الحماية الجنائية للأسرة في مدونة الأسرة المغربية

الحماية الجنائية للأسرة في مدونة الأسرة المغربية

الحماية الجنائية للأسرة تعتبر الأسرة الخلية الأولى التي يرى الإنسان فيها النور، والمدرسة الأولى التي تلقى فيها مبادئ الحياة، حيث نصت الفقرة الأولى من ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 على أن الأسرة هي العنصر الطبيعي والأساسي للمجتمع والدولة.

ولأهميتها هاته أحاطتها التشريعات المختلفة بمقتضيات قانونية عدة، بدء من العقد المؤسسة لها –وهو عقد الزواج- لإضفاء حماية قانونية كفيلة بأن تضمن لها الاستقرار إذا تضافرت مع عوامل اقتصادية واجتماعية ملائمة. والمشرع الجنائي المغربي أحاط نظام الأسرة بحماية خاصة من خلال نصه على مقتضيات زجرية منها ما هو خاص بالزواج، حماية للعلاقة الزوجية، ومنها ما هو خاص بحماية الطفل الذي هو ثمرة هذه العلاقة، ومنها ما هو خاص بالمرأة.

المبحث الأول:  الحماية الجنائية للعلاقة الزوجية

تعد الأسرة المجتمع الأول الذي يواجهه الأفراد، لذلك فهي تباشر أثرها القوي في توجيه تصرفاتهم وسلوكياتهم، فإذا كانت الأسرة متماسكة يسودها الحب والتفاهم والاحترام والأخلاق الحميدة يكون هناك توازن في العلاقة الزوجية بين الطرفين، فيقوم كل واحد منهما بتلبية حاجيات الطرف الآخر والسهر على راحته، أما إذا كانت الأسرة متفككة يسودها التنافر وعدم التفاهم والعلاقة السيئة بين الزوجين، فيترتب عن ذلك عدم الاكتراث للعلاقة الزوجية ، فيكون لكل واحد منهما حياته الخاصة التي يسعى جاهدا إلى الاستمتاع بها وتلبية رغباته دون الأخذ بعين الاعتبار وجود علاقة زوجية قائمة بينهما، مما يسمح بخيانة أحدهما للآخر، أو إهمال أحدهما لبيت الزوجية أو استعمال العنف أو الضرب والجرح من أحد الزوجين ضد الآخر. مما حدا بالمشرع إلى التدخل لتجري هذه الأفعال حماية للعلاقة الزوجية.

المطلب الأول: الخيانة الزوجية

إن نظام الزواج هو النظام الطبيعي الذي يؤدي إلى حفظ النوع البشري، لذلك جرمت التشريعات المختلفة كل ما من شأنه أن يمس بحرمة هذا النظام، وكل رأس ذلك الخيانة الزوجية التي ما جرمت لكونها تمس الآداب والأخلاق العامة فحسب، وإنما تجريمها يرجع بالأساس إلى رغبة التشريعات الجنائية في حماية العلاقة الزوجية، ويؤكد ذلك أن جل التشريعات المعاقبة على الخيانة الزوجية جرت على إيراد النصوص الخاصة بذلك في باب “الجرائم الخاصة بالزواج أو العائلة([1])

والخيانة الزوجية هي كل ممارسة يقوم بها أحد الزوجين خارج إطار العلاقة الزوجية المشروعة.

والمشرع المغربي-كغيره من التشريعات الإسلامية التي تجرم كل ما يتنافى مع مبادئ الشريعة الإسلامية- لا يعترف إلا بمؤسسة الزواج كرابط شرعي بين رجل وامرأة بناء على عقد زواج صحيح. فقد نص الفصل 491 من ق.ج في فقرته الأولى على أنه:”يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين أحد الزوجين الذي يرتكب جريمة الخيانة الزوجية، ولا يجوز المتابعة في الحالة إلا بناء على شكوى من الزوج أو الزوجة المجيز عليها…” وقد سار على نهج المشرع المغربي في تجريم الخيانة الزوجية كل من نظيره المصري والليبي والجزائري…

وبخلاف هذه التشريعات نجد المشرع التونسي لا يعاقب على جريمة الخيانة الزوجية بالمعنى الواسع إلا إذا كن ذلك بالمقابل وخارج دور البغاء حيث يعتبر في هذه الحالة بغاء سريا يعاقب عليه بأحكام الفصل 231 من المجلة الجنائية، أو إذا كانت الفتاة المتصل بها قاصر.([2])

