اختصاصات مراقب الحسابات ومسؤوليته

اختصاصات مراقب الحسابات ومسؤوليته

اختصاصات مراقب الحسابات ومسؤوليته يضطلع مراقب الحسابات داخل الشركة بمجموعة من المهام، باعتباره حارس الشرعية يمارس قضاء الأرقام[1]، بحيث لم يعد دوره مقتصر على مراقبة الحسابات، بل أصبحت مهامه تستغرق كل جوانب الشركة سواء أثناء السير العادي أو غير عادي في حالة ما اعترضتها صعوبة، لذلك فمراقب الحسابات يقوم بالرقابة على الحسابات ومراقبة قيم الشركة وكذا الاشهاد أو المصادقة على التقاريروهي  مهام رقابية (الفقرة الأولى)، كما يقوم باعلام المساهمين من أجل التداول في قضايا سواء بنسبة للجمعية العادية أوللجمعية غير عادية كما يقوم باعلام أجهزة المقاولة بكل صعوبة تعترض هذه الاخيرة وهو يدخل في نطاق المهام الاعلامية(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى : اختصاصات مراقب الحسابات

أولا: المهام الرقابية

يقوم مراقب الحسابات بمهمة الرقابة داخل الشركات التجارية، باعتباره حارس الشرعية يمارس قضاء الأرقام عن جدارة واستحقاق

1-    مراقبة حسابات وقيم الشركة

تنص المادة 166 من القانون 17.95 على أن مراقب الحسابات يقوم بصفة دائمة باستثناء التدخل في تسير الشركة بمهمة التحقق من قيم والدفاتر والوثائق المحاسبية للشركة ومطابقة محاسبتها للقواعد المعمول بها، فان تعين مراقب الحسابات بخصوص الشركات المنصوص عليها في القانون 5.96 هو أمر اختياري، الا انه في حالة تجاوز رقم المعاملات لمبلغ خمسين مليون عند اختتام السنة المحاسبية دون اعتبار الضرائب تلزم هذه الشركات بتعين مراقب للحسابات[2]، اما بالنسبة لشركة مساهمة فان تعين مراقب الحسابات هو أمر ضروري وهو ما نصت عليه المادة [3]159 من القانون 17.95، وبالتالي فمراقب الحسابات يقوم بالبحث وفحص الوثائق والدفاتر المحاسبية للشركة ومن مدى مطابقتها للقواعد المعمول بها[4]، أي تلك القواعد المنصوص عليها في القانون 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها[5]، فالمحاسب يقوم بإجراء جرد[6] وإحصاء شامل يتضمن فيه عناصر أصول ACTIFS المنشأة وخصومها PASSIF بحيث تشمل العملية كل الأموال التي وظفتها الشركة في تجارتها منقولات أو عقارات، تم يحصر مالها من حقوق وما عليها من ديون متصلة بتجارتها[7].
كما يقوم مراقب الحسابات بالتأكد من قيم الشركة الا ان المشرع لم يحدد ما المقصود من التحقق من قيم الشركة، الشيء الذي أذى الى تضارب اراء الفقه في تحديد مفهوم التحقق من قيم الشركة فهناك من يقول ان دور مراقب الحسابات يتحدد من خلال تحققه من الوجود المادي لهذه القيم من خلال عناصرها الإيجابية والسلبية الناتجة عنها، وهناك من ذهب الى القول ان قيم الشركة تتمثل في أصول الذمة المالية للشركة من سندات المشاركة والديون والسيولة، فالتحقق يتم عن طريق الجرد من اجل معرفة الوضعية المالية والمحاسبية للشركة، كما يقوم بمراقبة أسهم الضمان وهو ما تنص عليه المادتين 47و85 لذلك فهو يمارس رقابة داخلية من أجل معرفة الوضعية المالية الحقيقية للشركة.
 
