الأهلية و النيابة الشرعية وفق أحكام مدونة الأسرة

الأهلية و النيابة الشرعية وفق أحكام مدونة الأسرة

الأهلية و النيابة الشرعية خصص المشرع المغربي الكتاب الرابع من مدونة الأسرة لأحكام الأهلية و النيابة الشرعية، و قسمه الى قسمين، قواعد الأهلية و أسباب الحجر و تصرفات المحجور، الفصول من 602 الى 662 من المدونة.والمقتضيات المتعلقة بالنيابة الشرعية و الرقابة القضائية على النيابات الشرعية في الفصول من 662 الى 672 من نفس المدونة.

أولا – الأحكام المتعلقة بالأهلية:

1 – تعريف الأهلية:

الأهلية في اللغة  هي: الصلاحية. و في الإصطلاح الفقهي هي: صلاحية الشخص لكسب الحقوق، و تحمل الإلتزامات.
و عرفها البعض الفقه بأنها : قابلية الشخص لكسب الحق و التحمل بالإلتزام ، و صلاحيته لمباشرة التصرف القانوني الذي يكسبه حقا أو يحمله بإلتزام، و على المعنى الأول توصف بأنها أهلية وجوب و على المعنى الثاني توصف بأهلية أداء.
و تبدأ أهلية  الشخص و هو جنين في بطن أمه ،  ثم تستمر معه الى حين وجوده حيا،  و تنمو معه وجودا و عدما فتتكامل ببلوغ رشده أو ترشيده،  و تستمر معه الى أن وفاته

2 – أقسام الأهلية: 

 تنقسم أهلية الشخص مبدئيا الى قسمين:
أ – أهلية الوجوب:وهي كما عرفها المشرع المغربي في المادة 607 بأنها: صلاحية الشخص لإكتساب الحقوق و تحمل الواجبات التي يحددها القانون، و هي ملازمة له طول حياته و لا يمكن حرمانه منها.
و بذلك فإن أهلية الوجوب تثبت للشخص بمجرد وجود الحياة فيه، أي قبل ولادته، و الى حين وفاته، فمتى تحققت الحياة، وجدت معها أهلية الوجوب كاملة غير محدودة، و إذا إنتهت الحياة زالت معها أهلية الوجوب، و قسم الفقه أهلية الوجوب الى قسمين :

  • أهلية الوجوب الناقصة :

وهي صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له فقط  دون أن يكون عليه واجبات لغيره، مثل الجنين قبل الولادة ،

  • أهلية الوجوب الكاملة:

تبدأ هذه المرحلة بمجرد ولادة الجنين حيا، فيكون أهلا لأن تثبت له أو عليه الحقوق و الواجبات، و ينوب عنه في ذلك الولي أو الوصي أو المقدم، فتكون أهلية وجوبه كاملة في الأموال، إلا أن أهلية العبادات تتأخر الى حين البلوغ و العقل،و في هذا الإطار عرف بعض الفقه أهلية الوجوب الكاملة بأنها: صلاحية الشخص لثبوت الحقوق له و عليه لغيره.و أهلية الوجوب الكاملة تثبت للشخص بعد ولادته حيا الى حين وفاته بغض النظر عن كونه عاقلا أم غير عاقلا.صغيرا أم كبيرا.و ينشأ له منذ ولادته الحق في الإسم و الجنسية، و توثيق حالته المدنية الى جانب الحقوق المالية التي يكتسبها بالإرث أو اوصية مثلا.
ب – أهلية الأداء:عرف المشرع المغربي أهلية الأداء في مدونة الأسرة في المادة 622 على أن:أهلية الأداء هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه الشخصية و المالية و نفاذ تصرفاته و يحدد القانون شروط إكتسابها و أسباب نقصانها أو إنعدامها.
و قد إعتبر المشرع في قانون الإلتزامات و العقود أهلية الأداء، ركنا من الأركان اللازمة لصحة الإلتزامات من خلال نص الفصل الثاني من قانون الإلتزامات و العقود.و نجد أن بعض الفقه عرف أهلية الأداء بأنها صلاحية الشخص لصدور التصرفات عنه على وجه يعتد به شرعا، أي يكون صالحا لاكتساب الحقوق و الواجبات، و مؤخذا بأفعاله و مطالبا بتنفيذ إلتزماته، فتترتب على ذلك صحة تصرفاته.و مدار هذه الأهلية هو عنصر التمييز لأنه هو الذي يجعله مدركا لأفعاله لما يترتب عليه من حقوق أو واجبات، بحيث يفهم معنى البيع و الشراء و أثرهما ، ولقد قسم الفقهاء أهلية الاداء الى ثلاثة مراحل:

  • مرحلة إنعدام الأهلية: بعد أن أكد المشرع في المادة 662 من مدونة ألأسرة نص على أن: تصرفات عديم الأهلية باطلة و لا تنتج أي آثر .حصر في المادة 617 من نفس المدونة الاشخاص الذين يدخلون في زمرة عديمي الاهلية وهم : الصغير الذي لم يبلغ سن التمييز.و المجنون وفاقد العقل.و يعتبر الشخص المصاب بحالة فقدان العقل بكيفية منقطعة، كامل الاهلية خلال الفترات التي يؤوب إليه عقله فيها.
  • مرحلة نقصان الأهلية: إعتبر المشرع في المادة 612 من مدونة الأسرة: الشخص الناقص أهلية الأداء: 01 – ىالصغير المميز الذي بلغ سن التمييز و لم يبلغ سن الرشد – 06 السفيه. 02 – المعتوه. و حدد في المادة 612 من نفس المدونة أن الصغير المميز هو الذي أتم اثنتي عشرة كاملة.و أكد في المادة 662 من نفس المدونة كذلك: تخضع تصرفات الصغير المميز للاحكام التالية:

10 – تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا .10 – تكون باطلة إذا كانت مضرة به 10 – يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع و الضرر على إجازة نائبه الشرعي حسب المصلحة الراجحة للمحجور و في الحدود المولة لاختصاصات كل نائب شرعي.
– كمال الأهلية: الأهلية الكاملة للشخص تتكامل مع كمال العقل و الرشد، مع عدم وجود الحرج عليه ، وبذلك يكون مناط أهلية الأداء الكاملة هو: العقل و الرشد وعدم الحجر عليه، و تعتبر أهلية ألاداء كاملة متى بلغ الشخص سن الرشد القانوني 01 سنة شمسية كاملة حسب امادة 602 من مدونة الأسرة، و هو ما أكدته المادة 610 من نفس المدونة عندما نصت أن : كل شخص بلغ سن الرشد و لم يثبت سبب من أسباب نقصان أهليته و إنعدامها يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه و تحمل إلتزماته.
و بما أن أهلية الأداء هي صلاحية الشخص  لصدور الاعمال و التصرفات القانونية منه ، أي ممارسة حقوقه الشخصية و المالية و نفاذ تصرفاته، فكان لازما لذلك توافر عنصر التمييز و العقل ،الذي يعتبر أساس ثبوت هذه الأهلية.

3 – خصائص الأهلية:  

تتميز الاهلية عموما  بعدة خصائص من أهمها:

  • – الأصل في الشخص كمال أهليته: حسب الفصل الثالث من قانون الإلتزامات و العقود نجد أن :الأهلية المدنية للفرد تخضع لقانون أحواله الشخصية، وكل شخص آهل للالتزام و الإلتزام ما لم

يصرح قانون أحواله الشخصية بغير ذلك.و عليه فالاصل في الشخص هو كمال الاهلية، و لا يعتبر أحد فاقد الاهلية أو ناقصها إلا بمقتضى نص قانوني ،