أما التشريع الفرنسي فقد ميز في العقوبة بين أطراف الجريمة، بحيث أن الزوجة الزانية تعاقب بالسجن من ثلاثة أشهر إلى سنتين (م 337) كما يخضع شريكها إلى نفس العقاب مع الغرامة، أما الزوج الزاني فإن عقوبته محصورة على الغرامة شرط أن يكون قد زنى في بيت الزوجية، أو اتخذ له خليلة في منزل الزوجية (م 339) ولم يتطرق المشرع الفرنسي إلى عقوبة شريكة الزوج.([3])

وزنا الزوج في بيت الزوجية شرط لقيام جريمة الخيانة الزوجية في حقه في القانون المصري كذلك إذ نصت المادة 4 من قانون العقوبات المصري على أنه:”كل زوج زنا في منزل الزوجية وثبت عليه هذا الأمر بدعوى الزوجة يجازى بالحبس مدة لا تزيد عن ستة شهور

والحماية الجنائية للعلاقة الزوجية لا تقتصر فقط على اعتبار العلاقة الزوجية عنصرا تكوينيا في جريمة الخيانة الزوجية، وإنما تمتد هذه الحماية إلى تمتيع أي من الزوجين بظرف مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب الذي يرتكبه أحد الزوجين ضد الزوج الآخر أو شريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية.([4])

ويعتبر تمتيع الزوجين معا بهذا العذر المخفف من أهم ما جاء به القانون رقم 03-24([5]) وذلك تكريسا لمبدأ المساواة الذي يجب أن يسود القانون الجنائي، على اعتبار أن الزواج يربط الزوجين معا ويرتب حقوقا وواجبات متبادلة بين الزوجين وليس هناك أي اعتبار يبرر حرمان الزوجة من هذا العذر المخفض للعقوبة.([6])

وبتجريم المشرح للانحلال الخلقي وكل الوسائل المساعدة له أو الداعية إليه يعمل جاهدا لحماية الأخلاق بصفة عامة ومنع تأثيرها السيئ  على الأسرة، وحرصا على تحصين هذه الأخيرة من كل ما من شأنه أن يزعزع دعائمها وتماشيا مع هذا الهدف فقد جعل المشرع المتابعة في جريمة الخيانة الزوجية مرتبطة بضرورة تقديم شكوى من الزوج أو الزوجة المجني عليها.([7])

المطلب الثاني:إهمال الأسرة

خصص المشرع المغربي لجريمة إهمال الأسرة الفصول من 479 إلى 482 من القانون الجنائي. وهذه الفصول تعتبر السند القانون للتجريم للعقاب على هذه الجريمة، إذ تحدد نوع الأفعال المجرمة قانونا والمعتمدة كأساس للمتابعة عند اقترافها ممن تتوافر فيهم الصفة المتطلبة قانونا، كما تعدد هذه الفصول العقوبات المقررة لها، والتي تكون إما عقوبات سالبة للحرية وللحقوق أو عقوبات مالية.([8])

وفي هذا الإطار ينص الفصل 479 من ق.ج على أنه:”يعاقب كل من الأب أو الأم إذا ترك أحدهما بيت الأسرة دون موجب قاهر مدة تزيد عن شهرين وتملص من كل أو بعض واجباته المعنوية أو المادة الناشئة عن الولاية الأبوية أو الوصاية أو الحضانة ولا ينقطع أجل الشهرين إلا بالرجوع إلى بيت الأسرة رجوعا ينم عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية“.

ويعني ذلك خروج الأب أو الأم من البيت الذين يقيمان فيه مع أطفالهما إلى مكان آخر، وسواء كان ذلك المكان بعيدا أم قريبا يجب أن يوافق ذلك الخروج إخلال أحد الأبوين بواجبات الولاية أو الوصاية أو الحضانة([9]). أما إذا أستمر أحد الزوجين في رعاية الأبناء رغم بعده عن بيت الأسرة، وكان ينفق على أسرته من بعيد ويرعى أبناءه من خلال توجيهاته لهم من مكان خارج بيت الأسرة فلا تثبت في حقه جريمة إهمال الأسرة، غير أن هذا الامتياز لا يتوفر للأم التي تتملص من واجب الحضانة، لكون أبنائها يجب أن يظلوا معها حتى تتمكن من رعايتهم.

أما فيما يخص فترة الغياب عن بيت الأسرة فقد حددتها المادة 479 من ق.ج في غياب أحد الأبوين عن بيت الأسرة لأكثر من شهرين، وهذا التحديد يفهم منه أن هذه الفترة قد تكون شهرين أو أكثر.