 

2-    الاشهاد

يعد التقرير العام أهم مصدر لإعلام المساهمين والاغيار سواء كانوا مستثمرين أو دائنين وذلك من أجل معرفة الوضعية المالية للشركة، بحيث يعد مراقب الحسابات تقريرا يقدمه للجمعية العامة يتضمن نتائج قيامه بالمهمة التي أوكلته الجمعية بها، وبالرجوع الى المادة 175 والتي تنص ” يجب على مراقب أو مراقبي الحسابات في تقريرهم المقدم للجمعية العامة، إما أن يشهدوا بصحة وصدق القوائم التركيبية وبإعطائها صورة صادقة عن نتيجة السنة المالية المنصرمة والوضعية المالية للشركة وذمتها المالية في نهاية تلك السنة أو أن يشفعوا هذا الإشهاد بتحفظات أوأن يرفضوا الإشهاد على الحسابات…”
ففي الحالة الأولى التي يشهد فيها مراقب الحسابات بصحة وصدق القوائم التركيبية والتي تتضمن صورة حقيقية لما هو موجود في الواقع لسنة المالية المنصرمة فان الوصول الى هذه القناعة يتطلب توفر شرطين[8]:
_اذا تم مسك الحسابات السنوية وفق القواعد والمبادئ المحاسبية.
_القيام بأعمال الرقابة من طرف مراقب الحسابات وفق العناية الازمة دون وجود عراقيل.
أما فيما يخص الحالة الثانية المتمثلة في المصادقة مع التحفظ فقد يعود ذلك لوجود أخطاء واختلالات في تقيد بالقواعد المحاسبية، وفي حالة عدم تمكن مراقب الحسابات من القيام بالمهام المنوط به بسبب عراقيل خارجية أو داخلية.
اما بخصوص الحالة الثالثة المتمثلة في حالة رفض الاشهاد، فان ذلك يكون نتيجة اكتشاف مراقب الحسابات لاختلالات وأخطاء جسيمة، كما قد يكون لوجود خطأ في حساب التكاليف وكذلك في عدم قدرة مراقب الحسابات بالقيام بعمله بسبب عراقيل راجعة للمسيرين.
فان مراقب الحسابات في الحالتين الأخيرتين ملزم بتوضيح أسباب ذلك، كما أن الاشهاد هو مجرد التزام شخصي لمراقب الحسابات حسب ما تنص عليه المادة 141[9] من قانون شركة المساهمة، بحيث ان دور مراقب الحسابات يتمثل في التأكد من النتائج ومن الاستنتاجات التي توصل اليها اثناء ممارسته لتلك المهام[10].

ثانيا : المهام الإعلامية

1-    اعلام المساهمين

يهدف مراقب الحسابات من خلال عملية اعلام المساهمين احاطتهم بالوضعية المالية والاقتصادية لشركة، كما ان المشرع ومن خلال المادة 169 من قانون شركة المساهمة اناطه بضرورة اعلام أجهزة الإدارة والتسيير بكل الأخطاء والاختلالات والغاية من هذا هو خلق التعاون والتحاور بين مختلف الأجهزة المكونة للشركة من اجل التصدي الى كل ما قد يعترض الشركة اثناء عملها، فمراقب الحسابات ملزم بتقديم التقرير العام الى الجمعية العادية التي تنعقد مرة في السنة على الأقل.
كما ان مراقب الحسابات ملزم بتحضير لتراخيص كما حددت ذلك المادة 58 و97 من قانون شركة المساهمة والتي تبدأ بإعلام مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة بالاتفاقية الخاضعة للترخيص من طرف المعني بالأمر، أو كل من علم بها من أعضاء مجلس الإدارة أو مجلس الرقابة، ولكن من الناحية العملية فان مراقب الحسابات يقوم بإرسال رسائل دورية الى المسيرين يذكرهم فيها بالتزاماتهم بالإعلام عن وجود اتفاقيات خاضعة للترخيص، كما قد يكون هذا الاعلام كتابة أو بشكل شفوي خلال احدى الجلسات.
كما ان مراقب الحسابات له اهمية بالغة في اعلام المساهمين  اذا تعلق الامر بتغيير رأسمال شركة المساهمة وذلك في حالة الزيادة كما نصت على ذلك المادة 186 بحيث تكتسي هذه العملية اهمية خاصة من خلال تقوية الضمان العام للدائنين، كما قد يتم تخفيض رأس المال.
وكذلك في حالة تغيير البنية القانونية للشركة وذلك في حالة الاندماج أو الانفصال أو في حالة تحويل الشركة

