شركة المساهمة مجلس الرقابة في شركة المساهمة

مجلس الرقابة في شركة المساهمة

شركة المساهمة أوجد المشرع المغربي مجموعة من الأجهزة الإختيارية  لتسيير شركة المساهمة تتوزع بين الجهاز الكلاسيكي المعتمد على مجلس الإدارة وجهاز حديث معتمد على مجلس الإدارة الجماعية ذات مجلس الرقابة، هذا الأخير الذي تعود جدوره التاريخية للقانون الألماني لسنة 1965،الذي أخده منه المشرع الفرنسي، والمغرب بدوره اقتبسه بموجب القانون 17.95.
ويرجع سبب الإهتداء الى هذا النوع من الإدارة إلى تفادي الخلط واللبس الذي كان يقع بين سلطات المجلس الإداري في الإدارة الكلاسيكية، وسلطات رئيس المجلس الإداري،فجاء الشكل الجديد من الإدارة لوضع حد واضح بين اختصاصات مكونات التسيير في شركة المساهمة[1].
وتقوم شركة المساهمة ذات مجلس الإدارة الجماعية ذات مجلس الرقابة على جهازين اثنين؛ جهاز الإدارة الجماعية المكلف بأعمال التسيير وجهاز مجلس الرقابة المسندة له رقابة أعمال تسيير مجلس الإدارة الجماعية.
وما ينبغي الإشارة إليه هو وجود تشابه كبير بين الأحكام المنظمة لمجلس الرقابة وتلك المنظمة لمجلس الإدارة مع وجود فوارق جوهرية، لعل أبرزها الدور الرقابي الوحيد المخول لمجلس الرقابة، هذا الأخير الذي يتعين لدراسته معرفة نظامه القانوني من حيث تكوينه ومداولاته ( الفقرة الأولى) وكذا الصلاحيات والسلطات المخولة له بموجب القانون لمزاولة مهمة الرقابة على تسيير شركة المساهمة (الفقرة الثانية ).

الفقرة الأولى: تكوين مجلس الرقابة ومداولاته

يعتبر مجلس الرقابة في شركة المساهمة من بين الأجهزة الهامة التي أوكل إليها المشرع القيام بمهمة الرقابة على شركة المساهمة.
ويتكون هذا المجلس من مجموعة من الأعضاء الذين حدد قانون شركات المساهمة كيفية تعيينهم وكذا مهامهم ومسؤوليتهم المترتبة عن القيام بمهمة الرقابة فضلا عن مداولات المجلس.
وهذا ما يستدعي منا تقسيم هذه الفقرة إلى تكوين مجلس الرقابة في شركة المساهمة ( أولا) على أساس التطرق لمداولات مجلس الرقابة( ثانيا).

