الخبرة القضائية

الخبرة القضائية

الخبرة القضائية

مقدمة
إن تشعب الحياة وتطورها أديا إلى خلق اختصاصات متعددة ومتنوعة، الشيء الذي يصـعب على القاضي، مهما كان تكوينه العلمي والمعرفي أو ثقافته الواسعة، أن يلـم كامـل الإلمـام بجميع المسائل ذات الطبيعة التقنية أو الفنية لذلك يعتبر الإثبات بمثابة إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية تترتب آثارها، وهناك من عرفه بكونه إقامة الدليل أو البرهان على وقوع الجريمة أو نفيها وعلى إسنادها إلى المتهم أو براءته منها، فوسائل الإثبات متنوعة ومتعددة من بينها الخبرة.
والخبرة لغة: هي العلم بالشيء، والخبير هو العالم، ويقال: خبرت الأمر أي علمته.
والخبير اسم من أسماء الله الحسنى وإحدى صفاته، حيث يقول تعالى في محكم تنزيله:
” الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة، وهو الحكيم الخبير” (سورة سبأ، الآية 1)، وكذلك قوله تعالى: “الرحمان فاسأل به خبيرا” (سورة الفرقان، الاية 58).
وكلمة “الخبير” جاءت في مواضع كثيرة في القرآن الكريم، ومعنى الخبير جل جلاله أنه عالم لكل الأخبار ظاهرها وباطنها.
أما اصطلاحا فهي إجراء تحقيق أو استشارة فنية تقوم بها المحكمة عن طريق أهل الاختصاص… وذلك للبت في كل المسائل التي يستلزم الفصل فيها أمورا علمية أو فنية لا تستطيع المحكمة الإلمام بها؛ واللجوء إليها إذا اقتضى الأمر لكشف دليل أو تعزيز أدلة قائمة، يعهد بها إلى شخص من ذوي الاختصاص ينعت بالخبير لإبداء رأيه علما وفنا بواقعة أو وقائع مادية يستلزم الأمر بحثها أو تقريرها فيما أشكل على القاضي فهمه وإدراكه. والخبراء هم مساعدوا القضاء، ينتدبون للتحقيق في نقطة غامضة غالبا ما تكون ذات طابع تقني صرف، حيث يستعصي على القاضي إدراكها، والخبراء وحدهم يمكنهم تقديرها.
كما عرف بعض الفقهاء على أن الخبرة القضائية هي وسيلة من وسائل الإثبات يتم اللجوء إليها إذا إقتضى الأمر لكشف دليل وتعزيز أدلة قائمة، كما أنها إستشارة فنية يستعين بها القاضي أو المحقق في مجال الإثبات لمساعدته في تقدير المسائل الفنية التي يحتاج تقديرها إلى دراية علمية لا تتوافر لدى عضو السلطة القضائية المختص بحكم عمله وثقافته… فالخبرة في جوهرها إجـراء مـن إجـراءات التحقيق التي يلتجئ إليها قضاة الموضوع عادة للحصول على المعلومات الضرورية بواسـطة أهـل الإختصاص، وذلك من أجل البث في المسائل العلمية أو الفنية التي تكون عـادة محـل نـزاع بـين الخصوم في الدعوى.
كما تعرف بأنها إستيضاح رأي أهل الخبرة في شأن إستظهار بعض جوانب الوقائع المادية التي يستعصى على قاضي الموضوع إدراكها بنفسه من مجرد مطالعة الأوراق أو المحاضر والتي لايجوز للقاضي أن يقضي في شأنها إستنادا لمعلوماته الشخصية وليس في أوراق الدعوى وأدلتها ما يعين القاضي على فهمها ، والتي يكون إستيضاحها جوهريا في تكوين قناعته في شأن موضوع النزاع
إن المشرع المغربي لم يعط أي تعريف مباشر للخبرة القضائية، وإنما قام بتعريفها بطريقة غير مباشرة من خلال تعريف الخبير القضائي وذلك في المادتين 1 و 2 من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين المؤرخ في 22/06/2001 فجاء في المادة 10 أن الخبراء القضائيين يعتبرون من مساعدي القضاء وفي المادة 2 أن الخبير القضائي هو المختص الذي يتولى بتكليف من المحكمة التحقيق في نقط تقنية وفنية، ويمنع عليه أن يبدي أي رأي في الجوانب القانونية .
بالإضافة إلى قانون المسطرة الجنائية الذي نظم الخبرة في الباب الحادي عشر من القسم الثالث المتعلق بالتحقيق الإعدادي من المواد 194 إلى 208، بالإضافة إلى المادة 295 التي تحيل بدورها على الفصول السابقة .
لم تظهر استعانة القاضي بأهل الخبرة في بداية عهد القانون الروماني، حيث كان القاضي يتمتع بصفتين، خبير متخصص في علم أو فن معين، وقاضي يفصل في النزاع، لكن مع تطور القانون الروماني، واحتاج القاضي إلى معاون له في المسائل الشائكة، كالمسائل الطبية…. وغيرها، أدى إلى نشأ نظام الخبرة كجزء من النظام القضائي الروماني، وكان الخبير منذ ذلك الوقت يلتزم بحلف اليمين القانونية.
ومع تأثر القانون الفرنسي بالقانون الروماني ظهرت الخبرة كإجراء من إجراءات الإثبات، بحيث تشكل مع الشهادة أهمية كبرى بالنسبة للقضاء، وصدرت عدة مراسيم لتنظيمها أهمهز مرسوم بلواز عاه 1729م، وكان آخر قانون صادر في فرنسا لتنظيم الخبرة أمام القضاء، هو قانون المرافعات الجديد في عام 1927م، أما في الفقه الإسلامي فقد أجاز منذ عصوره الأولى استعانة القاضي بالخبير مستندين في ذلك إلى قوله تعالى :< ولا ينبئك مثل خبير >
ومن هنا تأتي أهمية الموضوع التي تتجلى من جهة في كونه يتناول بالدراسة الخبرة القضائية كوسيلة إثبات مهمة في العصر الحالي لما لها من تأثير كبير على تكوين القناعة الوجدانية للقاضي الجنائي وسلطته التقديرية، ومن جهة ثانية فهو يسلط الضوء على كيفية تعامل القاضي الزجري من الناحية العلمية مع تقرير الخبرة، كما تعتبر من أكثر الإجراءات تطبيقا، وسوء تطبيق هذا الإجراء من طرف القاضي يترتب عليه إضرار كبير بحقوق الدفاع وتطويل أمد النزاع.
ومما لا شك فيه أننا صادفنا إشكاليات عميقة وتساؤلات حقيقية شكلت طريق لملامسة هذا الموضوع من بينها علاقة قاضي التحقيق بالخبرة وهل له مبدأ الاقتناع الصميم ام أنه حكر على قاضي الموضوع؟ وما هي حدود سلطة تقدير القاضي للخبرة، وغيرها من النقاط المهمة المشفوعة بأحكام وقرارات قضائية منطلقين من الإشكالية التالية:
ما هي أوجه التداخل بين قضاء التحقيق وقضاء الحكم في تقدير الخبرة وأي خصوصية تطبع هذه الأخيرة بالنسبة لقضاء الحكم بين النص القانوني والاجتهاد القضائي؟
للإجابة على هذا الإشكال سنعتمد مقاربة متعددة المناهج قوامها المنهج الوصفي لتبيان مختلف المقتضيات القانونية التي تؤطر مؤسسة الخبرة القضائية، وكذا المنهج التحليلي من خلال عرض مختلف الاراء الفقهية والقضائية حول الموضوع اعتمادا على بعض الاجتهادات القضائية للوقوف على كيفية تعامل مختلف المحاكم الوطنية مع النصوص القانونية المؤطرة للخبرة القضائية، واخيرا المنهج المقارن كلما سمحت الفرصة بذلك لما يوفره من أدوات مهمة تساعد على التحليل ومقارنة مكامن القوة والضعف بين التشريعات،كما تفيد في معرفة التوجهات الحديثة والمعاصرة للانظمة المقارنة ومدى تطورها، وعلى مستوى الشكل التصميم التالي :
المبحث الأول: الخبرة القضائية طبيعتها وإجراءاتها القانونية
المبحث الثاني: الخبرة القضائية حجيتها وأثرها

 

المبحث الأول: طبيعة الخبرة القضائية وإجراءاتها القانونية


سنخصص هذا المبحث للتناول بالحديث طبيعة الخبرة القضائية في (مطلب اول)، ثم الإجراءات القانونية للخبرة القضائية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: طبيعة الخبرة القضائية


تناول قانون المسطرة الجنائية عند حديثه عن إجراء الخبرة أنواع متعددة منها، فنجده قد ذكر مصطلح الخبرة دون أن يقرنها بصفة معينة، ونجده يتحدث عن خبرة تكميلية وخبرة مضادة، فضلا عن انه جعلها تنصب على المسائل التقنية دون غيرها وأنها تتم تحت مراقبة الهيأة التي أمرت بإجرائها بمعنى أن مشرع المسطرة الجنائية جعل للخبرة القضائية خصائص معينة.