  • – أحكام الأهلية من النظام العام: ولأن الأهلية ذات مصلحة عامة، فإنه لا يجوز التنازل عنها أو الإتفاق على إسقاطها أو تعديل أحكامها ،وكل إتفاق على شيء من ذلك يكون باطلا،كأن يبيع قاصر عقارا له و يتعهد للمشتري بعدم الطعن في البيع بعد سن الرشد، فإن تعهده في هذه الحالة يعتبر باطلا،ولم ينص المشرع المغربي صراحة على أن أحكام الاهلية من النظام العام لأن الامر يتعلق بمبدأ قانوني لا يحتاج الى التنصيص عليه و لان هذه القاعدة مسلم بها يجب تطبيقها حتى ولو لم يرد نص صريح بها.

ثانيا –عوارض بالأهلية/ أسباب الحجر:
نجد أن عوارض الأهلية متعدد ترتبط بأحكام الحجر، فمنها ما يعدم أهلية الشخص فتجعله في حكم الصغير غير المميز، و منها ما ينقص أهليته فيصبح في حكم الصغير المميز،و كذلك عارض الجنون كسبب إنعدام الأهلية، و بالإضافة الى باقي العوارض التي تنقص الأهلية الأهلية الأخرى كحالة السفيه و المعتوه و عرف بعض الفقه القانوني الحجر بأنه: منع الشخص من التصرف في ماله و إدارته، لأفة في عقله أو لضعف في بعض ملكاته النفسية الضابطة ،حيث نجد أن السفيه و المجنون و الصبي مثلا ليست لهم أهلية الاداء الكاملة بلى يحجر عليهم، وأن وليهم الشرعي هو الذي يقوم  بشؤونهم المالية و الإدارية ،و لقد شرع الحجر للمحافظة على أموال الناس و حقوقهم، فكل إنسان لا يحسن التصرف في ماله فقد شرع الحجر عليه للمحافظة على حقوقه و أمواله من الضياع.ونجد أن بعض الفقه القانوني قسم أسباب الحجر الى قسمين:الحجر بحكم القانون و الحجر القضائي.  
10 – الحجر بحكم القانون:  
يقصد بالحجر القانوني: الحجر المفروض بحكم القانون دون حاجة الى حكم القاضي، بحيث يعتبر الشخص محجورا لذاته، نظرا لتوافر سبب الحجر فيه لطبيعته مثل: الصغير غير المميز و الصغير المميز:

  • – الصغيرالغير المميز:

عرف الفقهاء الصغير غير المميز بكونه هو : المجرد من قوة التمييز، فلا يفهم الخطاب لضعف بنيته و قصور عقله،أي هو الشخص الذي لا يفهم البيع و الشراء أي لا يعلم كون البيع سالبا للملكية و الشراء جالبا لها، و تمتد هذه الفترة منذ ولادة الشخص الى غاية بلوغه سن التمييز، و حدد سن التمييز في إثنتي عشرة سنة حسب المادة 612 من مدونة الأسرة،و أكد المشرع في المادة 617 من نفس المدونة أنه يعتبر عديم التمييزالصغير الذي لم يبلغ سن التمييز.و يعد الصغر سببا من أسباب الحجر، و الصغير يعد محجورا لذاته دون صدور حكم يقرر ذلك، و كل تصرفاته القانونية لا يمكن أن تنتج أي أثر، و لا يترتب عنها شيء سوى إسترداد ما وقع دفعه بغير حق، عملا بمقتضيات الفقرة الأولى من الفصل 202 من قانون الإلتزامات و العقود،

  • – الصغير المميز:

وهو الذي يكون في المرحلة القاطعة بين سن التمييز و سن الرشد، و هي مرحلة وسطى بين إنعدام الأهلية و بين كمالها،فالشخص يتدرج داخل طور التمييز في نمو مطرد، جسما و عقلا و إدراكا ،الصغير المميز يتمتع بأهلية الوجوب كاملة بعنصريها الإلزام و الإلتزام، أما أهلية الأداء فإنها تثبت للصغير المميز ناقصة بمعنى أن الصغير لا تصح منه التصرفات المالية كاملة، كما ورد في المادة 612 من مدونة الأسرة، و إذا قلنا أن الصغير المميز هو الذي يعيش خلال مرحلة حياته القاطعة بين سن 16 سنة و سن 12 سنة مبدئيا ،تكون أهليته في إبرام التصرفات ناقصة ،و تخضع تصرفات الصغير المميز للأحكام التالية:

  • تكون نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا.  
  • تكون باطلة إذا كانت مضرة به
  • يتوقف نفاذها إذا كانت دائرة بين النفع و الضرر على إجازة نائبه الشرعي حسب المصلحة الراجحة للمحور و في الحدود المخولة لإختصاصات كل نائب شرعي. حسب المادة 002 من مدونة الأسرة.

و يقصد بالتصرفات الضارة للقاصر المميز كل تصرف يترتب عليه خروج شيء من ملكه. من غير نفع مادي في مقابله..كالتبرعات.
أما التصرفات التي تكون نافعة نفعا محضا له فهي: وهي تلك التي تثري المتصرف أو تبرئ دمته من إلتزام دون أن يتحمل مقابل ذلك بأي تكليف.كقبوله الهبات و الصدقات.و هذه التصرفات لا تدخل تحت حكم الحجر إذ لا ولاية عليها و يستطيع ناقص الأهلية لأن يكون طرفا فيها. مادامت تجلب له نفعا محضا.
أما التصرفات التي من شأنها أن تكون محتملة للنفع و الضرر، فتتوقف صحتها على إجازة النائب الشرعي للقاصر، وهي كل تصرف من شأنه أن يجلب للصغير المميز نفعا ماديا في مقابل نفع مادي يلتزم به، كالبيع و الكراء….

  • – إمكانية الصغير المأذون له في القيام بأعمال الإدارة: يمكن أن يتم للقاصر الإذن له بإدارة أمواله على سبيل التجربة ، و ذلك إعطاء جزءا معينا من ماله و تمكينه من ممارسة بعض أعمال الإدارة ،مع إشرافه عليه ليعرف مدى خبرته و مواضع النقص في تصرفاته، و تنص المادة 662 من مدونة الأسرة على أنه: يمكن للصغير المميز أن يتسلم جزءا من أمواله لإدارته بقصد الإختبار، يصدر الإذن من الولي أو بقرار من القاضي المكلف بشؤون القاصرين بناء على طلب من الوصي أو المقدم أو الصغير المعني بألأمر.و يمكن للقاضي المكلف بشؤون القاصرين إلغاء قرار الإذن بالتسليم بطلب من الوصي أو المقدم أو النيابة العامة أو تلقائيا إذا ثبت سوء التدبير في الإدارة المأذون بها يعتبر المحجور كامل الأهلية فيما أذن له و في التقاضي.
  • – طور الرشد : يمكن للشخص الوصول الى مرحلة الرشد عن طريق بلوغ سن الرشد القانوني الذي هو 12 سنة شمسية كاملة كما يمكن بلوغه عن طريق حكم من القضاء:

– الترشيد بحكم من القضاء: نصت المادة 612 من مدونة الأسرة على أنه: ينتهي الحجر عن القاصر إذا بلغ سن الرشد مالم يحجر عليه لداع آخر من دواعي الحجر. يحق للمحجور بسبب إعاقة ذهنية أو سفه أن يطلب من المحكمة رفع الحجر عنه إذا أنس من نفسه الرشد كما يحق ذلك لنائبه الشرعي إذت بلغ القاصر السادسة عشرة من عمره جاز له أن يطلب من المحكمة ترشيده.
يمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشيد القاصر الذي بلغ السن المذكورة أعلاه إذ أنس منه الرشد.
يترتب عن الترشيد تسليم المرشد لأمواله و إكتساب الأهلية الكاملة في إدارتها و التصرف فيها و تبقى ممارسة الحقوق غير المالية خاضعة للنصوص القانونية المنظمة لها.
و في جميع الأحوال لا يمكن ترشيد من ذكر إلا إذا ثبت للمحكمة رشده بعد إتخاذ الإجراءات الشرعية اللازمة.
و من هنا يتبين أن رفع الحجر عن القاصر ينتهي بإحدى طريقتين: إما عن طريق بلوغه سن الرشد القانوني و إما عن طريق ترشيده.حسب الشروط المذكورة في المادة 612 من مدونة الأسرة.وبمجرد ثبوت سن الرشد القانوني المحدد في 12 سنة شمسية كاملة، يتسلم القاصر أمواله ليتولى بنفسه مهمة إدارتها و التصرف فيها على إعتبار أن أهليته أصبحت كاملة.مالم ينصرف إليه سبب من أسباب الحجر الأخرى.

4 – الحجر القضائي:

الحجر القضائي هو الذي يكون بواسطة حكم من القضاء بسبب عارض من عوارض الاهلية و هي:

  • – إنعدام أهلية الأداء بسبب الجنون: عرف الفقيه ابن معجوز المجنون بأنه : من اختل عقله و أصبحت أفعاله و أقواله تصدر منه بخلاف مقتضيات العقل العادي.وعرفه البعض بأنه إختلال في العقل

بحيث يمنع من جريان الأفعال و الأقوال على نهج العقل إلا ناذرا.ونص المشرع المغربي في المادة 617 من مدونة الأسرة: يعتبر الشخص المصاب بحالة فقدان العقل بكيفية متقطعة كامل الأهلية خلال الفترات التي يؤوب عقله فيهل.و تصرفات المجنون باطلة و لا تنتتج أي أثر.و المشرع في مدونة الاسرة لم يورد تعريفا للمجنون و اكتفى في المادة 617 من المدونة : المجنون و فاقد العقل يعتبر عديم الأهلية.و رتب المشرع البطلان المطلق على جميع تصرفات المجنون و فاقد العقل ،

  • – العوارض التي تنقص الأهلية:نص المشرع في المادة 612 من مدونة الاسرة على أنه:

يعتبر ناقص أهلية الاداء:
10 – الصغير الذي بلغ سن التميز و لم يبلغ سن الرشد.
10 – السفيه.
10 – المعتوه.
فأهلية هؤلاء تكون ناقصة، و بالتالي تأخذ تصرفاتهم حكم تصرفات ناقص الأهلية، و تعتبر بذلك تصرفاتهم النافعة نفعا محضا صحيحة، و الضارة ضررا محضا باطلة، و تلك الدائرة بين النفع و الضرر موقوفة على إجازة نائبهم الشرعي.