أولا: تكوين مجلس الرقابة

يتكون مجلس الرقابة من ثلاثة أعضاء على الأقل ومن اثني عشر عضوا على الأكثر ويرفع هذا العدد الأخير إلى خمسة عشر عضوا إذا كانت أسهم الشركة مقيدة في بورصة القيم،أما في حالة الإدماج يمكن أن يزيد أعضاء المجلس إلى  أربعة وعشرين وسبعة وعشرين في حالة إدماج شركة مقيدة أسهمها في بورصة القيم مع شركة أخرى وثلاثين عضوا في حالة إدماج شركتين مقيدة أسهمها في بورصة القيم[2]. ويعين أعضاء المجلس إما بمقتضى النظام الأساسي للشركة، أو من قبل الجمعية العامة العادية وذلك خلال حياة الشركة.
ويمارس هؤلاء الأعضاء مهامهم لمدة لا تزيد عن ستة سنوات،يمكن بعد ذلك إعادة إنتخابهم ما لم ينص النظام الأساسي على خلاف ذلك.[3]
ويرأس مجلس الرقابة رئيسا يمارس مهامه طيلة فترة انتداب المجلس و ينتخب من بين أعضاء المجلس، ويشترط فيه أن يكون شخصا طبيعيا تحت طائلة بطلان تعيينه.وتجدر الإشارة الى أن أحكام الرئيس تسري حتى على نائب الرئيس.
لكن السؤال الذي يتعين  طرحه ، هو ما هو مآل المجلس عند حصول عائق مؤقت للرئيس أو وفاته؟
الجواب يكون بممارسة نائب الرئيس مهام رئيسه، لكن عندما لا يتم تعيين نائب الرئيس، في هذه الحالة يمكن لمجلس الرقابة أن ينتدب أحد أعضائه للقيام بمهمة الرئيس، التي تنحصر في دعوة المجلس للانعقاد وتفسير النقاش فيه.[4]
ويشترط للعضوية في مجلس الرقابة مجموعة من الشروط المحددة حصرا في قانون شركات المساهمة، لعل من أهمها ملكية أعضاء مجلس الرقابة لعدد معين من الأسهم والذي يكون محددا في النظام الأساسي[5].
ولا يجوز أن يكون عضوا في مجلس الإدارة الجماعية أي شخص طبيعي أجيرا كان أو وكيلا لشخص معنوي[6]،لكن يمكن أن يكون من بين أعضاء المجلس الاشخاص المعنوية وذلك استنادا إلى مقتضيات المادة 88 من ق ش م، التي جاء فيها” يمكن تعيين شخص معنوي في مجلس الرقابة …”
وإن كان أعضاء مجلس الرقابة يعينون اما بالنظام الأساسي أو عن طريق الجمعية العامة العادية خلال حياة الشركة، فإن عزلهم يتم من طرف الجمعية العامة غير العادية استنادا إلى المادة 87 من ق ش م.

ثانيا: مداولات مجلس الرقابة

لا تختلف مداولات مجلس الرقابة عن مداولات مجلس الإدارة التقليدي، ويستشف ذلك من مقتضيات المادة 50، ولكن ما يهم هنا هو جرد المبادئ العامة التي تحكم مجلس الرقابة وهي كالتالي:
إلزامية حضور نصف الأعضاء على الأقل لتحقيق النصاب القانوني.[7]
أغلبية عددية تفوق النصف مالم ينص النظام  الأساسي على أكثر من ذلك [8].
ترجيح صوت رئيس مجلس الرقابة في حالة تعادل الأصوات.
ـ تطبيق أحكام المواد 50 و51 و52و 53و 54 التي تحكم سير مجلس الإدارة التقليدي على مجلس الرقابة.
ـ إلتزام أعضاء مجلس الرقابة وكل شخص مدعوا لحضور الاجتماعات التقيد بكتمان المعلومات ذات الطابع السري التي يحاطون بها علما خلال أو بمناسبة الاجتماعات بعد تنبيههم من طرف الرئيس بهذا الطابع [9].
ويترتب  البطلان عن خرق القواعد الآمرة المنظمة للمداولات أو عن حالة إذا ما اعترى المداولة أحد أسباب بطلان العقود بصفة عامة ومن ضمنها الغش وما يماثله.[10]

الفقرة الثانية: سلطات مجلس الرقابة

لعل من الحقوق التي منحها كل من القانون والقضاء في عدد هائل من القضايا([11]) حق المساهم في مراقبة الشركة،وهي رقابة تمارس وفق الشكل القانوني الذي حدده المشرع، والشيئ الذي مكن مجلس الرقابة من ممارسة مراقبة دائمة على تسيير مجلس الإدارة الجماعية للشركة بحسب المادتان 78 الفقرة 3 والمادة 104 الفقرة الأولى من قانون شركة المساهمة،يمكن تقسيم سلطات مجلس الرقابة الى قسمين، سلطات عامة( أولا) وسلطات خاصة ( ثانيا).