وعليه فان الموضوع يقتضي تحديد أنواع الخبرة القضائية ومعرفة الفرق بينها لما له من أهمية بالغة في الميدان القضائي وذلك حتى يتفادى القضاة والمحامون خاصة مسألة الخلط بينها، ومن اجله سنخصص (الفقرة الأولى) من هذا المطلب لعرض أنواع وخصائص الخبرة القضائية، ثم نخصص (الفقرة الثانية) لتحديد طبيعتها القانونية على اعتبار أن الفقه اختلف في ذلك نظرا لخلو اغب التشريعات الحديثة من هذا التحديد.
الفقرة الأولى: خصائص الخبرة القضائية وأنواعها
أولا: خصائص الخبرة القضائية
تتمثل أهم الخصائص التي تتميز بها الخبرة القضائية فيما يلي:
– الصفة التقنية:
تعتبر الخبرة القضائية تحقيقا تقنيا يتناول الوقائع المادية دون المسائل القانونية التي هي من اختصاص القاضي وحده، فالمشرع لم يحدد القضايا التي يجب فيها الاستعانة بالخبرة لاتساع وتنوع موضوعات الخبرة، فالخبرة القضائية تتميز بطابع فني وتقني، ذلك أن الخبير لا يعين إلا لتنوير الجهة القضائية التي عينته حول نقاط تتعلق بالوقائع المادية، ومن تم وجب على الجهة القضائية تحديد إطار الخبرة تحديدا جيدا يستحيل معه على الخبير الخروج عنه، وهو ما نصت عليه المادة 1952 من ق.م.ج: “يجب ان توضح دائما في المقرر الصادر بإجراء الخبرة مهمة الخبراء التي لا يمكن ان تنصب إلا على دراسة مسائل التقنية”[1]، وعلى ذلك لا يجوز إذن للقاضي ندب خبير لتوضيح مسائل قانونية لان هذا يعد تنازلا من القاضي عن اختصاصه للخبير، وهذا الأخير غير مؤهل للفصل في المسائل القانونية، فالهدف من الخبرة يبقى هو تنوير القاضي حول مسائل واقعية مادية تحتاج إلى تحقيق وتخصص معين من قبل مهني أو فني، والقاضي غير ملزم باللجوء إلى أهل الخبرة إلا فيما يتعلق بالمسائل الفنية البحتة والخالصة[2]، كما هو الحال في المجال الطبي[3]، وفي هذا الصدد جاء قرار للمحكمة الابتدائية بفاس صادر بتاريخ 2019-07-29 يقضي بتعيين خبير من اجل تحديد ما إذا كانت الإصابة التي تعرض لها على مستوى رأسه من شانها أن تسبب له عاهة مستديمة على مستوى السمع أو تفقده منفعة السمع، مع تحديد نسبة العجز في حالة وجوده؟ وبما إن كانت هذه الإصابة من شانها ان تؤثر على الضحية مع بيان نوع التأثير ونسبته.
– الصفة الإجرائية:
إن سير الخبرة القضائية في المواد الجزائية يتم بالدرجة الأولى بان يباشر الخبراء مهمتهم تحت رقابة قاضي التحقيق أو القاضي الذي تعينه الجهة القضائية التي أمرت بإجراء الخبرة طبقا لنص المادة 1942: “يقوم الخبير أو الخبراء بمهمتهم تحت مراقبة قاضي التحقيق أو المحكمة المعروضة عليها القضية أو القاضي الذي تعينه المحكمة عند الاقتضاء”، ويجب على الخبير أثناء القيام بمهمته أن يكون على اتصال بالقاضي الذي هو تحت رقابته وان يحيطه علما بتطورات الأعمال التي يقوم بها ويمكنه من كل ما يجعله في كل حين قادرا على اتخاذ الإجراءات اللازمة (م.200 ق.م.ج)[4].
– الصفة الاختيارية:
تتميز الخبرة القضائية من حيث المبدأ بطابع اختياري، فالقاضي الجنائي يتمتع في ظل مبدأ حرية الاقتناع (مبدأ الاقتناع الشخصي أو الذاتي للقاضي الجنائي) بحرية واسعة في مجال الإثبات الجنائي للكشف عن الحقيقة، وله أيضا أن يرفض ندبهم متى رأى عدم الضرورة لذلك، وعلى ذلك فالخبرة اختيارية بالنسبة للقاضي الجزائي، إذ هو غير ملزم كأصل عام باللجوء إليها ما دام لا يوجد نص قانوني يلزمه باللجوء إلى الخبرة في بعض المنازعات المعينة، كما هو عليه الأمر في بعض التشريعات الأخرى، كالتشريع الفرنسي الذي اوجب الخبرة في الميدان الطبي ومثاله ما نص عليه في مادته (706-47) إ.ج، من وجوب إخضاع الجناة إلى خبرة طبية قبل صدور أي حكم في الموضوع وذلك فيما يتعلق الأمر بارتكابهم لجرائم القتل، والقتل الذي تسبقه أو تصاحبه أفعال اغتصاب أو تعذيب أو أعمالا وحشية وغيرها مما هو منصوص عليه في المادة وذلك في حق الضحايا القاصرين[5].
كما اوجب التشريع الفرنسي الخبرة في مجالات أخرى كالميدان الكيمائي والبيولوجي والحسابي والميكانيكي في حالة حوادث الطرقات، والخبرات المتعلقة بالأسلحة والذخائر، وتحقيق الشخصية والكتابة وذلك نظرا لخطورة الوقائع في هذه الأحوال ولكون طبيعة النزاع فيها تجعل الخبرة أمرا واجبا من الناحية العلمية[6].
وبالرجوع للتشريع المغربي فان طلب الخبرة لا يلزم القاضي بالاستجابة اليه، بحيث له ان يرفضه، إذا رأى ان الوقائع التي يطلب فيها اجراء الخبرة واضحة لديه، او انها لا تجدي في الدعوى[7] ولكنه ملزم باصدار قرار معلل باسباب، قابلة للاستئناف (م 1943 ق.م.ج) والملاحظ انه اذا كانت هذه الفقرة تحدثت عن الزام قاضي التحقيق بتعليل رفضه طلب اجراء الخبرة في قراره فانها سكتت عن الزام المحكمة بذلك عند رفضها للطلب وهو ما نشأ عنه اضطراب في اجتهاد المجلس الأعلى في الموضوع، حيث نجده يذهب في بعض قراراته الى تعريض الحكم الساكت عن الجواب عن طلب الخبرة للنقض[8]، وفي قرارات اخرى يذهب الى نقض الحكم الرافض للطلب دون تعليل كاف[9]، وفي قرارات أخرى ينص على انه للمحكمة ان تقتصر على الرفض الضمني لطلب الخبرة دون ان تلتزم بمناقشتها له، وان الحكم لا يكون بذلك عديم التعليل، او مخلا بحقوق الدفاع[10]. وفي هذا الصدد فقد اقترح الأستاذ احمد الخمليشي بأنه يجدر القول بان المحكمة لا تكتفي بالرفض الضمني لطلب إجراء الخبرة بإعراضها عن الجواب عنه، بل لا بد من تعليل رفضها في الحكم[11].
بالإضافة إلى الخصائص المذكورة فان الخبرة القضائية ذات طابع تبعي أي أنها طريق من طرق الدعوى الفرعية ووجودها يتوقف على وجود دعوى قضائية أولى مرفوعة أمام القضاء.
ثانيا: أنواع الخبرة القضائية
– الخبرة الاولى (الخبرة المطلقة):
هي الخبرة التي يامر بها القاضي للمرة الأولى عندما تطرح في إحدى القضايا المعروضة عليه للفصل فيها، مسائل تقنية تسند إلى خبير واحد أو عدة خبراء، وذلك حسب طبيعة وأهمية موضوع الخبرة، كندب خبير طبي لتشريح جثة المتوفي في حالة الوفاة المشكوك فيها وتحديد سبب الوفاة وتاريخا وظروفها
– الخبرة الثانية (الخبرة الجزئية):
وهي خبرة تشمل نفس النزاع الذي تناولته الخبرة الاولى (الخبرة المطلقة) ولكنها تتعلق بمسائل ونقاط جزئية مختلفة تماما عن تلك المسائل التي تناولتها الخبرة الاولى، وتسند هي الاخرى الى خبير واحد او عدة خبراء وذلك حسب طبيعة واهمية موضوع الخبرة ذاتها، هذا ويمكن ان تسند الى نفس الخبراء الذين قاموا باعمال الخبرة الاولى او الى خبراء من غيرهم.
– الخبرة المضادة (الخبرة المقابلة):
يقوم هذا النوع من الخبرة القضائية عندما يتبين للقاضي ان تقارير الخبرة المطروحة امامه متناقضة او انها توصلت الى تقييمات مختلفة للتعويض المقترح، او عندما يرى القاضي ان الحل المقترح في هذه التقارير غير عادل، وفي هذه الحالة باستطاعة القاضي من تلقاء نفسه او بناء على طل الخصوم ان يامر باجراء خبرة مضادة يكون موضوعها مراقبة صحة المعطيات وسلامة وصدق نتائج وخلاصات الخبرة الأولى، وبهذا المعنى فان هذه الاخيرة يتم اسنادها الى خبراء جدد مما يفقد الخبرة الاصلية قيمتها خاصة اذا تناقضت معها وكانت اقرب الى الحقيقة من حيث تماشيها مع ملابسات ومعطيات القضية وقد نص عليها ق.م.ج في المادة 208، كما كرس الاجتهاد القضائي هذا النوع من الخبرات القضائية ففي الأحكام صرحت المحكمة بأنه انطلاقا من عدم توفرها على العناصر الكافية من الخبرة الأولى المنجزة للبت في الطلب، فان البت في هذا الاخير أي الطلب متوقف على اجراء خبرة مضادة [12].
– الخبرة الجديدة:
هي الخبرة التي يامر بها القاضي عندما يرفض نهائيا وكليا الخبرة الاولى في كل جوانبها لأي سبب من الاسباب، كالبطلان لعدم احترام اجراءات جوهرية مثلا[13].
– الخبرة التكميلية:
هي الخبرة التي تامر بها المحكمة عندما ترى نقصا واضحا في الخبرة المقدمة اليها ا وان الخبير لم يجب على جميع الاسئلة والنقاط الفنية المعين من اجلها، او انه لم يستوفي حقها من البحث والتحري فتأمر باستكمال النقص الملحوظ في تقرير الخبرة، وتسند الخبرة التكميلية الى الخبير الذي أنجزها ا والى أخر، كل ذلك يعود الى تقدير القاضي أو إلى ما يراه مناسبا[14].
الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للخبرة القضائية
تعددت النظريات واختلفت بشان الطبيعة القانونية للخبرة القضائية على النحو الاتي:
1- الخبرة وسيلة اثبات:
يذهب أصحاب هذه النظرية الى ان الخبرة وسيلة اثبات تهدف الى التعرف على وقائع مجهولة من خلال الواقع المعلوم، ويستند هؤلاء في تاييد وجهة نظرهم الى ان الخبرة وسيلة اثبات خاصة تنقل الى حيز الدعوى دليلا يتعلق باثبات الجريمة او اسنادها المادي او المعنوي الى المتهم، حيث يتطلب هذا الاثبات معرفة او دراية لا تتوافر لدى عضو السلطة القضائية المختص نظرا لطبيعة ثقافته القانونية وحسب، كما قد يتطلب الامر اجراء ابحاث خاصة او تجارب علمية تستلزم وقتا لا يتسع له عمل القاضي او المحقق[15].
2- الخبرة وسيلة لتقدير دليل:
ومضمونها ان الخبرة ليست وسيلة اثبات في حد ذاتها، لانها لا تهدف الى اثبات وجود او نفي واقعة او حالة ما، ولكنها وسيلة لتقدير عنصر اثبات في الدعوى، وحجة هذا الفريق[16] ان وسائل الاثبات تخلق الدليل، وهذا ما لا يتوافر في الخبرة، فهي كاشفة عن الدليل لان عمل الخبير يتناول عنصر اثبات قائم في الدعوى من قبل ليوضحه بما له من اهلية خاصة نظرا لما شابه من غموض صعب معه على القاضي فهمه، وعلى ذلك فالخبرة تفترض وجود واقعة مادية او شيء يصدر الخبير رايه بناء على ما استظهره منه، وقد ذهب انصار هذه النظرية الى ابعد من ذلك في تاكيد وجهة نظرهم حول الطبيعة القانونية للخبرة، حينما قال وان الخبرة اصبحت تستخدم حديثا في تقدير مدى سلامة بعض الادلة مثل الشهادة والاعتراف[17].
3- الخبرة اجراء مساعد للقاضي:
بجانب الاتجاهين السابقين، ظهر اتجاه حديث انتشر في ايطاليا، يقضي بان الخبرة ليست وسيلة اثبات مباشرة (كما ذهبت اليه النظرية الاولى) وليست وسيلة اثبات غير مباشرة (وفقا للنظرية الثانية) وانما الخبرة تعد بمثابة اجراء مساعد للقاضي في الوصول الى تقدير فني للحالة المطروحة امامه، والتي تتطلب معرفة خاصة لا تتوفر لديه[18]، ويتضح ان اغلب التعريفات الاصطلاحية حول الخبرة التي ساقها شراح القانون الوضعي وكذا الفقه قد اخذوا بهذه الفكرة حيث اعتبروا الخبير من بين مساعدي القضاء[19].
4- الخبرة شهادة فنية (دليل فني):
الدليل الفني هو الدليل الذي يحتاج في استخراجه إلى خبرة فنية، مثل الخبرة في مجال تزوير الخطوط او تزيف العملة او مثل الخبرة الطبية في معرفة أسباب الوفاة…الخ وفي هذا الصدد نصت المادة 1941: “يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق او الحكم كلما عرضت مسألة تقنية…..”، وفي هذا الصدد نستغل الفرصة للتعرض للصور الخبرة القضائية:
– الخبرة في المجال الطبي: وهي تعتبر من أهم الخبرات القضائية باعتبار ان المسائل الطبية من المسائل الفنية التي لا يمكن للقاضي أن يلم بها، ويتفرع منها أنواع عدة ( الطب الشرعي العام Médecine légale)[20]، (الطب الشرعي الخاص بالصدمات والكدمات Médecine légale traumatologique)[21]، (الطب الشرعي الجنسي Médecine légale sexuelle)[22]، وهناك الطب الشرعي الخاص والطب الشرعي الجنائي[23]، وغيره الكثير من المجلات التي يتدخل فيها الطب الشرعي والتي يصعب حصرها.
– الخبرة العقلية والنفسية.
– الخبرة الحسابية: يلجأ للخبرة الحسابية عادة بهدف تحديد حجم الأموال المختلسة او المبددة …
وبالعودة لمضمون هذه النظرية نجد انها قامت على كون الخبرة نوع من الشهادة او هي بوجه ادق شهادة فنية هذا كان سابقا[24]، اما الآن فقد اصبحت الخبرة مستقلة بذاتها عن الشهادة، وهو ما نصت عليه بعض التشريعات صراحة من جواز تدخل الأطباء في الدعوى، وبصفة خاصة في جرائم القتل والاجهاص، واول نص صدر في هذا الشان بايطاليا تضمنه دستور (carolina)، وفي الوقت نفسه تقدم الطب الشرعي في فرنسا وصدرت عدة مؤلفات حول كيفية صباغة التقارير الطبية، الأمر الذي يؤكد تميز الخبرة عن الشهادة، الا انه رغم هذا التطور لازال بعض الفقهاء يؤكدون ان الخبرة ليست إلا نوعا من الشهادة، وان الخبير هو شاهد فني، وهو المبدأ المأخوذ به في القانون الانجليزي حتى عصرنا الحالي، حيث تسود في ظله التفرقة بين الشاهد العادي (ordinary witenss) والشاهد العادي (Expert witness).
وبعد الخوض في بيان أنواع وخصائص الخبرة القضائية، ثم تحديد طبيعتها القانونية بعرض مختلف التنظيرات الفقهية بهذا الخصوص بقي أن نشير إلى الكيفيات والإجراءات القانونية للخبرة القضائية في مطلب ثاني.
 