2-   الاعلام في حالة الصعوبة

قد يعترض المقاولة اثناء قيامها بأهدافها مجموعة من الصعوبات سواء كانت اقتصادية أو مالية أو اجتماعية، فالمشرع المغربي ومن خلال مدونة التجارة اناط بمراقب الحسابات الى جانب الشريك دورا اساسيا في تحريك مسطرة الوقاية الداخلية وهو ما تنص عليه المادة 546 “يبلغ مراقب الحسابات ان وجد أو أي شريك في الشركة لرئس المقاولة الوقائع التي من شأنها الاخلال باستمرارية استغلالها”، الا أن المشرع لم يحدد ما المقصود بالوقائع والتي من شأنها  الاخلال باستمرارية المقاولة، وبالتالي فان مراقب الحسابات يملك صلاحية تقويم ما اذا كانت الوقائع الطارئة تمس باستمرارية واستغلال المقاولة.
بحيث يبلغ مراقب الحسابات رئيس المقاولة أو الشركة من أجل التدخل واتخاد التدابير اللازمة، ويتم ذلك بواسطة رسالة مضمونة مع اشعار بالتوصل خلال 8 ايام الاولى من اكتشافه لتلك الوقائع، بحيث الزم المشرع رئيس المقاولة بالاستجابة لطلب مراقب الحسابات خلال 15 يوما التي تلي تاريخ التوصل، وذلك باتخاد الاجراءات والخطوات من أجل الحد من الاختلالات، ففي حالة عدم اتخاد التدبير اللازمة من طرف رئيس المقاولة أو الشركة فان مراقب الحسابات يملك صلاحيات دعوة الجمعية العامة للانعقاد وهو ما تنص عليه المادة [11]116 من قانون شركة المساهمة.
وفي حالة عدم اتخاد التدابير اللازمة من أجل التصدي لهذه الاختلالات داخل اجهزة الشركة فان المسطرة تنتقل الى اجهزة خارجية متمثلة في رئيس المحكمة التجارية، بحيث يتم اخبار رئيس المحكمة من طرف رئيس المقاو لة أو من طرف مراقب الحسابات وذلك بسبب عدم انعقاد الجمعية العامة وتداولها للامر أو بسبب استمرارية الاختلالات برغم من الاحراءات المتخذة

الفقرة الثانية : مسؤولية مراقب الحسابات

نظرا للمهام المتعددة التي أناط بها المشرع مراقب الحسابات، فإنه رتب كذلك مسؤولية على عاتقه تتميز بتنوعها. فهي أحيانا مسؤولية مدنية، وأحيانا أخرى مسؤولية جنائية، وقد تكون كذلك مسؤولية تأديبية.

أولا : المسؤولية المدينة لمراقب الحسابات

فبخصوص المسؤولية المدنية، تجد سندها في الفصل 77 من ق.ل.ع الذي ينص على أنه “كل فعل ارتكبه الانسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر”.
كما تجد سندها كذلك في المادة 180 من ق.ش.م التي تنص على أنه ” يسأل مراقب أو مراقبو الحسابات تجاه الشركة والأغيار عن الضرر الناتج عن الخطأ والإهمال المرتكب من طرفهم خلال مزاولتهم مهامهم.
لا يسألون مدنيا عن المخالفات التي ارتكبها المتصرفون أو أعضاء مجلس الإدارة الجماعية أو مجلس الرقابة ما عدا إذا علموا بها حين مزاولتهم مهامهم، ولم يقوموا بالكشف عنها في تقريرهم إلى الجمعية العامة.”
ويستشف من المادو السابقة أن المسؤولية المدنية لمراقب الحسابات تتطلب اجتماع العناصر التقليدية للمسؤولية وهي وقوع خطأ أو إهمال من جانب المراقب، وأن يترتب عن هذا الخطأ أو الإهمال ضرر بالشركة أو أحد المساهمين وأن تكون هناك علاقة سببية.
وقد ينتج خطأ مراقب الحسابات في الغالب عن عدم احترامه للالتزامات المهنية الملقاة على عاتقه. وبالتالي قد يأخذ الخطأ أو الإهمال صورة عدم القيان بالمراقبة بالشكل الكافي أو عدم القيام بالالتزامات المفروضة عليه نتج عنها تقريرات غير صحيحة.
ولصعوبة حصر الأخطاء التي قد ترد عن مراقب الحسابات ، نجد أنه تبقى للقضاء سلطة واسعة في تحديد العناصر المكونة لهذه الأحطاء. كما يخضع تقدير الخطأ أو الإهمال المنسوب لمراقب الحسابات للسلطة التقديرية للمحكمة المختصة. إلا أنه من اللازم أن تتأكد هذه الأخيرة من أن الخطأ أو الإهمال صادر عن مراقب الحسابات شخصيا، أو عن أحد مساعديه أو ممثليهم.
هذا ويكون مراقبو الحسابات مجبرين على إبرام عقد تأمين يخص مسؤوليتهم المدنية وفقا للمادة 14 من قانون مهنة الخبرة المحاسبية وإنشاء هيئة الخبراء المحاسبين.