  • – العته: عرف المشرع العته في المدونة في المادة 612 على أن: المعتوه هو الشخص المصاب بإعاقة ذهنية لا يستطيع معها، التحكم في تفكيره و تصرفاته.و اعتبر المشرع تصرفات المعتوه في حكم تصرفات الصغير المميز، فمتى كانت تصرفاته نافعة نفعا محضا فهي صحيحة و متى كانت ضارة له ضررا محضا فإنها باطلة، و هي موقوفة على إجازة نائبه الشرعي متى كانت دائرة بين النفع و الضرر، و ذلك بخلاف ما سار عليه بالنسبة للمجنون حيث اعتبره عديم الأهلية و كل تصرفاته باطلة.
  • – السفه: عرف الفقهاء السفيه على نحو أنه ذلك الشخص الذي يبذر ماله، و ينفقه فيما يعده العقلاء عبثا، ولا يحافظ عليه كما يحافظ الانسان العادي على ماله.و عرفه المشرع في نص المادة 612 على أنه: السفيه هو المبذر الذي يصرف ماله فيما لا فائدة فيه و فيما يعده العقلاء عبثا بشكل يضر به و بأسرته.و اعتبر المشرع عارض السفه من العوارض التي تنقص من أهلية الاداء، و أن السفيه ناقص لأهلية التصرف و سوى السفيه بالصغير المميز، و اعتبر بذلك تصرفاته نافذة إذا كانت نافعة له نفعا محضا وباطلة إذا كانت مضرة به و موقوفة نفاذها على إجازة نائبه الشرعي، إذا كانت دائرة بين النفع و الضرر. و لقد تطرق المشرع في المادة 660 من المدونة الى أن المحكمة تحكم بالتحجير على المصابين بعارض من عوارض الأهلية بحكم قضائي: وقت ثبوت حالتهم بذلك و برفع الحجر من تاريخ زوال هذه الاسباب.
  • – حماية المحجور: إن الحجر القانوني الذي فرضه المشرع على الشخص قبل بلوغه سن الرشد القانوني يعتبر محجورا عليه بقوة القانون، و لا يحتاج عليه الى حكم قضائي يقرر حالته ، لكن قد يطرأ على عقل الشخص الذي بلغ سن الرشد القانوني عارض الجنون أو السفه أو الإصابة بإعاقة ذهنية، كل هؤلاء لا يؤتمون عللى أموالهم فكان لزاما على المشرع أن يتدخل لمنع إطلاق يدهم فيما يملكونه من مال و ذلك بإصدار حكم قضائي بالتحجير عليهم، حماية لمالهم، لا بد من صدور حكم قضائي عن المحكمة وفق إجراءات مسطرة الحجر طبقا لمقتضيات مدونة الاسرة وقانون المسطرة المدنية ،

لا تتحقق حماية مصالح الاشخاص عديمي الأهلية أو ناقصيها، إلا بسلوك إجراءات قانونية و قضائية، من أجل إصدار حكم قضائي بالتحجير على شخص أصيب بعارض من عوارض الأهلية ،لتعين المحكمة نائبا شرعيا عنه يتولى تدبير أموره المالية، تحت إشراف و مراقبة القضاء.

 ثانيا – الأحكام المتعلقة بالنيابة الشرعية: 

يجري الافراد في حياتهم عددا من المعاملات و التصرفات و الالتزامات و الاتفاقات ترتب مجموعة من الواجبات و الحقوق، و نتيجة لذلك كان من الواجب أن تتوفر في المتعاقدان أهلية التعاقد و الالتزام، و إذا كان أحد المتعاقدان يعقد لمصلحة غيره فيلزم توفر أهلية التعامل شروط النيابة الشرعية.في التعاقد لغيره. ذلك أن النيابة الشرعية و الاهلية متلازمان: إذ أن الاهلية علة في النيابة الشرعية، فالعاقد إذا كان يبرم العقد لنفسه وجب أن يكون له أهلية إبرامه، و أما إن كان يبرم لغيره فبالاضافة شرط توفر الاهلية يجب أن تكون له سلطة أو ولاية إبرام العقد لهذا الغير فليس كل شخص آهلا لان يعقد على نفسه، آهل الى أن يعقد لغيره.

1 – مفهوم النيابة الشرعية:

تقوم النيابة الشرعية مقام أهلية التعاقد، عندما يصيب أهلية الاداء قصور يجعلها إما منعدمة كما في الصغير غير المميز و المجنون في حالة جنونه، و إما ناقصة كما في السفيه و المعتوه و كل ذلك حفاظا على مصالح هؤلاء المالية.أو حفظا لحقوق الاغيار كالدائنين و الورثة.
وهكذا نجد أن النيابة الشرعية ضرب من ضروب النيابة في معناها العام التي هي: قيام شخص مقام شخص آخر عنه، و هذه النيابة تكون على شكل إختيارية أو إجبارية، فهي إختيارية عندما يكون موضوعها تفويض التصرف الى الغير، و هي إجبارية عندما يفرض فيها الشرع التصرف لمصلحة القاصر نيابة عنه الى شخص أخر يعتبر هو النائب الشرعي للقاصر، وهذه النيابىة الاجبارية هي ما يطلق عليه بالنيابة الشرعية.و يطلق على النيابىة الشرعية نظام الولاية على المال و الولاية نوعان ولاية قاصرة ولاية الشخص على نفسه وماله، وولاية متعدية مصدرها الشرع بصفة مباشره كولاية الاب و القاضي أو عن طريق الوصاية أو التقديم وهو ما ورد في المادة 662 من مدونة الاسرة:  النيابة الشرعية عن القاصر إما ولاية أو وصاية أو تقديم ثم أضاف في المادة 001 على أنه: يقصد بالنائب الشرعي في هذا الكتاب:

  • الولي وهو الاب و الام و القاضي
  • الوصي و هو وصي الاب أو وصي أو وصي الام
  • المقدم وهو الذي يعينه القضاء.

 2 – خصائص النيابة الشرعية:

للنيابة الشرعية خصائص تنبع من ذاتيتها تمييز عن بعض الانظمة المشابهة لها: وتتمثل أهم خصائصها: في كون أحكامها مصدرها التشريع القانوني الذي نهل من الشريعة الاسلامية والفقه المالكي، كما أن هذه النيابة لا تقوم إلا إذا توفر سبب من أسباب الحجر، و هي لا تكون إلا لمصلحة المحجور عليه،  و لذلك تشدد المشرع في شروط النائب الشرعي، كما أن النيابة الشرعية من النظام العام، فلا يجوز الاتفاق على مخالفتها أو تعديلها أو إسقاطها ،

2 – أقسام النيابة الشرعية:

نصت المادة 662 من مدونة الاسرة على أن : النيابة الشرعية عن القاصر إما ولاية أو وصاية أو تقديم.
و في المادة 620 المقصود بالنائب الشرعي:
 10– الولي وهو الاب و الام و القاضي
 10 – الوصي وهو وصي الاب أو وصي الام
 10 – المقدم وهو الذي يعينه القضاء.
و في المادة 621 صاحب هذه النيابة الشرعية:

  • الاب الراشد
  • الام في حالة عدم وجود الاب أو فقد أهليته
  • وصي الاب
  • وصي الام
  • القاضي
  • مقدم القاضي.

أ – ولاية الأب: النيابة الشرعية تسنذ للاب في المقام الاول، حسب المادة 622 من المدونة : الاب هو الولي على أولاده بحكم الشرع مالم يجرد من ولايته بحكم قضائي. و ولاية الاب تثبت له بمجرد تحقق صفة الابوة وتتميز ولاية الاب أنها تستمد قوتها من الشرع مباشرة، و تستمد شرعيتها كذلك من القرابة.
يعتبر الاب نائبا شرعيا على أبنائه المحجورين سواء كانوا ذكورا أم إناثا، و متى قامت النيابة الشرعية للاب تعطى له صلاحية التصرف و إدارة أموال إبنه القاصر و العناية بشؤونه الشخصية من توجيه ديني وتكويني و إعداده للحياة، حيث نص المشرع في المادة 622 من نفس المدونة على أن: للاب سلطات واسعة بإعتباره نائبا شرعيا تمكنه من القيام بكل ما يتعلق بأعمال الادارة العادية لاموال المحجور عليه.غير أن المادة 622 من المدونة نصت على أنه: إذا أراد النائب الشرعي القيام بتصرف  تتعارض فيه مصالحه أو مصالح زوجه أو أحد أصوله أو فروعه مع مصالح المحجور رفع الامر الى المحكمة التي يمكنها أن تأذن به وتعيين ممثلا للمحجور في إبرام التصرف و المحافظة على مصالحه. ونصت المادة 622 من مدونة الاسرة على أنه: للأم ولكل متبرع أن يشترط في تبرعه بمال على محجور ممارسة النيابة القانونية في إدارة و تنمية المال الذي وقع التبرع به ويكون هذا الشرط نافذا المفعول.أي أن الشخص المتبرع هو الذي يقوم بإدرة المال المتبرع به دون تدخل سلطة ولاية الاب.و تجب الاشارة أن سلطة ولاية الاب مقيدة بضرورة فتح ملف النيابة الشرعية متى تعدت قيمة أموال المحجور عليه 600.000 درهم، و ذلك بضرورة إشعار القاضي المكلف بشؤون القاصرين بوضعية أموال القاصر المحجور، ضرورة تقديم الولي للتقرير السنوي و الحساب عن كيفية إدارة هذه الاموال ،