المطلب الثاني: إجراءات الخبرة القضائية


أعمال الخبرة هي الأعمال التي يقوم بها الخبير لإنجاز المهمة المنوطة به و المحددة في المهام التي ينص عليها الحكم بندبه و تبتدئ هذه الأعمال بإجراءات يقوم بها اولا ثم تقنيات ينفذ من خلالها مأموريته فيحرر بذلك محاضر بكل هذه الأعمال ثم بعد انتهائه يقوم بتحرير تقرير وهذا ما سنقف عليه خلال هذا المطلب من خلال الفقرتين الآتيتين

الفقرة الأولى: الحكم القاضي بتعيين الخبير
و سنقف خلال هذه الفقرة على تعيين الخبير و السلطة المشرفة على ذلك
اولا: تعيين الخبير
تعيين الخبير امر موكول للسلطة التقديرية للقاضي [25] و لا رقابة للمجلس الاعلى ان كان الطلب قائما على اسباب مبررة و قد اخد المشرع المغربي شانه شان التقنين المصري القديم الذي سبق له ان نظم طائفة الخبراء كمساعدين للقضاء اول مرة سنة 1909 بالقانون رقم 1 بشان الخبراء امام المحاكم الاهلية فقرر تنظيم جداول ذات اقسام بالمحاكم [26] الابتدائية و محاكم الاستئناف يقيد فيه من يقبل لممارسة هذه المهمة امام القضاء.
و بالرجوع للفصل 194 من ق م ج يمكن لكل هيئة من هيئات التحقيق او الحكم كلما عرضت مسالة تقنية ان تامر بإجراء خبرة اما تلقائيا و اما بطلب من النيابة العامة او من الاطراف .
و ما يؤكد ان المشرع المغربي اخد بما اخد به المشرع المصري نجد المادة 195 من ق م ج تؤكد على انه يعين لإنجاز الخبرة خبير مسجل بجدول الخبراء القضائيين ما عدا اذا تعذر ذلك و في هذه الحالة يؤدي الخبير اليمين المنصوص عليها في المادة 345 بعده امام قاضي التحقيق .
و مهمة الخبير دائما ما تنصب على المسائل الفنية و هذا وفقا لما جاء في الفقرة الاخيرة من المادة 195 من ق م ج و التي تقول يجب ان يوضح دائما في المقرر الصادر بإجراء الخبرة مهمة الخبراء التي لا يمكن ان تنصب الا على دراسة مسائل تقنية .
وقد يعمد المشرع الى وضع حد للسلطة التقديرية للمحكمة بهذا الخصوص بموجب نص خاص كما في النص المتعلق بميدان زجر العش في البضائع وفقا لظهير 5.10 . 1984 الفصل السادس و الثلاثين حيث يكون القاضي ملزما بإجراء الخبرة و لا سبيل الى رفضها و لو علل رفضه اذ جاء فيه. اذا تمت المنازعة في مستنتجات تقرير او تقارير التحليل في الجلسة و اذا طلب المتهم اخضاعها لخبرة جديدة فان على المحكمة ان تامر بها و هذا الفصل هو نفسه الفصل 23 من القرار الوزاري الصادر في 6 دجنبر 1928 المعدل بمقتضى قرار 2 مارس 1931 الذي اكد بموجبه المجلس الاعلى على الطابع الوجوبي للخبرة .
و كتأكيد لما سبق فتعيين الخبير يتم بكونه مقيد ضمن لائحة الخبراء بعد التأكد من استيفاء المؤهلات التي تخول له القيد في هذه اللائحة و التي تتمثل اساسا في كونه من الخبراء المحلفين لدى القضاء اضافة الى انه وجب ان تكون متوفرة فيه المؤهلات الضرورية هذا ويمكن اعتماد خبير غير محلف و هو ما تمت الاشارة اليه سابقا .
و للمحكمة ان تعين اكثر من خبير حسب اهمية الواقعة المراد انجاز الخبرة بشأنها و لم يخول لهما ذلك عندما يصدر قاضي التحقيق مقررا بإجراء الخبرة في الفصل 177 من ق م ج.
ومن متتبعات الاختيار الموكول للمحكمة على ان الخبير المعين يلتزم بتنفيذ هذا الاختيار و يحترمه فيقوم هو شخصيا بالعمليات المسندة اليه و يشير الى ذلك في تقريره.
و الفصل 176 من ق م ج خول للمترافعين في مرحلة التحقيق خلال ثلاثة ايام من تبليغهم قرار الانتداب ابداء ملاحظاتهم حول اختيار الخبير و المهام المسندة اليه في صيغة غير نزاعية حيث تعود له السلطة التقديرية بخصوص ذلك، غير ان هذه المقتضيات خاصة بمرحلة التحقيق لان الفصل296 من ق م ج لم يحل على الفصول 176 177 178 من ق م ج المتعلقة بما سلف[27].
هذا فيما يخص المشرع المغربي اما فيما يخص المشرع الجزائري فنستشف من المادة 143 من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري ان نذب الخبراء مخول لكل من جهتي التحقيق و الحكم دون جهة المتابعة . و بالمقابل نجد التشريع السعودي يجيز الاستعانة بالخبراء بالنسبة لرجال الشرطة القضائية و للإشارة فقط فان المشرع الجزائري ينظم مسالة انتداء الخبراء بناءا على نظام الجدول .
ثم نجد المشرع الجزائري ينص على تعيين الخبراء في قضايا الاحداث و ذلك وفقا للمادة 453 من قانون الاجراءات الجزائية الجزائري. و فيما يخص انتداب خبير من غير الخبراء المحلفين فان المشرع الجزائري اشترط اداء اليمين القانونية وفقا للمادة .145
و في قرار صادر عن المحطمة العليا بالجزائر بتاريخ 1986 ان حلف اليمين القانونية اجراء جوهري يترتب عن عدم مراعاته البطلان و النقض [28].
في هذا السياق صدر قرار عن المجلس الأعلى حيث جاء فيه: “الخبرة تعد وسيلة إثبات تملك معها المحكمة سلطة تقديرية لا تخضع فيها لرقابة المجلس الاعلى و ان عدم الاستجابة لطلب اجراء خبرة لا يؤثر في قرار المحكمة و ان السكوت عنه يعد جوابا ضمنيا برفضه[29]“.
ثانيا. إشراف القضاء على عملية الخبرة
ان الخبير اثناء قيامه بمهامه يبقى دائما على اتصال مع القاضي و عليه ان يطلعه على سير اعماله و ان يرجع اليه عند كل صعوبة تعترضه او قد تحول دون ادائه لمهمته كما ان استعانته بخبير اخر يكون بإذن من القاضي و كذا استنطاق المتهم ان اقتضته مأمورية الخبير يجب ان يكون بمحضر القاضي باستثناء ما اذا تعلق الامر بالأطباء المكلفين بفحص المتهم الفقرة الاخيرة من المادة 183 من ق م ج و يتقيد الخبير بالأجل المحدد له في قرار الانتداب و ان تعذر ذلك و الخبير التمديد بملتمس معلل فللقاضي تمديد الاجل و يقدم الخبير تقريره الى المحكمة كتابة في الميعاد المحدد.
و الرقابة القضائية ليست رخصة للقاضي بل هي التزام عليه و هي رقابة من طبيعة اجرائية محضة حيث لا يتدخل القاضي في المسائل الفنية التي هي من اختصاص الخبير [30]
و بالرجوع للفقرة الثانية من المادة 194 من ق م ج يقوم الخبير او الخبراء بمهمتهم تحت مراقبة قاضي التحقيق او المحكمة المعروضة عليها القضية او القاضي الذي تعينه المحكمة عند الاقتضاء .
اما بالنسبة للأجل فقد نصت المادة 199 من ق م ج انه يحدد في كل قرار يصدر بتعيين خبير اجل على الخبير انجاز مهمته خلاله و يمكنه تمديد هذا الاجل وفقا لقرار معلل من طرف القاضي او المحكمة التي عينته.
و قد سار المشرع الجزائري في نفس توجه المشرع المغربي حيث ان الرقابة التي يمارسها القاضي على الخبير لا تعدو ان تكون رقابة اجرائية بحثة فليس له حق التدخل في المسائل الفنية التي هي من اختصاص الخبير و لا ان ان يقيده باستعمال وسيلة معينة [31]
الفقرة الثانية: محاضر و تقرير الخبرة
اكيد ان الخبير اثناء قيامه بمهامه يحرر محاضر قبل ان يصل الى تحرير تقرير الخبرة و هو ما سنقف عنده خلال هذه الفقرة
اولا: محاضر الخبرة
محاضر الخبرة ليست هي التقرير لكون اعمال الخبرة تقتضي القيام بعدة اشغال و تقنيات التي تمكن الخبير من التوصل الى نتيجة في خصوص المهمة المسندة و اذ ذاك يحرر تقريره بالنتائج التي توصل اليها.
فالخبير يحرر محاضر بجميع الاعمال التي قام بها و لذا تشتمل هذه المحاضر بيان اعمال الخبرة ة بكل تفصيل
و بالجملة يضمن الخبير محضر اعماله كل دقائق العمل الذي باشره فاذا انتقل لمعاينة فعليه ان يبين ما اجراه بهذا الشأن و ما اثبته من المشاهدات و ما وصل اليه مكن معلومات و القصد من ذلك هو تمكين المحكمة من الالمام بكل التفاصيل عند الاطلاع على نتيجة عمله.
حيث هذه المحاضر يقدمها الخبير للمحكمة الى جانب التقرير موضوع الخبرة التي اجراها بمناسبة المهمة التي اسندت اليه[32]
ثانيا: تقرير الخبرة
تقرير الخبرة ليس هو المحاضر التي يحررها الخبير بمناسبة الاجراءات المتتالية التي يقوم بها . و كذا التقنيات التي استعملها و النتائج التي توصل اليها .
و الاصل ان يكون تقرير الخبرة مكتوبا على ورق و يمكن ان يكون شفويا و في كل الاحوال يحدد الحكم القاضي بالخبرة تاريخ الجلسة التي يقدم فيها الخبير تقريره او الاجل الذي يودع تقريره فيه.
فاذا كان اكثر من خبير فالأصل ان كل واحد منهم يحرر تقريرا مستقلا برايه ما لم يتفقوا على ان ينجزوا تقريرا واحدا يذكر فيه راي كل واحد منهم و اسبابه
و تقرير الخبرة في صياغته ينبغي التعرض فيه الى البيانات التي تقتضيه طبيعة هذا التقرير [33]
و يكتسي هذا التقرير المتعلق بالخبرة اهمية قصوى بالنظر الى تأثيره المحتمل على قناعة القاضي لذا و بصرف النظر عن شكلياته او البيانات الرامية الى توثيقه من هوية الخبير و المحكمة . اليمين مكان و تاريخ الخبرة الى غير ذلك . و يبقى اخطر شيء في التقرير هو ما يتصل بتحديد المشكل التقني الذي يطلب منه ان يوضح جوانبه و ما يرجع الى عرض او وصف للعمليات التي قام بها الخبير و النتائج التي توصل اليها اي الجوانب المنتظر من المحكمة و الذي من شانه ان يساعدها على تكييف الوقائع قانونيا ز النطق بالحكم المناسب[34]
و ناحية اخرى ان سكت القانون على طريقة تحرير التقرير فانه نص صراحة على مضمونه و الح على الجوانب الكفيلة بتسهيل مأمورية القضاء و حماية حقوق المتقاضين لذا سبقت الاشارة الى ان القانون يسمح للخبير باستئذان القاضي في اللجوء الى خبراء اخرين لإنارة المعطيات التي لا تدخل في اختصاصه و الذين يحررون رايهم ليلحقه الخبير بمضمون تقريره .
و ذلك في حالة وجود اكثر من خبير مسؤول و خبير مساعد حيث يتعين عليهما ان يتعاونا وفقا للقواعد المقررة في ق م ج و حيث يتحتم على الخبير المسؤول ان يلحق و يدرج ملاحظات و تحفظات الخبير المساعد في التقرير[35].
فيما يخص التشريع الجزائري فالمادة 153 قالت انه عند انتهاء اعمال الخبرة يحرر الخبراء تقريرا يشمل غلى وصف العمليات التي قاموا بها مع ابداء آرائهم[36] بقيامهم شخصيا بمباشرة الاعمال التي عهد اليهم القيام بها كما يتضمن ايضا النتائج التي استخلصها بنفسه من عمله و التي تجيب اساسا على الاسئلة التي يكون القاضي قد طرحها عليه.
 