والمشرع أراد أن يقطع الطريق على الزوج المخادع الذي يتحايل، وذلك بالحضور إلى بيت الزوجية بين الحين والآخر، الأمر الذي دفع به إلى التنصيص في الفصل 479 من ق.ج على أنه:”لا ينقطع أجل الشهرين إلا بالرجوع إلى بيت الزوجية رجوعا عن إرادة استئناف الحياة العائلية بصورة نهائية“. غير أن الإرادة الحقيقية لاستئناف الحياة الزوجية بصورة نهائية مسألة من الصعب إثباتها نظرا لارتباطها بالنية التي تعتبر من الأمور الخفية التي لا يمكن للقضاء أن يطلع عليها.

وقد أقر المشرع نفس عقوبة إهمال الأسرة لمن يترك زوجته وهي حامل، شريطة علم الزوج بوجود هذا الحمل عند قيامه بمغادرة بيت الزوجية.

وما قيل عن الإرادة النهائية لاستئناف الحياة العائلية يمكن قوله عن مسألة العلم بالحمل إذ من الصعب إثبات هذا العلم خصوصا إذا كانت الزوجة في الشهور الأولى للحمل.

ويستخلص من المادة 479 بمفهوم المخالفة أن الزوجة إذا لم تكن حاملا وأهملها زوجها لأكثر من شهرين دون عذر مقبول لا يحق لها متابعته بهذه الجريمة. كما أن الزوجة الحامل إذا هي أقدمت على مغادرة بيت الزوجية وكان زوجها عالما بحالة الحمل، لا يجوز له متابعتها بإهمال الأسرة، إلا إذا وجد أطفال صغار قي البيت الذي غادرته وتخلت عنهم دون عذر قاهر.

وإذا كان هذا القول قد يفسر بأن المشرع المغربي قد جرم إهمال الأسرة حماية لمصلحة الأطفال بالدرجة الأولى، فإن تأثير هذه الجريمة على العلاقة الزوجية لا يمكن أن ينكره اللبيب، كما أن ضرر غياب أحد الزوجين عن بيت الزوجية يطال الزوج الآخر بلا شك مما يدفعنا إلى القول بأنه ما كان على المشرع أن يعلق قيام الجريمة على وجود أطفال أو حمل وهذا الاعتبار هو الذي دفعنا إلى دراسة هذه الجريمة تحت عنوان”الحماية الجنائية للعلاقة الزوجية” بالإضافة إلى اعتبار آخر وهو أن هذه الجريمة تجمعها مع الجرائم في هذا الباب خاصة جوهرية وهي كونها ترتكب من قبل أحد الزوجين.

كما نص المشرع في الفصل 480 من ق.ج على أنه:”يعاقب بعقوبة إهمال الأسرة من صدر عليه حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المؤقت بدفعه نفقة إلى زوجه أو أحد أصوله أو فروعه وأمسك عمدا عن دفعها في موعدها المحدد“.

فانطلاقا من هذا النص يتبين أن الجريمة المذكورة تقوم متى أمسك الجاني عمدا عن أداء النفقة لمستحقيها، زوجة كانت أو أحد الأصول أو الفروع، وذلك بعد صدور حكم نهائي أو قابل للتنفيذ المعجل يقضي بأدائها، وأن يمسك المدين عن دفعها عمدا، فالأصل هو ملاءة الذمة، ومن ثم على المدين بالنفقة أن يثبت حسن نيته، أما القصد الجنائي أو النية الجريمة فتفترض وعلى الملزم بالنفقة أن يأتي بالحجة على أنه معسر.([10])

المطلب الثالث: الضرب والجرح المرتكبة ضد أحد الزوجين

ينص الفصل 404 من ق.ج المغربي كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى قانون 03-24 على أنه:

يعاقب كل من ارتكب عمدا ضربا أو جرحا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء ضد أحد أصوله أو ضد كافله أو ضد زوجه

والعناية من تعديل هذا النص وغيره مما يتعلق بحماية الطفل والمرأة على النصوص، هي مسايرة مجموعة من المستجدات التي عرفتها قوانين أخرى في بلدنا، كقانون المسطرة الجنائية، قانون الحالة المدنية، مدونة الشغل، قانون مكافحة الإرهاب، قانون الصحافة، مدونة التجارة ثم مدونة الأسرة، وهو ما يفرض ملاءمة القانون الجنائي مع هذه القوانين حتى يتمكن المشرع من تحقيق التكافل وإزالة التناقص حماية للأسرة([11])، وتحقيقا لمبدأ أي الحرية والمساواة.

ويقابل الفصل 404 من ق.ج المغربي المادة 232/13 من القانون الجنائي الفرنسي التي تنص على أن:”العنف الذي يترتب عنه عجز عن العمل لمدة أقل أو تساوي 8 أيام…

يعاقب بـ 3 سنوات حبسا وغرامة 300.000 فرنك عندما يرتكب ضد:

1-….