  • – ولاية الام:

بمقتضى المادة 621 من مدونة الاسرة نجد أن الام لها صفة النائب الشرعي و يشترط لولاية الام على أولادها: أن تكون راشدة .و أن لا يوجد الاب بسبب وفاة أو فقدان أهليته أو بغير ذلك.كما أنه لا تصلح النيابة الشرعية من الام متى إنعدمت أهليتها و إذا كان الاب قد أوصى في حياته على أبنائه القاصرين، فإن الوصي هو الذي يقوم بمهام النيابة الشرعية الى حين بلوغ الام سن الرشد، وبعدها تنتقل النيابة الشرعية لها بقوة القانون، حيث نصت المادة 622 من المدونة : في حالة وجود وصي  الاب مع الام فإن مهمة الوصي تقتصر على تتبع تسيير الام لشؤون الموصى عليه ورفع الامر الى القضاء عند الحاجة.ونجد أن صلاحية الام لمحجورها هي نفس صلاحيات الاب على محجوره.

  • – أحكام الوصي:

الوصي هو الشخص الذي يختاره الاب أو الام  ليتولى رعاية أموال القاصر لادارتها و التصرف فيها في حدود القانون ، و نصت المادة 627 من مدونة الاسرة على أنه: يجوز للاب أن يعين وصيا على ولده المحجور أو الحمل وله أن يرجع عن إيصائه. كما تنص المادة 622 من نفس المدونة على أن: الوصي هو الشخص الذي أختاره الاب أو الام ليكون وصيا على أبنائه من بعد وفاته ويتم الايصاء عادة في شكل إشهاد عدلي.ويشترط في الوصي أن يكون كامل الاهلية، وأن يكون حازما، و ضابطا، و أمينا، و أن يكون مسلما، و ألا يكون محكوما عليه بجريمة معينة، و له صلاحية مقيدة تحت رقابة القضاء، في تدبير و تسيير أموال المحجور.

ه – أحكام التقديم:

المقدم هو الشخص الذي يعينه القاضي في حالة عدم وجود ولي أو وصي، على من كان فاقد الاهلية أو ناقصها.لتدبير شؤونه. و حسب المادة 620 من مدونة الاسرة في فقرتها الاخيرة: المقدم هو الذي يعينه القضاء.و أساس هذا النص القاعدة الفقهية التي تقول أن السلطان ولي من لا ولي له،  فمن لا ولي له إنتقلت سلطته الى القاضي.وقد نصت المادة 622 في هذا الصدد أنه: إذا لم توجد أم أو وصي عينت المحكمة مقدما للمحجور وعليها أن تختار الاصلح من العصبة فإن لم يوجد فمن الاقارب الاخرين و إلا فمن غيرهم. و للمحكمة أن تشرك شخصين أو أكثر في التقديم، إذا رأت مصلحة المحور في ذلك، و يتم تحديد صلاحية كل واحد منهم. ويشترط في المقدم أن يكون كامل الاهلية وأن يكون حازما و ضابطا و أمينا و أن يكون مسلما و ألا يكون محكوما عليه بجريمة معينة و له صلاحية مقيدة تحت رقابة القضاء في تدبير و تسيير أموال المحجور.
يمكنك الاطلاع ايضا على موضوع الخطبة وفق احكام مدونة الاسرة المغربية. فقط اضغط هنا و سنحيلك مباشرة على رابط المقال.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button