الحماية الجنائية للمرأة المتزوجة

الحماية الجنائية للزوجة

 

الحماية الجنائية للمرأة المتزوجة

لما كان الزواج من أهم المؤسسات الاجتماعية، والتي يقوم بناؤها على أساس من الترابط والتآلف والتعاون والمودة والرحمة، قصد الحفاظ على ديمومته وترتيب آثاره المتوخاة منه . لذا كان التشريع الجنائي حاضرا للحفاظ على هذه المقاصد الكبرى، فكان من بين مساعيه لتحقيق ذلك، أن أسبغ على المرأة المتزوجة من حمايته، بأن عالج بنصوص خاصة بعض الوضعيات التي قد تشكل مساسا باستقرار حياتها الزوجية، سواء كانت المرأة هي الضحية أو الجانية.
ومن بين مظاهر الحماية الجنائية للمرأة المتزوجة، بالإضافة إلى مسعى المشرع في الحفاظ على واجب الوفاء الزواجي بتجريمه للخيانة الزوجية-التي سبق التعرض لها في مبحث آخر-مما يجعلنا نتفادى تكرارها هنا، نجد حماية المرأة المتزوجة من الاختطاف والتغرير بها.
ينص الفصل 494 ق.ج أنه:”يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من 200 إلى 1000 درهم، من استعمل التدليس أو العنف أو التهديد لاختطاف امرأة متزوجة أو التغرير بها أو نقلها من المكان الذي وضعها فيه من لهم ولاية أو إشراف عليها أو من عهد إليهم بها، وكذلك من حمل غيره على فعل ذلك.
ويعاقب على محاولة هذه الجريمة بعقوبة الجريمة التامة.
انطلاقا من نظرة أولية على هذا النص، نجد المشرع هنا يضع إطارا حمائيا للمرأة المتزوجة من اختطافها (الفقرة الأولى)، أو التغرير بها أو نقلها من المكان الذي وضعها فيه من له سلطة عليها (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى:           اختطاف المرأة المتزوجة

لما كان الاختطاف من أشد أنواع الجرائم التي تتعرض لها المرأة، بما هو استيلاء عليها دون رضاها، فإن المشرع تعامل معه بنوع من الشدة في تجريمه المعاقبة عليه . حيث نص في الفصل 436 ق.ج([1])، على أنه “يعاقب بالحبس من 5 إلى 10 سنوات كل من يختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه أو يحجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي غير الحالات التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص...”.
كما شدد المشرع من الاختطاف إذا صاحبه تعذيب المخطوف أو المقبوض عليه أو المحبوس أو المحجوز، بحيث تصل عقوبة ذلك إلى الإعدام.([2])
ترتيبا عليه، يكون المشرع بتخصيصه فصلا خاصا باختطاف المرأة المتزوجة قد توخى حمايتها حفاظا على علاقتها الزوجية، رغم ما يلاحظ، من أنه لم يضع هذه الجريمة في مصاف جريمة الاختطاف المعززة بظروف التشديد، وكذا إرفاقها بجرائم أقل خطورة منها كالتغرير بها أو نقلها من مكان وجودها، رغم أن الاعتداء هنا هو ممتد الأثر إلى غير المختطفة كالزوج والأولاد والأقارب، مما كان معه على المشرع أن يرفع من العقوبة بدل التخفيف منها.

الفقرة الثانية:   التغرير بالمرأة المتزوجة أو نقلها 

فالتغرير هو الإيقاع بشخص في الوهم بتصور الواقع على خلاف حقيقته ودفعه إلى القيام بفعل أو امتناع بمقتضاه، كأن يوهم شخص امرأة بأن ابنها قد تعرض لحادثة سير وأنه سيصطحبها إلى حيث مكان الحادثة. فإذا به ينصرف بها إلى طريق تنفيذ فعله الإجرامي. وبالتالي ، فالتغرير يتطلب فقط استعمال وسائل احتيالية للتدليس والخداع، ولا يتطلب عنف ولا تهديدا لإغراء المرأة المتزوجة، مما لم يكن معه لزاما على المشرع أن يقرنه بالاختطاف الذي يتطلب بطبيعته استعمل العنف.
أما نقل المرأة المتزوجة من مكانها، فهو بذاته قد يكون تمهيدا لارتكاب جرم من الجرائم، بحيث قد يكون وسيلة، إلا أن المشرع هنا ومراعاة منه لخطورة ذلك. فقد جرم مجرد نقلها من مكانها، مع ملاحظة أنها حماية خاصة بالمرأة المتزوجة دون سواها.
[1] – غير بموجب الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.74.232 الصادر في 21 ماي 1974-الفصل الأول-. تمم بمقتضى الظهير رقم 1.03.207 الصادر في 16 رمضان 1424 الموافق 11 نونبر 2003 بتنفيذ القانون رقم 03-24 المادة الثانية.
[2] – الفصل 438 ق.ج.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button