2-….

6- من طرف زوج أو صديق الضحية

وينص المشرع المغربي التعديل الأخير صراحة على تجريم العنف بين الأزواج أصبح هناك توافق بين التشريع المغربي وغيره من التشريعات المقارنة، على اعتبار أنه قبل هذا التعديل لم يكن هناك أي تنصيص على الضرب والجرح ضد أحد الزوجين، الأمر الذي دفع بالمشرع أمام تكاثر هذه الظاهرة –والفراغ التشريعي- إلى تجريم هذه الأفعال حرصا منه على ضرورة تحسين وضمان تماسك كل مكونات المجتمع وعلى رأسها الأسرة، والمرأة والطفل بالخصوص. ولقد كان للمجتمع المدني الدور الفعال في هذا الميدان وذلك من خلال العمل النشيط الذي تقوم به الجمعيات.([12])

وتكريسا للحماية الجنائية للزوجين كل في مواجهة الآخر، قرر المشرع المغربي إخضاع الجنح الزوجية للمماثلة في تقرير حالة العود([13]). وإذا أضاف إلى لائحة الجنح المتماثلة والتي ينص عليها الفصل 158- كل الجنح التي ارتكبها زوج في حق الزوج الآخر، “وهذه الجنح تعتبر متماثلة لتقرير حالة العود، وإن تباعدت عن بعضها البعض من حيث التكييف والوصف القانوني، فالزوج الذي يرتكب ضد زوجته عنفا ثم يصدر في حقه حكم حائز لقوة الشيء المقضي به ثم يرتكب ضدها قبل مضي خمس سنوات من تمام تنفيذ عقوبة الحبس أو تقادمها جنحة تهديد أو قذف أو إهمال يعتبر في حالة عود، ونفسه الأمر بالنسبة للزوجة التي تجرم في حق زوجها.([14])

كما شدد المشرع العقوبة في حالات العنف بين الزوجين إذ لم يعد العنف الذي يرتكبه الزوج ضد زوجته أو الزوجة ضد زوجها يدخل في نطاق الحالات العادية، وإنما تدخل المشرع ليتصدى لجرائم العنف بين الأزواج –والمتزايدة- وذلك بإضافته “أو ضد زوجه” في الفصل 404 من ق.ج، والذي كان يشدد العقوبة في حالة ارتكاب ضرب أو جرح أو عنف أو إيذاء ضد الأصول. وبذلك أصبح تشديد العقوبة يشمل جرائم العنف التي يرتكبها الزوج ضد زوجته أو التي ترتكبها الزوجة ضد زوجها، سواء نتج عنها مرض أو عجز تتجاوز مدته عشرين يوما أو تقل عن ذلك أو لم ينتج عنها مرض أو عجز أصلا وسواء أدت إلى إحداث عامة دائمة أو أدت إلى الموت دون نية إحداثه. ولكن إعمال هذا المقتضى تعترضه صعوبة جدية تتمثل في تعذر إثبات هذا العنف مادام يرتكب غالبا خلف أسوار بيت الزوجية.([15])

وإمعانا من المشرع في توفير الحماية اللازمة للطفل والمرأة وكذلك للزوج أعفى الأطباء ومساعديهم من ضرورة الاحتفاظ بالسر المهني عند علمهم أثناء مزاولتهم مهامهم بتعريض طفل من الثامنة عشرة أو امرأة أو أحد الزوجين للعنف وتمكينهم بالتالي من التبليغ عن ذلك.([16])

المبحث الثاني: الحماية الجنائية للطفل

يتزايد اهتمام الأمم بالطفل أو الصبي أو الحدث، فهو ذخيرة الوطن بسواعده تتحقق استمرارية خطط التنمية وبدمائه وروحه يصان الاستقلال والكرامة الوطنية، فهو إنسان في طور النمو، وهو بالنسبة لأسرته، ولمجتمعه ولأمته رجاء المستقبل.

ولذلك تحرص مختلف التشريعات على هذه اللبنة المستقبلية للمجتمع بالحماية في مختلف التشريعات –ومنها التشريع الجنائي- وذلك لكي تمنعه من عواقب الانحراف ولكي تسلك به الطريق السوي إلى الغاية التي ينشدها كل مواطن في حياته.

وقد عرفت المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة في عام 1989 الطفل بأنه:”كل شخص لم يتجاوز سن الثامنة عشرة سنة.

