مدونة السير: قيادة مركبة تحت تأثير المشروبات الكحولية وفق القانون 52.05

مدونة السير: قيادة مركبة تحت تأثير المشروبات الكحولية

تعتبر السياقة تحث تأثير الكحول جريمة في القانون المغربي ومعاقب عليها بمقتضى مدونة السير على الطرق ، لكن ما يطرح اشكالا من الناحية العملية هو  كيفية اثبات واقعة السكر في  ظل التطور التكنلوجي الذي اصبحنا نشهده ومدى لجوء اجهزة العدالة الى هذه الوسائل واخص بالذكر هنا “الرائز”
قبل مدونة السير 52.05 لم نكن أمام جريمة السياقة في حالة سكر، وإنما كنا امام ظرف من ظروف التشديد في حالة ارتكاب حادثة، أما مع القانون 52.05 فقد أصبحنا أمام جريمة مستقلة بذاتها، وهذا ما نصت عليه المادة 183 من مدونة السير إذ جاء فيها: يعاقب بالحبس من ستة (6) أشهر إلى سنة واحدة وبغرامة من خمسة آلاف (5.000) إلى عشرة آلاف (10.000) درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل شخص يسوق مركبة، ولو لم تكن تظهر عليه أية علامة سكر بين، مع وجوده في حالة سكر، أو تحت تأثير الكحول يثبت من وجود نسبة من الكحول، تحددها الإدارة، في الهواء المنبعث من فم السائق أو من وجودها في دمه، أو يسوق مركبة مع وجوده تحت تأثير المواد المخدرة أو بعض الأدوية التي تحظر السياقة بعد تناولها  .
وفي إطار إثبات المسؤولية الجنائية للسائق في حالة سكر نجد ان هناك تضارب في تطبيق هذه المادة من الناحية العملية ، فهناك اتجاه تمسك في إثبات هذه المخالفة بواسطة الرائز فقط، بينما اتجاه آخر أقر بإمكانية إثبات الواقعة بوسائل أخرى من قبيل المعاينة المجردة لضباط وأعوان الشرطة القضائية  .

القفرة الاولى: الاتجاه الحديث

هذا الاتجاه ضل وفيا للمبدأ القائل على ضرورة الإثبات في حالة السكر حصرا بواسطة الوسيلة المحددة من طرف المشرع بواسطة أداة الرائز مستندين على مقتضيات المادة 194 من مدونة السير، وانطلاقا من هاته المادة خاصة البند الرابع نجد أن المشرع أورد وجوبا ضرورة استعمال أحد أجهزة القياس التي تحددها الإدارة لإثبات المخالفة، وهو مقتضى ورد على سبيل الوجوب،
وهذا ما ذهبت إليه محكمة النقض في قرارها بتاريخ 25/08/2011  في الملف عدد 8/889 الذي جاء فيه أن جنحة السياقة في حالة سكر لا تثبت باعتراف المتهم أمام الضابطة القضائية بأنه كان في حالة سكر يجوب المدينة سائقا سيارته ، كما لا تثبت في محضر المعاينة المحرر من طرف الشرطة القضائية و إن أفاد أنه في حالة سكر و تم إيقافه و هو يقود سيارته، وانما تثبت بوسيلة واحدة و هي وجود نسبة الكحول التي تحددها الإدارة في الهواء المنبعث من فم السائق أو من وجودها في دمه طبقا للمادة 183 من مدونة السير.
وانطلاقا من هذا القرار يتضح انه سطر قاعدة في هذا المجال تتجلى في أن إثبات السياقة في حالة سكر لا يتم إلا وفقا للمعايير المحددة وأن المعاينة المجردة التي يقوم بها ضباط وأعوان الشرطة القضائية لإثبات السياقة في حالة سكر، لا ترقى إلى درجة إثبات هذه الواقعة.
والرأي القائل بهذا الاتجاه أن من بين أهم الأهداف الكبرى التي كانت وراء تعديل مدونة السير هو تجنب الشطط في استعمال السلطة من طرف الضباط و  الأعوان المكلفين بمعينة المخالفات و التقليل من سلطتهم و إعطاء أهمية أكبر للوسائل العلمية،

الفقرة الثانية: الاتجاه التقليدي

حسب هذا الاتجاه يمكن ان نكون امام حالتين للسكر الاولى اذا كان السكر بينا وواضحا والثاني اذا كانت فعلا حالة سكر لكنها غير ظاهرة؛

–  الحالة الأولى
اذا كان السائق لا تظهر عليه علامات السكر البين، لكن مع ذلك هو في حالة سكر أو تحت تأثير الكحول و بالتالي هنا لابد من استخدام الرائز و لا يمكن متابعته في حالة غياب استعمالها،

 