المبحث الثاني: الخبرة القضائية حجيتها وأثرها


سنخصص هذا المبحث للحديث عن القيمة الثبوتية للخبرة القضائية في (المطلب الاول)، ثم في (مطلب ثاني) الوقوف على اثرها.

المطلب الأول: القيمة الثبوتية للخبرة


من المعلوم أن الخبرة الطبية تدبير إجرائي لا يلجأ إليه القاضي الجنائي سواء في مرحلة التحقيق الإعدادي أو أثناء المحاكمة إلا في الوقائع ذات الطبيعة التقنية والفنية الصرفة، وذلك بغية إنارة الطريق أمامه وحسم النزاع سعيا إلى حكم قضائي جيد يضمن حقوق المتقاضين ويحمي مصالحهم، وعليه يمكن القول إن الخبرة تكتسي أهمية بالغة، إذ يسعی قضاء التحقيق من خلالها إلى تقدير قيمة الأدلة المبررة للمتابعة من عدمها (الفقرة الأولى)، كما تساعد أيضا قاضي الموضوع على إجلاء الغموض واللبس عن بعض الوقائع الواردة في الملف وتؤثر على تكوين اقتناعه الصميم متى تبين له سلامة الاستنتاج الذي انتهت إليه (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سلطة قاضي التحقيق في تقدير الخبرة:
يضطلع قضاء التحقيق بمهمة مزدوجة، تتمثل من جهة في استكمال جمع الحجج والأدلة المثبتة للجريمة التي توبع من أجلها المحقق معه سواء كانت في صالحه أو ضده، ومن جهة أخرى في تقدير قيمة تلك الأدلة لمعرفة ما إذا كانت كافية أو غير كافية لتسطير المتابعة وإحالة القضية على الجهة المختصة.
وفي سبيل البحث عن الحقيقة وفقا للقانون، فقد خول المشرع المغربي لقاضي التحقيق القيام بجميع الإجراءات التي يراها صالحة لذلك[37]، ما دام الهدف من التحقيق هو كشف خيوط الجريمة واستجماع عناصرها، وقد يحدث أن تعرض على قاضي التحقيق بعض القضايا ذات طبيعة فنية أو تقنية يكون غير مؤهل لفهمها وسبر أغوارها إلا بالاعتماد على ذوي الاختصاص من الخبراء المؤهلين لفك لغز مثل هذه القضايا[38].
فالخبرة الطبية كغيرها من الأدلة المعروضة على أنظار قاضي التحقيق تخضع مبدئيا لسلطته التقديرية في تقريره للمتابعة من عدمها، وفي هذا الصدد قرر السيد قاضي التحقيق متابعة المتهم بالضرب والجرح بواسطة السلاح الأبيض طبقا للفصول 400 و401 و303 مكرر من القانون الجنائي بعد إدلاء الضحية بشهادة طبية تثبت عجزه عن العمل لمدة 65 يوما[39]، وفي قرارين آخرين للسيد قاضي التحقيق، بابتدائية تاونات، حيث قضى بعدم الاختصاص بناء على نتيجة الخبرة الطبية التي أكدت أن الضحية فقد منفعة عينه ونتج عن الاعتداء عور وعاهة مستديمة[40].
الفقرة الثاني: القناعة الوجدانية لقاضي الحكم في تقدير الخبرة الطبية:
إن الخبرة من حيث المبدأ ليست سوى استنتاج حقائق معينة من الوقائع المعروضة على المحكمة، وبالتالي فدورها لا يزيد عن الاستئناس والمساعدة على توضيح الغموض الذي قد يشوب بعض الوقائع، لذلك فإن قاضي الحكم يملك سلطة تقديرية لقيمة التقرير الطبي من خلال اعتماده كليا أو جزئيا أو استبعاده وفق اقتناعه الصميم، لكونه يبقى مجرد إشارات و قرائن يتعين على القاضي استثمارها من خلال تأويلها وربط نتائجها بالجريمة من جهة وعلاقتها بالمشتبه فيه من جهة أخرى[41]، بيد أن هذه السلطة التقديرية ليست مطلقة، فالقاضي ملزم بتسبيب حكمه وتبيان وجه التقدير الذي انتهى إليه حتى يتسنى لمحكمة النقض التأكد من مدى سلامة هذا التقدیر، وعليه فالقاضي حر في تقدير الخبرة الجنائية بشرط أن يثبت سلامة تقديره بما يتيح لمحكمة وسيلة رقابته[42].
فتقرير الخبير لا يعدو أن يكون أحد العناصر التي تساهم في توليد القناعة الوجدانية لدى القاضي، فهو من بين الأدلة المطروحة على بساط البحث تخضع لتمحيص قاضي الحكم يقدره بملء حريته، إن شاء أخذ به، وإما يطرحه جانبا[43]، وهذا ما ينسجم مع مقتضيات المادة الثانية من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين[44] ويكرس مقولة “القاضي خبير الخبراء”.
فمن المعلوم أن تقرير الخبرة عنصر من عناصر الاثبات يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، وأن الأخذ بالخبرة من عدمها واعتمادها دون غيرها أو اللجوء لخبرة أخرى يعد بدوره مسألة موضوع لا تخضع لرقابة محكمة النقض إلا بخصوص التعليل 187[45]، وبالتالي فللمحكمة استبعاد ما خلصت إليه الخبرة إذا ما رأت ضرورة لذلك استنادا إلى سلطتها التقديرية المتجسدة في اقتناع القاضي، مع الإشارة إلى أن هذه الحالة، أي حالة استبعاد
الخبرة، تستوجب بيان المبررات والأسباب التي أدت إلى عدم اقتناعها بالنتيجة التي توصلت إليها، وهذا
ما قررته محكمة النقض بقولها: “عموما تخضع الخبرة للسلطة التقديرية للقاضي، فله أن يأخذ بها أو يطرحها وله أن يعلل عند استبعادها”[46].
كما يمكن للقاضي أيضا أن يجزئ نتيجة الخبرة الطبية، فيأخذ بجزء منها ويستبعد الجزء الآخر على اعتبار أن الجزء المعتمد يتفق الى حد ما و النتيجة التي من شانها حسم النزاع، وفي نفس السياق وعند تعدد الخبراء يحق للمحكمة اعتماد تقرير أحدهم دون الآخرين مع وجوب تسبيب قرارها لأن الثقة العمياء في تقارير الخبرة يمكنها في بعض الأحيان أن تقود إلى إدانة بريء مما يتعين على القاضي إخضاعها للتحليل العميق والجدي مهما كانت سمعة الخبير الذي سهر على إنجازها[47] ليحكم بناء على ما اقتنع به ضميره مع تبرير هذا الاقتناع طبقا لمقتضيات المادة 286 من ق.م. ج[48].
وهناك العديد من الاجتهادات القضائية في هذا الشأن أورد بعضا منها:
– قرار محكمة النقض رقم 685 الصادر بتاريخ 30 يونيو 1960 الذي جاء فيه “أن آراء الخبراء المنتدبين من طرف القضاة ليست مفروضة على القاضي”[49].
– قرار محكمة النقض عدد 1139 الصادر بتاريخ 2 فبراير 2003، ملف جنحي عدد 14302/2000، جاء فيه: “حيث إن المحكمة باعتمادها على خبير لإثبات فعل او نفيه، في حين أن ما يقوم به الخبير هو إجراء تقني لا غير، وأنه كان يتعين على المحكمة أن تبحث قضائيا في موضوع النزاع عوض الاستناد على خبير أعطى لنفسه صفة القاضي المحقق يكون قرارها ناقص التعليل”.
– قرار محكمة النقض عدد 2246، المؤرخ في 21 دجنبر 2005، ملف جنائي عدد 228426/10/2005، جاء فيه: “أن الخبرة التقنية لا يمكن أن تقيد القاضي خاصة أمام وجود وسائل إثبات أخرى تفنذها”[50].
وبرجوعنا إلى الاجتهاد القضائي المقارن، نجد غرفة الجنايات الفرنسية قد اعتبرت في قرار صادر في 24 يناير 1973 “أن النتائج المتحصل عليها من الخبرة الجينية تخضع للاقتناع الحر للقاضي الجنائي”، وهو ما أكدته أيضا محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 03 يناير 1978، كما اعتبرت نفس المحكمة في قرار عدد 412 الصادر عن غرفة الجنايات في 8 نونبر 1973 “أن المبدأ في الإثبات هو أن الدليل يخضع للاقتناع الوجداني القاضي الجنائي سواء قاضي التحقيق أو قاضي الحكم، وأن القاضي ليس ملزما بنتائج الخبرة”[51].
