة وهي قاصرة على المواطنين دون الأجانب. و الجنسية هي معيار ثبوت

          هذا النوع من الحقوق باعتبار أن الجنسية رابطة سياسية تربط الفرد بدولته وتميزه

          عن غيره من المقيمين.

خصائص الحقوق السياسية

           من ابرز خصائص الحقوق السياسية  ما يلي :

-1   لا تثبت لكل الأشخاص بل فقط تثبت لمن يتمتع بجنسية الدولة كقاعدة عامة، ويستثنى        الشخص الذي يسلب من حقوقه السياسية بناء على حكم قضائي .

-2  هذه الحقوق السياسية الهدف منها هو حماية المصالح السياسية للدولة لذلك لا يعترف بها للأجانب.

-3  ليس لهذه الحقوق طابع مالي، ولا ترد عليها معاملة مالية.

-4  الحقوق السياسية لا يجوز التنازل عنها.

                   وعند قراءتنا للميثاق العربي لحقوق الإنسان وجدنا أن الحقوق السياسية قد تم

          التطرق إليها في مجموعة من المواد نذكرها على النحو التالي:

المادة24: نصت هذه المادة على مجموعة من الحقوق السياسية  بقولها  لكل مواطن الحق في:

       1- حرية الممارسة السياسية.

       2- المشاركة في إدارة الشؤون العامة إما مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرية.

       3- ترشيح نفسه أو اختيار من يمثله بطريقة حرة ونزيهة وعلى قدم المساواة بين جميع

           المواطنين بحيث تضمن التعبير الحر عن إرادة المواطن.

       4- أن تتاح على قدم المساواة مع الجميع فرصة تقلد الوظائف العامة في بلده على أساس

          تكافؤ الفرص.

       5- حرية تكوين الجمعيات مع الآخرين والانضمام إليها.

       6- حرية الاجتماع وحرية التجمع بصورة سلمية.

       7- لا يجوز تقييد ممارسة هذه الحقوق بأي قيود غير القيود المفروضة طبقا للقانون والتي

         تقتضيها الضرورة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان لصيانة الأمن الوطني

         أو النظام العام أو السلامة العامة أو الصحة العامة أو الآداب لعامة أو لحماية حقوق

         الغير وحرياتهم.

المادة 28: بخصوص حق اللجوء السياسي

               حيث نصت هذه المادة على أنه لكل شخص الحق في طلب اللجوء السياسي إلى بلد

        آخر هربا من الاضطهاد , ما لم يكن متابعا بجريمة تهم الحق العام , كما لا يجوز تسليم

        اللاجئين السياسيين.

المادة 29: تتحدث هذه المادة عن حق التمتع بالجنسية , حيث نصت على أنه لكل شخص الحق

        في التمتع بجنسيته ولا يجوز إسقاطها عنه بشكل تعسفي أو غير قانوني.

        كما أن الفقرة الثالثة من نفس المادة تعطي الحق في اكتساب جنسية أخرى بشرط مراعاة

        الإجراءات القانونية الداخلية .

المادة32: يضمن الميثاق في هذه المادة الحق في الإعلام وحرية الرأي وحرية التعبير وكذا الحق

         في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها للآخرين بأية وسيلة , ودونما اعتبار للحدود

         الجغرافية ,على أن تمارس هذه الحقوق في إطار المقومات الأساسية للمجتمع ولا تخضع

         إلا للقيود التي يفرضها احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني

         أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة.

الخاتمــــة:

               إذا أردنا تقييم واقع حقوق الإنسان في الوطن العربي فان الحقيقة تفرض علينا أن

      نقول انه واقع مرير على المستوى العملي , أما على المستوى القانوني فهو وان كان لم يبلغ

      ما بلغته الدول الأوربية في هذا المجال , إلا أن الأسس القانونية والفكرية لاحترام حقوق

      الإنسان موجودة لكنها تصطدم بواقع غياب الديمقراطية وسيطرة الحزب الواحد أو الأنظمة

      الشمولية على معظم هذه البلدان مما يفرغ النصوص الدستورية المنظمة لحقوق الإنسان من

      أية قيمة فعلية.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button