تلخيص كتاب التنظيم القضائي بالمحاكم المغربي

تلخيص كتاب التنظيم القضائي بالمحاكم المغربي

 

تلخيص كتاب التنظيم القضائي بالمحاكم المغربي

 
تلخيص كتاب بعنوان: 
 
التنظيم القضائي بمحاكم المملكة – طبعة 2016 – 
مقدمة 
 
إن فهم واستيعاب القواعد المنظمة للتنظيم القضائي للمحاكم لا يمكن أن يأتي إلا من خلال الإحاطة بالبنيات الأساسية التي بنبني عليها نظامه القانوني والمؤسساتي والإجرائي، ليسهل تمثل الوظائف الأساسية للعملية القضائية، ومن خلالها النفاذ إلى التمكن من جميع مدخلاتها ومخرجاتها. 
 
فالتنظيم القضائي يتجاوز الأبعاد المؤسساتية التي تروم معرفة الأجهزة المتدخلة في الوظيفة القضائية والقواعد التي تحكم أدواتها، وذلك بالإطلاع على كيفية ممارسة هذه المؤسسات للاختصاصات المنوطة بها، لنقل الباحث من العالم المجرد إلى واقع الممارسة، وهنا فعلا تكمن الفلسفة العملية لنظام التنظيم القضائي. 
 
ففي ظل هذه الفلسفة العامة، حاول الأستاذ الكريم ووعياً منه بأهمية التنظيم القضائي في تمثل سياسة الدولة في تدبير مرفقها القضائي، تقديم هذاا الكتاب كثمرة لمجهود فكري اعتمد فيه على مقاربة منهجية أسسها على ثلاث معطيات أساسية: 
 
أولا: مقاربة التنظيم القضائي في جانبه المؤسساتي: من خلال الإطلاع على الوحدات القضائية المختلفة من محاكم الدرجة الأولى والثانية ومحكمة النقض، والمحاكم العادية والمتخصصة المتمثلة في الإدارية والتجارية، والوقوف على كيفية تنظيمها وتأليفها والمكونات المشكلة لها وحدود الأدوار المنوطة بها في إطار هيكلة تروم إنماء القدرات المؤسسية. 
 
ثانيا: مقاربة التنظيم القضائي من خلال الإلمام بطبيعة الاختصاصات الموكولة لمحاكم المملكة وحدود تدخلها، ومعرفة كل من الاختصاصين المحلي ونظيره النوعي وكيفية تدبيرها من طرف المشرع، مما يستلزم الإطلاع على كل القوانين ذات الصلة، وتحديد الاختصاصات بكل دقة، التي تختلف لا محال ما بين المحاكم العادية والمحاكم المتخصصة، أضف إلى ذلك محكمة النقض كمحكمة قانون، ومعرفة الاستثناءات التي ترد على قاعدة الولاية العامة للمحاكم الابتدائية، والقاعدة التقليدية للاختصاص المحلي التي تنص على أن “المدعي يتبع المدعى عليه في عنوانه”. 
 
ثالثا: مقاربة التنظيم القضائي في جانبه المسطري، لأنه لا تكتمل الرؤيا والإحاطة العلمية الشافية بنظام التنظيم القضائي إلا من خلال إنصهار عوامل ثلاث؛ أولها البعد المؤسساتي الهيكلي، وثانيهما الاختصاص النوعي والمحلي، وأخيراً الإلمام بمسطرة التقاضي التي تعطيه بعده الإجرائي. 
 
هذه أهم المرتكزات التي اعتمدها الأستاذ الفاضل في معالجة موضوع التنظيم القضائي؛ حيث ركز على هيكلة المحاكم من خلال تأليفها وتنظيمها ومكوناتها واختصاصاتها النوعية والمحلية التي تعطيها هويتها القانونية، وطبيعة المساطر المتبعة أمامها، بما يمنحها هويتها الإجرائية. لذلك سنحاول مقاربة هذه الدراسة في أربع فصول كالتالي: 
 
الفصل الأول: مبادئ التنظيم القضائي. 
 
الفصل الثاني: تأليف محاكم الدرجة الأولى واختصاصاتها والمسطرة أمامها. 
 
الفصل الثالث: محاكم الدرجة الثانية، التأليف والاختصاص والمسطرة. 
 
الفصل الرابع: محكمة النقض. 

الفصل الأول: مبادئ التنظيم القضائي 

 
يرتكز التنظيم القضائي على مبادئ وقوعد أساسية، تهدف الى ضمان نجاعة وفعالية الخدمات القضائية، وإقرار مبدأ المساواة وتسهيل الولوج إلى العدالة، وتبسيط قواعد إجراءاتها، وأهم هذه المبادئ: 
 

المبحث الأول: مبدأ استقلال السلطة القضائية 

 
يعد استقلال القضاء هدفا سامياً لتحقيق العدالة، نادت به المجتمعات والشعوب الحرة التي وقفت في وجه الاستبداد والطغيان لبناء دولة القانون، والمتأمل في النظام القانوني والدستوري لأي دولة في العالم المتحضر سيجدها تجتمع وتلتئم على مبدأ استقلال القضاء، وأضحى مبدأً دستوريا وحقاً أصيلاً يرتبط بحماية حقوق الإنسان. 
 
وفي ظل الإصلاح القضائي المغربي، كرس دستور 2011 مبدأ استقلال السلطة القضائية، الذي كان ضمن محاور التعديلات المضمنة بالخطاب الملكي ل 9 مارس 2011، ولتعزيز هذه الاستقلالية تم إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية ليتولى تدبير شؤون القضاة، بالإضافة إلى ضمانات منحت لهؤلاء أثناء مزاولة مهامهم، وتكريس قرينة البراءة كمبدأ من مبادئ المحاكمة العادلة. 
 
واستقلال السلطة القضائية عن السلطتين التشريعية والتنفيذية ليس مطلباً لذاته، بل كضرورات تقتضيها حماية المتقاضين وتوفير أسباب أمنهم القضائي، لأن خضوع القاضي وتأثره بجهة خارجية تجعله غير حر في اتخاذ قراره. 
 
المطلب الأول: أساس مبدأ استقلال السلطة القضائية 
 
ارتبط مبدأ استقلال السلطة القضائية بالفكر الدستوري والنظريات السياسية بشأن تنظيم الحكم في الدولة الحديثة، وقد ارتبط أكثر بنظرية المفكر الفرنسي المشهور مونتسكيو في فصل السلطات في الدولة، دفعاً للجور والهيمنة والتسلط لسلطة على حساب سلطة أخرى. 
 
ومبدأ استقلال السلطة القضائية لم يعد مطلباً وطنياً، بل أصبح مطلباً دولياً تبنته منظمة الأمم المتحدة، بحيث أكدت على هذا المبدأ المادة 10 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي نصت صراحة على أن:”كل إنسان على قدم المساواة التامة مع الآخرين وله الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ونزيهة نظراً منصفاً وعلنياً للفصل في حقوقه والتزاماته وفي أية تهمة جزائية توجه إليه”. 
 
كما أكدت عليه المواثيق الإقليمية، حيث نجد الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان تنص في مادتها السادسة على أن:”كل فرد لدى الفصل في حقوقه والتزاماته المدنية أو في أية تهمة جزائية توجه إليه، الحق في محاكمة عادلة وعلنية من قبل محكمة مستقلة ونزيهة منشأة بحكم القانون”. 
 
والجدير بالإشارة أن جميع دساتير الدول المعاصرة نصت على مبدأ استقلال السلطة القضائية، وهو نفس النهج الذي سارت عليه كل الدساتير المغربية (1962 إلى 2011)، وإن كان يلاحظ أن الدساتير السابقة لدستور 2011، لم تتضمن النص على إبراز القضاء كسلطة قضائية بكافة تمظهراتها ومقوماتها، ومنه فإن عدم اعتبار القضاء بمثابة سلطة مستقلة إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية جعل منه مجرد مرفق من مرافق الإدارة العمومية، إضافة إلى عدم تمتع القضاء بالاستقلال التام عن السلطة التنفيذية نظراً لتشكيل المجلس الأعلى للقضاء الذي كان يضم وزير العدل. 
 
إلا أن الجديد بالنسبة لدستور 2011 هو الارتقاء بالقضاء إلى سلطة قضائية، حيث نص الفصل السابع منه على ما يلي:”السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية. الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية”. 
 
كذلك يظهر تكريس استقلال السلطة القضائية من خلال التشكيلة الجديدة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، التي أصبحت لا تتضمن أي عضو من أعضاء السلطة التنفيذية، وبالمقابل فقد ضمت التشكيلة شخصيات لا تنتمي لسلك القضاء كمؤسسة الوسيط ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. 
 
بقي أن نشير إلى أن استقلال السلطة القضائية لا يجب فهمه على أنه فصل تام وتجاهل السلط بعضها للبعض، ولكن كفصل على التعاون والتآزر فيما بينها في إطار احتفاظ كل سلطة على اختصاصها، في جو يرمي أولا وقبل كل شيء إلى تحقيق المصلحة العامة. 
 
المطلب الثاني: ضمانات مبدأ استقلال السلطة القضائية 
 
لم يقتصر المشرع المغربي في دستور 2011 بالارتقاء بالقضاء إلى سلطة قضائية، بل عزز ذلك بمجموعة من الضمانات في ذات الدستور أهمها: 
 
§ تحصين وتمنيع استقلال السلطة القضائية من خلال منع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء، أو توجيه الأوامر والتعليمات للقاضي أثناء مزاولة مهامه القضائية (ف 109 من دستور 2011). 
 
§ تكريس القضاء كسلطة مستقلة عن السلطة التشريعية والتنفيذية بإحداث مؤسسة تسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، سيما تعيينهم، ترقيتهم، تقاعدهم وتأديبهم واستقلالهم، وهي المجلس الأعلى للسلطة القضائية (ف 113 من الدستور). 
 
§ منح القاضي حصانة تحول دون عزله إلا بمقتضى القانون (ف 108 من الدستور). 
 

المبحث الثاني: حق التقاضي 

 
تتجلى وظائف الدولة الرئيسية في حل النزاعات التي تنشأ بين الأفراد والجماعات، وحماية حقوقهم عندما تكون عرضة للنزاع، ولتحقيق هذا الهدف الأسمى؛ الذي يضمن طمأنينة الأفراد على أموالهم وأرواحهم وحرياتهم، أنشأت الدولة المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها. 
 
وحق التقاضي يعد من الركائز الأساسية التي ينبني عليها النظام القانوني في المجتمع بأسره، لأن طلب اللجوء إلى القضاء هو من الحقوق الطبيعية للأفراد التي لا يجوز المساس بها، كما أنه يشكل عماد الحريات التي تجد عن طريقه السبيل لحمايتها والمطالبة بها. 
 
وحق التقاضي من الحقوق العامة، ذلك أنه مكفول لعامة الناس، يحق للأفراد اللجوء إلى القضاء لعرض مزاعمهم وهم أحرار في ذلك، وهذا ما أكده دستور 2011، ولأول مرة من خلال الفصل 118 منه الذي نص: “حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه ومصالحه التي يحميها القانون”. 
 

المبحث الثالث: مبدأ مجانية القضاء 

 
تعد مجانية القضاء أحد العناوين البارزة لولوج العدالة، وذلك تفادياً لإثقال كاهل المتقاضين بمصاريف كثيرة قد تحول دون مطالبتهم بحقوقهم. 
 
ومجانية القضاء لا تتنافى مع أداء الرسوم القضائية المحددة بمناسبة تقييد كل دعوى، أو القيام ببعض الإجراءات القضائية، حيث إن هذه الرسوم محددة بشكل صارم ومضبوط تسري على جميع محاكم المملكة وتؤدى لفائدة خزينة الدولة. 
 
