الخطبة في مدونة الاسرة المغربية

الخطبة في مدونة الاسرة المغربية

الخطبة في مدونة الاسرة  نظمت مدونة الاسرة أحكام الخطبة، حيث خصصت لها 50 مواد، تبتدأ بالمادة 50 و تنتهي بالمادة 50، بالاضافة الى المادة 601 الخاصة بمقتضيات نسب الحمل أثناء الخطوبة.

أولا – مفهوم الخطبة في مدونة الاسرة المغربية و تكييفها القانوني:

الخطبة هي طلب الرجل التزوج من إمرأة معينة لا يحرم عليه الشرع أن يتزوجها، و بمفهوم اخر هي إعلان الرجل رغبته  في الزواج من إمرأة خالية من الموانع الشرعية  بالنسبة إليه، فإذا أجيبت هذه الرغبة بقبول من المرأة أو ممن له صفة شرعية عنها تمت الخطبة بينهما، و إذا ما تمت هذه الاخيرة فإنها لا تعدو أن تكون تواعد متبادل بينهما على إبرام عقد زواجهما في المستقبل، دون أن يكون ذلك التواعد ملزما لأي منهما من الناحية القانونية، و هي بهذا المعنى حسب الفقرة لآولى من المادة 50 من مدونة الاسرة تواعد رجل و إمرأة على الزواج.
و الخطبة قد تتم من طرف الخاطب نفسه، أو من ينوب عنه من الاقارب، و قد تتم بالتصريح،  و قد تتم بالتعريض، و قد تصاحبها قراءة الفاتحة، و تقديم بعض الهدايا والصداق،  لقد كيف المشرع المغربي الخطبة بأنها: تواعد بالزواج، و ليست بزواج  وهي تتحقق بتعبير طرفيها بأي وسيلة متعارف عليها تفيد التواعد على الزواج، و هو ما عبر عنه المشرع في المدونة من خلال الفقرة الثانية  من المادة 50 بأنها تواعد بالزواج و ليست بزواج.و الخطبة غالبا ماتتم شفويا و إن كان ليس هناك ما يمنع توثيقها كتابة.

ثانيا – أهمية الخطبة

تعد الخطبة مقدمة أساسية للزاج، و هي تسبق إبرام عقد الزواج و تمهد له، و تتمثل وضيفتها في بحث الرجل غالبا عن المرأة التي تناسبه، و بحث المرأة عن الرجل الذي يناسبها، و هي ليست لازمة لإبرام عقد الزواج، إذ ممكن تصور عقد الزواج بدونها، إذ أنها ليست واجبة،  فهي مستحبة في الفقه المالكي وسند الخطبة في كتاب الله تعالى بشأن خطبة المعتدة من وفاة زوجها في قوله تعالى ” و لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو كنتم في أنفسكم” و جاء في الحديث المروي عن رسول الله ص وهو ينهى عن الخطبة على الخطبة ” المؤمن أخو المؤمن فلا يحل للمؤمن أن يبتاع على بيع أخيه و لا أن يخطب على خطبته حتى يذر” و بالنسبة للسنة الفعلية فإن رسول الله كان يخطب قبل لأن يتزوج.

رابعا – شروط الخطبة: 

يشترط الفقه الاسلامي عموما و حتى تكون الخطبة صحيحة يعتد بها من الناحية الشرعية  توافر شرطين: الشرط الاول أنه لا يجوز للرجل أن يخطب المرأة التي يحرم عليه شرعا أن يتزوجها. و الشرط الثاني إذا خطب رجل إمرأة معينة و رضيت بهذه الخطبة، فلا يجوز لغيره من الاشخاص أن يخطبها مادامت الخطبة الاولى قائمة لم تنتهي.

خامسا – إنقضاء الخطبة: 

تنقضي الخطبة عادة بمجرد تحقق الغرض الاساسي المتوخى منها و المتمثل في إبرام عقد الزواج، و قد تنقضي بوفاة أحد الخاطبين، أو تقايلهمان أو عدول أحدهما عنها بإرادته المنفردةن طبقا للمادة 51 من مدونة الاسرة. و الخطبة التي تنتهي من غير زواج قد تطرح بعض المشاكل القانونية التي تتعلق أساسا بمصير الهدايا أو الصداق التي قدمهما أحد  الخاطبين للأخر بمناسبة الخطبة، و بإمكانية التعويض المدني عن فسخ الخطبة، التي تتم بإرادة منفردة لاحد الخاطبين في إطار الأحكام العامة للمسؤولية المدنية.
 