الحالة الثانية

إذا ظهرت على السائق حالات السكر البين فهنا نكون أمام واقعة مادية يمكن إثباتها بمجرد المعاينة الخارجية، أي بالعين المجردة  ، وهذا القول جدير بالتأييد لما فيه من انسجام واضح مع العبارات التي صيغت في المادة 183 . وما يزكي هذا الطرح أيضا هو صريح ما تضمنته المادة 191 و التي جاء فيها انه يؤهل وفقا لهذا القانون، الضباط والأعوان المشار إليهم في المادة السابقة، للقيام بما يلي :
1….؛

  1. المعاينة بالعين المجردة أو المعاينة على أساس معلومات إلكترونية للمخالفات لأحكام هذا القانون والنصوص الصادرة لتطبيقه وتحرير محاضر بشأنها .

إضافة للمادة 207 التي جاء في ” يمكن لضباط الشرطة القضائية، إما بتعليمات من وكيل الملك وإما بمبادرة منهم، ويمكن للأعوان محرري المحاضر، بأمر من ضباط الشرطة القضائية وتحت مسؤوليتهم، أن يفرضوا رائزا للنفس  بواسطة النفخ في جهاز للكشف عن مستوى تشبع الهواء المنبعث من الفم بالكحول :
1 – على كل من يفترض أنه ارتكب حادثة سير أو اشترك في حدوثها، حتى ولو كان هو الضحية ؛
2 – …..؛
غير أنه يمكن لضباط الشرطة القضائية وللأعوان محرري المحاضر، حتى في حالة عدم وجود أية علامة على السكر البين، إخضاع أي شخص يسوق مركبة لرائز للنفس للكشف عن تشبع الهواء المنبعث من الفم بالكحول.
تطبق أحكام هذه المادة على كل مدرب يرافق السائق المتعلم.”

القرار القضائي:

وربطا بالواقع العملي نورد قرار بمحكمة النقض،  عدد 2/1382 المؤرخ في 04/12/2013 الصادر في الملف الجنحي عدد 2013/10817  و الذي نقضت فيه قرار محكمة الإستئناف بالدار البيضاء هذه الأخيرة التي قضت ببراءة أحد المشتبه فيهم من أجل السكر العلني و السياقة في حالته، نظرا لعدم استعمال الشرطة القضائية عند معاينتها لحالة السكر بأي وسيلة تقنية،  وانما اكتفت بالمعاينة فقط ، ومحكمة النقض اعتمدت على مضمون المادة 183 .
وهو نفس التوجه اخذت به محكمة النقض في قرار آخر القرار عدد 13-10 الصادر بتاريخ 17-01-2016 في الملف رقم 16663-2015 جاء فيه “إن المادة 207 من مدونة السير التي أعطت لضباط الشرطة القضائية إمكانية فرض رائز للنفس بواسطة النفخ في جهاز للكشف على مستوى تشبع الهواء المنبعث من فم السائق لضبط نسبة الكحول في دمه و بلوغها المستوى الذي تتحقق به حالة السكر المعاقب عليها طبقا للمادة 183 من نفس المدونة فإنها خصت بذلك السائق الذي يظهر من سلوكه أنه في حالة سكر و لكن لا تظهر عليه علاماته.
أما الحالة التي تكون فيها علامة السكر واضحة و يمكن معاينتها فإن محضر المعاينة الذي تنجزه الضابطة القضائية يعتبر كافيا لإثبات حالة السكر و تبقى له حجيته طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية إلى أن يثبت ما يخالفه” .
ايضا نفس التوجه اخدت به في قرار القرار عدد 170-10 الصادر بتاريخ 02-02-2017 في الملف رقم 1273-17 والذي جاء فيه “إن المادة 207 من مدونة السير، و إن أعطت لضباط الشرطة القضائية إمكانية فرض رائز للنفس بواسطة النفخ في جهاز للكشف على مستوى تشبع الهواء المنبعث من فم السائق لضبط نسبة الكحول في دمه و بلوغه المستوى الذي تتحقق فيه حالة السكر المعاقب عليها طبقا للمادة 183 من نفس المدونة، فإنها خصت بذلك السائق الذي يظهر من سلوكه أنه في حالة سكر و لكن لا تظهر عليه علاماته ؛
أما الحالة التي تكون فيها علامة السكر واضحة و يمكن معاينتها كما هو الحال في النازلة التي عاينت فيها الضابطة القضائية علامات السكر على المطلوب في النقض في محضر قانوني كاف لإثبات حالة السكر و تبقى له حجيته طبقا للمادة 290 من قانون المسطرة الجنائية إذ لم يثبت ما يخالفه”
 
وخلاصة القول إن السياقة في حالة سكر كما تثبت بواسطة الرائز فإنه يمكنها أيضا أن تثبت بمحضر المعاينة من طرف ضباط الشرطة القضائية

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button