فقد يعجز بعض الأشخاص عن أداء هذه الرسوم القضائية، وحتى لا تكون حاجزاً دون إمكانية التقاضي، منح المشرع هؤلاء مُكْنَة الاستفادة من نظام المساعدة القضائية، حيث يمكن لكل شخص أثبت عجزه عن الأداء أن يعفى من أداء الرسوم القضائية، بل حتى الاستفادة من محام. 
 
وقد كرس المشرع المغربي مجانية القضاء كمبدأ دستوري من خلال الفصل 121 من دستور 2011 الذي نص على ما يلي:”يكون التقاضي مجانياً في الحالات المنصوص عليها قانوناً لمن لا يتوفر على موارد كافية للتقاضي”. 
 

المبحث الرابع: مبدأ وحدة القضاء وتعدد الجهات القضائية 

 
يقصد بهذا المبدأ أن الناس جميعاً سواسية أمام القضاء، وهذه المساواة تجسدها الاستفادة من نفس الخدمات القضائية بعيداً عن كل تمييز كيفما كان سببه أو شكله، فوحدة القضاء إذن تعني خضوع المتقاضين لنفس النظام القضائي. 
 
وقد عرف المغرب وحدة القضاء غداة الاستقلال في بداية سنة 1965 بمقتضى ظهير المغربة والتعريب والتوحيد، بحيث قضي بذلك على ما خلفته الحماية من تعدد المحاكم. 
 
فإذا كان ظهير التنظيم القضائي لسنة 1974 قد جعل من المحكمة الابتدائية وحدة أساسية في التنظيم القضائي، باعتبارها صاحبة الولاية العامة، فإن هذا المبدأ لم يصْمُد أمام الطفرة النوعية التي عرفها ميدان حقوق الإنسان بالمغرب. 
 
ففي بداية التسعينات تم إحداث المحاكم الإدارية بمقتضى القانون رقم 41.90 (10 شتنبر 1993) تنفيذاً للتوجهات الملكية السامية، وكذا محاكم الاستئناف الإدارية بمقتضى القانون 80.03 (14 فبراير 2006). 
 
وفي خطوة متميزة أحدث المشرع المحاكم التجارية كجهة قضائية للبث في القضايا المتعلقة بالتجارة والمال والأعمال، بموجب القانون 53.95 (فبراير 1997)، وبالموازاة مع ذلك تم إحداث غرفة تجارية بمحكمة النقض حالياً. 
 
إن هذا التعدد في الجهات القضائية لا يعني إزدواجية في التنظيم القضائي المغربي، بل إن وحدة القضاء مبدأ أساسي وثابت في نظامنا القضائي، وذلك يجسده وجود مؤسسة واحدة تتربع أعلى رأس الهرم القضائي ممثلة في محكمة النقض التي حلت محل المجلس الأعلى. 
 

المبحث الخامس: مبدأ علنية الجلسات وشفوية المرافعات 

 
يقصد بمبدأ علنية الجلسات أن يتم نظر الدعوى والمرافعة فيها في جلسة علنية مفتوحة للجميع، وتعد علنية الجلسات من الضمانات الأساسية للتقاضي، حيث أنها تضمن للجمهور حق الإطلاع على ما يدور داخل المحاكم، وتبعث في نفوس الناس الطمأنينة إلى عدالة القضاء، كما تلزم القضاة على الاهتمام والعناية بأعمالهم. 
 
إن مبدأ علنية الجلسات لا يقتصر على محكمة دون أخرى، أو على درجة من درجات التقاضي دون سواها، بل إنه واجب في سائر المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، لذلك رتب المشرع جزاء البطلان على الإخلال بهذا المبدأ، يتمثل في بطلان الحكم الذي يصدر في جلسة غير علنية. 
 
فقد نص المشرع على هذا المبدأ في الفصل 43 من ق.م.م الذي جاء فيه:”تكون الجلسات علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك”، بل إن المشرع ارتقى بهذا المبدأ إلى مصاف المبادئ الدستورية من خلال الفصل 123 من دستور 2011 الذي نص على أن “الجلسات تكون علنية ما عدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك”. لكن لا ينبغي أخذ هذا المبدأ على إطلاقيته، حيث إن المشرع قرر في بعض الحالات ضرورة كون الجلسة سرية متى كانت خطيرة على النظام العام -غرفة المشورة-، إلا أن النطق بالأحكام يجب أن يتم دائماً في جلسة علنية. 
 
ولكي يحقق مبدأ علنية الجلسات الغاية منه، لابد وأن يقترن بمبدأ آخر هو شفوية المرافعات، فرقابة الجمهور لما يجري في ساحات القضاء لا تتحقق أغراضها إلا إذا شملت ما يتم تبادله من مرافعات، فضلا عما تحققه علانية الجلسة من مناقشة القضاة للأطراف والاستماع إليهم لفهم تفاصيل إدعاءاتهم بشكل دقيق. 
 
فمبدأ شفوية المرافعات متمم إذن لمبدأ علنية الجلسات، لأنه لا جدوى من علانية الجلسة إذا كانت المرافعة مكتوبة، فمن خلال شفوية المرافعة يستطيع القاضي الاستماع مباشرة إلى الخصوم، ومناحي دفاعهم ولشهودهم، علماً أن المرافعة الشفوية تعد وسيلة أخرى لإقناع القاضي في النقط الأساسية في النزاع، وإن كانت شفوية المرافعة لا تعني كذلك الامتناع عن تقديم الملتمسات الكتابية. 
 
ومبدأ شفوية المرافعات تراجع بشكل ملحوظ، حيث إن المشرع صار يأخذ بالمسطرة الكتابية كمبدأ عام بعدما كان الأصل هو الشفوية، وفي هذا الإطار نص الفصل 45 من ق.م.م على ما يلي:”تطبق أمام المحاكم الابتدائية قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام محاكم الاستئناف…، غير أن المسطرة تكون شفوية في القضايا التالية: القضايا التي تختص فيها المحاكم الابتدائية ابدائياً وانتهائياً، قضايا النفقة والطلاق والتطليق، القضايا الاجتماعية، قضايا استيفاء ومراجعة الوجيبة الكرائية وقضايا الحالة المدنية”. 
 

المبحث السادس: مبدأ التقاضي على درجتين 

 
يعد نظام التقاضي على درجتين من الضمانات الأساسية والضرورية لحسن سير القضاء وتحقيق العدالة، فإذا كان الحكم عنوانا للحقيقة ومانعاً لإعادة النظر في النزاع وطرحه مرة أخرى أمام القضاء، فإنه عمل إنساني قد يشوبه خطأ أو قصور، لذلك أوجد القانون تقنية الطعن في الأحكام الابتدائية، أما محاكم درجة ثانية أو أمام غرفة من نفس الدرجة، تقريراً لمبدأ التقاضي على درجتين. 
 
وقد كان المشرع حريصاً على احترام هذا المبدأ حتى في غياب محاكم الدرجة الثانية في بعض الحالات، فقد كرسه ظهير التنظيم القضائي لسنة 1974 وكذلك قانون المسطرة المدنية لنفس السنة، بل إن المشرع المغربي لم يغير موقفه حتى مع إحداث المحاكم الإدارية سنة 1993، وكذا في سنة 2006 بعد إحداث محاكم الاستئناف الإدارية -كانت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض حالياً هي التي تنظر في استئناف الأحكام الإدارية قبل 2006-، كما تم تكريس نفس المبدأ مع إحداث المحاكم التجارية سنة 1997. 
 
المبحث السابع: مبدأ القضاء الفردي والقضاء الجماعي 
 
لقد اتسم موقف المشرع المغربي من نظام القضاء الفردي والقضاء الجماعي بالتردد، فتارة يأخذ بالقضاء الفردي وتارة أخرى يأخذ بالقضاء الجماعي، وأحيانا يجمع بيهما. 
 
§ القضاء الشرعي – قبل 1913-، القضاء كان فردياً. 
 
§ المحاكم العصرية وبعدها المحاكم الإقليمية – بعد 1913 وقبل 1974- كان نظام القضاء السائد هو القضاء الجماعي. 
 
§ بعد عام 1974 تخلى المشرع على نظام القضاء الجماعي، ونهج نظام القضاء الفردي أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الجماعات والمقاطعات – قضاء الغرب حالياً-. 
 
§ وفي سنة 1993 عاد المشرع ليأخذ بنظام القضاء الجماعي مع إيراد بعض الاستثناءات عليه؛ فقد كان الفصل الأول من ظهير 10 شتنبر 1993 ينص على أنه :”تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها بحضور ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس وبمساعدة كاتب الضبط، تعقد هذه المحاكم استثناءاً … جلساتها بحضور قاضٍ منفردفي الطلبات التي يسند فيها الفصل 19 من ق.م.م الاختصاص ابتدائياً وانتهائياً إلى المحاكم الابتدائية…”. 
 
§ وفي 5 شتنبر 2011 صدر القانون رقم 34.10 القاضي بتعديل وتتميم ظهير 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، والذي قام بتوسيع اختصاص مجال القضاء الفردي بالمحاكم الابتدائية ليشمل كافة القضايا مع بعض الاستثناءات. فقد نص الفصل الرابع من قانون قم 34.10 على ما يلي: “تعقد المحاكم الابتدائية … بقاضٍ منفرد وبمساعدة كاتب الضبط عدا الدعاوى العقارية العينية والمختلطة وقضايا الأسرة والميراث باستثناء النفقة التي يبث فيها بحضور ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس بمساعدة كاتب الضبط”. 

الفصل الثاني: تأليف محاكم الدرجة الأولى واختصاصاتها والمساطر المتبعة أمامها 

 
تتمثل محاكم الدرجة الأولى في المحاكم الابتدائية العادية والمحاكم الإدارية والتجارية؛ فالمحاكم الابتدائية خولها المشرع ولاية عامة للنظر في جميع القضايا، إلا ما استثني بنصوص خاصة، أما المحاكم الإدارية والتجارية فهي محاكم متخصصة أحدثها المشرع للنظر في نوع خاص من القضايا، وضمن مساطر تختلف في بعض جوانبها عن نظيرتها المتبعة أمام المحاكم الابتدائية العادية. 
 
وللإحاطة بكل ذلك سنتعرف علىى المحاكم الابتدائية العادية من حيث تأليفها واختصاصاتها والمسطرة المتبعة أمامها (المبحث الأول)، ثم المحاكم المتخصصة الإدراية (المبحث الثاني) منها والتجارية (المبحث الثالث)، سواء على مستوى التأليف والاختصاصات، أو على مستوى المسطرة المتبعة أمامها. 
 

المبحث الأول: المحاكم الابتدائية العادية وطبيعة المساطر المتبعة أمامها 

 
يقصد بالمحاكم الابتدائية تلك التي لها الولاية العامة للنظر في جميع القضايا، إلا ما استثناه المشرع بنص خاص، وذلك تمييزاً لها عن المحاكم المتخصصة. 
 
المطلب الأول: تأليف المحاكم الابتدائية 
 
نص الفصل الثاني من ظهير التنظيم القضائي للمملكة كما وقع تعديله بمقتضى القانون رقم 34.10 على ما يلي:”تتألف المحاكم الابتدائية من رئيس وقضاة وقضاة نواب، ونيابة عامة تتكون من وكيل ونائبه وعدة نواب، كتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة. 
 
ويمكن تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام “قضاء الأسرة” وأقسام “قضاء القرب” وغرف مدنية وتجارية وعقارية واجتماعية وزجرية. 
 