أولا: السلطات العامة لمجلس الرقابة

لا يمارس مجلس الرقابة أي دور في التسيير، وإنما تقتصر مهمته في المراقبة الدائمة على تسيير مجلس الإدارة الجماعية للشركة[12] ،والذي عليه أن يتقيد  بالمقتضيات القانونية المنظمة لاختصاصاته، بما فيها السلطات والصلاحيات الممنوحة لباقي أجهزة الشركة كمجلس الرقابة، ليسجل هذا الأخير قيدا على سير عمل مجلس الإدارة الجماعية، شأنه شأن الغرض الإجتماعي، وما يستهدفه ذلك من حماية المصلحة الإجتماعية.([13])
ويكرس تخصيص المشرع لفقرتين في مادتين للرقابة، مدى حرصه على دور مجلس الرقابة وعلى فصل السلط بين هذا المجلس ومجلس الإدارة الجماعية لنجاح التجربة الجديدة، ودون أن يتدخل أحدهما في شؤون الآخر، وإلا اختل التوازن ومبدأ فصل السلط الذي يقوم عليه هذا النظام التنائي العصري الجديد.
ولكن المشرع المغربي كالمشرع الفرنسي ضرب هذا الاستقلال بتمكين مجلس الرقابة بطرق خاصة، من التدخل في الإدارة مانحا له بنص القانون سلطات أو صلاحيات خاصة ذاتية لا يمكن لمجلس الإدارة الجماعية أن يتجاوزها ولا إنجاز بعض مهامه دون ترخيص مسبق من مجلس الرقابة، والأكثر من ذلك يمكن للنظام الأساسي أن يحد من سلطات مجلس الإدارة الجماعية لفائدة مجلس الرقابة، بل حتى تقاسم المهام بين أعضاء مجلس الإدارة الجماعية يتوقف على ترخيص من مجلس الرقابة، وعلاوة على ذلك فإن مجلس الرقابة هو الذي يعين أعضاء مجلس الإدارة الجماعية ورئيس هذا المجلس، وأن عزلهم من طرف الجمعية العامة لا يتم إلا بناء على إقتراح من مجلس الرقابة.
وتقوى دور مجلس الرقابة من خلال تمكينه من مجموعة من الآليات لمزاولة سلطاته على بصفة دائمة وفي أي وقت من السنة، ومن هذه الآليات الفحص والإطلاع ومنح الرخص.
فبالنسبة للفحص والإطلاع  يعتبر مجلس الرقابة درجة أخرى من درجات الرقابة على أعمال التسيير وكذا على الحسبات المالية للشركة، فهو يتقمص بذلك نفس أدوار الجمعيات العامة للمساهمين، من حيث الرقابة على التسيير وأدوار مراقب الحسابات من حيث الرقابة الدائمة والمستمرة للحسابات المالية للشركة.[14]
ويتضح ذلك من خلال مهمة الفحص والإطلاع المعهودة لمجلس الرقابة، حيث يمارس الرقابة عبر عمليات الفحص والمراقبة التي يراها ملائمة كما يمكنه حق الإطلاع على الوثائق التي يراها مفيدة لإنجاز مهمته.
كما يقدم مجلس الإدارة الجماعية تقريرا لمجلس الرقابة كل ثلاثة أشهر على الأقل، كما يقدم بعد اختتام كل سنة مالية وداخل أجل 3 أشهر الوثائق التي تهم الشركة من أجل فحصها ومراقبتها.
كما يقدم مجلس الرقابة للجمعية العامة ملاحظاته بشأن تقرير مجلس الإدارة الجماعية وكذا بشأن حسابات السنة المالية.
أما بالنسبة لمنح الرخص ، يملك مجلس الرقابة طبقا للفقرة الثانية من المادة 104، حق الترخيص بالنسبة للعمليات التي يخضعها النظام الأساسي لذلك.
كما حددت المادة 104 في فقرتها الثالثة، العمليات التي يستوجب على مجلس الإدارة الجماعية الحصول على ترخيص من مجلس الرقابة للقيام بها ، كتفويت العقار بطبيعته، أو تفويت المساهمات كلا أو جزءا، وتكوين تأمينات وكفالات وضمانات احتياطية.
غير أنه في حالة وقوع خلاف بين مجلس الرقابة ومجلس الإدارة الجماعية حول عملية معينة، ورفض مجلس الرقابة منحه الترخيص للقيام بذلك، فإنه يمكن لمجلس الإدارة الجماعية أن يعرض الخلاف على الجمعية العامة قصد البث فيه، وهذا ما تنص عليه الفقرة الثانية من المادة 104 من قانون شركات المساهمة.
وأخيرا يمكن لمجلس الرقابة طبقا للمادة 150 اتخاذ قرار نقل المقر الاجتماعي للشركة داخل نفس العمالة أو الاقليم، على أن تتم المصادقة على هذا القرار في أقرب جمعية عامة غير عادية[15]