ثانيا : المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات[12]

تتميز الجرائم المتعلقة بمراقب الحسابات  بخاصيات تميزها عن الجرائم العادية فيما يتعلق بشروط قيام مسؤولية المراقب، كما أن أغلب جرائمه هي جرائم شكلية أي تتحقق بمجرد وقوعها بالشكل المنصوص عليه في القانون دون حاجة إلى تحقق نتيجة جرمية أو إثبات علاقة السببية بين العمل أو الامتناع المجرم والنتيجة الجرمية.
وتشكل المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات في شركة المساهمة إحدى أهم الضمانات القانونية التي تعطي لكافة أطراف الشركة والمتعاملين معها الثقة والاطمئنان لتقرير المراقبة التي يقوم بإعدادها مراقبو الحسابات. ويمكن تقسيم الجرائم التي يقترفها هؤلاء إلى نوعين: جرائم واقعة نتيجة خرق المراقب للقواعد المنظمة لوظيفته الرقابية وأخرى واقعة نتيجة مخالفة قواعد الاستقلال والكفاءة .
فنظرا لأهمية الموقع الذي يشغله مراقب الحسابات في شركات المساهمة التي تعد أهم ركائز التطور الاقتصادي في الدولة، فقد جرم المشرع مجموعة من الأفعال التي قد يقوم بها المراقب إخلالا بواجباته الرقابية، حيث يعاقب على تقديم أو تأكيد معلومات كاذبة حول وضعية الشركة أو عدم الإعلام بالأفعال الجرمية بالحبس لمدة تتراوح بين ستة أشهر إلى سنتين وبغرامة 10.000 إلى 100.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين[13].
والأفعال الجرمية التي يلتزم مراقب الحسابات بتبليغها لأجهزة الإدارة هي التي يتعرف عليها ويصادفها أثناء ممارسته لمهمته الرقابية سواء كان يعاقبها عليها قانون الشركات أو قوانين أخرى[14]. كما أن الوقائع الجرمية المقصودة بالنص هي التي تحدث في نطاق الشركة محل الرقابة، أما ما يحدث من جرائم خارج نطاق هذه الشركة فلا يلتزم مراقب الحسابات بالتبليغ عنها، والمقصود بالشركة هنا المقر الرئيسي لها أو أي فرع من فروعها.
ومن جهة أخرى فإن مراقب الحسابات عندما يقوم بالمهام المسندة إليه فهو يطلع على أسرار الشركة ويكتشف حقيقة مركزها المالي ويحيط بالصعوبات التي تواجهها، لذلك أوجب عليه المشرع في المادة 177 من قانون 95 .17 الحفاظ على أسرار المهنة والتي تنص على أنه: “يتقيد مراقبو الحسابات وكذلك مساعدوهم بالسر المهني فيما يتعلق بالوقائع والأعمال والمعلومات التي يكونون قد اطلعوا عليها بحكم ممارستهم مهامهم”.
ويخضع التزام مراقب بالحسابات بالسر المهني لبعض الاستثناءات، فحسب المادة 73 من القانون المتعلق بمجلس القيم المنقولة وبالمعلومات المطلوبة إلى الأشخاص المعنوية والتي تدعو الجمهور إلى الاكتتاب المعدلة بمقتضى القانون رقم 01-23 ” لا يمكن الاحتجاج بالسر المهني أمام مجلس القيم المنقولة أو السلطة القضائية التي تتصرف في إطار دعوى جنائية” كما أن المادة 80 من القانون رقم 03-34 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيئات المعتبرة في حكمها نصت على أنه لا يجوز الاحتجاج بالسر المهني على بنك المغرب والسلطة القضائية العاملة في إطار مسطرة جنائية، في حين فإن المادة 548 من مدونة التجارة أعطت لرئيس المحكمة في إطار صعوبات المقاولة الحق في الاطلاع على كل المعلومات التي من شأنها إعطاؤه صورة صحيحة عن الوضعية الاقتصادية والمالية للمدين وذلك عن طريق مراقب الحسابات… وذلك رغم كل مقتضيات تشريعية مخالفة.