تنظر أقسام قضاء الأسرة في قضايا الأحوال الشخصية والميراث والحالة المدنية وشؤون التوثيق والقاصرين والكفالة وكل ما له علاقة برقابة وحماية الأسرة. 
 
وتنظر أقسام قضاء القرب في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها 5000 درهم بإستثناء النزعات المتعلقة بمدونة الأسرة والعقار والقضايا الاجتماعية والإفراغات، كما تنظر في المخالفات المنصوص عليها في القانون المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته…إلخ”. 
 
فمن خلال هذه المقتضيات يمكن مقاربة تأليف المحاكم الابتدائية من زاويتين؛ من زاوية الموارد البشرية العاملة بها (الفقرة الأولى)، ومن زاوية مختلف الأقسام والغرف المشكلة لها (الفقرة الثانية). 
 
الفقرة الأولى: من حيث الموارد البشرية 
 
تتشكل مختلف المحاكم الابتدائية من جناحين؛ جناح خاص برئاسة المحكمة، وجناح خاص بالنيابة العامة. 
 
ويتألف جناح الرئاسة من رئيس وقضاة نواب، وينتمي هؤلاء إلى السلك القضائي، ويتم توزيع المهام على قضاة الموضوع بمقتضى الجمعية العمومية التي تنعقد في 15 يوم الأولى من شهر دجنبر من كل سنة، يحضرها جميع قضاة المحكمة بمن فيهم قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة، ويترأسها رئيس المحكمة بحضور وكيل الملك، كما يحضرها رئيس مصلحة كتابة الضبط باعتباره الجهة التي خصها المشرع بتحرير محضر الجمعية، ويخضع القضاة للسلطة الرئاسية لرئيس المحكمة الذي يمسك ملفاتهم الإدارية ويضطلع بمراقبتهم وتنقيطهم. 
 
وهناك صنف آخر من القضاة يتم تعيينهم بقرار لوزيرالعدل لدة 3 سنوات قابلة للتمديد مدة واحدة وهم قاضي التحقيق، قاضي الأحداث، قاضي تطبيق العقوبات، قاضي التوثيق وشؤون القاصرين. 
 
وإلى جانب الجهاز القضائي هناك جهاز إداري يتكون من موظفين إداريين يترأسهم رئيس مصلحة كتابة الضبط الذي يشرف عليهم ويوجههم ويؤطرهم، وبناءاً على النظام الأساسي الخاص بهيئة كتابة الضبط، فإن هذه الأخيرة تتشكل من: إطار المنتدبين القضائيين على أربع درجات (الثالثة، الثانية، الأولى، والممتازة)، إطار المحررين القضائيين على خمس درجات (الرابعة، الثاثة، الثانية، الأولى، الممتازة)، اطار كتاب الضبط (الرابعة، الثالثة، الثانية، الأولى، والممتازة)، ويقوم هؤلاء الموظفون بمجموعة من المهام التي تدخل ضمن اختصاصهم الوظيفي بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، ويساعدون القضاء في أداء مهامهم. 
 
أما جناح النيابة العامة فيتكون من وكيل الملك باعتباره رئيس النيابة العامة، ومن نائب ونواب يساعدونه في تدبير وتصريف مختلف الإجراءات التي تضطلع بها النيابة العامة، وينتمي وكيل الملك ونوابه إلى سلك القضاء، ويتم تعيين الوكيل بظهير باقتراح من المجلس الأعلى للسلطة القضائية. 
الفقرة الثانية: من حيث الأقسام والغرف 
 
تتكون المحاكم الابتدائية طبقاً للفصل 2 من ظ.ت.ق المعدل بمقتضى القانون رقم 34.10 من: أقسام قضاء الأسرة، أقسام قضاء القرب، وغرفة مدنية، تجارية، عقارية، اجتماعية وغرف زجرية، هذا بالإضافة إلى غرف الاستينافات التي تم إحداثها على مستوى المحاكم الابتدائية بموجب قانون رقم 34.10. 
 
إلى جانب هذه الأقسام والغرف، هناك عدة مكاتب يتكون منها جسم كتابة الضبط من قبيل: الصندوق، مكتب التبليغ والتنفيذ المدني، مكتب التبليغ والتنفيذ الزجري، مكتب الضبط والتنفيذ الإداري، المكتب الاستعجالي…الخ. هذا بخصوص كتابة الضبط التي تنتمي إلى جناح الرئاسة، أما جناح النيابة العامة فيتكون من المكاتب التالية: مكتب الضبط والتدبير الإداري، المكتب الجنائي، المكتب المدني ومكتب التنفيذ الزجري. 
 
المطلب الثاني: اختصاص المحاكم الابتدائية 
 
يقصد بالاختصاص معرفة الجهة القضائية الموكول لها قانونا حق النظر في نزاع معين، وتحديد نوع القضايا التي تباشر المحكمة بشأنها سلطاتها القضائية، وقد حددت اختصاصات المحكمة الابتدائية، وأنيط برؤسائها اختصاصات مهمة بموجب نصوص خاصة، والاختصاص ينقسم بوجه عام إلى اختصاص نوعي (الفقرة الأولى)، واختصاص محلي (الفقرة الثانية). 
 
الفقرة الأولى: الاختصاص النوعي للمحاكم الابتدائية 
 
نميز في الاختصاص النوعي بين اختصاص بحسب نوعية القضايا (أولاً)، واختصاص قيمي (ثانياً) وذلك دون إغفال الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة (ثالثاً). 
 
أولاً: الاختصاص بحسب نوعية القضية 
 
المحاكم الابتدائية عادة ما تنعت بكونها محاكم ذات ولاية عامة، لأنها تنظر في جميع القضايا إلا إذا أسند القانون الاختصاص النوعي إلى محكمة أخرى، وينص الفصل 18 من ق.م.م على أن المحاكم الابتدائية تختص بالنظر في جميع القضايا المدنية وقضايا الأسرة، والتجارية والإدراية والاجتماعية ابتدائياً وانتهائياً، أو ابتدائياً مع حفظ حق الاستئناف…الخ. 
 
يتضح من خلال الفصل أعلاه أن المحاكم الابتدائية تبسط سلطتها للنظر والفصل في جميع القضايا المدنية باستثناء الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها 5000 درهم والتي ينعقد اختصاص النظر فيها لأقسام قضاء القرب، وقضايا الأسرة المتمثلة في الزواج، الطلاق، التطليق، النفقة، الحضانة الرجوع، إلى بيت الزوجية والميراث والحالة المدنية والكفالة…، والقضايا التجارية مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمحاكم التجارية بمقتضى القانون رقم 53.95، والقضايا الإدارية مع مراعاة الاختصاصات المسندة للمحاكم الإدارية بمقتضى القانون رقم 41.90، وكذا القضايا الإجتماعية المتمثلة في النزاعات الفردية المتعلقة بعقود الشغل والتدريب المهني، والأضرار الناتجة عن حوادث الشغل، والنزاعات المترتبة عن تطبيق المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضمان الاجتماعي. 
 
وتجدر الإشارة في هذا الإطار، أنه مع الإصلاح القضائي الجديد، وتبني المغرب لنظام القضاء المتخصص، أصبحت الكثير من القضايا الإدارية والتجارية تخرج من اختصاص المحاكم الابتدائية، فضلاً عن الدعاوى الشخصية والمنقولة المخولة لأقسام قضاء المغرب. 
 
ثانياً: الاختصاص القيمي 
 
ينص الفصل 19 من ق.م.م (35.10) على أن المحاكم الابتدائية تختص بالنظر: 
 
· ابتدائياً مع حفظ حق الاستئناف أمام غرفة الاستينافات بالمحاكم الابتدائية إلى غاية عشرين ألف درهم. 
 
· ابتدائياً مع حفظ حق الاستئناف أمام محاكم الاستئناف في جميع الطلبات التي تتجاوز عشرين ألف درهم. 
 
· يثت ابتدائياً طبقاً لأحكام الفصل 12، مع حفظ الاستئناف أمام المحاكم الاستئنافية. 
 
ثالثاً: اختصاصات رئيس المحكمة الابتدائية 
 
تختص مؤسسة رئيس المحكمة الابتدائية بالنظر في الأوامر المبنية على طلب، والقضايا الاستعجالية والأوامر بالأداء. 
 
1) اختصاص رئيس المحكمة الابتدائية في الأوامر المبنية على طلب 
 
خص المشرع المغربي رؤساء المحاكم الابتدائية وحدهم بالبث في كل مقال يستهدف الحصول على أمر بإثبات حال أو توجيه إنذار أو أي إجراء مستعجل في أية مادة لم يرد بشأنها نص خاص ولا يضر بحقوق الأطراف (الفصل 148 ق.م.م). 
 
وتتميز الأوامر المبنية أنها لا تقبل الطعن بالتعرض بالرغم من صدورها في غيبة الأطراف، كما أنها لا تقبل الاستئناف إلا في حالة الرفض داخل أجل 15 يوم من يوم النطق بالرفض. 
 
2) اختصاصات رئيس المحكمة في القضايا الاستعجالية 
 
ينعقد الاختصاص لرئيس المحكمة بالبث بصفته قاضيا للمستعجلات، كلما توفر عنصر الاستعجال في الصعوبات المتعلقة بتنفيذ حكم أو سند قابل للتنفيذ أو الأمر بالحراسة القضائية أو أي إجراء تحفظي آخر (الفصل 149). 
 
ونظراً لطبيعة القضايا الاستعجالية، فإن الأوامر الصادرة بشأنها لا تمس بجوهر النزاع، ولا تبث سوى في الإجراءات الوقتية، وتكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون، ولا تقبل الطعن بالتعرض، وإن كانت تقبل الاستئناف دالخ أجل 15 يوممن تاريخ تبيلغ الأمر. 
 
3) اختصاصات رئيس المحكمة في مسطرة الأمر بالأداء 
 
يختص رئيس المحكمة الابتدائية بالبث في كل طلب الأمر بالأداء متى توفرت الشروط التالية: 
 
§ أن تتجاوز قيمة المبلغ 5000 درهم. 
 
§ ألا يتجاوز طلب الأمر بالأداء مبلغ 2000 درهم. 
 
§ أن يكون الدين ثابتاً ومستحقا بموجب ورقة تجارية أو سند رسمي أو اعتراف بدين. 
 
§ أن يكون للمدين محل إقامة أو موطن معروف بالمغرب. 
 
وتقبل الأوامر الصادرة بشأن مسطرة الأمر بالأداء – في غيبة الأطراف – التعرض داخل أجل 15 يوم، ويكون الحكم الصادر بشأن التعرض قابل للاستئناف داخل أجل 15 يوم. 
 
الفقرة الثانية: الإختصاص المحلي 
 
نظم المشرع المغربي قواعد الاختصاص المحلي في الفصول من 27 إلى 30 من ق.م.م، حيث حدد قاعدة عامة تقر بأن المدعي يسعى وراء المدعى عليه، مما يجعل المحكمة المختصة محلياً هي التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه. 
 
وانسجاما مع ذلك أسس الفصل 27 من ق.م.م لقاعدة عامة في الاختصاص المحلي، والمتمثلة في دائرة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه أو محل إقامته، وبالتالي فالمدعي يتبع المدعى عليه في عنوانه، وإذا تعدد المدعى عليهم ترفع الدعوى أمام المحكمة التي يقع في دائرتها موطن أحدهم. (ف 27). 
 