نفس التوجه سارت عليه محكمة التعقيب التونسية في قرارها المؤرخ في 25 ماي 1993 الذي جاء فيه أن المحكمة ليست مرتبطة بتقرير الخبير والنتائج التي توصل إليها، إذ ما ننتظره منها هو بعض العناصر الفنية التي من شأنها أن تنير أمامها الطريق للحقيقة”[52]. كما أصدرت أيضا المحكمة العليا الجزائرية قرارين، جاء في الأول “إن تقدير الخبرة ليس إلا عنصرا من عناصر الاقتناع يخضع لمناقشة الأطراف ولتقدير قضاة الموضوع”، و نص القرار الثاني على أن: “تقرير الخبرة لا يقيد لزوما قضاة الموضوع وإنما هو كغيره من أدلة الاثبات قابل للمناقشة والتمحيص ومتروك لتقديرهم وقناعتهم”.
أما على مستوى الفقه المغربي، فالاتجاه الراجح يقضي أن الخلاصة التي ينتهي إليها الخبير في تقريره لا تكون ملزمة للقاضي ولا تمثل عليه قيدا في تكوين قناعته فله أن يأخذ بها كلها أو بجزء منها، وله أن يطرحها كليا أو جزئيا شريطة أن يعلل قراره القاضي باستبعاد نتائجها، ومن القائلين به الأستاذ محمد عياط حينما اعتبر أن نتائج الخبرة كمبدأ عام لا تلزم القاضي بقبول فحواها، وبالتالي لا تحتم عليه إصدار حكم موافق لما صرحت به.
والواقع أن خلاصة الخبرة لا هي دائما في المستوى المطلوب من الموضوعية ولا هي دائما عين الحقيقة حتى يفرض المشرع الالتزام بها على القاضي، وهكذا من المعروف أن خبراء في نفس الميدان وعلى نفس الكفاءة والتمكن من اختصاصهم كثيرا ما يصدرون اراء متناقضة حول الموضوع الواحد، ومن المعلوم أيضا أن الخبرة معرضة للخطأ، وللقاضي أن يقتنع بما أثبته تقرير الخبرة أو لا يقتنع به، وله أن يستعمله كليا أو جزئيا، أو يهمله تماما بدون حرج على أن ذلك يبقى مرهون دائما بتعليل مقنع للحكم الذي يصدره، وهو نفس الرأي الذي قال به الفقيه الحبيب البيهي لما اعتبر أن القاضي يتمتع إزاءها بحرية التقدير وله أن يأخذ بها أو يطرحها وعليه أن يعلل قراره باستبعادها[53]، وهو نفس المنحى الذي سلكه الأستاذ إبراهيم زعيم لما ذهب إلى أن للمحكمة كامل السلطة في تقدير قوته التدليلية بحيث يمكنها الأخذ به برمته أو بجزء منه دون الجزء الأخر، على أنها تكون ملزمة اذا حكمت خلافا لذلك الرأي، ببيان الأسباب التي أوجبت اهماله كله أو بعضه”[54].
إن إمكانية صرف النظر عن نتيجة الخبرة الطبية أو عدم الأخذ بها، والحكم بمجرد القناعة المنفردة للقاضي ارتكازا على مبدأ عدم إلزامية الخبرة للقضاء وانعدام حجيتها في إصدار الأحكام، هو مبدأ نسبي وليس مطلقا خاصة في الأحكام والقرارات القضائية المتعلقة بضحايا حوادث السير و منها الحكم الصادر عن ابتدائية فاس الذي جاء فيه “حيث إن الخبرة المنجزة أجريت طبقا للقواعد الشكلية المنظمة لها، وجاءت موضوعية بالنظر إلى الإصابات العالقة بالضحية كما هي موصوفة بالشهادات الطبية المكونة للملف الطبي وبتقرير الخبير، مما يتعين اعتمادها في احتساب التعويضات المستحقة للمصاب[55]، وهو الحكم الذي تم تأييده في المرحلة الاستئنافية[56].
إلا أنه رغم ما يتمتع به القاضي الجنائي من سلطة تقديرية واسعة إزاء الخبرة الطبية، فإنه لا يمكن لأحد أن ينكر تأثيرها البالغ على اقتناعه فتجعله أكثر حزما ويقينا، وتساعد على التقليل من الأخطاء القضائية والاقتراب من العدالة بخطوات أوسع والتوصل إلى درجة أكبر نحو الحقيقة لكونها ترتكز على أسس علمية جعلتها تتفوق على باقي الأدلة الأخرى، فضلا عن ذلك فالميدان الطبي لا يتأتى الجزم فيه الا لذوي الدراية و أهل الاختصاص، لذلك فالمحكمة غالبا تعتمد الخبرة التي أمرت بها وإلا فما الداعي لإجرائها، وهو ما أكدته ايضا العديد من القرارات الصادرة عن محكمة النقض، والتي تجعل تقرير الخبير ملزما للقاضي بالنظر إلى تكوينه القانوني المحض، أهمها:
– قرار محكمة النقض الذي جاء فيه: ” أن تقرير حالة المتهم العقلية مسألة تقنية يعود لذوي الاختصاص أمر البت والحسم فيها، وإذا كان المتهم يتوفر على خبرة قضائية تثبت خللا في قواه العقلية ومنجزة من طرف خبير مختص بأمر من المحكمة، فإنه يجب على هذه الأخيرة التقييد بما جاء في الخبرة، ولا يحق لها بما تملكه من سلطة تقديرية أو بما تستخلصه من مجرد المعاينة أن تستبعد نتيجة الخبرة بدعوى أنها لا
تتوفر على الحجية المطلقة أو سلمت على سبيل المجاملة أو أن المتهم كان منضبطا في تصريحاته أو أجوبته[57].
– قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 27/06/2002 تحت عدد 07/2246 في الملف عدد 3/6/7/2001 جاء فيه “أنه لئن كان تقدير الدليل موكولا إلى محكمة الموضوع في المادة الجنائية، فإنه لا يصوغ لها أن تستند في دحض ما قام به الخبير إلى معلومات شخصية، بل يتعين عليها إذا ما ساورها الشك فيما قرره الخبير أن تستجلي الأمر بالاستعانة بغيره من أهل الخبرة، ما دام من المسائل الفنية التي لا يصح للمحكمة أن تحامل الخبير فيها.
وهناك حالات نص فيها المشرع في فصول خاصة على إجبارية إجراء خبرة قضائي (المادة 171 من مدونة السير): ” يخضع لزوما بأمر من وكيل الملك لخبرة طبية كل شخص ضحية حادثة سير، أدلى للمحكمة المختصة بشهادة طبية تبين عجزه عن العمل مؤقتا لمدة تفوق 30 يوما أو تعرض لعاهة مستديمة، و كذلك الفصل 36 من ظهير 05/10/1984 المتعلق بزجر الغش في البضائع الذي جاء فيه “إذا نوزع في استجابات تقرير أو تقارير التحليل خلال الجلسة وطلب المتهم بإجراء خبرة جديدة بشأن ذلك أصدرت المحكمة أمرا بإجراء هذه الخبرة … ويعهد وجوبا بالخبرة المذكورة إلى أحد المختبرات المبينة في القائمة المنصوص عليها في الفصل 39 من نفس القانون”[58].
هذا وعلى غرار القضاء المغربي، فقد أكدت محكمة النقض المصرية في احدى قراراتها على أن: “مسألة تحديد وقت الوفاة هي مسألة فنية صرفة يتعين أخذ رأي الطبيب الشرعي فيها، والمنازعة في ذلك تعتبر دفاعا جوهريا يتعين تحقيقه، فإذا خالف الحكم ذلك يعد مشوبا بالقصور[59].
أما على مستوى الفقه، فقد ذهب بعض تقرير الخبير قوة الزامية مبررين موقفهم هذا على أساس أن القاضي إذا رفض رأي الخبير فإنه يكون قد تعارض مع نفسه، لأنه أراد أن يفصل بنفسه في مسألة سبق وأن اعترف أنها مسألة فنية تحتاج إلى رأي فني لا يملكه، ومعرفة علمية تنقصه[60]، ومن بين القائلين بهذا الرأي نجد الفقيه “جارو” الذي انتقد مبدأ “القاضي الخبير الأعلى” أو “القاضي خبير الخبراء” لما أقر أنه من الوجهة العلمية فإن رأي الخبير هو الذي يوجه القاضي في تكوين قناعته، إذ أنه من الصعب قبول فكرة أن القاضي يمكنه طرح تقرير الخبير جانبا على الرغم من أنه يتضمن تقدیر مسائل تبتعد عن دائرة اختصاصه[61].

المطلب الثاني: آثار الإخلال بإجراءات الخبرة القضائية


إذا كانت التشريعات في معظمها تستعين بالخبرة المساعدة للقاضي في المسائل الفنية والعلمية لكنها لا تأخذ كلها بنظام بطلان الخبرة إذ بعضها يقر هذا البطلان بينما البعض الآخر يرفضه فمن الأولى فرنسا وبلجيكا وإيطاليا التي تميز بين البطلان المتعلق بالنظام العام فيثار ولو تلقائيا من طرف ا لمحكمة والآخر غير المتعلق به حيث يبقى للخصوم الحرية في التمسك به بشرط حصول ضرر منه. وأن لا يتنازل عن المصلحة منه وأن يثار في البداية.