وتنبغي الإشارة إلى أن المشرع المغربي قد عاقب على هذه الجريمة بعقوبة حبسية تتراوح مدتها بين شهر وستة أشهر وغرامة من مائتين إلى ألف درهم وذلك طبقا للمادة 405 من قانون شركات المساهمة والتي تحيل على المادة 446 من القانون الجنائي المغربي.
بالاضافة إلى هذا، إذا شكلت وقائع الإفشاء مخالفة مهنية يمكن مساءلة مراقب الحسابات تأديبيا أمام الهيئة المختصة طبقا لما نصت عليه المادة 66 من القانون المتعلق بتنظيم مهنة الخبراء المحاسبين.
هذا ويباشر مراقب الحسابات رقابته على حسابات الشركة من أجل حمايتها وحماية الغير المتعامل معها من أي تصرفات غير سليمة، ولهذا يفترض أن يتمتع مراقب الحسابات بالاستقلال والحياد في مباشرة مهامه، بالاضافة إلى خبرات ومؤهلات معنية.
وفي هذا الإطار، نصت المادة 404 على عقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر وبغرامة من 8000 إلى 40000 درهم كل من قبل أو مارس أو احتفظ، عن قصد، بمهام مراقب للحسابات على الرغم من حالات التنافي القانونية سواء باسمه الخاص أو بصفته شريكا في شركة لمراقبة الحسابات، والواضح أمام صراحة النص أن هذه العقوبة تقتصر على حالات التنافي ولا تشمل حالات المنع المنصوص عليها في المادة 162، أما في القانون الفرنسي فإن خرق مقتضيات حالات التنافي يعاقب بشكل غريب بالحبس لستة أشهر وغرامة قدرها 60000 فرنك أو بإحدى هاتين العقوبــتين، في حين لا يعاقب على المــزاولة غير الشرعــية لمهنة مراقب الحسابات إلا بغرامة تقدر ب 10 آلاف فرنك تضاعف في حالة العود.
ومن جهة أخرى، فقد نظم المشرع المغربي مهنة مراقبي الحسابات وجعل مباشرتها حكرا على الأشخاص المقيدين في جدول هيئة خبراء المحاسبين، ونصت المادة 101 من قانون الخبرة المحاسبية  على عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر إلى خمس سنوات وبغرامة من 100 إلى 40.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من قام دون أن يكون مقيدا في جدول هيئة الخبراء المحاسبين بأحد الأعمال المنصوص عليها في الفقرة الأولى من المادة 1 من هذا القانون.
ومن جانب آخر، فإن ادعاء صفة مراقب الحسابات على خلاف الحقيقة يعاقب عليه الفصل 381 من القانون الجنائي الذي أحالت عليه المادة 100 من قانون تنظيم مهنة الخبرة المحاسبية بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين وبغرامة تتراوح بين مائتين وخمس ألاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
فمن خلال استعراض المسؤولية الجنائية لمراقب الحسابات يتبين أن المشرع كان متشددا معه مقارنة مع المسيرين، فأعلى عقوبة حبسية كانت  من نصيبه وهي الحبس من 6 أشهر إلى سنتين، عند تقديم معلومات كاذبة بشأن وضع الشركة وعدم إعلام أجهزة الإدارة أو التسيير بالأفعال الجرمية، في حين فأعلى عقوبة حبسية يمكن الحكم بها ضد المسيرين  هي الحبس لمدة ستة أشهر، مع استثناء المادة 398 والتي تخص الطرفين معا وتعاقبهما بالحبس من شهر إلى سنة وبغرامة من 12000 إلى 120000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط عند القيام عن قصد بإعطاء أو تأكيد بيانات مخالفة للحقيقة في التقارير المعروضة على الجمعية العامة  المدعوة  لاتخاذ قرار إلغاء حق المساهمين في أفضلية الاكتتاب.
إن هذا التشدد كان من المفترض أن يشمل المسيرين على اعتبار أنهم يتمتعون بالسلطة الفعلية داخل الشركة مادام أن المساهمين لا يهمهم سوى الاستثمار في الأسهم، أما مراقب الحسابات فيظل دوره استشاريا وإخباريا.
[1] _ ربيعة غيت، الشركات التجارية، الطبعة الثانية 2016، مطبعة بني ازناسن، ص108