وإذا كان المشرع قد قرر قاعدة موطن المدعى عليه في الفصل 27 من ق.م.م، فقد أورد على هذه القاعدة عدة استثناءات نص عليها في الفصل 28 من نفس القانون، والتي يمكن إجمالها في: الدعاوى العقارية، دعاوى الطلاق والتطليق، النفقة، التعويض، الدعاوى المتعلقة بالقضايا الاجتماعية، دعاوى انعدام الأهلية، الترشيد، التحجير، أو عزل الوصي أو المقدم…الخ. 
المطلب الثالث: خصائص مسطرة التقاضي أمام المحاكم الابتدائية 
 
تتميز مسطرة التقاضي أمام المحكمة الابتدائية بمرونتها وخصوبتها، فهي تجمع بين القضاء الجماعي والقضاء الفردي، وبين أداء الرسوم القضائية والمجانية والتمتع بالمساعدة القضائية، وبين الشفوية والكتابية، وبين السرية والعلنية وصدور الأحكام باسم جلالة الملك، وقبولها الطعن بالتعرض والاستئناف والتذييل بالصيغة التنفيذية. 
 
الفقرة الأولى: نظام القضاء الفردي والقضاء الجماعي 
 
أسند المشرع المغربي الفصل في النزاعات المعروضة المحاكم الابتدائية إلى قاض منفرد، أو الى ثلاث قضاة حسب نوعية القضايا المعروضة عليها، والتي تختص بالنظر فيها بغض النظر عن طبيعتها المدنية أو الزجرية. 
 
ويلاحظ أن المشرع المغربي تردد بين اعتماد القضاء الجماعي والقضاء الفردي، واستقر أخيراً على اعتماد القضاء الفردي كأصل، مع احتفاظه على التشكلة الجماعية في بعض القضايا. 
 
أولاً: نظام القضاء الفردي 
 
تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها بحضور قاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط وممثل النيابة العامة عند الاقتضاء في القضايا التالية: قضايا الحالة المدنية، القضايا الاجتماعية، القضايا المدنية بما فيها دعاوى الأكرية والإفراغات والمسؤولية التقصيرية…، دعاوى النفقة، القضايا الجنحية، المخالفات والجنح الضبطية والتأديبية، قضايا الأحداث…، (الفصل 4 من ظ.ت.ق 34.10). 
 
ثانياً: القضاء الجماعي 
 
تبنى المشرع المغربي إلى جانب القضاء الفردي التشكيلة الجماعية، وهو ما يسمى بالقضاء الجماعي وجعله استثناء على الأصل، فالتشكيلة الجماعية تتكون من ثلاثة قضاة؛ رئيس الهيئة، القاضي المقرر والقاضي المساعد، إضافة إلى كاتب الضبط وممثل النيابة العامة عند الاقتضاء. 
 
ويتم اعتماد القضاء الجماعي استثناءاً في القضايا التالية: دعاوى الأحوال الشخصية والميراث عدا النفقة والحالة المدنية، الدعاوى العقارية العينية والمختلطة. 
 
الفقرة الثانية: أداء الرسوم القضائية ونظام المساعدة القضائية 
 
إن الحكمة لا تباشر ولايتها إلا عند تقديم طلب لها، والذي يعتبر مفتاحها تقييد الدعوى بمقتضى مقال افتتاحي، بعد أداء الرسوم القضائية المستحقة، إلا ما استثناه المشرع بنصوص خاصة، أو كان المدعي مستفيداً من المساعدة القضائية. 
 
أولا: أداء الرسوم القضائية 
 
الرسوم القضائية هي مجموعة من المصاريف يستلزمها رفع الدعوى وقيدها، وأتعاب الخبراء ومصاريف الشهود…، وهي بعبارة أخرى الحقوق المعروضة في الميادين المدنية والتجارية والإدارية. والأصل أن الملزم بأداء المصاريف القضائية هو الطرف الذي خسر الدعوى (ف 124 ق.م.م). 
 
وتحدد الرسوم القضائية الأصلية المفروضة حسب نوعية المقال والطلبات الواردة بكل قضية ويتعين على كل شخص تقدم بدعوى أمام القضاء أن يؤدي رسماً قضائياً، الذي يعتبر من الإجراءات الشكلية التي يتطلبها التقاضي أمام المحاكم، ويتم استيفاء الرسوم القضائية لفائدة خزينة الدولة. 
 
ثانياً: نظام المساعدة القضائية 
 
المساعدة القضائية نظام قانوني يمكن المتقاضي المعسر من اللجوء إلى القضاء، بإعفائه مؤقتاً من أداء الرسوم القضائية، وذلك لتسهيل ضمان الوصول إلى الحق المتنازع بشأنه متى توفرت فيه شروط معينة تمنحه حق الاستفادة منه. 
 
وقد حدد المشرع الجهات الموكولة لها قانوناً منح قرارات المساعدة القضائية بين المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف ومحكمة النقض؛ وهي النيابة العامة بعد التداول بشأنها مع جهات أخرى تتمثل في: ممثل عن وزارة المالية، نقيب هيئة المحامين، كاتب الجلسة، مترجم عند الاقتضاء، ويترأس هذه اللجنة وكيل الملك أو الوكيل العام للملك. 
 
الفقرة الثالثة: المسطرة الشفوية والكتابية 
 
أولًا: المسطرة الكتابية 
 
نص المشرع في الفصل 45 من ق.م.م على أنه تطبق أمام المحاكم الابتدائية وغرف الاستئناف بها قواعد المسطرة الكتابية المطبقة أمام محاكم الاستئناف…، فالأصل إذن أن مسطرة التقاضي أمام المحاكم الإبتدائية هي المسطرة الكتابية، وهذه الأخيرة تتميز بعدة خصائص أهمها: 
 
§ حق الأطراف ووكلائهم في الإطلاع على مستندات القضية. 
 
§ تودع المذكرات والردود والمستنتجات في كتابة الضبط قصد ضمها إلى ملف القضية بعد التأشير عليها. 
 
§ التعقيب على إجراءات التحقيق التي تتخذها المحكمة يتم بمذكرات تعقيبية كتابية. 
ثانياً: المسطرة الشفوية 
 
تكون المسطرة شفوية طبقاً للفصل 45 السالف الذكر في القضايا التالية: القضايا التي تختص فيها المحاكم الابتدائية ابتدائياً وانتهائياً، قضايا النفقة والطلاق والتطليق، القضايا الاجتماعية، قضايا استيفاء ومراجعة الوجيبة الكرائية وأخيراً قضايا الحالة المدنية. 
 
فما عدا هذه القضايا تكون المسطرة كتابية، مع الأخذ بعين الاعتبار القضايا المعروضة أمام أقسام قضاء القرب، لكن تجدر الإشارة أن التنصيص الصريح على شفوية المسطرة في بعض القضايا أمام المحاكم الابتدائية، لا يمنع الأطراف من الأداء بمذكراتهم ومستنتجاتهم الكتابية، وذلك لعدم وجود نص قانوني يمنع من ذلك. 
 
الفقرة الرابعة: السرية والعلنية 
 
إن الأصل في التقاضي هو علنية الجلسات (أولا)، ما لم يرد عليها استثناء يجعلها سرية لأسباب ودواعي خاصة (ثانيا). 
 
أولاً: علنية الجلسات 
 
إن خاصية العلنية تتيح للجمهور حضور القضية المعروضة على المحكمة، وكذا حضور النطق بالحكم فيها، وقد جعل المشرع مبدأ العلنية قاعدة دستورية عندما نص في الفصل 123 من دستور 2011 على ما يلي:”تكون الجلسات علنية ما عدا في الحالات التي يقرر فيها القانون خلاف ذلك”. 
 
كما كرس هذا المبدأ قانون المسطرة المدنية في الفصل 43 منه عند نصه على أن الجلسات تكون علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك، ونفس الشيء كرسه كذلك قانون المسطرة الجنائية الذي تبنى العلنية في جميع الجلسات الزجرية باستثناء قضايا الأحداث، أو متى تبين لرئيس الجلسة أن تكون المناقشة في جلسة سرية حفاظاً على النظام العام. 
 
وعلنية الجلسات في المادة الزجرية تلعب دوراً هاماً، سيما وأنها تنشر ثقافة الردع العام، وتوصل للعموم الجزاءات المقدرة للأفعال الجرمية، مما يؤدي إلى تهذيب السلوكيات ولعب دور احترازي لاقتراف وارتكاب الجرائم. 
 
ثانياً: سرية الجلسات 
 
أخذ المشرع المغربي بعلنية الجلسات كأصل، لكن أورد عليه بعض الاستثناءات عن طريق فرض سرية الجلسة في بعض الحالات، إما بموجب قانون أو بناء على السلطة التقديرية للمحكمة. 
 
فقد تدخل المشرع في أكثر من موطن للتنصيص على سرية الجلسات متى كانت المناقشات العلنية قد تمس بالنظام العام، وقد نصت على سرية الجلسات مجموعة من القوانين من قبيل قانون المسطرة المدنية الذي نص في فصله 43 على أن “الجلسات تكون علنية إلا إذا قرر القانون خلاف ذلك”، وكذا المادة 44 من مدونة الأسرة التي جاء فيها “تجري المناقشة في غرفة المشورة بحضور الطرفين”. 
 
وبالمقابل قد تكون سرية الجلسة بناء على سلطة المحكمة، حيث تتمتع هذه الأخيرة بسلطة فرض سرية الجلسة متى ثبت لها أن علنيتها تشكل خطراً على النظام العام أو تمس بالأخلاق الحميدة، وهي من مسائل الموضوع التي تخضع للسلطة التقديرية للمحكمة، وقد نص المشرع على ذلك في الفقرة الأولى من الفصل 339 ق.م.م التي جاء فيها:”تكون الجلسات علنية، إلا أنه يجوز للمحكمة أن تأمر بعقدها سرية، إذا كانت علنيتها خطيرة بالنسبة للنظام العام أو الأخلاق الحميدة”. 
 
الفقرة الخامسة: صدور الأحكام باسم جلالة الملك وطبقا للقانون وقبولها الطعن بالتعرض والاستئناف 
 
أولاً: صدور الأحكام باسم جلالة الملك وطبقا للقانون 
 
غني عن البيان أن جميع الأوامر والأحكام التي تصدرها المحاكم الابتدائية يجب أن يتم تصدريها بعبارة “باسم جلالة الملك وطبقاً للقانون”، ولذلك ولملائمة مضامين القوانين الجاري بها العمل مع أحكام الدستور الحالي، يجب استهلال وتصدير المقررات القضائية بالصيغة التالية “باسم جلالة الملك وطبقاً للقانون”. 
 
ثانياً: قبول الأحكام الابتدائية الطعن بالتعرض والاستئناف 
 
فتح المشرع الباب أمام المتقاضين لممارسة حق الطعن في الأحكام والأوامر الصادرة عن قضاة المحاكم الابتدائية، وذلك وفق شكليات وإجراءات قانونية وآجال محددة. 
 
1) الطعن بالتعرض 
 
رخص المشرع الطعن في الأوامر والأحكام الابتدائية في المادة المدنية والزجرية إلا ما استثني بنص قانوني، سيما فيما يتعلق بالأوامر التي يصدرها رئيس المحكمة سواء بصفته القضائية أو بصفته قاضياً للأمور المستعجلة والتي لا تقبل إلا الطعن بالاستئناف. 
 
في ما يخص القضايا المدنية نص المشرع في الفصل 130 من ق.م.م على أن الأحكام الغيابية الصادرة عن المحاكم الابتدائية تقبل الطعن بالتعرض إذا لم تكن قابلة للاستئناف، وذلك داخل أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ، وبانصرام الأجل المذكور يسقط حق الأطراف في التعرض. 
 
وينتج عن التعرض إيقاف تنفيذ الحكم الابتدائي، إلا أن هناك مجموعة من الأوامر لا تقبل الطعن بالتعرض ولو صدرت غيابياً من قبيل الأوامر المبنية على طلب (ف 148) والأوامر الاستعجالية (ف 153). 
 