سادسا –  العدول عن الخطبة:

يعد العدول عن الخطبة أحد أسباب إنقضاء الخطبة وعند وقوع هذا العدول،  لا يحق للطرف الذي لم يعدل، أن يطلب من القضاء الحكم بإلزام الطرف الاخر بالاستمرار في الخطبة و إبرام عقد الزواج دون إرادته، فالخطبة لا تتمتع بأي قوة إلزامية بالنسبة للطرفين معا، ما دام عقد الزواج لم يبرم بشكله القانوني المطلوب. ولذلك نصت المادة 51 من مدونة الاسرة بأن الطرفان يعتبران في فترة خطبة الى حين الاشهاد على عقد الزواج ، و لكل من الطرفين حق العدول عنها  و يتجلى أثر العدول عن الخطبة فيما يلي:

 أ- مصير الصداق:

قد يحدث أن يقدم الخاطب لمخطوبته الصداق أثناء الخطبة كله أو جزء منه، قبل إبرام عقد الزواج ، – و لا خلاف بين الفقهاء –  في أنه يجب رد الصداق أو رد جزء منه الذي قدم منه حال إنقضاء الخطبة أو فسخها، و أساس ذلك أن االصداق يجب بعقد الزواج لانه شرط من شروط صحته. و مادام الزواج لم يتم فعلا ، فلا حق للمرأة في الاحتفاض به، تطبيقا لمبدأ عدم الاثراء بلا سبب مشروع على حساب الغير. ما لم يتنازل عنه الخاطب بإرادته، و هذا الحكم هو ما قرره المشرع في المادة 50 من مدونة الاسرة عندما قرر: ” إذا قدم الخاطب الصداق أو جزء منه و حدث عدول عن الخطبة أو مات أحد الطرفين أثناءها  فللخاطب أو لورثته إسترداد ما سلم بعينه إن كان قائما و إلا فبمثله أو قيمته يوم تسلمه. إذا لم ترغب المخطوبة في أداء المبلغ الذي حول الى جهاز تحمل المتسبب في العدول ما قد ينتج عن ذلك من خسارة بين قيمة الجهاز و المبلغ المؤدى فيه”.

ب –  مصير الهدايا:

امقصود بالهدايا هنا هي: مايقدمه إحدى الخاطبين للأخر على وجه الاكرام و التودد و المكافأة، و يمكن أن تشمل هذه الهدايا كل أنواع العطايا من مال منقول أو عقار أو حلي أو حقوق فكريةو ذهنيةن أي كل ما يقوم بمال، ونصت مدونة الاسرة في المادة 50 على أنه” لكل من الخاطب و المخطوبة أن يسترد ما قدمه من هدايا مالم يكن العدول عن الخطبة من قبله و ترد الهدايا بعينيها أو بقيمتها حسب الاحوال
و تجب الاشارة إلى ان الخاطبة  قد تنكر توصلها بالهداية أو بمقدم الصداق أو كله، التي يدعيها الخاطب، و في هذه الحالة يعتمد القضاء البينة على المدعي و اليمين على من أنكر إستناد الى المادة 055 من مدونة الاسرة.

سادسا – التعويض عن العدول عن الخطبة:

نصت المادة 50 من مدونة الاسرة على أنه” مجرد العدول عن الخطبة لا يترتب عنه تعويض غير أنه إذا صدر عن أحد الطرفين فعل سبب ضرر للاخر يمكن للمتضرر المطالبة بالتعويض
حسب هذا النص فإنه مجرد إنهاء الخطبة بالارادة المنفردة لا يترتب عنه أي تعويض، غير أنه إذا صدر عن أحدى الخاطبين ضرر للخطيب الاخر بأفعال أو أقوال غير لائقة، التي قد تصاحب ذلك الإنهاء، أو تكون سبب في ذلك الانهاءن أو تسبقهن أو تأتي بعده، ترتب مسؤولية مدنية تقصيرية كاملةن لمن صدرت عنه ترتب تعويض لطرف المتضرر طبقا للفصلين 00 و 00 من قانون الالتزامات و العقود.

 سابعا – إثبات الخطبة

لم يشترط المشرع شكلا خاصا و محددا لإثبات الخطبةن و إنما  المتطلب الرضائية في أكما صورها ، و يمكن إثباتها بكافة وسائل الاثبات، طبقا للقاعدة الاصولية التي تقضي بأن البينة على المدعي و اليمين على من أنكر، ويمكن كذلك إثباتها بالاقرار و الكتابة وشهادة الشهود و بالقرائن القوية و اليمين و الاستعانة كذلك بمبادئ العرف و التقاليد بلد.

ثامنا – آثار الحمل الناتج عن الخطبة: 

نصت المادة 601 من مدونة الاسرة على أنه: ”  إذا تمت الخطوبة و حصل الايجاب و القبول و حالت ظروف قاهرة دون توثيق عقد الزواج و ظهر حمل بالمخطوبة ينسب للخاطب للشبهة إذا توفرت الشروط التالية: 

  • – إذا اشتهرت الخطبة بين أسرتيهما ووافق ولي الزوجة عليهما عند الاقتضاء.
  • – إذا تبين أن المخطوبة حملت أثناء الخطبة.
  • – أذا أقر الخطيبان أن الحمل منهما.

تتم معاينة هذه الشروط بمقرر قضائي غير قابل للطعن و إذا أنكر الخاطب أن يكون ذلك الحمل منه أمكن اللجوء الى جميع الوسائل الشرعية في إثبات النسب
فمدونة الاسرة هنا في تحديد هذه المقتضيات،  سايرت توجه الفقه الاسلامي في الاخذ بقاعدة إثبات النسب من المتصل بشبهة، ذلك أن ظهور الحمل أثناء الخطبة تعتبر شبهة يثبت بها النسب بشرط أن تتوفر في الخطبة الشروط المضمنة في المادة 601 من المدونة.
يمكنك الاطلاع على الجرائم التي ترتكب ضد الاسرة بالضغط هنا.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button