وقد نص القانون الإيطالي على حالتين للبطلان وهما:
عدم حلف اليمين وعدم إخطار الخصور ببدء إعمال الخبرة.
ومنها من أخذت بمبدأ لا بطلان بدون القانون البلجيكي وقد نص على بطلان الخبرة لعدم أداء اليمين أو عدم احترام حقوق الدفاع أثناء تنفيذ أعمال الخبرة أما التشريعات التي رفضت الأخذ ببطلان أعمال الخبرة نجد ألمانيا والدانمارك والسويد ففي حالة عدم صحة الخبرة تكتفي المحكمة بعدم الأخذ بالنتيجة التي توصلت إليها هذه الخبرة أما المشرع المغربي فقد نظم الخبرة بمقتضى المواد في 194 إلى المادة 209 من قانون المسطرة الجنائية من الباب 11 من القسم 3 من الكتاب الأول من ق م ح (الفقرة الأولى)[62] هذا عن الخبرة أما عن الجانب القضائي فقد يرتكب أثناء ممارسة لمهمته المحددة من طرف المحكمة، أفعالا خطيرة قد تصل إلى حد الجريمة التي تستوجب تطبيق أحكام القانون الجنائي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: بطلان الخبرة القضائية
لما كانت الخبرة القضائية إجراء من إجراءات التحقيق فإنه ينطبق على أعمال الخبير وما ينجزه المبادئ والأحكام العامة المقررة للبطلان في نصوص قانون المسطرة المدنية حيث أشار المشرع بمقتضى الفقرة الثانية في الفصل 49 من ق م م ضرورة حصول ضرر لصالح الطرف الذي تمسك بحالات البطلان والإذلالات الشكلية لقبولها من الطرف المحكمة. وهو ما يذهب إليه القضاء المغربي في هذا الشأن.
ومن أهم الحالات التي تؤدي إلى بطلان الخبرة القضائية. نجد:
1- عدم أداء الخبير اليمين القانونية:
بالرجوع إلى المادة 18 من قانون 00-45 المتعلق بالخبراء القضائيين فإن الخبير يؤدي اليمين القانونية أمام محكمة الاستئناف التي سجل بدائرتها: أما إذا كان الخبير شخصا معنويا فتؤدى اليمين القانونية من قبل ممثله القانوني ويترتب عن عدم أداء اليمين من قبل الخبير فإنه ذلك يؤدي إلى البطلان.
إلا أن البطلان في هذا الإطار لا يدخل في النظام العام بحيث يجوز للأطراف الاتفاق على إعفاء الخبير أداء اليمين القانونية وذلك وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية في ٌ / المدنية.
2- خرق مبدأ حضورية الخبير:
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 63 من ق م م نجدها تنص على:
<< يجب على الخبير تحت طائلة البطلان أن يستدعي الأطراف ووكلاءهم لحضور إنجاز الخبرة مع إمكانية استعانة الأطراف بأي شخص يرون فائدة في حضور>>.
بمعنى أن المشرع في هذا الإطار رتب البطلان في حالة عدم استدعاء الحضور لكن بالمقابل فإننا لا نجد لأي نص مماثل للفصل 63 من ق.م.م ضمن قانون المسطرة الجنائية الشيء الذي أدى إلى تضارب في اجتهادات محكمة النقض بهذا الخصوص حيث نجد مجموعة في القرارات التي توجب على المحكمة الزجرية التقييد بمقتضيات المادة 63 من ق.م.م منها قرار عدد 7665 الصادر بتاريخ 30/10/86 ملف عدد 14755/85 الذي نقض حكم استثنائي لاعتماده على خبرة أنجزت دون مراعاة الفصل 63 من ق.م.م.
وكذلك القرار الذي يعد النقض على كون الطاعن أثار أمام المحكمة الابتدائية والاستئنافية الدفع ببطلان الخبرة التي أجريت دون حضوره واستدعائه طبقا للمادة 63 من ق.م.م ولم تجب أي من المحكمتين على الدفع والذي جاء فيه:
“حيث أن قانون المسطرة الجنائية لا يتضمن نصا ينظم شروط وكيفية إنجاز الخبرة في الدعوى المدنية التابعة وأنه طبقا للمبادئ العامة يتعين الرجوع إلى قواعد المسطرة المدنية باعتباره القانون الأصلي وبالتالي إلى مقتضيات الفصل 63 من ق.م.م التي تنظم شروط وكيفية إنجاز الخبرة. وعليه فمادامت الخبرة المنجزة لا يتضمن ما يفيد أن العارضين قد أشعرتا من طرف الخبير بتاريخ الخبرة بعد استدعائهما برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، فإنها خبرة باطلة طبقا للفصل 63 من القانون المذكور.”[63]
في حين نجد العديد من القرارات التي رأت خلاف ذلك واعتبرت أن الفصل 63 من م.ن غير قابلة للتطبيق أمام المحاكم الزجرية مثل القرار الصادر فن محكمة النقض عدد 3556 الذي جاء فيه:
“أما عن العارضة بخرق الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية، فإنه لا ينطبق في النازلة لأنه يتعلق بالمسطرة المطبقة لذى المحكمة المدنية وأنه لا يوجد في مقتضيات قانون المسطرة الجنائية أي نص معادل للفص 63 المذكور معا تكون معه الوسيلة عديمة الجدوى”.[64]
وأمام هذا التباين في القرار القضائي وعدم قدرة العمل القضائي على توحيد رأيه بهذا الخصوص نجد الأستاذ الخمليشي يؤكد بأنه لا يمكن تطبيق مقتضيات الفصل 63 من ق.ع.م أمام المحاكم الزجرية لأن طبيعة الخبرة في الميدان الجنائي في أغلب الحالات تجري على المتهم أو الضحية ومن غير المقبول إلزام الخبير إحضار أحدهما عند قيامه بفحص الآخر. وإن الفصل 63 يلزم بإشعار الأطراف وأن النيابة العامة وأن هذه الأخيرة لم يسبق لها قط أن اثارت فرق الفصل 63 بعدم إشعارها.
وبناء على ما سبق نرى ان القاضي الجنائي غير ملزم باحترام مقتضيات المادة 63 من ق.م.م ذلك لأن المادة 2 في قانون 00-45 المتعلق بالخبراء القضائيين اشترطت لحصول بطلان الخبرة أن تتعرض مصالح الأطراف لضرر.
وطالما أن الخبرة في هده الحالة يكون الغرض منها إما إثبات الجريمة ونسبها للمجرم أو نفيها عنه فإن الأطراف لن تتضرر إذا لم يحضروا إجراءات الخبرة.
3- بطلان الخبرة القضائية لتجاوز الخبير مأمورية الموكلة له.
جاء في الفقرة الأولى من المادة 2 هذا القانون 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين “الخبير القضائي هو المختص الذي يتولى بتكليف من المحكمة التحقيق في نقط تقنية وفنية ويمنع عليه أن يبدي أي رأي في الجوانب القانونية”.
وعليه يترتب بطلان الخبرة القضائية عند تجاوز المأمورية المحددة من طرف القاضي.
4- بطلان الخبرة لعدم إنجاز الخبير المهمة شخصيا:
نصت المادة 22 من قانون 00-45 وألزمت الخبير أن يقوم بالمهمة الموكولة إليه شخصيا. لأن اختياره يم استثناء مؤهلاته الفنية والتقنية.
وفي حالة تعدد الخبراء المعنيين لإنجاز مهمة واحدة فإن احترام هذا المبدأ يكون على عاتق كل واحد منهم عن طريق مشاركتهم في عمليات الخبرة وتوقيعهم التقرير.
وعليه يترتب بطلان الخبرة المنجزة من طرف الأشخاص غير المعنيين مند دفع الأطراف ببطلانها.
5- بطلان الخبرة لعدم توقيع تقرير الخبرة:
يعتبر توقيع الخبير أو الخبراء في حالة تعددهم في الشكليات الرئيسية للاعتداد بالخبير والأخذ به وإعطائه الصفة الرسمية، وعليه يعد التوقيع من مشتملات التقرير.
فالتوقيع يكون هذا الدليل على أن الخبير المكلف بالخبرة هو الذي أنجزها فعلا ويتحمل مسؤولية ما جاء فيها.
كما أن هناك حالات يتم فيها بطلان الخبرة لعدم احترام كتابة الضبط التزاماتها ومن هذه الحالات نجد:
– بطلان الخبرة القضائية لعدم تبليغ الحكم التمهيدي:
بعد تبليغ الحكم لجميع أطراف الدعوى ووكلائهم ضمانة من ضمانات حقوق الدفاع وعليه يلقى على عاتق كتابة الضبط عند صدور الحكم التمهيدي بإسداء مأمورية لإنجاز الخبرة أو الاستبدال الخبير بتبليغ أطراف الدعوى.
وبالتالي فإنه يؤدي عدم القيام بتبليغ أحد الأطراف بالتحكيم الصادر يخول له الحق في الدفع ببطلان جميع الإجراءات اللاحقة.
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية للخبير
إذا ارتكب الخبير أثناء تنفيذ المأمورية فعلا يترتب عليه مس الجنائية أي ارتكب أفعالا تعد، جرائم بالمفهوم الوارد في القانون الجنائي ومن ضمنها ما يلي :
1- الرشوة نص القانون الجنائي في الفصل 248 ف ي الفرع الرابع المخصص للرشوة واستغلال النفوذ على أنه يعد مرتكبا لجريمة الرشوة ويعاقب بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، 1) من طلب أو قبل عرضا أو وعدا أو طلب أو تسلم هدية أو أية فائدة أخرى من أجل القيام بعمل من أعمال وظيفته بصفته قاضيا أو موظفا عموميا أو متوليا نيابيا أو الامتناع عن هذا العمل سواء أكان عملا مشروعا أو غير مشروع طالما أنه غير مشروط بأجر وكذلك القيام أو الامتناع عن أي عمل ولو أنه خارج عن اختصاصاته الشخصية إلا أن وظيفته سهلته أو كان من الممكن أن تسهله.
2- إصدار قرار أو إبداء رأي لمصلحة شخص أو ضده وذلك بصفته حكما أو خبيرا عينته السلطة الإدارية أو القضائية أو اختاره الأطراف.
3- الانحياز لصالح أحد الأطراف أو ضده وذلك بصفته أحد رجالا لقضاء أو المحلفين أو أحد أعضاء هيئة المحكمة.
4- إعطاء شهادة كاذبة بوجود أو عدم وجود مرض أو عاهة أو حالة حمل أو تقديم بيانات كاذبة من أجل مرض او عاهة أو عن سبب وفاة وذلك بصفته طبيا أو جراحا أو طبيب أسنان أو مولدة، كما تضمن قانون العقوبات المصري ذلك في الباب الثالث من الكتاب الثاني في المواد من 103 إلى 111 عقوبات.
وتنطبق هذه النصوص على الخبراء الموظفين وهو النظام الغالب مصر، أما بالنسبة للخبراء غير الموظفين فينطبق عليهم نص المادة 111 لكونهم يعدون في حكم الموظفين في تطبيق باب الرشوة سواء كانوا خبراء عينوا من طرف المحكمة أو خبراء استشاريين يستعين بهم الخصوم.
أما المشرع الفرنسي فقد اشار إلى ذلك في المواد 177 و 179 من قانون العقوبات.
II) شهادة الزور وهو ما نصت عليه الفترة الرابعة من الفصل 248 من القانون الجنائي المغربي.
وكذا المادة 293 من قانون العقوبات المصري التي تنص على أنه يعاقب بالعقوبات المقررة لشهادة الزور كل شخص كلف من السلطة القضائية بعمل خبرة أو ترجمة في دعوى مدنية أو تجارية أو جنائية فغير الحقيقة عمدا بأية طريقة كانت كما فصل المشرع في المعاقبة على تقديم الرأي الكاذب من طرف الخبير أو وقائع مخالفة للحقيقة في الفصل 375 الذي يحيل على الفصل 369 إذا تعلق الأمر بجناية و 372 إذا تعلق بقضية مدنية أو إدارية
. IIIإفشاء السر المهني بعد الالتزام بكتمان السر المهني م ن أهم الالتزامات التي تقع على عاتق الخبير ويترتب على إخلاله بهذا الالتزام مسؤوليته، ويعني هذا الالتزام أن على الخبير كتمان المعلومات التي حصل عليها أثناء تنفيذ مأموريته و عدم اطلاع الغير عليها وهو ما يعنيه واجب الصمت.
كما يعني اخبار المحكمة بكل ما في حوزته من معلومات خاصة بالمأمورية وهو واجب عدم حجب المعلومات ن المحكمة.
وعدم إفشاء الأسرار التزام وضعه المشرع الفرنسي على عاتق الخبير في قانون المرافعات في المادة 244 ورتب على الإخلال بهذا الالتزام عقوبات نص عليها في المادة 378 عقوبات، بالإضافة إلى مسؤوليته المدنية.