 وحسب المادة 458 من ق.م.م.ج(¨) المغربية فإن الحدث أو الطفل هو الذي لم يبلغ سن الرشد الجنائي، وهو 18 سنة ميلادية كاملة، وتقسم مرحلة الطفولة إلى مرحلتين الأولى لا يكون فيها الحدث مسؤولا جنائيا، وذلك لانعدام تمييزه حين يكون سنه أقل من 12 سنة، والمرحلة الثانية وهي ما بين 12 و 18 سنة ويكون فيها الحدث مسؤولا مسؤولية ناقصة.

وهذه الأحكام قد ورد النص عليها كذلك في الفصول من 138 إلى 140 من ق.ج.

وفي مقابل هذا التحديد لمفهوم “الطفل” في التشريع المغربي نجد الفصل 3 من مجلة حماية الطفل التونسية ينص على أن المقصود بالطفل كل إنسان عمره أقل من 18 عاما ما لم يبلغ سن الرشد بمقتضى أحكام خاصة. في حين نجد المشرع اللبناني يقصد بالطفل كل من أتم السابعة من عمره ولم يتم التاسعة عشرة.

فالملاحظ إذا أن هناك توافق بين المشرع المغربي وأغلب التشريعات المقارنة فيما يخص تحديد سن الرشد الجنائي في 18 سنة. وذلك راجع بالأساس إلى وحدة المرجعية بالنسبة لهذه التشريعات في المسألة والمتمثلة في اتفاقية حقوق الطفل.

وهكذا يعتبر الصغير الذي لم يتم 12 سنة من عمره غير مسؤول جنائيا، أما إذا أتم الثانية عشرة ولم يبلغ الثامنة عشرة فتكون مسؤوليته ناقصة في حين إذا بلغ الثامنة عشرة فإنه يصبح كامل المسؤولية الجنائية.

ومن هنا تظهر عناية المشرع بالصغير بأن منحه حماية خاصة، تعود عليه بالفائدة الذاتية فيما قد يقع منه من أفعال قد تضر بالغير. وفي المقابل ذلك خصص له المشرع حماية مما قد يقع من اعتداء على حقه في الحياة (المطلب الأول) أو على سلامته الجسدية (المطلب الثاني) أو تركه أو تعريفه للخطر (المطلب الثالث).

المطلب الأول: حق الطفل في الحياة

إن الحق في الحياة حق مقدس اعترفت به جميع الشرائع السماوية، ثم جاءت القوانين الوضعية فنصت هي الأخرى على معاقبة كل من يقتل أو يتسبب في قتل نفس بغير حق، وهكذا نجد المشرع المغربي قد نص في القانون الجنائي على الجنايات والجنح المرتكبة ضد الإنسان عموما وخاصة الطفل وذلك تماشيا مع الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، والتي نصت في مادتها السادسة على حق الطفل في الحياة والبقاء…

وهكذا أورد المشرع نصوصا جنائية موضوعية قصد بها حماية حق الطفل في الحياة سواء في المرحلة السابقة على الولادة أي أثناء الحمل أو المرحلة اللاحقة للولادة.([17])

فبالنسبة للمرحلة الأولى تبدأ حماية المشرع لحق الطفل في الحياة بتجريم الإجهاض وكذلك بالمعاملة العقابية الخاصة للمرأة الحامل رعاية للجنين.

فقد جرم المشرع المغربي الإجهاض في الفصل 449 من ق.ج والذي ينص على أن:”من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم وإذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته من عشر إلى عشرين سنة“.

وقد جرم المشرع المصري بدوره الإجهاض ونص على عقوبته في المواد 260، 261، 262 و213 من قانون العقوبات.

ويلاحظ من خلال الفصل 449 من ق.ج أن المشرع المغربي قد عاقب على محاولة الإجهاض وهو ما يتوافق وما ذهبت إليه محكمة النقض المصرية التي اعتبرت:”أن الإجهاض هو تعمد إنهاء حالة الحمل قبل الأوان ومتى تم ذلك فإن أركان الجريمة تتوافر ولو ظل الحمل في رحم الحامل([18])

وإذا كان الإجهاض محظورا عامة كما تقدم فإن الظروف الاقتصادية والاجتماعية على وجه الخصوص والتضخم السكاني مع ضعف الموارد قد يؤدي إلى وضع برامج للتنظيم العائلي بهدف التحكم في عدد الأطفال سعيا نحو توفير حياة أفضل لهم. وهو ما ذهب إليه القانون الفرنسي الذي أجاز الإجهاض بشروط معينة بمقتضى القانون الصادر سنة 1961-والمعدل بالمرسوم الصادر سنة 1973-الذي أباح إجهاض الحمل خلال الثلاثة أشهر الأولى بمعرفة طبيب مباشر لمهنته بصفة قانونية في مؤسسة استشفائية أو صحية أو مصحة مرخص لها.([19])

ولم يقف المشرع المغربي عند حد تجريم الإجهاض حماية لحق الجنين في الحياة وإنما عاقب من يرشد الناس إلى وسائل تحدث الإجهاض، أو ينصح باستعمالها في الفصل 451 من ق.ج كما أن الفصل 455 يعاقب على التحريض على الإجهاض ولو لم يؤدي الإجهاض إلى نتيجة.