أما القضايا الزجرية، فقد منح المشرع المغربي حق التعرض على المقررات الابتدائية متى صدرت غيابيا بشأن الجنح الضبطية والتأديبية؛ فبالنسبة للجنح المعاقب عليها بغرامة فقط لا يتجاوز حدها الأقصى 5000، فتقبل التعرض أمام نفس المحكمة داخل أجل 10 أيام من تاريخ التبليغ، ويكون الحكم الصادر بعد التعرض قابلا للاستئناف، أما الجنح الأخرى تأديبية كانت أم ضبطية، فإن الأحكام الغيابية الصادرة بشأنها يجوز التعرض عليها داخل أجل 10 أيام، ويترتب عن التعرض المقدم من طرف المتهم بطلان الحكم الصادر غيابياً والمقتضيات الصادرة بإدانته، أما التعرض المقدم من الطرف المدني أو المسؤولة عن الحقوق المدنية فلا يصح إلا فيما يتعلق بحقوقهما المدنية. 
 
2) الطعن بالاستئناف: 
 
نظم المشرع إجراءات الطعن بالاستئناف في المادة المدنية في الفصول من 134 إلى 146 من ق.م.م، وفي المادة الجنائية في الفصول من 396 إلى 413 من ق.م.ج، وفيما يلي سنبرز أهم القضايا التي تقبل الاستئناف. 
 
بالنسبة للقضايا المدنية، قرر المشرع الطعن بالاستئناف في جميع القضايا ما لم يقرر القانون خلاف ذلك، ومن القضايا الي تقبل الاستئناف نجد: 
 
§ القضايا المدنية الصادرة حضورياً أو بمثابة حضوري، عدا القضايا الصادرة ابتدائياً وانتهائياً. 
 
§ الأوامر المبنية على طلب في حالة رفض الطلب داخل أجل 15 يوم من يوم النطق بالأمر. 
 
§ الأوامر الاستعجالية داخل أجل 15 يوم من تبليغ الأمر. 
 
§ الأومر بالأداء داخل أجل 15 يوم من تبليغ الأمر، ولا يقبل الأمر بالرفض الطعن. 
 
ويتم تقديم الاستئناف أمام كتابة الضبط المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ويتم توجيهه إلى غرفة الاستئنافات بالمحكمة الابتدائية إذا كان الحكم المستأنف لا يتجاوز 20 ألف درهم، أو يتم رفعه إلى كتابة ضبط محكمة الاستئناف إذا كان الحكم يتجاوز 20 ألف درهم. ويترتب على الطعن بالاستئناف إيقاف تنفيذ الأحكام الابتدائية ما لم تكن مشمولة بالتنفيذ المعجل. 
 
أما بالنسبة للقضايا الزجرية، فقد حدد ق.م.ج القضايا التي تقبل الطعن بالاستئناف في نصوص صريحة؛ ففي المخالفات يمكن للمتهم والمسؤول عن الحقوق المدنية والنيابة العامة استئناف الأحكام الصادرة في المخالفات إذا قضت بعقوبة سالبة للحرية، أما في الجنح فيمكن الطعن بالاستئناف في الأحكام الصادرة فيها كيفما كان منطوقها من طرف المتهم والمطالب بالحق المدني والمسؤول عن الحقوق المدنية والنيابة العامة. 
 
ويترتب عن استئناف المخالفات والجنح إيقاف تنفيذ الحكم أثناء سريان آجال الاستئناف، وأثناء سريان المسطرة في مرحلة الاستئناف، وقد حدد المشرع أجل الاستئناف في 10 أيام. 
 

المبحث الثاني: المحاكم الإدارية تأليفها واختصاصاتها والمسطرة المتبعة أمامها 

 
انخرط المشرع في برنامج طموح هم تأهيل وتطوير الهياكل القضائية لتساير سياسة بناء دولة المؤسسات وسيادة القانون، وتحديث المنظومة القضائية والرفع من نجاعتها، وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف الاستراتيجية تبنى المشرع المغربي القضاء المتخصص، بإحداث محاكم إدارية تختص بالنظر في نوع خاص من النزاعات والدعاوى بعدما كانت موكولة للمحكمة الابتدائية. وسوف نتطرق في هذا المطلب إلى تأليف المحاكم الإدارية (المطلب الأول)، والاختصاصات الموكولة لها (المطلب الثاني)، وكذا مسطرة تصريفها (المطلب الثالث). 
 
المطلب الأول: تنظيم، تأليف المحاكم الإدارية 
 
تنص المادة الثانية من القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية أن هذه الأخيرة تتكون من رئيس، وعدة قضاة، كاتب الضبط، ويجوز تقسيم المحكمة الإدارية إلى عدة أقسام بحسب أنواع القضايا المعروضة عليها، ويعين رئيس المحكمة الإدارية من بين قضاة المحكمة مفوضاً ملكياً أو مفوضين ملكيين للدفاع عن القانون والحق باقتراح من الجمعية العمومية لمدة سنتين. 
 
يلاحظ أن تشكيل المحاكم الإدارية يختلف عن مثيله لدى المحاكم الابتدائية العادية، وكذا أمام المحاكم التجارية لأنها لا تتوفر على جناح خاص بالنيابة العامة، فأوكل المشرع لرئيسها وبناء على اقتراح من الجمعية العمومية التي تنعقد داخل أجل 15 يوم الأولى من شهر دجنبر من كل سنة بتعيين مفوض ملكي أو عدة مفوضين ملكيين من بين قضاة المحاكم للدفاع عن الحق والقانون. 
 
ولا يجب أن يفهم أن المفوض الملكي يقوم مقام النيابة العامة، لأن المهام المسندة للمفوض الملكي تتميز بكونها مؤقتة يضطلع بها لمدة سنتين منذ تعيينه، ويتجلى دوره في الدفاع عن الحق والقانون؛ من خلال عرضه لآرائه الكتابية والشفوية على هيئة الحكم وحضوره جلسات المحكمة، من غير أن يكون له حق المشاركة في إصدار الأحكام، لأن هذا الاختصاص معقود لقضاة الحكم، كما أنه لا يتمتع بحق الطعن في الأحكام الإدارية. 
 
كذلك تتكون المحاكم الإدارية من مصلحة يشرف عليها رئيس مصلحة كتابة الضبط، وتتشكل من عدة موظفين يضطلعون بمهام عدة تتمثل في استخلاص الرسوم القضائية، فتح ملفات الدعاوى، تبليغ الاستدعاءات والأحكام، الدخول للجلسات، تلقي الطعون، توقيع الأحكام إلى جانب الهيئة…إلخ. 
 
المطلب الثاني: اختصاص المحاكم الإدارية 
 
تختص المحاكم الإدارية على غرار باقي المحاكم عدا محكمة النقض، اختصاص نوعي (أولا)، وآخر محلي (ثانيا). 
 
أولاً: الاختصاص النوعي للمحاكم الإدارية 
 
تختص المحاكم الإدارية طبقاً للمادة الثامنة من القانون المنشئ لها بالبث ابتدائياً في النزاعات المتعلقة بالقضايا التالية: 
 
§ طلبات إلغاء القرارات الإدارية بسبب تجاوز السلطة، وهي دعوى يرفعها المتضرر لدى المحكمة في إطار دعوى الإلغاء داخل أجل 60 يوم تحسب من تاريخ نشر أو تبليغ القرار المطلوب إلغاؤه إلى المعني بالأمر. 
 
§ التعويض عن الأضرار التي تسببها أعمال ونشاطات أشخاص القانون العام. 
 
§ النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالانتخابات. 
 
§ النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمعاشات ومنح الوفاة المستحقة للعاملين وموظفي إدارة مجلس النواب ومجلس المستشارين. 
 
§ النزاعات الناشئة عن تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالضرائب والرسوم المستحقة للخزينة. 
 
§ النزاعات الناشئة عن تطبيق مقتضيات قانون نزع الملكية والاحتلال المؤقت. 
 
§ فحص شرعية القرارات الإدارية. 
 
§ وقف تنفيذ القرارات الإدارية. 
 
وإلى جانب هذه الاختصاصات تختص المحكمة الإدارية بالرباط بالنظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للأشخاص المعينين بظهير أو مرسوم، وفي النزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية التي تنشأ خارج اختصاص المحاكم طبقاً للمادة 11 من القانون رقم 41.90. 
 
وتجدر الإشارة في هذا الإطار أن اختصاصات المحاكم الإدارية الواردة في المادة 8 واردة على سبيل المثال لا الحصر، بحيث تبقى هي ذات الولاية العامة للبث في جميع المنازعات الإدارية، كما الاختصاص النوعي يعد من صميم النظام العام تثيره المحكمة تلقائياً ولو لم يتمسك به الأطراف، ويمكن إثارته في أي مرحلة من مراحل الدعوى (م 12 من قانون 41.90). 
 
 
 
ثانياً: الاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية 
 
فيما يخص الاختصاص المحلي للمحاكم الإدارية، فقد تمت الإحالة بموجب المادة 10 من القانون رقم 41.90 على قواعد الاختصاص المحلي الواردة في قانون المسطرة المدنية (الفصل 27 ق.م.م)، ومفاد ذلك أن محكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه هي المختصة مكانياً للبث في النزاع، أما إذا لم يكن للمدعي موطن بالمغرب فيمكن إقامتها أمام محكمة موطن وإقامة المدعي أو أحدهم عند تعددهم، وذلك مع مراعاة الاستثناءات المقررو بموجب ف 28 إلى 30 ق.م.م. 
 
وتختص المحكمة الإدارية بالرباط استثناءاً بالنظر في النزاعات المتعلقة بالوضعية الفردية للأشخاص المعينين بظهير أو بمرسوم أينما وجدوا بتراب المملكة، وبالنزاعات الراجعة إلى اختصاص المحاكم الإدارية التي تنشأ خارج دوائر هذه المحاكم. 
 
وعلى عكس الاختصاص النوعي، فالاختصاص المحلي ليس من النظام العام، وبهذا يجب على الأطراف الدفع به قبل كل دفع أو دفاع، ويجب على مثيره أن يبين المحكمة الإدارية المختصة وإلا كان الدفع غير مقبول، وتبث المحكمة الإدارية في الدفع بعدم الاختصاص المحلي بحكم مستقل أو بضمه للجوهر، خلافاً للاختصاص النوعي الذي يجب أن تبث فيه بحكم مستقل دون ضمه للجوهر. 
 
وتجدر الإشارة أخيرا، أن رئيس المحكمة الإدارية يختص طبقاً للمادة 19 من قانون رقم 41.90 بالنظر في الأوامر المبنية على طلب (الفصل 148 ق.م.م)، وفي الطلبات الوقتية والتحفظية بصفته قاضياً للمستعجلات طبقا للفصل 149 من ق.م.م، إضافة إلى أنه يرأس الجمعية العمومية للمحكمة، ويختص بمنح المساعدة القضائية وكذا الإشراف على شعبة التنفيذ بالمحكمة والبث في الصعوبات الوقتية. 
 