كما عاقب على ذلك قانون العقوبات المصري في المادة 310 بمدة لا تزيد على ستة أشهر أو بغرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا والمعلومات التي توصل إليها الخبير نتيجة تنفيذ مأموريته يجب عليه أن يطلع المحكمة ولو كانت أسرار خاصة بشرط أن يكون حصل على هذه المعلومات بطرق قانونية مشروعة وأن لا يكون قد فد تجاوز حدود مهمته.
وعلى هذا يكون الخبير مسؤولا جنائيا ويعاقب طبقا للمادة 378 عقوبات فرنسي و 310 عقوبات مصري والفصل 446 من القانون الجنائي المغربي، إذا أفشي سرا من الأسرار أؤتمن عليها أثناء تنفيذ مأموريته ف ي غير الحدود القانونية المسموح بها حيث حدد عقوبته في الحبس من شهر إلى ستة اشهر وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم، فضلا عن إمكانية مساءلته مدنيا بالتعويض.
4- التزييف: نص ظهير 1937/7/8 المتعلق بتنظيم الصوائر والتعويضات المستحقة عن حوادث السيارات وعقود التأمين عن المسؤولية المدنية لصالح مالكي المركبات المعدة للسير في الطرق في فصله السادس عن معاقبة كل طبيب زيف عن قصد الحوادث أو في الشواهد الطبية المسلمة إلى ضحايا الحوادث أو سلم عن قصد شواهد بمعاينة حوادث صورية.
كما نص الفصل 364 من القانون الجنائي على أن كل طبيب أو جراح أو طبيب أسنان أو ملاحظ صحي أو قابلة صدر منه أثناء مزاولته مهنته وبقصد المحاباة أو إقرارا كاذبا أو فيه تستر على وجود مرض أو عجز أو حالة حمل، أو قدم بيانات كاذبة، عن مصدر المرض أو العجز أو سبب الوفاة، يعاقب بالسجن من ستة إلى ثلاث سنوات ما لم يكن فعله جريمة أشد مما نص عليه في الفصل 248 من نفس القانون وما بعده ويجوز أن يحكم عليه علاوة على ذلك بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق الوطنية أو العائلية.[65]
خاتمة:
في نهاية هذا البحث المتواضع في ميدان الخبرة القضائية، نؤكد ان الخبرة القضائية في جوهراها تساعد على الاثبات في الميدان القضائي وتنوير المحاكم، وبالتالي المساهمة في تنوير العدالة، فيما يتعلق بالنسبة للواقع التقنية الفنية التي لا تدخل في التكوين العام للقاضي، الا انه لا يجب على المحكمة دائما الاخذ بنتائج الخبرة دون فحص ولا تمعن، لان الخبير عند انجازه لمهمته قد تكون له مصلحة ما في تظليل العدالة، وهذا ما فطن اليه المشرع حيث اكد على ان المحكمة تاخذ بتقرير الخبير القضائي على سبيل الاستئناس.
نستنتج من هذا البحث المتواضع انه لا يمكن الالمام بكل جوانب الخبرة القضائية انطلاقا من ق.م.ج، لذلك كان لا بد من الاعتماد على اجتهادات قضائية وفقهية لتدعيم الموضوع، لذلك ينبغي على المشرع المغربي ان يسد بعض التغرات التي تعتري موضوع الخبرة وان يعطيها الاهمية اللازمة مقارنة مع باقي اجراءات التحقيق الاخرى، وذا كان الدور الفعال للخبير يصب بشكل مباشر في اتجاه تعزيز أسس المحاكمة العادلة وتحسين مستوى اداء العدالة الجنائية، فان الوضع الحالي يدفعنا الى التساؤل حول مدى نجاعة دور الخبير في واقع هذه العدالة؟
ولعل الجواب عن هذا التساؤل يجد ظالته في العديد من التظلمات والشكايات والتي تتوارد على النيابات العامة من لدن اطراف الدعوى، وقد تصل احيانا حد الطعن بالزور في تقارير الخبرة ولئن كانت السنوات الاخيرة عرفت تحسنا من لدى غالبية الخبراء على مستوى الانجاز من حيث التزامهم بالآجال الممنوحة لهم، فانه لا زال البعض منهم يتلكأ في ذلك بين الفنية والاخرى اعتمادا على مبررات واهية احيانا يستشف منها في غالب الاحيان عدم الاقتناع بمبلغ الاتعاب المحدد له من طرف المحكمة او عدم استعداده للسفر الى عين المكان الذي ستجري فيه الخبرة نظرا لبعد المسافة عن مكان اقامته مما يؤدي الى انذاره من اجل الانصياع لامر المحكمة او استبداله بغيره.
ومن دون شك فان مثل هذا السلوك ينعكس سلبا على سير العدالة الجنائية من حيث عرقلة البت في القضايا بالسرعة المطلوبة لا سيما اذا كان احد اطرافها معتقلا احتياطيا.
لائحة المراجع:
كتب عامة:
✔ محمد الادريسي العلمي المشيشي المسطرة الجنائية الجزء الاول المؤسسات القضائية منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية 1991.
✔ احمد قليش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الاعدادي، سلسلة المعارف العلمية في الشرح العملی للمسطرة الجنائية، الطبعة الأولى، بدون سنة.
✔ الحبيب البيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، منشورات م م إ م ت، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2004.
✔ هلالي عبد الله أحمد امام علي عبد الله احمد، النظرية العامة للاثبات الجنائي، دراسة مقارنة بين النظم الإجرائية اللاتينية والانكلوسكسونية شريعة الإسلامية، دار النهضة العربية.
✔ عبد الواحد العلمي، شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الثاني،الطبعة الاولى، 2011.
✔ حسن بن محمد اليندوزي، ادلة الاثبات الجنائي وقواعده العامة في الشريعة الاسلامية، ط الاولى.
كتب خاصة:
✔ كمال الودغيري الخبرة في القانون المغربي . دراسة تأصيلية و تطبيقية طبعة 2001.
✔ احمد الخمليشي، هامش “شرح قانون المسطرة الجنائية.
✔ إبراهيم زعیم، نظام الخبرة في القانون المغربي تحليل مقارن وتطبيقي- الطبعة الأولى، منشورات تینميل للطباعة والنشر، مراكش .1993
✔ علي عوض حسن، الخبرة في المواد المدنية والجنائية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية.
رسائل:
✔ . سهام لمريني، الخبرة القضائية في المواد الجزائية، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجمهورية الجزائرية، 20132014.
✔ منال الشيكر، ضوابط السلطة التقديرية للقاضي الزجري، رسالة لنيل شهادة الماستر، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، فاس، 2011-2013
✔ يسينة بن حاج، الخبرة القضائية في المادة الجزائية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، كلية الحقوق، الجزائر، 20132012
✔ مدحت جورجي اسبرو، الخبرة في قانون الاجراءات الجنائية المصري، رسالة مقدمة لنيل درجة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، ص 2004.
قوانين:
✔ قانون المسطرة الجنائية المغربي
✔ قانون الإجراءات الجزائية الجزائري
✔ قانون الإجراءات الجنائية الفرنسي
✔ القانون راقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيون
مجلات:
✔ رقم3854 المجلة القضائية للمحكمة العليا العدد3 سنة 1986
✔ مجلة قضاة المجلس الأعلى، عدد 64-65، سنة 2006
مراجع باللغة الفرنسية:
✔ Gérard Rousseau. Patrie de font Bessin l’expert et l’expertise judiciaire en FranceThéorie-pratique-Formation, 2007
✔ Garraud (R), Traité théorique et pratique d’instruction criminelle et de procédure le procédure, Paris 1929.
✔ Pierre Patenaude, L’expertise en preuve pénale, les sciences et techniques modernes d’enquête, de surveillance et d’identification, Ed Yvon BLAIS, 2003.
✔ Mohamed Drissi Alami Machichi, Procédure pénale, Rabat 1981.
Reveu:
✔ Revue internationale de droit penal, teste génétique et preuve pénale, Ed Christian B
1998
الفهرس
لائحة المختصرات: 1
ق.إ.ج.ج: قانون الإجراءات الجزائية الجزائري 1
مقدمة 2
المبحث الأول: طبيعة الخبرة القضائية وإجراءاتها القانونية 5
المطلب الأول: طبيعة الخبرة القضائية 5
الفقرة الأولى: خصائص الخبرة القضائية وأنواعها 5
الفقرة الثانية: الطبيعة القانونية للخبرة القضائية 9
المطلب الثاني: إجراءات الخبرة القضائية 12
الفقرة الأولى: الحكم القاضي بتعيين الخبير 12
الفقرة الثانية: محاضر و تقرير الخبرة 15
المبحث الثاني: الخبرة القضائية حجيتها وأثرها 17
المطلب الأول: القيمة الثبوتية للخبرة 17
الفقرة الأولى: سلطة قاضي التحقيق في تقدير الخبرة: 17
الفقرة الثاني: القناعة الوجدانية لقاضي الحكم في تقدير الخبرة الطبية: 18
المطلب الثاني: آثار الإخلال بإجراءات الخبرة القضائية 25
الفقرة الأولى: بطلان الخبرة القضائية 26
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية للخبير 30
خاتمة: 33
لائحة المراجع: 34
الفهرس 37
[1]تقابلها المادة 158 من قانون الإجراءات الفرنسية والتي جاء فيها:
.”la mission des experts qui ne peut avoir pour objet que l’examen de question d’ordre technique est précisée dans la decision qui ordonne l’expertise” .
[2] . سهام لمريني، الخبرة القضائية في المواد الجزائية، أطروحة لنيل شهادة الدكتورة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، الجمهورية الجزائرية، 20132014، ص119.
[3] ..مثلا عندما يتعلق الامر بجريمة الضرب والجرح المفضي الى عاهة مستديمة المنصوص عليها في القانون الجنائي، فدور الخبير هنا هو تقدير نسبة العاهة المستديمة والتي تعتبر كل نقص نهائي في منفعة عضو من أعضاء الجسم ولو كان جزئيا مع تشخيص الاصابة وتحديدها تحديدا كافيا.
[4] .بالاضافة الى ذلك يشمل سير الخبرة الاجراءات التالية: اللجوء الى الفنيين – تقديم الاشياء المختوم عليها – تلقي اقوال الشهود – استجواب المتهم المواد 201 و202 و203 من ق.م.ج.
[5] Les personne poursuivies pour le meutre ou l’assassiant d’un mineur précédé ou accompagné déun viol. De tortures ou de barbarie…..
[6] .سهام لمريني، م س، ص 126.
[7] .احمد الخمليشي، هامش “شرح قانون المسطرة الجنائية”، ص1812
[8] .قرار عدد: 757 تاريخ: 871971 قضية 727904.
قرار عدد: 679 تاريخ: 1551975 قضية: 27917.
قرار عدد: 5755 تاريخ: 891987 قضية: 1321887.
قرارات مشار اليها في المرجع التالي: حسن بن محمد اليندوزي، ادلة الاثبات الجنائي وقواعده العامة في الشريعة الاسلامية، ط الاولى، س 2004، ص289.
[9] . قرار عدد 8313 تاريخ: 27111986 قضية: 4959686. انظر حسن بن محمد اليندوزي، م س،ص289.
[10] .احمد الخمليشي، م س، ص 1812.
[11] .المرجع السابق، ص1822.
[12] .قرار صادر عن المحكمة الابتدائية بفاس، بتاريخ 0572018 عدد 2566.
[13] .سهام لمريني، م س، ص 106.
[14] .يسينة بن حاج، الخبرة القضائية في المادة الجزائية، رسالة لنيل شهادة الماستر في الحقوق، كلية الحقوق، الجزائر، 20132012، ص16.