ولم يفت المشرع أن يعاقب كل امرأة أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك، أو تحملت أن يجهضها غيرها أو رضيت باستعمال ما أرشدت إليه أو ما أعطي لها لهذا الغرض([20]). إلا أن المشرع المغربي أباح الإجهاض استثناء إذا دعت إليه ضرورة المحافظة على صحة الأم.([21])

وإضافة إلى تجريم الإجهاض تتجلى حماية المشرع الجنائي لحق الطفل في الحياة في المرحلة الجنينية في المعاملة الخاصة للمرأة الحامل في حال ارتكابها لجريمة أوجبت الحكم عليها بالإعدام حيث نص المشرع في الفصل 21 من ق.ج على أنه:”المرأة المحكوم عليها بالإعدام إذا أثبت حملها فإنها لا تعدم إلا بعد أن تضع حملها بأربعين يوما” ونفس المقتضى تقريبا ورد في المادة 476 من قانون الإجراءات الجنائية المصري مع اختلاف في المدة التي ينفذ فيها الإعدام بعد الولادة وهي أربعين يوما في القانون المغربي وشهرين في القانون المصري.

والحكمة من إرجاء تنفيذ حكم الإعدام على المرأة الحامل ترجع بالأساس إلى إنقاذ الجنين الذي يعتبر مخلوقا بريئا لا ذنب له من حقه أن يحمى ويعيش.([22])

ولم تقف حماية المشرع الجنائي للطفل عند هذا الحد بل رافقته هذه الحماية حتى المرحلة الثانية وهي التي يستقل فيها عن أمه، وتبتدئ بتنفسه لأول مرة عندما يخرج رأسه من رحم أمه ويقطع الحبل السري ويصبح الجنين وليدا([23]). إذ نجد الفصل 397 من ق.ج ينص على أن:”من قتل عمدا طفلا وليدا يعاقب بالعقوبات المقررة في الفصلين 392 و393 وهذه العقوبات من السجن المؤبد في الأحوال العادية إلى الإعدام في حالة سبق الإصرار والترصد“.

المطلب الثاني:  تجريم المساس بالسلامة الجسدية للطفل

لقد عمد المشرع إلى اتخاذ عدة تدابير تهدف إلى حماية الطفل من كل ما يمكن أن ينال من سلامته الجسدية من ضرب أو جرح أو عنف. وشدد العقوبة على مرتكب هذه الأفعال في حق الطفل مقارنة مع ما قد يقع على الراشد، حيث نص الفصل 408 على أنه:”يعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من جرح أو ضرب عمدا طفلا دون الخامسة عشرة من عمره، أو تعمد حرمانه من التغذية أو العناية، حرمانا يضر بصحته، أو ارتكب عمدا ضد هذا الطفل أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء فيما عدا الإيذاء الخفيف.

وفي مقابل هذا النص نجد المادة 222 ق.ج الفرنسي والتي تنص على أن العنف الموجه ضد حدث لم يتجاوز 15 سنة، أو ضد شخص مسن أو مريض أو له عاهة جسدية أو نفسية أو ضد امرأة حامل يعاقب…”

وهذه المواد تتلاءم مع المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل والتي تنص على أن:”الدول الأطراف تتخذ جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية“.

يلاحظ إذن أن المشرع المغربي ساير اتفاقية حقوق الطفل، فيما يخص حماية الطفل من كافة أشكال العنف أو الضرب أو الإهمال، حيث امتدت هذه الحماية لتشمل الطفل دون الخامسة عشرة من العمر سيرا على نهج نظيره الفرنسي.

وتشجيعا من المشرع على التدخل لحماية الطفل، قرر عذرا مخففا للعقوبة في جرائم الضرب والجرح إذا ارتكبها شخص ضد آخر بالغ عند مفاجأته بهتك أو محاولة هتك عرض بعنف أو دون عنف على طفل دون الثانية عشرة من العمر.([24])

المطلب الثالث: تجريم ترك الأطفال وتعريضهم للخطر

الطفل بحكم تكوينه العضوي والنفسي لا يملك في السنوات الأولى من عمره القدرة على حماية نفسه من الخطر، أو دفعه، ولا يملك القدرة على إدراك ما يحيق به من المخاطر، التي يتعرض لها غيره من الأفراد الكبار.