ثانيا: السلطات الخاصة لمجلس الرقابة

يعمل مجلس الرقابة على تعيين أعضاء مجلس الإدارة الجماعية، ويوكل إلى أحدهم صفة الرئيس تبعا للمادة 79. ويعين من يملأ الفراغ الذي يخلفه شغور أحد مقاعد أعضاء مجلس الإدارة الجماعية داخل أجل شهرين استنادا إلى المادة 79 الفقرة الرابعة وكذا المدير العام الوحيد بحسب المادتين 78 و 79، وله أن يعزلهم طالما تم التنصيص على هذه الإمكانية في النظام الأساسي وفقا للمادة 80، ويحدد مبلغ صرف مكافآت كل عضو من أعضاء مجلس الإدارة الجماعية وطريقتها تأسيسا على المادة 82.
وله أن يحدث لجانا تقنية مكلفة بالدراسات وبإبداء الرأي، تمارس مهامها تحت مسؤوليته بحسب المادة 91 التي تحيل على المواد 50 و54، كما له وحده دعوة الجمعية العامة العادية إلى الإنعقاد من حيث المبدأ تبعا للمادة 116 في الفقرة الأولى، ويمكنه اتخاذ قرار نقل المقر الاجتماعي للشركة، داخل العمالة نفسها أو الإقليم، على أن تتم المصادقة على هذا القرار في أقرب جمعية عامة غير عادية[16].
 
ـ عبد الرحيم شميعة، الشركات التجارية في ضوء أخر التعديلات القانونية، مرجع سابق، صفحة 291.[1]
ـ نص الماادة 83 من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة. [2]
ـنص المادة 87  من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة[3]
ـ عبد الرحيم شميعة،شركات التجارية في ضوء أخر التعديلات القانونية،الطبعة 2016، مطبعة سجلماسة ـ مكناس  ص 296[4]
ـ  راجع مقتضيات المادة 84 من  قانون شركات المساهمة.[5]
ـ راجع مقتضيات المادة 86 من القانون المنظم لشركات المساهمة، القانون رقم 17.95 .[6]
ـ  الفقرة الأولى من المادة المادة  من 191 من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة.[7]
 الفقرة الثانية من نفس المادة 191 من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة[8]
ـ شكري أحمد شكري السباعي، الشركات التجارية، مرجع سابق، صفحة  131[9]
ـ شكري احمد شكري السباعي، الشركات التجارية، مرجع سابق، ص 131[10]
ـ الأمر الإستعجالي رقم 449/98 الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالدرالبيضاء، في 18 غشت 1998، ملف رقم 2675/98 جاء فيه أنه” وحيث إن المشرع حدد الطريقة التي يمكن بواسطتها لمساهم أو لعدة مساهمين ممارسة حقوقه لمراقبة الشركة…” والأمر الإستعجالي الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بالرباط في 7 يناير 1999، الذي جاء فيه أن ” للشريك المساهم في شركة مساهمة الحق في الإدارة والرقابة وفي الإطلاع…” أوامر استعجالية مأخودة من +   حماية المصلحة الإجتماعية في شركات المساهمة…………..( العودة).[11]
ـ الفقرة الأولى من المادة 104 من قانون شركات المساهمة.[12]
ـ مصطفى بوزمان، حماية المصلحة الإجتماعية في شركات المساهمة، مرجع سابق، ص ص 128[13]

ـ  عبد الرحيم شميعة، الشركات التجارية في ضوء أخر التعديلات القانونية، مرجع سابق، ص298.[15]
ـ المصطفى بوزمان، حماية المصلحة الإجتماعية في شركات المساهمة، مرجع سابق، ص 130[16]

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button