[15] .لاقت هذه النظرية تاييدا واسعا في الفقه الايطالي حيث نجد من بين انصارها لدى هذا الفقه الايطالي الفقيه “رانيير –Ranieri” الضي يعتبر ان الخبرة اقرارات علمية او فنية يدلي بها شخص خارج العلاقات الاجرائية لما لها من اهمية خاصة، ومن الفقهاء الاطاليين ايضا ممن ايد هذا الاتجاه في كون الخبرة وسيلة اثبات ندكر كلا من الفقيه “فلوريان – Florian” والفقيه “ساباتيني – Sabatini” حيث ذهب الاول الى ان الخبرة وسيلة اثبات قائمة بذاتها في جميع الحالاتها أي سواء تضمنت مهمة الخبير نقل قواعد علمية او فنية الى القاضي الذي يتناوله بدوره تطبيقها على الواقعة محل الاثبات او تعدت مهمته هذا الحد يان شملت ايضا ادراكه ومشاهداته المباشرة للحالة.
في حين يرى الفقيه “ساباتيني” ان الخبرة وسيلة اثبات من شانها اظهار عناصره، وهي من وسائل الاثبات المباشرة حيث تتعلق بالحالة المراد اثباتها والتي تتطلب معرفة او مؤهلات خاصة لكشفها وتقديرها، ولذلك فان الخبير يحل محل القاضي في اثبات تلك المادة، ويضيف الفقه قوله ان الاثبات لا يضمنه راي الخبير، وهو النتيجة التي يخلص اليها من خلال تجاربه وابحاثه حول الحالة المعروضة بل انه يوجد متضمنا لهذه العناصر التي يبرزها عن طريق الاجراءات والوسائل الفنية التي يطبقها. لمزيد من التفصيل انظر: ( مدحت جورجي اسبرو، الخبرة في قانون الاجراءات الجنائية المصري، رسالة مقدمة لنيل درجة ماجستير، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، ص 2004، ص21 وبعدها).
[16] .وهم من كبار الفقهاء الايطاليين امثال: ألووزي – Aloisi، المينا – Alilena، فانيني – Vannini……..
[17] . في الفقه الفرنسي اخذ كثير من الفقهاء بهذه النظرية ومنهم الفقيه “جارو – Garraud” الذي يرى ان نتيجة الخبرة تكون محل ثقة في الاثبات كلما جمع الخبير بين صفات الصدق والامانة وبين المعرفة العلمية او الفنية والدراية الشخصية، اما عن رايه حول كون الخبرة وسيلة اثبات مباشرة اة غير مباشرة، فانه يؤكد وجهة النظر القائلة بان راي الخبير هو عبارة عن تقدير او توضيح او تفسير لدليل مثل الشهادة والمستندات الكتابية وغيرها. ( مدحت جورجي اسبرو، م س، ص 23 و22 ).
[18] .من الحجج التي ادرجها اصحاب هذا الاتجاه القائل بكون الخبرة اجراء مساعد للقاضي، انه لا يصح اعتبار الخبرة وسيلة اثبات في الدعوى الجنائية، اذ يلزم التفرقة بين العناصر التالية: الدعوى والاثبات والحكم، فالاثبات يبقى يتوسط الاطراف والقاضي، وفي هذا المجال قد يحتاج الامر الى مساعدة اشخاص آخرين من بينهم الخبراء وهذا ليس معناه ان الخبرة تتحول فتصبح وسيلة اثبات، بل ان مجالها الاصلي يشمل الحكم والدعوى، فهي تعد بمثابة اجراء تابع للحكم لان القاضي متى اتضح له وجود نقص في معلوماته يتعذر معه تقدير عناصر معينة فانه يصعب عليه حينئذ تكوين اقتناعه بشكل يتفق مع تحقيق العدالة ما لم يلجأ الى الخبراء المتخصصين للاستعانة بخبراتهم في سد هذا الفراغ.
[19] .مثلا الدكتور احمد الخمليشي، شرح المسطرة الجنائية.
[20] .هو الذي يهتم بدارسة الجاني في حد ذاته خصوصا من حيث تركيبته العضوية والنفسية لاكتشاف مكامن الجريمة في ذات المجرم.
[21] .يقوم بدراسة الجروح والحروق والاختناقات.
[22] .يهتم بدراسة الاعتداءات الجنسية والناتجة عن جرائم هتك العرض الفعل المخل بالحياء……
[23] .يهتم بدراسة وتشخيص الاثار التي يتركها الجاني في مسرح الجريمة بملاحظة كل ما يمكن ان يفيد التحقيق.
[24] .يرجع سبب اعتبار الخبرة الفنية شهادة الى مرحلة زمنية (العصر الروماني) كان القاضي يتناول الفصل في كافة المسائل المتعلقة بالموضوع، وإذا استعان بالاطباء فقد كان ذلك على اعتبار ان رايهم يعد من قبيل الشهادة.
ولقد ظهر هذا الاتجاه القائم على الاتعانة بالاراء الفنية في المسائل الجنائية على وجه الخصوص في ظل نظام عرف بنظام “consilium” والذي يقضي بان كل حاكم او امبراطور او قاض يجب ان يختار له مستشارا ولم يوجد ما يمنع من ان يتم هذا الاختيار من بين اطباء او غيرهم من المتخصصين.
[25]الاطراف التي يحق لها تعيين الخبير هي النيابة العامة و قاضي التحقيق ثم قاضي الحكم و الاطراف
[26]كمال الودغيري الخبرة في القانون المغربي . دراسة تأصيلية و تطبيقية طبعة 2001 ص 72
[27]
wwwmofawadblogspot .com
الخبرة كدليل اتباث في المادة الجنائية تاريخ الاطلاع 19.12 .2019
[28]قرار صادر عن المحكمة العليا من القسم الاول للغرفة الجزائية الثانية في الطعن رقم3854 المجلة القضائية للمحكمة العليا العدد3 سنة 1986 ص262
[29]قرار صادر عن المجلس الاعلى سنة 1986 29 ماي في ملف جنائي قرار عدد4963
[30]كمال الودغيري م س ص 73
[31]بن حاج يسينة الخبرة القضائية في المادة الجزائية . مذكرة لنيل شهادة الماستر السنة الجامعية 2012 2013 ص 39
[32]كمال الودغيري مرجع سابق ص 285 286
[33]كمال الودغيري مرجع سابق ص 287 288
[34]المرجع السابق ص 287 288
[35]محمد الادريسي العلمي المشيشي المسطرة الجنائية الجزء الاول المؤسسات القضائية منشورات جمعية تنمية البحوث و الدراسات القضائية 1991ص258 259
[36]بن حاج يسينة مرجع سابق ص 53 54
[37] الفترة الأولى من المادة 25 من ق. ج: يقوم قاضي التحقيق -وفقا للقانون-بجميع إجراءات التحقيق التي يراها صالحة للكشف عن الحقيقة.
[38] احمد قليش ومحمد زنون، الإجراءات العملية للتحقيق الاعدادي، سلسلة المعارف العلمية في الشرح العملی للمسطرة الجنائية، الطبعة الأولى، بدون سنة، ص 169.
[39] قرار بابتدائية تاونات عدد 12، صدر بتاريخ 2015/01/26، ملف عدد 2014/410 (غير منشور) .
[40] قرار رقم 2018/11 ، صادر بتاريخ 24/01/2018 ملف تحقيق عدد 2017/72 (غير منشور)
قرار رقم 74، صادر بتاريخ 2018/ 2 /26 ، ملف تحقيق عدد 2015/231 (غير منشور).
[41] -Mohamed Drissi Alami Machichi, Procédure pénale, Rabat 1981, P 265.
[42] الحبیب بیھي، اقناع القاضي ودوره في الإثبات الجنائي، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، جامعة محمد الخامس، اكدال، الرباط، 1988-1989، ص 308.
[43] منال الشيكر، ضوابط السلطة التقديرية للقاضي الزجري، رسالة لنيل شهادة الماستر، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية، فاس، 2011-2013، ص 39.
[44] المادة الثانية من قانون 45.00: يمكن للمحاكم أن تستعين بآراء الخبراء القضائيين على سبيل الإستئناس دون أن تكون ملزمة لها.
[45] -Gérard Rousseau. Patrie de font Bessin l’expert et l’expertise judiciaire en FranceThéorie-pratique-Formation, 2007,P208.
[46] قرار رقم 889 بتاريخ 1972/7 /27 ، ملف عدد 32.965 . (أورده أحمد الخمليشي في هامش مرجعه السابق، .(188
[47] -Pierre Patenaude, L’expertise en preuve pénale, les sciences et techniques modernes d’enquête, de surveillance et d’identification, Ed Yvon BLAIS, 2003,P 191.
[48] 192راجع المادة 286 من ق.م. ج.
نفس الأمر قررته المادة 427 من ق.م.ج ,فه
«Hors les cas où la loi en dispose autrement, les infractions peuvent être établies par tout mode de preuve et le juge décide d’après son intime conviction Le juge ne peut fonder sa décision que sur les preuves qui lui sont apportées au cours des débats et contradictoirement discutées devant lui >>
وكذلك المادة 30 ماده 302 من قانون الإجراءات الجنائية المصري: يحكم القاضي في الدعوى حسب العقيدة التي تكونت لديه
بكامل حريته وايضا المائتين 10 و189 الطين 10 و189 من قانون الإجراءات الجنائية السويسري:
out autre mode de Art. 10 al. 2 :L’expertise ne lie pas le juge, il l’apprécie, librement, comme tout autre my preuve.
Art.189 : Le juge peut choisir de ne pas suivre les conclusions de l’expert, de s’en écartes totalement ou partiellement, de demander à l’expert de clarifier ou de compléter sont ou encore de mandater un autre expert. pléter son travail,
[49] اجتهادات المجلس الأعلى في المادة الجنائية 1965-1957، منشورات جمعية تنمية البحوث والدراسات القضائية 1981، ص 96.
[50] مجلة قضاة المجلس الأعلى، عدد 64-65، سنة 2006، ص 331.
[51] Revue internationale de droit penal, teste génétique et preuve pénale, Ed Christian B
1998, P686.
[52] حسن بن فلاح الحجية القانونية للاختبارات الطبية، مداخلة في دورة دراسية حول” الطب الشرعی و القضاء” بتاريخ 13 ماي 2004 بالمعهد الأعلى للقضاء، تونس، ص 9.
[53] الحبيب البيهي، شرح قانون المسطرة الجنائية الجديد، منشورات م م إ م ت، الجزء الأول، الطبعة الأولى 2004، ص 311.
[54] إبراهيم زعیم، نظام الخبرة في القانون المغربي تحليل مقارن وتطبيقي- الطبعة الأولى، منشورات تینميل للطباعة والنشر، مراكش 1993، ص 67.
[55] حكم رقم 922، ملف جنحي عدد 2207/2013 بتاريخ 25/03/2014 (غير منشور).
[56] قرار عدد 604/14، ملف جنحي عدد 331/2606/2014 بتاريخ 20/10/2014 (غير منشور).
[57] قرار عدد 715 الصادر بتاريخ 13/07/2000، منشور بمجلة فضاء المجلس الأعلى، عدد 57-58، سنة 2001.
[58] أنظر قرار المجلس الأعلى عدد 2179/6 المؤرخ في 19/11/1998 في الملف الجنحي عدد 27860 / 92 المنشور بمجلة ق م – أ – عدد 55.
[59] نقض جنائي رقم 2290، جلسة 30/12/1981 (أورده علي عوض حسن، الخبرة في المواد المدنية والجنائية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية، ص 222).
[60] هلالي عبد الله أحمد امام علي عبد الله احمد، النظرية العامة للاثبات الجنائي، دراسة مقارنة بين النظم الإجرائية اللاتينية والانكلوسكسونية
سريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، ص 1116.
[61] Garraud (R), Traité théorique et pratique d’instruction criminelle et de procédure le procédure, Paris 1929,P564.
[62]كمال الودغيري: الخبرة في القانون المغربي، دراسة تأصيلية وتطبيقية الطبعة الأولى 2001، مطبعة أبي فاس، الصفحة: 318- 319.
[63]قرار عدد 7571 بتاريخ 22/10/91 مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 46، ص: 241.
[64]قرار محكمة النقض عدد 3556 الصادر بتاريخ 12/587 ملف عدد 76826/86.
[65]كمال الودغيري: الخبرة في القانون المغربي، دراسة تأصيلية وتطبيقية الطبعة الأولى 2001، مطبعة أبي فاس، الصفحة: 122.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button