ولأن الطفل لا يعيش وحده وإنما يعيش علة على غيره، وفي كنفه، حتى ولو كان له مال يتعيش منه، فهو دائما في حاجة إلى من يوليه الرعاية التي تتطلب من الولي، أو الراعي، أن يكون الطفل في حيازته.([25])

وللاعتبارات السابقة، وتماشيا مع العدالة وضمانا لكرامة الطفل وصيانة لحقوقه، فإن المشرع قد اهتم بالطفل في شتى المجالات ليس فقط في الجانب الذي يتعرض فيه للاعتداء المادي فقط، أو ما قد يقوم به من أفعال تعتبر خرقا للقانون من جراء انحرافه بل إن حماية المشرع للطفل واهتمامه بع يمتد حتى للمسائل قد تعرضه للخطر.

حيث نص الفصل 459 ق.ج على أنه:”من عرض أو ترك طفلا دون الخامسة عشرة أو عاجزا لا يستطيع أن يحمي نفسه بسبب حالته الجسمية أو العقلية في مكان خال من الناس أو حمل غيره على ذلك يعاقب لمجرد هذا الفعل، بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات…

ويقابل هذا الفصل المادة 1.227 ق.ج الفرنسي التي تنص على أنه:”من ترك طفلا دون 15 سنة في مكان ما يعاقب بالحبس لمدة سبع سنوات وبغرامة 200 ألف فرنك إلا إذا سمحت ظروف الترك بحماية صحة وسلامة هذا الأخير…

وتنص المادة 285 من قانون العقوبات المصرية على أنه:”من عرض للخطر طفلا لم يبلغ سنه سبع سنين كاملة وتركه في محل خال من الآدميين، أو حمل غيره على ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين.

ولم يقتصر عقاب المشرع المغربي على ترك الطفل في مكان خال من الناس بل حتى تركه في مكان غير خال معاقب عليه في التشريع الجنائي المغربي.([26])

وقد ذهبت محكمة النقض المصرية في تفسيرها لعبارة “خال من الناس” إلى أنه”ليس المقصود من عبارة”خال من الآدميين” أن يكون المحل خاليا من الآدميين في جميع الأوقات كمنطقة نائية مهجورة مثلا، وإنما المراد أن يكون المحل المذكور خاليا من الناس وقت تعرض الطفل للخطر، ولو كان من شأنه في غير هذا الوقت أن يكون آهلا بهم كالطريق العام([27])

وبإلقاء نظرة على لمواد المذكورة أعلاه يمكن القول أن التعديل الذي أدخل على الفصلين 459 و 461 من ق.ج المغربي بمقتضى القانون 03-24 حدد سن الطفل الذي يتمتع بالحماية المقررة في الفصلين فيها دون الخامسة عشرة على غرار المشرع الفرنسي وذلك خلاف القانون المصري الذي حدده في أقل من سبع سنوات، وهذا يوفر حماية أوفر للطفل في التشريع المغربي والفرنسي مقارنة بنظيرهما المصري.

وتعتبر جريمة تعريض الطفل للخطر من الجرائم الإيجابية التي تتحقق بعمل إيجابي ويتضح ذلك من نص الفصل 459 ق.ج من خلال عبارتي”من عرض أو ترك طفلا” و”أو حمل على ذلك“. على أن تفسير هذا النص لا يمنع من تصور وقوع الجريمة بدون عمل إيجابي، أي “بالترك أو الامتناع“، فإذا وجد شخص طفلا في محل خال من الآدميين وتركه مع علمه بما يتعرض له من خطر أو في هذه الحالة ولم يتخذ أي إجراء لإنقاذه، أو التبليغ عنه، وتوافر لديه القصد الجنائي، يعتبر مرتكبا لجريمة”تعريض الطفل للخطر” بطرق الترك أو الامتناع.([28])

ويستوي أن تقع هذه الجريمة من الشخص الذي يقوم على تربية الطفل ورعايته وتولي أمره –سواء من أصوله أو ممن لهم سلطة عليه أو ممن يتولون رعايته بحكم الوظيفة كالخدم والمعلمين وغيرهم- أو من الغير غير أنه إذا كان مرتكب الجريمة من الفئة الأولى فإن العقوبة تشدد عليه حسب التفصيل الوارد في الفصل 462 ق.ج.