ثالثاً: اختصاصات الغرفة الإدارية بمحكمة النقض 
 
بناءاً على المادة 9 من قانون رقم 41.90 تختص الغرفة الإدارية بمحكمة النقض بالبث ابتدائياً وانتهائياً في طلبلات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بالمقررات الفردية والتنظيمية الصادرة عن رئيس الحكومة، وكذا قرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية واحدة. كما أنه يسوغ للأطراف الدفع بعدم الاختصاص النوعي في جميع مراحل الدعوى، ولأول مرة أمام محكمة النقض التي يجب أن تبث فيه داخل أجل 30 يوم من تسلم كتابة الضبط ملف الطعن. 
المطلب الثالث: المسطرة أمام المحاكم الإدارية 
 
تطبق أمام المحاكم الإدارية طبقاً للمادة السابعة من القانون المحدث لها قواعد قانون المسطرة المدنية، ما لم ينص قانون خاص على خلاف ذلك، خصوصا ما يتعلق بعقد الجلسات والنطق بالأحكام، مع تسجيل بعض الاستثناءات تتميز بها المسطرة أمام هذا النوع من المحاكم نجملها فيما يلي: 
 
§ مجانية دعوى الإلغاء؛ هذا المبدأ كرسته م 22 من قانون رقم 41.90 التي نصت على إعفاء طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة من أداء الرسم القضائي. 
 
§ إسناد منح المساعدة القضائية لرئيس المحكمة خلافاً للمحاكم الابتدائية حيث يمنحها وكيل الملك. 
 
§ أوجب المشرع اعتماد المسطرة الكتابية؛ من حيث تقديم المقال، أو تبادل المذكرات والمستنتجات. 
 
§ تعقد المحكمة الإدارية جلساتها بتشكلة جماعية من ثلاث قضاة، خلافاً لما عليه الوضع في المحاكم العادية الابتدائية التي تأخذ بنظامي القضاء الفردي والجماعي. 
 
وفي ختام هذا المطلب، يمكن القول أنه بات ضرورياً على المشرع التفكير جدياً في إصدار قانون للمسطرة الإدارية يتماشى مع خصوصية المحاكم الإدارية، وبالتالي فك الارتباط مع قواعد المسطرة المدنية التي لا تفي بالغرض، بالإضافة إلى إحداث مجلس الدولة كمحكمة عليا لتكتمل ازدواجية القضاء بالمغرب. 
 
المبحث الثالث: المحاكم التجارية تأليفها واختصاصاتها والمسطرة المتبعة أمامها 
 
في ظل التطورات التي يشهدها العالم سيما في المجالين الاقتصادي والتجاري، كان طبيعي جداً أن يواكبها التطور التشريعي والقضائي، وقد تجلى هذا التطور أولا في صدور القانون رقم 15.95 يتعلق بمدونة التجارة وغيره من القوانين؛ كما هو الشأن لقانون 17.95 المنظم لشركات المساهمة أو القانون 5.96 المنظم لباقي الشركات…، في جين تجلى التطور الثاني في بزوغ نظام قضائي متخصص في المادة التجارية يتمثل في المحاكم التجارية. وانسجاماً مع ذلك سنتناول هذه الأخيرة من خلال تنظيمها وتأليفها (المطلب الأول)، واختصاصاتها (المطلب الثاني)، وطبيعة المسطرة أمامها (المطلب الثالث). 
المطلب الأول: تأليف المحاكم الإدارية 
 
أنشئ المشرع المحاكم التجارية بموجب القانون رقم 53.95 سنة 12 فبراير 1997، وبلغ عددها 8 محاكم تتواجد بالمدن التالية: الرباط، الدار البيضاء، طنجة، مراكش، أكادير، فاس، مكناس ووجدة. 
 
وتتكون المحكمة التجارية حسب المادة الثانية من القانون رقم 53.95 من رئيس ونواب للرئيس، نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائب أو عدة نواب، كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة، ويجوز تقسيم المحكمة التجارية إلى عدة غرف حسب طبيعة القضايا المعروضة عليها، غير أنه يمكن لكل غرفة أن تبحث وتحكم في جميع القضايا المعروضة على المحكمة. يعين رئيس المحكمة التجارية باقتراح من الجمعية العمومية قاضياً مكلفاً بمتابعة إجرءات التنفيذ. 
 
من خلال هذه المقتضيات، وعلى غرار المحاكم الابتدائية، فالمحاكم التجارية تتكون من جناحين، جناح الرئاسة يتألف من رئيس ونوابه وقضاة، وجناح للنيابة العامة التي تتشكل من وكيل ونائبه أو عدة نواب. والجديد الذي جاءت به المادة الثانية أعلاه هو التنصيص على بزوغ مؤسسة جديدة تتمثل في مؤسسة قاضي التنفيذ، الذي يعين من طرف رئيس المحكمة باقتراح من الجمعية العمومية لها، ليتولى متابعة إجراءات التنفيذ، بالإضافة إلى كتابة الضبط وكتابة النيابة العامة. 
 
المطلب الثاني: اختصاص المحاكم التجارية 
 
غالباً ما يتم اختصاص المحاكم إلى قسمين، اختصاص نوعي (أولا)، وآخر محلي (ثانيا). 
 
أولاً: الاختصاص النوعي 
 
تختص المحاكم التجارية نوعياً بمقتضى المادة الخامسة من القانون المحدث لها بالنظر في الدعاوى المتعلقة بالعقود التجارية، الدعاوى التي تنشأ بين التجار والمتعلقة بأعمالهم التجارية، الدعاوى المتعلقة بالأوراق التجارية، نزاعات الشركاء في الشركات التجارية، الدعاوى المتعلقة بالأصول التجارية. ويستثنى من اختصاص المحاكم التجارية قضايا حوادث السير. 
 
هذه إذن أهم القضايا التي تنظر فيها المحاكم التجارية، والاختصاص النوعي من النظام العام، لكن بالرغم من ذلك فهناك بعض القضايا التجارية التي بقيت من اختصاص المحاكم الابتدائية نذكر منها مثلا؛ حوادث السير ولو تعلقت بالنقل التجاري، كذلك الأعمال المختلطة التي تقع بين التجار والمستهلكين وغيرهم من أشخاص القانون المدني. 
 
 
 
ثانياً: الاختصاص المحلي 
 
نصت المادة 10 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية أن الاختصاص المحلي يكون لمحكمة الموطن الحقيقي أو المختار للمدعى عليه، وإذا لم يكن لهذا الأخير موطن بالمغرب ولكنه يتوفر على محل إقامة به، كان الاختصاص لمحكمة هذا المحل، وإذا لم يكن له لا موطن ولا محل إقامة بالمغرب أمكن مقاضاته أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعي أو واحد منهم عند تعددهم. 
 
يلاحظ أن مقتضيات هذه الماة جاءت مطابقة لمقتضيات الفصل 27 من ق.م.م، وهي قواعد بديهية في الاختصاص المحلي التي جاءت لفائدة المدعى عليه أو المدين، إلا أن الجديد الذي جاء به المشرع على مستوى قواعد الاختصاص المحلي ما نصت عليه المادتين 11 و12 من القانون رقم 95.53. 
 
فقد نصت المادة 11 على أنه استثناءاً من أحكام الفصل 28 من ق.م.م، ترفع الدعاوى فيما يتعلق بالشركات إلى المحكمة التجارية التابع لها مقر الشركة أو فرعها، وفيما يتعلق بصعوبات المقاولة إلى المحكمة التجارية التابعة لها مؤسسة التاجر الرئيسية أو المقر الاجتماعي للشركة، وفيما يخص الإجراءات التحفظية إلى المحكمة التجارية التي يوجد بدائرتها التحفظ موضوع هذه الإجراءات. 
 
في حين نصت المادة 12 من نفس القانون على أنه يمكن للأطراف في جميع الأحوال أن يتفقوا كتابة على اختيار المحكمة التجارية المختصة. 
 
فمن خلال هذه المادة يتضح مبدئياً وخلافاً للاختصاص النوعي، أن الاختصاص المحلي ليس من النظام العام، ولا يمكن للمحكمة إثارته بصفة تلقائية، وإنما من يتمسك به ممن له مصلحة هو الذي يجب عليه إثارته. 
 
المطلب الثالث: المسطرة أمام المحاكم التجاري 
 
تتميز المسطرة أمام المحاكم التجارية بمجموعة من الخصائص تميزها عن المسطرة المتبعة أمام المحاكم الابتدائية، أهمها: 
 
§ المسطرة الكتابية؛ حيث نص المشرع في المادة 13 من القانون 53.95 المحدث للمحاكم التجارية أن الدعوى أمام هذه المحاكم ترفع بمقال مكتوب يوقعه محامي مسجل بهيئة من هيآت المحامين بالمغرب. 
 
§ القضاء الجماعي؛ حيث إن المحاكم التجارية تعقد جلساتهاوتصدر أحكامها وهي مركبة من ثلاث قضاة من بينهم رئيس يساعدهم كاتب الضبط (المادة 14 ق رقم 53.95). 
 
§ التبليغ عن طريق المفوض القضائي، ما لم تقرر المحكمة الاستدعاء وفقا للقواعد العامة الواردة في قانون المسطرة المدنية. 
 

الفصل الثالث: محاكم الدرجة الثانية، التأليف والاختصاص والمسطرة 

 
انسجاما مع مبدأ التقاضي على درجتين، وحفاظاً علىى حقوق ومراكز الأطراف، فإن جميع الأحكام ولأوامر الصادرة عن المحاكم الابتدائية تقبل الطعن بالاستئناف إلا ما استثني بنص خاص، وانسجاماً مع نفس المبدأ تم إحداث محاكم استئناف إدارية وتجارية تختص بالنظر في القضايا الابتدائية المستأنفة المرفوعة إليها. 
 
وتبعا للاختصاصات النوعية والمحلية الموكولة لكل نوع من هذه المحاكم، فلابد أن ذلك سوف يؤثر على تأليفها وكذا على المسطرة المتبعة أمامها. لذلك سوف نعرض في هذا الفصل إلى تأليف محاكم الاستئناف العادية واختصاصتها وطبيعة المسطرة أمامها (المبحث الأول)، وتأليف محاكم الاستئناف الإدارية واختصاصاتها والمسطرة المتعبة أمامها (المبحث الثاني)، ونفس الشيء بالنسبة لنظيرتها التجارية (المبحث الثالث). 
 

المبحث الأول: محاكم الاستئناف العادية، التأليف، الاختصاص والمسطرة 

 
سنتناول في هذا المبحث ثلاث نقط أساسية؛ محاكم الاستئناف (المطلب الأول)، محاكم استئناف إدارية (المطلب الثاني)، ومحاكم استئناف تجارية (المطلب الثالث). 
 
المطلب الأول: تأليف محاكم الاستئناف العادية 
 
تتألف محاكم الاستئناف من رئيس أول وعدة مستشارين وقاض أو أكثر للتحقيق، وقضاة للأحداث يشكلون جناح الرئاسة، ومن وكيل عام للملك ونوابه يشكلون جناح النيابة العامة (الفقرة الأولى)، إضافة إلى مجموعة من الغرف (الفقرة الثانية). 
 
الفقرة الأولى: من حيث الموارد البشرية 
 
تتكون من جناحين أساسيين، رئاسة ونيابة عامة؛ أما جناح الرئاسة فيتكون من قضاة يترأسهم الرئيس الأول باعتباره رئيس محكمة الاستئناف له اختصاصات قضائية وإدارية، ويشرف على التفتيش التسلسلي للمحاكم الابتدائية للدائرة القضائية التي يرأسها والتي تخضع إدارياً لإشراف محكمة النقض، ويساعد الرئيس في تدبير العمل القضائي عدد من القضاة المستشارين الذين يتولون الإشراف على الشعب التي يكلفون بها بمقتضى الجمعية العمومية. 
 
وإلى جانب الرئيس والقضاة هناك جهاز إداري يتمثل في كتابة الضبط، وهو مكون أساسي من مكونات المحكمة يضطلع بمجموعة من المهام وتصريف العديد من الإجراءات المسطرية المرتبطة بمختلف مراحل الدعوى مدنية كانت أم جنائية. 
 