[2] _المادة 12 والمادة 80 من القانون 5.96
[3] _تنص المادة 159 من القانون 17.95 “يجب أن يتم في كل شركة مساهمة تعيين مراقب أو مراقبين للحسابات يعهد إليهم بمهمة مراقبة وتتبع حسابات الشركة وفق الشروط والأهداف المنصوص عليها في القانون، غير أنه يجب على الشركات التي تدعو الجمهور للاكتتاب أن تعين مراقبين اثنين للحسابات على الأقل، وكذلك الشأن بالنسبة للشركات البنكية وشركات القرض والاستثمار والرسملة والادخار”.
[4] _زكية شعيبي، دور مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة في إطار القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس-كدال-، ص 35.
[5] _ ظهير شريف رقم 1.92.138 صادر في 30 من جمادى الآخرة 1413 (25 ديسمبر 1992) بتنفيذ القانون 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 4183 بتاريخ 5 رجب 1413 (30 ديسمبر1992)، ص 1867.
[6] _حيث تنص المادة 6 من القانون 9.88 يجب مسك دفتر جرد تقيد فيه موازنة كل دورة محاسبية وحساب عائداتها وتكاليفها.
[7] _ ربيعة غيت، الشركات التجارية، مرجع سابق، ص74
[8] _ زكية شعيبي، دور مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة في إطار القانون المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس-كدال-، ص 78و79
[9] _تنص المادة 141 من القانون 17.95 ” يحق لكل مساهم، ابتداء من دعوة الجمعية العامة العادية السنوية وعلى الأقل خلال الخمسة عشر يوما السابقة لتاريخ الاجتماع، الاطلاع بنفسه في المقر الاجتماعي للشركة على ما يلي :
…تقرير مراقب أو مراقبي الحسابات المعروض على أنظار الجمعية والتقرير الخاص المنصوص عليه، حسب الحالة، في الفقرة الثالثة من المادة 58 أو في الفقرة الرابعة من المادة 97 “.‏
[10] _ زكية شعيبي، دور مراقب الحسابات داخل شركات المساهمة في إطار القانون المغربي، مرجع سابق، ص82
[11]_ يقوم مجلس الإدارة أو مجلس الإدارة الجماعية بدعوة الجمعية العامة للانعقاد، وفي حالة عدم قيامهما بذلك، يمكن للأشخاص الآتي ذكرهم أن يقوموا بدعوتها للانعقاد عند الاستعجال:
1- مراقب أو مراقبو الحسابات؛….
[12] خصص قانون 95-17 حوالي 55 مادة تجرم وتعاقب مجموعة من السلوكات التي تهدد كيان الشركة بدءا من التأسيس ومرورا بالإدارة والتسيير وانتهاء بالتصفية، ويظهر من ذلك بشكل عام أن المشرع قد تشدد إلى حد ما وهو يعالج هذا النوع من الشركات، ويتأكــــــد ذلك من كثرة المواد الزجرية التي بلغت في مجموعها 111 مادة من ضمن 454 مادة المشكلة لقانون شركات المساهمة برمته، كما أن الأحكام الجنائية المذكورة بتلك المواد لا تطبق إلا إذا كانت الأفعال لا تقبل تكييفا جنائيا أشد.
 
[13] لم يحدد المشرع في هذه المادة المقصود بالمعلومات المتعلقة بوضع الشركة أو إلى من يجب أن تقدم أو تؤكد هذه المعلومات، مما سيجعل الأمر خاضعا للسلطة التقديرية للقاضي، كما لم يحدد الشكل الذي تعطى به هذه المعلومات هل كتابة أم شفاهة أو عن طريق إعلان منشور في حالة إصدار سندات دين، ولو أنه من الناحية العملية يتم إعطاؤها عن طريق الكتابة، مادام أن مراقبي الحسابات ملزمون بتقديم تقارير مكتوبة للجمعية العمومية والتي يشهدون فيها على صدق الحسابات.
[14] هذا ما ذهبت إليه الرابطة الوطنية لمراقبي الحسابات في فرنسا في المعيار رقم 351

Related Articles

2 Comments

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button