كما يشترط لوقوع هذه الجريمة أن يؤدي تعريض الطفل للخطر إلى حدوث نتائج فعلية، لذلك فالجريمة تقوم ولو يقع للطفل ضرر ما، على أنه إذا ترتبت نتائج عن تعريض الطفل للخطر اقتصرت آثارها على العقوبة فقط وذلك على التفصيل الوارد في الفصل 459 من ق.ج المغربي.

وزيادة في توفير الحماية للطفل عاقب المشرع الجنائي المغربي كلمن يترك طفلا أو يتخلى عنه لفائدة مؤسسة خيرية، وكان الطفل قد عهد به إليه للعناية به متى كان سن الطفل لا يتجاوز سبع سنوات([29]). كما جرم المشرع كل من يقوم ببيع أو شراء طفل تقل سنه عن ثماني عشر سنة([30])، وفي نفس الاتجاه عاقب كل من حرض أو قام بالوساطة من أجل ذلك.

وتدخل المشرع لتجريم الاتجار بالأطفال قد يبدو مستغربا، ولكن مرده يرجع بالأساس إلى كون هذه الجريمة أصبحت تندرج في إطار الجريمة المنظمة التي تقوم بها شبكات دولية متخصصة في ذلك، على صعيد القارة الإفريقية بالخصوص مما أيقظ هاجس المشرع المغربي نحو المسألة إضافة إلى ضرورة ملاءمة القانون الجنائي المغربي مع التزامات المغرب الدولية.

[1] – د محمد عبد اللطيف صالح الفرفور:”الفقه الجنائي المقارن بالقانون”، الناشر: الحكمة، ب.ط.و.ب.ت، ص: 77.

[2] – محمد فاضل:”جريمة الفساد في القانون المغربي”، طبعة أولى، ص: 102 وما بعدها.

[3] – محمد فاضل، مرجع سابق، ص:107.

[4] –  الفصل 418 من ق.ج بعد تعديله بموجب القانون رقم 03-24.

[5] – الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 11 نوفمبر 2003.

[6] – ذ. يوسف وهاجي:”جرائم بيت الزوجية والحماية الجنائية للزوجين على ضوء تعديلات القانون الجنائي الأخيرة”، مقال منشور بمجلة الملف عدد 5، يناير 2005، ص:118.

[7] –  هو ما سوف نراه لاحقا بنوع من التفصيل.

[8] – أدولف ريبولط:”القانون الجنائي في شروح”، جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية، ص: 602.

[9] – أدولف ريبولط، نفس المرجع السابق، ص:603.

[10] – وزارة العدل:”القانون الجنائي في شروح”، 1997، ص: 308.

[11] – تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان حول مشروع قانون رقم 03-24 المتعلق بتغيير وتتميم ق.ج.

[12] – وفي مقدمتها الجمعيات النسائية والمرصد الوطني لحقوق الطفل.

[13] – ويقصد بحالة العود:” الحالة التي يرتكب فيها الشخص جريمة بعد أن حكم عليه بمقتضى حكم حائز لقوة الشيء المقضي به من أجل ارتكاب جريمة سابقة.”

[14] – ذ يوسف وهابي: مرجع سابق، ص: 122.

[15] – ذ. يوسف وهابي: مرجع سابق، ص: 123.

[16] – الفصل 446 من ق.ج كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى قانون 03-24.

¨ القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية

[17] – د. محمد محمد مصباح القاصي:”الحماية الجنائية للطفولة”، 1998، دار النهضة العربية، ص: 29.

[18] – د. محمد محمد مصباح القاصي: مرجع سابق، ص: 31.

[19] – ونحن نعطي هذا الموقف على سبيل المقارنة ولا نناقش سلامته من عدمها لعدم اتساع المجال لذلك.

[20] – أدولف ريبولط، مرجع سابق، ص: 570.

[21] – د. عبد الواحد العلمي:”القانون الجنائي المغربي (القسم الخاص)”، مطبعة النجاح الجديدة، 2000، ص: 205.

[22] – د. محمد محمد مصباح القاصي: مرجع سابق، ص: 33.

[23] – عبد اللطيف بلقاضي:”القانون الجنائي، القسم الخاص”، مطبعة الكرامة، دار الأمان للنشر  والتوزيع، الرباط، ص: 87.

[24] – الفصل 421 من ق.ج.

[25] – د. محمد محمد مصباح القاصي: مرجع سابق، ص: 40.

[26] – الفصل 461 ق.ج المغربي

[27] – د. محمد محمد مصباح القاصي: مرجع سابق، ص: 40.

[28] – نفس المرجع السابق، ص: 61.

[29] – الفصل 465 من ق.ج.

[30] – الفصل 497 ق.ج.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button