أما جناح النيابة العامة، ففي إطار تنظيم العدالة الجنائية؛ أوجد المشرع جهازاً يقوم بمجموعة من الأدوار والوظائف تهم مسار الدعوى الزجرية، ويعتبر الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف، ويساعده مجموعة من النواب الذين يخضعون لإشرافه ومراقبته وينوبون عنه حالة غيابه. 
 
وتجدر الإشارة في هذا الإطار أن الوكلاء العامين يسهرون على تطبيق القانون الجنائي في مجموع دوائر نفوذ محاكم الاستئناف بما فيها المحاكم الابتدائية، وكذا ضباط وأعوان الشرطة القضائية وعلى الموظفين القائمين بمهام الشرطة القضائية العاملين بدائرة نفوذ محكمة الاستئناف. 
 
ويساعد الوكيل العام للملك ونوابه مجموعة من الموظفين الإداريين يرأسهم مصلحة كتابة النيابة العامة، وتتألف هذه الأخيرة من مجموعة من المكاتب والشعب، وتقوم بتدبير وتصريف العديد من المهام والأشغال والإجراءات. 
 
الفقرة الثانية: من حيث القضاة والغرف 
 
يتوزع قضاة محاكم الاستئناف بحسب الغرف والاختصاصات المعقودة لها، ويمكن تصنيفهم إلى ثلاث مجموعات، قضاة التحقيق، يتم تعيينهم من بين مستشاري المحكمة لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد بقرار لوزير العدل والحريات بناءاً على اقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وقضاة الأحداث؛ الذين يتم تعيينهم من بين المستشارين المنتمين للقضاء الجالس، بقرار لوزير العدل لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد باقتراح من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، وأخيراً قضاة الحكم؛ وهم قضاة يتم توزيعهم على مختلف الغرف التي تتكون منها المحكمة بمقتضى الجمعية العمومية، وينظرون في القضايا المستأنفة من المحاكم الابتدائية. 
 
أما على مستوى الغرف فتتشكل محكمة الاستئناف من عدة غرف حسب نوع القضايا التي تنظر فيها، وتتمثل هذه الغرف في؛ غرف الأحوال الشخصية، الغرفة العقارية، الغرفة الاجتماعية، الغرفة المدنية، غرفة التحقيق، غرفة المشورة، الغرفة الجنحية للأحداث، الغرفة الجنحية الاستئنافية للأحداث، غرفة الجنايات الابتدائية، غرفة الجنايات الاستئنافية والغرفة الجنحية. 
 
ونشير في ختام هذا المطلب إلى أن حضور النيابة العامة إلزامي في جميع القضايا الزجرية، وكذا عندما يتعلق الأمر بقاصر، كما أنه تم إحداث أقسام متخصصة في الجرائم المالية على مستوى بعض محاكم الاستئناف. 
المطلب الثاني: اختصاص محاكم الاستئناف 
 
خول المشرع محاكم الاستئناف النظر في الأحكام المستأنفة الصادرة ابتدائياً عن محاكم الدرجة الأولى، كما تختص بالنظر وحدها في قضايا أخرى بمقتضى قانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية، وذلك طبقاً لمقتضيات الفصل التاسع من ظهير التنظيم القضائي 34.10، ويمكن إجمال اختصاصات محاكم الاستئناف فيما يلي: 
 
1. النظر في استئناف الأحكام الابتدائية؛ حيث أنها تنظر في القضايا المدنية المطعون فيها بالاستئناف متى تجاوزت قيمة النزاع 20 ألف درهم، أو كانت قيمة النزاع غير محددة، وأيضا في القضايا الزجرية متى تعلق الأمر بالجنح التأديبية المرفوعة إليها. 
 
2. النظر في طلبات تنازع الاختصاص؛ فإذا أعلنت عدة محاكم عن اختصاصها أو عدم اختصاصها في نفس النزاع بأحكام اكتسبت قوة الشيء المقضي به يقوم تنازع الاختصاص، ويتعين الفصل فيه. 
 
فمثلا؛ إذا حدث تنازع بين محكمتين ابتدائيتين بشأن النظر في قضية معينة، فمحكمة الاستئناف هي التي تبث في هذا التنازع، على أن تكون هي المحكمة الأعلى درجة المشتركة بين المحكمتين اللتين وقع التنازع بينهما، وينظر في مقال الفصل في تنازع الاختصاص بغرفة المشورة دون حضور الأطراف. 
 
3. النظر في استئناف الأوامر الرئاسية؛ تنظر محاكم الاستئناف كمرجع استئنافي في الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم الابتدائية في الأمور المستعجلة أو في مقالات الأمر بالأداء. 
 
المطلب الثالث: طبيعة المسطرة أمام محاكم الاستئناف 
 
نص الفصل السابع من ظهير التنظيم القضائي (34.10) على أن محاكم الاستئناف تعقد جلساتها في جميع القضايا وتصدر قراراتها وهي مشكلة من قضاة ثلاث وبمساعدة كاتب الضبط تحت طائلة البطلان، ويعتبر حضور النيابة العامة في الجلسة الجنائية إلزامياً تحت طائلة البطلان، واختيارياً في القضايا المدنية. 
 
فمن خلال هذه المادة حدد المشرع طبيعة المسطرة أمام محاكم الاستئناف، من خلال رصد أهم تمظهراتها والمتمثلة في: 
 
§ تبني مبدأ القضاء الجماعي من خلال التنصيص على تشكيلة جماعية من 3 قضاة وأحيانا من 5 مستشارين. 
 
§ تبني المسطرة الكتابية، مما يعني ضرورة تنصيب محامي تحت طائلة عدم قبول الاستئناف. 
 
§ الحضور الإلزامي للنيابة العامة في الجلسات الجنائية. 
 
§ جلساتها تكون علنية، وتصدر أحكامها باسم جلالة الملك وطبقاً للقانون. 
 

المبحث الثاني: محاكم الاستئناف الإدارية 

 
أحدثت محاكم الاستئناف الإدارية بالمغرب سنة 14 فبراير 2006 بموجب القانون رقم 03.80، وتشكل لبنة جديدة انضافت إلى التنظيم القضائي المغربي، حيث حلت محل الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى آنذاك – محكمة النقض حاليا- التي كانت تشكل جهة استئنافية للأحكام المستأنفة الصادرة عن المحاكم الإدارية. 
 
وسوف نقف على تأليف محاكم الاستئناف الإدارية (المطلب الأول)، واختصاصاتها (المطلب الثاني) وأخيرا طبيعة المسطرة المتبعة أمامها (المطلب الثالث). 
 
المطلب الأول: تأليف محاكم الاستئناف الإدارية وتنظيمها 
 
تنص المادة الثانية من القانون المنظم للمحاكم الإدارية أن هذه الأخيرة تتكون من: رئيس أول، رؤساء غرف ومستشارين وكتابة الضبط. 
 
فمن خلال هذه المادة يتضح غياب جناح النيابة العامة على مستوى محاكم الاستئناف الإدارية، عكس محاكم الاستئناف العادية التي تعقد فيها النيابة العامة مكوناً أساسياً من مكوناتها. 
 
ويتم تنظيم العمل داخل هذه المحاكم بمقتضى الجمعية العمومية التي تنعقد في 15 يوم الأولى من شهر دجنبر من كل سنة، ويرأسها الرئيس الأول، ويحضرها كافة المستشارين ناهيك عن مفوضين ملكيين وأخيراً رئيس مصلحة كتابة الضبط، وتضطلع هذه الجمعية بتحديد عدد الغرف وتكوينها، أيام وساعات الجلسات توزيع القضايا بين الغرف… إلخ. 
 
المطلب الثاني: اختصاصات محاكم الاستئناف الإدارية 
 
نص المشرع بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 80.03 أن محاكم الاستئناف الإدارية تختص بالنظر في استئناف أحكام المحاكم الإدارية وأوامر رؤسائها، ما عدا إذا كانت مقتضيات قانونية مخالفة. 
 
ونصت المادة الخامسة من نفس القانون أن الرئيس الأول لدى محاكم الاستئناف الإدارية أو نائبه يمارس مهام قاضي المستعجلات إذا كان النزاع معروضاً عليها، ويجوز له كذلك منح المساعدة القضائية طبقاً للشروط المنصوص عليها في مرسوم فاتح نونبر 1966 بمثابة قانون للمساعدة القضائية. 
 
فالأصل اذن أن جميع الأحكام الصادرة عن المحاكم الإدارية، وكذا الأوامر الصادرة عن رؤسائها تقبل الطعن أمام محاكم الاستئناف الإدارية، عدا الحكم الصادر بشأن الدفع بعدم الاختصاص النوعي، فإنه يتم طبقا لمقتضيات المادة 13 من القانون رقم 41.90 المنظم للمحاكم الإدارية، أمام محكمة النقض، التي يجب أن تبث فيه داخل 30 يوم من تاريخ تسلم كتابة الضبط لديها لملف الاستئناف. 
 
وأخيرا تجدر الإشارة، أن غرفة المشورة لدى محكمة الاستئناف الإدارية هي المختصة بالنظر في استئناف قرارات رئيس المحكمة القاضية برفض منح المساعدة القضائية، والتي تبث فيها داخل أجل 15 يوم من إحالة الملف عليها. 
 
المطلب الثاني: طبيعة المسطرة أمام محاكم الاستئناف الإدارية 
 
على غرار المسطرة أمام المحاكم الإدارية، تتسم نظيرتها أمام محاكم الاستئناف الإدارية بقواعد خاصة نصت عليها المادة 101 من القانون 80.03 المحدث لها، ومن هذه القواعد ما يلي: 
 
§ المسطرة كتابية؛ ومعنى ذلك أن تقديم المقال الاستثنافي يجب أن يأتي في شكل مكتوب. 
 
§ إلزامية المحامي؛ فتنصيب المحامي أمام هذه المحاكم إجباري، عدا إذا تعلق الأمر بالدولة والإدارات العمومية، فتنصيبه يكون اختيارياً. 
 
§ الإعفاء من الرسوم القضائية؛ فطلب الاستئناف أمام هذه المحاكم معفى من الرسوم القضائية. 
 
§ القضاء الجماعي؛ حيث تنعقد جلساتها بهيئة قضائية مكونة من ثلاث مستشارين وكتابة ضبط ومفوض ملكي. 
 
§ إلزامية حضور المفوض الملكي في جميع القضايا؛ فحضوره ضروري في جميع الجلسات تحت طائلة بطلان المقررات التي تصدر في غيابه. 
 
المطلب الثالث: محاكم الاستئناف التجارية 
 
لقد تبنى المشرع سياسة تشريعية تتوخى التنوع في معالجة القضايا المعروضة على القضاء، فبعد أن كانت المحاكم العادية لها الولاية العامة للنظر في كل القضايا التي تعرض عليها، أضحت هذه الإمكانية غير متاحة لها بإحداث المحاكم التجارية على درجتين. 
 
وتتوزع محاكم الاستئناف التجارية حسب جغرافية قضائية تتوخى تغطية حاجة المتقاضين متى طعنوا بالاستئناف في الأحكام الصادرة عن المحاكم التجارية. لذلك سنتناول في هذا المطلب تأليف محاكم الاستئناف التجارية (الفقرة الأولى)، واختصاصاتها (الفقرة الثانية)، والمسطرة المتبعة أمامها (الفقرة الثالثة). 
 
 
 
 
 
الفقرة الأولى: تأليف محاكم الاستئناف التجارية 
 
تعد محاكم الاستئناف التجارية درجة ثانية للتقاضي، تتيح للطاعن بالاستئناف فسحة جديدة لنشر القضية من جديد للنظر والبث فيها من طرف محكمة أعلى، وذلك ضمانا لمبدأ التقاضي على درجتين. 
 
فقد نصت المادة الثانية من القانون رقم 53.95 أن محاكم الاستئناف التجارية تتكون من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين، نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونوابه، كتابة الضبط وكتابة للنيابة العامة. 
 
وتتولى الجمعية العمومية لمحكمة الاستئناف التجارية تنظيم كيفية تدبير العمل داخلها، وتنعقد هذه الجمعية في كل 15 يوم الأولى من شهر دجنبر، ويحضرها جميع المستشارين العاملين بها من قضاة الحكم وقضاة النيابة العامة – في إطار مشروع التنظيم القضائي 38.15 سيتم إلغاء النيابة العامة على مستوى المحاكم التجارية ومحاكم الاستئناف التجارية وتعويضها بنواب وكيل الملك لدى المحاكم الابتدائية-، ويترأسها الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ويحرر محضرها رئيس مصلحة كتابة الضبط. 
 
الفقرة الثانية: اختصاص محاكم الاستئناف التجارية 
 
تختص محاكم الاستئناف التجارية بالنظر في جميع الأحكام الصادرة ابتدائياً عن المحاكم التجارية متى تم الطعن فيها بالاستئناف، شريطة أن تتجاوز قيمتها 20 ألف درهم، أي أن جميع ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون إحداث المحاكم التجارية يرجع الاختصاص فيها إلى محاكم الاستئناف التجارية. 
 
لكن يبقى التساؤل مطروح فيما يتعلق باختصاص محاكم الاستئناف التجارية في الأوامر الصادرة عن رؤساء المحاكم التجارية، هل تختص بالنظر في استئناف هذه الأوامر أم أنه يتعين الرجوع إلى محاكم الاستئناف العادية؟ 
 
بالرجوع إلى القانون المحدث للمحاكم التجارية، لا نجد نص صريح يقضي باختصاص محاكم الاستئناف التجارية بالنظر في أوامر رؤساء المحاكم التجارية متى تم الطعن فيها بالاستئناف، لكن بالاستناد إلى بعض مواد قانون المحاكم التجارية، ومادام أن رؤسائها يمارسون نفس الاختصاصات المسندة لرؤساء المحاكم التجارية والابتدائية (م 20 من القانون رقم 53.95)، فإن هذه الأوامر يمكن استئنافها أمام محاكم الاستئناف التجارية. 
 
أما فيما يتعلق بالاختصاص المكاني فقد نظمته المادة العاشرة من قانون إحداث المحاكم التجارية، وهو نفسه الاختصاص المنصوص عليه في قانون م.م (الفصل 27 ق.م.م)، أي أن الاختصاص المحلي يكون كقاعدة لمحكمة موطن المدعى عليه. 
 
 
 
الفقرة الثالثة: المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية 
 
إن الهدف من إحداث المحاكم التجارية هو التفرد بالنظر في النزاعات التجارية الشائكة المعقدة، مما يستوجب ضرورة اتسام المسطرة أمام هذه المحاكم ببعض الخصائص تميزها عن المسطرة المتبعة أمام المحاكم العادية، ولعل أهم الخصائص التي تميز المسطرة أمام محاكم الاستئناف التجارية نجد: 
 
§ تبث محاكم الاستئناف التجارية بتشكلة جماعية من ثلاث مستشارين من بينهم رئيس يساعدهم كاتب الضبط. 
 
§ الالتزام بالمسطرة الكتابية أثناء تقديم المقالات الاستئنافية. وتطبيق القواعد المقررة في قانون المسطرة المدنية فيما لم يرد به نص خاص طبقاً لمقتضيات المادة 19 من قانون إحداث المحاكم التجارية 53.95. 

الفصل الرابع: محكمة النقض 

 
أحدث المجلس الأعلى الذي حلت محله محكمة النقض بموجب الظهير الشريف الصادر بتاريخ 27 غشت 1957، ويعد أعلى مؤسسة قضائية في هرم التنظيم القضائي، كما يعتبر محكمة قانون لأنه يراقب مدى احترام القانون من قبل محاكم الموضوع، ولا يعد درجة ثالثة للتقاضي، وسنحاول مقاربة محكمة النقض مقاربة منهجية سواء من حيث تأليفها (المطلب الأول)، أو من حيث الاختصاصات المسندة إليها (المطلب الثاني)، والمسطرة المتبعة أمامها (المطلب الثالث). 
 
المطلب الأول: تأليف محكمة النقض 
 
تتألف حكمة النقض من رئيس أول ورؤساء غرف ومستشارين، ومن وكيل عام للملك يمثل النيابة العامة ومحامين عامين، ومن كتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة، ويمكن تقسيم محكمة النقض إلى غرف يمكن إجمالها في ست غرف تتمثل في الغرفة الأولى -الغرفة المدنية-، غرفة الأحوال الشخصية، الغرفة الجنائية، الاجتماعية، الإدارية والتجارية، وبموجب المشروع الجديد للتنظيم القضائي تمت إضافة غرفة سابعة هي الغرفة العقارية. 
 
وإذا كانت الجمعية العمومية هي التي تضطلع بتنظيم المصالح الداخلية للمحاكم، فإن مكتب المحكمة هو الذي يقوم بهذه المهمة على مستوى محكمة النقض، والذي يتألف من: الرئيس الأول لمحكمة النقض، رئيس كل غرفة وأقدم مستشار فيها، الوكيل العام للملك، أقدم المحامين العامين ورئيس مصلحة كتابة الضبط الذي يقوم بتحرير محضر اجتماع مكتب المحكمة، ويجتمع هذا الأخير على غرار الجمعية العمومية في الخمسة عشر (15) يوم الأولى من شهر دجنبر من كل سنة. 
 
المطلب الثاني: اختصاص محكمة النقض 
 
انطلاقا من الطبيعة القانونية لمحكمة النقض كمحكمة قانون، فالاختصاصات الموكولة لها تكون خاصة ومختلفة عن تلك المعقودة لمحاكم الموضوع، وهذا يتماشى مع الدور الهام المنوط بها المتمثل في البحث عن مدى التطبيق السليم للقانون من عدمه، ونقض الأحكام المطعون فيها بالنقض متى ثبت لديها مخالفته لأحكام القانون. وتختص محكمة النقض بالنظر في: 
 
§ الأحكام الانتهائية الصادرة عن محاكم الموضوع المطعون فيها بالنقض، سواء كانت قرارات استئنافية انتهائية أو أحكام ابتدائية انتهائية (الفصل 18 ق.م.م). 
 
§ الطعون في القرارات الصادرة عن السلطة الإدارية بسبب الشطط في استعمال السلطة. 
 
§ الطعون في القرارات التي يتجاوز فيها القضاة سلطاتهم. 
 
§ تنازع الاختصاص بين محاكم لا توجد ببينها محكمة أعلى درحة غير محكمة النقض. 
 
§ مخاصمة القضاة والمحاكم باستثناء محكمة النقض. 
 
§ الإحالة من أجل التشكك المشروع. 
 
§ الإحالة من محكمة لأخرى حفاظاً على النظام أو لصالح حسن سير العدالة. 
 
وهذه الاختصاصات ورد النص عليها في الفصل 153 من ق.م.م، ولابد من الإشارة في هذا الإطار أن الطعن وعرض القضية على محكمة النقض تترتب عليه عدة آثار أهمها؛ أن قرار محكمة النقض يقضي إما برد الطعن أو بنقض الحكم، وفي هذه الحالة الأخيرة يحال الملف إلى المحكمة مصدرة الحكم المنقوض للنظر فيه بتشكيلة جديدة غير تلك التي نظرت فيه لأول مرة، أو إلى محكمة أخرى مساوية لها في الدرجة، وكذلك يصبح الحكم المنقوض كأن لم يكن ويعاد الأطراف إلى الوضع الذي كانوا عليه قبل صدوره. 
 
المطلب الثالث: المسطرة أمام محكمن النقض 
 
تتميز المسطرة أمام محكمة النقض بمميزات أساسية هي: 
 
§ المسطرة الكتابية؛ حيث نص الفصل 134 من ق.م.م على أنه ترفع طلبات النقض بواسطة مقال مكتوب موقع عليه من قبل أحد المحامين المقبولين للترافع أمام محكمة النقض، وبالتالي فلا سبيل للحديث عن المسطرة الشفوية. 
 
§ الهيئة الجماعية؛ يتبين من خلال الفصل 11 من ظهير التنظيم القضائي والفصل 371 من ق.م.م أن محكمة النقض تنظر وتبث في القضايا المعروضة عليها بهيئة مشكلة من خمسة قضاة إلى جانب محامي عام وكاتب الضبط. 
 
§ الحضور الإجباري للنيابة العامة في كافة القضايا أيا كان نوعها؛ فعلى خلاف حضور النيابة العامة في القضايا المعروضة على محاكم الموضوع الذي قد يكون إلزامياً (طرف أصلي) أو اختيارياً (طرف منضم)، فإن النيابة العامة أمام محكمة النقض تعد طرفاً رئيسياً، وحضورها إجباري في جميع القضايا مدنية كانت أو زجرية أو غيرها، ويكون الحكم الصادر بدون الاستماع إليها أو تقديم مستنتجاتها باطلاً. 
 
§ تكون جلسات محكمة النقض علنية عدا إذا قررت المحكمة سريتها، إذا كانت علنيتها خطيرة على النظام العام والأخلاق الحميدة. 
 
الملحق
“اختصاص المحاكم التجارية على ضوء القانون 49.16 المتعلق بكراء المحلات التجارية والصناعية والحرفية”
طرح ظهير 24 ماي 1955 المتعلق بكراء الأماكن والمحلات المستعملة للتجارة والصناعة والحرف، عدة إشكالات على مستوى الاختصاص النوعي للمحاكم التجارية، سيما مسألة تنازع الاختصاص التي تولدت غداة إحداث المحاكم التجارية، حيث كانت هناك من المحاكم من يسند الاختصاص للمحاكم التجارية، بينما سارت محاكم أخرى الى منح الاختصاص للمحاكم الابتدائية.
لكن مع صدور القانون رقم 49.16 المتعلق بكراء العقارات والمحلات المخصصة للاستعمال التجاري أو الصناعي أو الحرفي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف ل18 يوليوز 2016، تم الحسم في مسألة تنازع الاختصاص التي كانت مطروحة، حيث تم اسناد الاختصاص صراحة للمحاكم التجارية، وفي هذا الاطار نصت المادة 35 من القانون أعلاه على أنه:”تختص المحاكم التجارية بالنظر في النزاعات المتعلقة بتطبيق هذا القانون، غير أنه ينعقد الاختصاص للمحاكم الابتدائية طبقاً للقانون المتعلق بالتنظيم القضائية للمملكة”.
ونشير في هذا الإطار الى أنه طبقاً لمشروع القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، فإن اختصاص النظر في المنازعات الناشئة عن تطبيق مقتضيات القانون 49.16 سيؤول إلى كل من الأقسام المتخصصة في القضاء التجاري التي ستحدث بالمحاكم الابتدائية، ولهذه الإخيرة باعتبارها ذات الولاية العامة.
وعليه فإن الاختصاص سيبقى منعقداً حالياً للمحاكم التجارية، وفقاً لقانون التنظيم القضائي الحالي وقانون إحداث المحاكم التجارية، إلى حين صدور ونشر القانون الجديد المتعلق بالتنظيم القضائي بالجريدة الرسمية وسريان تنفيذه.
 
من إعداد الطالب الباحث :
        قاسمي
جعفر
تحت إشراف الأستاذة :
          نوال فقيري 
انتهى بحول الله وقوته

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button